Tumgik
#سبحان الله على جمال المنظر
named-maryam · 5 years
Text
عن المشي والنسيم وأوراق الخريف
عن المشي والنسيم وأوراق الخريف من زمان مفتحتش أكتب حاجة جت ف بالي..
كتبتُ النص على ثلاثة أوقات مختلفة: مساءً، ثُم في الظهيرة التالية، ثُم عصرًا.. المشي، ألوان الخريف، بديع السماوات والأرض
*
[ ألوان.. صُنع الله ]
أجمل ما أقابلهُ هو ورق الشجر، الألوان والألوان والألوان، دقة الصُنع، يجتمعُ هذا في يومٍ مُشمس، فتنتجُ لحظاتٌ فريدة للغاية.. يا للجمال! سبحان البديع الخالق المُصوّر..!
في طريق الذهاب في الظهيرة؛ الشجرةُ الحمراءُ في الإشارة، الأشجار الملونة ما بعد المعبد، الشجرةُ البرتقاليةُ التي تساقطت أوراقُها كالملكة، الورقُ الأحمر على السياج على الجانبين، الممر المُبهر-جدًا-، سكة القطار الممتلئة بالأشجار الملوّنة، شجرة التفاح الصغير الذي لا أعلم بعد إن كان تفاحًا أم لا، الشارعُ المليءُ بالأوراق..
في طريق العودة عصرًا؛ الألوان والأشجار، السياجُ عن يميني، الأخضرُ النابتُ في الأرض، الأخضرُ الباقي أعلى الأشجار، وألوانُ الأشجار مرةً أخرى، ثُم أشجارٌ حمراءٌ عن يمين، ووردٌ بنفسجيٌّ عن اليسار.. كأنّ كل ذرةٍ تُنادي أن الخالق ها هُنا!
شُعاع الشمس الذي يأتي من خلف الأشجار وقت العصر يسقطُ عليها، فتبدُو الأوراقُ على الأغصان -باختلاف ألوانها- وكأنها تُضيءُ بذاتها، يجعلُ ألوانها أكثر دفئًا، أكثر إشعاعًا، وأكثر اختراقًا للقلب.. حينها، يبدُو الأخضر -الذي لا يبدُو لونهُ في المعتاد براقًا أو جميلًا، أو أو أو..- يبدُو لونًا فاتنًا، ساحرًا، بهيًا، مُبهجًا! يتبدّلُ إلى أخضر ٍحيّ، يحذبُ النظر، يشدُّ الانتباه، يخطفُ القلب.. يجعلُك تؤمنُ وتتيقنُ وتتيقن.
أخضرُ وأخضرُ، مع شعاع شمسٍ دافئ.. أمشي وأسألُني وأنا أراه: هل يتسعُ قلبي يومًا لكلّ هذا؟ أو يُشبه هذا؟ جميل..!
وكُل جميلٍ هُو من صنع الله، وكل جميلٍ يأتي منهُ سبحانه، اللهُ جميل.. اللهُ جميلٌ يُحب الجمال!
*
[ أحمر، أخضر ]
كنت أحكي بالأمس  عن أوراق الشجر التي صادفتُها في الممر، كيف أن الورقة مرسُومٌ فيها خطوط تُشبه الشرايين، والورقة مقسومة بالنصف إلى لونين: أحمر وأخضر، النصف الأخضر فيه خطوط حمراء، والنصف الأحمر مرسوم فيه خطوط خضراء.. الخطوط مرسومةٌ بدقةٍ، وكأن أحدهم تفنّن فيها، ولله المثل الأعلى، سبحان الذي خلق الجمال! ليس كمثلهِ شيء.. آمنتُ بالله.!
ألتقطُ صورةً للأوراق الخضراء والحمراء وهي تخترقُ ظلي، وأفكر: هل قلبي أحمرٌ يخترقهُ أخضر، أم أخضرٌ يخترقهُ أحمر؟
*
[ عن النسيم ]
يشتدُ الهواء، أودُ لو أنه يطيرُ بي ويحملُني بعيدًا للأعلى، أقرب للسماء.. أودُّ لو تمسح تلك النسماتُ على قلبي، لو يتسنى لي استنشاقه كله، شهيقًا طويلًا، ثُم أخرجهُ، فيخرج في الزفير كلُّ القلق والتعب والعناء والقُبح الذي بداخلي، ويرتحلُ عني وقد أصبحتُ نفسًا أخف، كخفّة النسيم…
تعلمتُ في رمضان الماضي دعاءً من السنة عن النبي: “ اللهم أنعِشْنا ” لم أدعُ به كثيرًا، لكني لما تنسمتُ نسيم اليوم تذكرتُه، وقلبي يهتف: اللهم أنعِشْنا!
أفكرُ في النسيم بخفته، يُداعبُ الشجر، فإذا به يجرفُ كل ما على الأغصان من أوراقٍ قديمةٍ وخبثٍ، تتساقطُ الأوراقُ، يتركُ النسيمُ الأفرعَ متمسكةً بورقٍ أقل عددًا وأكثر أصالة..  -آخر حد باقي-
يُزيلُ النسيم الخبث والدرن من أوراقٍ قديمة على الشجر، وأتذكر لما أنظرُ إليها حديث النبي عن فضل الوضوء، كنتُ قد سمعتهُ لتوّي بالأمس عابرًا دون تخطيط.. كيف أن الوضُوء يُزيلُ ما بالبدن من خبثٍ ودرنٍ أيضًا، كيف تخرجُ الخطايا من تحت الأظافر في الوضوء، أو من رمُوش العينين كما قال في الحديث، كيف يتركُنا أنقياء.. أفكر في النهر الذي يجري بالباب خمس مرات وهُو الصلاة، كفارةٌ لما بينهنّ -الصلوات الخمس-
كيف أني أُصبحُ شبيهتها، شجرةً جديدةً خضراء تمامًا بعد الوضُوء وبعد الصلاة، تساقطت عني أوراقي الذابلة الخبيثة السوداء، فأُصبحُ من بعدهما مثمرةً تستعدُ للمزيد من الحياة.
*
[ إلا يعلمُها ]
عصرًا، تتدحرجُ ورقةٌ عن يساري على قارعة الطريق، سمعتُ حفيفها من خلفي، والحقيقة أن هُناك الكثيرُ من الأوراق المتساقطة غيرها، لا شيء مميزٌ في هذه الورقة سوى أني انتبهتُ إليها وهي في منتصف الطريق، لم أعلم من أيّ شجرةٍ كانت أو من أين أتت.. مرّ ببالي: “ وما تسقطُ من ورقةٍ إلا يعلمُها ”
أسمعها تجري كأنما تجري من خلفي، تتدحرجُ عبر الطريق  لمسافة أمتارٍ طويلة، أستمرُ في الطريق ولا أزالُ أسمعُ صوتها بالخلف يخفتُ الصوت بابتعادي، يخفتُ ويخفت..
من يعلم عن الورقة؟ من يعلمُ عن أصلها؟ من يعلمُ من أين أتت؟ من أيّ شجرةٍ كان أصلها؟ من يعلمُ أين تذهب؟ أين اختفت؟ في كلّ هذا الحضور الكثيف للأوراق : “ وما تسقطُ من ورقةٍ إلا يعلمُها ولا حبةٍ في ظلمات الأرض..”
أُفكرُ في قلقي، الذي يقبعُ في “ ظلماتي “ أنا أيضًا، حبات القلق والتساؤلات والأعباء، يعلمُ الورقة الساقطة، ويعلمُ الحبة في الظلمة، أما يعلمُ عني؟ حاشاه.. سبحان الذي خلق هذا كله، سبحان الذي أتقن الصُنع سبحان الذي كتب على نفسه الرحمة.. ليجمعنّكُم إلى يوم القيامة لا ريب فيه أفكرُ في الآية التي بالأعلى، تترددُ في بالي: " كتب على نفسه الرحمة .. " ثم أنتبهُ على مشهد أمٍ تدفعُ ابنها أمامها في عربته -برحمةٍ-، أدرك بالمشهد أنها جزءٌ من رحمة الخالق ! كتب على نفسه الرحمة..وأدركُ أنهُ حاشاهُ، أن يترك حبات قلقٍ وأعباءٍ تدُور في ظلمات نفسي دُون أن يتولاها برحمته.. ثُم أنظرُ للجمال من حولي، وأُدركُ أنه أحد الرحمات التي تتنزّل من الكريم عليّ. الحمدلله على رحمة الله
*
[ تساؤلات.. ]
الأفكار اللي تأتيني وتراودُني وأنا أمشي كيف أن كل هذا الجمال موجودٌ بحق في الحياة؟ كيف يسعُ قلبي هذا كله؟ دقة الألوان وجمالها، كيف أُبدعت هكذا؟ كيف أني أمرُّ في عدة دقائق على جمالٍ، وجمالٍ، وجمال، ولا يتسنّى لي الاحتفاظ به معي؟ كيف أني كلما مررتُ على المشاهد ثانيةً تصيبُني ذات الدهشة، ويُصيب قلبي ذات الانتعاش؟ كلمة انتعاش ليست بالدقيقة، وأيضًا كلمة نشوة ليست دقيقة، رُبما يكُون التعبير أكثر دقةٍ حين أقول: تصيبني نفحة من نفحات الجمال، تمسّ قلبي، مباشرةً، وتحلُّ فيهِ..الألوان، وإبداع الألوان، وصنعها، ودقة استعمالها أو توظيفها، سبحان الملك الذي أبدع في مملكته الذي أحسن كُل شيءٍ خلَقه.. يا ربنا..!
*
[ دهشة ]
أمرُّ على الممر كعادة الطريق، أنبهرُ كل يوم، كُل يوم.. كأني أشاهدُ المنظر لا زلتُ للمرة الأولى..! يوميًا، ذات الدهشة، ذات البهجة، ذات الذهُول، ذات الانبهار، ذات الفم المفتوح اندهاشًا، والعينين الذاهلتين..أصوّر وأصوّر، أشاهدُ الصور لاحقًا، أصوّر وأصوّر، وأرسلُ صورًا، أتمنى أن أُشارَك شيئًا من هذا الجمال، أقكرُ في أنهُ لعل تلك القلوب التي تُشاهدُ عن بُعد يُصيبها -كما أصابني- شيء من دقّة الحياة التي سرت بقلبي جراء الجمال، فيكُون صلةً بين القلُوب، شيءٌ من التقاء، خيطُ وصالٍ، دهشةً وخفة..لما أعودُ وأُطالعُ الصور، أحسًّ بشيءٍ من لُطفٍ ونسيم يُداعب قلبي، ولكن يظلّ للحظة مروري بالمناظر -مُباشرةً- شعورٌ خاصٌ ودفءٌ خالص وخاص، يغيبُ عني في الحقيقة كيفية التعبير عنه، من شدة جماله ربما؟ ربما.في طريق الذهاب، أثناء مشيي في الشارع  -قبل وصُولي إلى الممر- أرى الأشجار بألوان أربعة متتالية -على الأقل-، أحمر وأصفر وأخضر وبرتقالي، الأصفر بدرجاته المُختلفة، والأخضر كذلك، منهُ الداكنُ والفاتح والأخضرُ الذي يقتربُ من الأصفر، وهكذا.. أظلُّ أنظرُ للأعلى، وللأعلى، وللأعلى، عيني للأعلى غالب الطريق..!لا أملّ، بل أودّ -في نفسي- لو أني أصبح خفيّة! خفيةً؛ حتى لا تُرى نظراتُ الهيام التي في عينيّ وأنا أمشي تجاه الشجر وجمال الصنع، فتفضحني..أفكرُ في استغراقٍ هذا جمالُ الخلق، فكيف بجمال الخالق؟ يا رباه!
*
[ تلاشي الزمان، وسؤال: لماذا؟ ]
أمشي وأمشي وأمشي.. لا أدري متى سأتوقفُ بالتحديد أو متى أملّ، لم تعد تعنيني الآن المسافات، لم تعد تعنيني يتلاشى الإحساسُ بالزمن.. يُستبدل التعبير عنه بالتعبير عن المناظر التي شُوهِدت فيه، واللحظات واللوحات التي تراءات للنظر يُختزل في اللحظات الطيبة المقضية، ويُصبح مُعبرًا عنهُ بالالتقاطات التي مرت علينا واقتنصناها فيه لنختفظ بها ذكرىً لهذه الأوقات.. فيُصبح: اليوم الذي رأيتُ فيه كذا أو التقطتُ فيه صورة كذا، وليس اليومُ الذي قطعتُ فيه مسافة كذا، أو مشيتُ لمدة كذا من الزمن..أصبح سؤال “ بتمشي ليه ؟” سؤالًا مُستغربًا بالنسبة إليّ لما أتلقاه من أي أحد، أو لما ينصحُني من حولي بأن أستقلّ الباص أو السيارة، مع أني كنتُ من قبل أستغربُ كثيرًا فعل من يمشي، كنتُ أمقتُ المشي، أراهُ مُجهدًا، وأفضلُ دومًا تقليل الجهد وادّخاره..لكن المشوار بالنسبة إليّ لم يعُد مُتعلقًا بالمشي بشكلٍ أساسيّ، أصبح مشوار “ميديتيشن”، شيءٌ من مُعالجة،  شيء للراحة النفسية، لا أستطيعُ أن أعبر بدقةٍ عن أثره بداخلي، لكني أخصُّ بالذكر تلك الأيام التي تسطُع فيها الشمس -كما ذكرتُ بالأعلى-، شمسُ العصر خصُوصًا إن اخترتُ المشي في مشوار العودة، فتكُون أيامًا رائقة وصافية، تصفُو بالمشي فيها نفسُ المرء.
*
[ عن الجنة، والنعيم المُقيم معية، وشفاءْ ]
أحيانًا وأنا أمشي تُصيبُني لوهلةٍ لمحةُ حُزن، أن هذا جمال زائل، سيرتحلُ مع انتهاء الفصل، وأني سأفتقدُه.. أتمنى بعد كلّ هذا أن أحتفظ بتلك اللحظات، لحظات الجمال وكل لحظات التمشية التي أحاولُ التقاطها بالعدسة، أودُّ لو أحملها، وأحملُ أثرها على قلبي وروحي، وأحفظُها معي بطريقةٍ ما، وأخرجُها حين أُثقَل، أتنسّمُ منها أو آخذها كالدواء، فأصبحُ بخيرٍ، أو أفضل مما أنا عليه.. أتمنى هذا، ثم أحزنُ أني غير قادرةٍ على أن أحتفظ بهذا الجمال، أمشي وأتركه خلفي..
ثُم أعودُ وأُجيبُ عليّ؛ أن الله -صانعُ هذا الجمال كله- معي! “ وهو معكُم أينما كُنتُم ”
وكما أنهُ سُبحانه وهبني طريقةً ما أو ألهمني لشيءٍ ما يُدخل هذا الوسَع أو تلك الرحابة لقلبي، سيفتح لي بابًا آخر لرحابة الصدر بفضله لما أحتاجُه، كما فتح لي هذا الباب بتيسيره “ وهُو معكُم..”
لما كتبتُ الآن بالأعلى: ( أحفظُها معي، أو آخذها كالدواء.. ) تذكرتُ: “ وشفاءٌ لما في الصدُور ” وتذكرتُ معها كل مرةٍ وهبني الله الجميل -الذي يبسُط الرزق لمن يشاء- كُل مرةٍ وهبني شفاء لأشياءٍ كثيرةٍ مُبعثرةٍ كانت في صدري، كيف شفاني بالقرآن..
ثُم أحسستُ براحةٍ وطُمأنينة، أنه حتى لو مضى الخريف -وهو بالتأكيد سيمضي- وستنتهي أيام التمشيات الطوال، والله وحدهُ يعلم  هل سيأتي عليّ مثلها مرةً أُخرى أو لا، سواءً هي أو تمشيات الربيع، حيث أن الشتاء قادم إن شاء الله، فحتى لو حدث كلّ هذا؛ فالله سبحانهُ باقٍ، وهو خالقُ كل ذلك، وكتابهُ معي باقٍ كذلك..
فالخالقُ -الذي يُحب الجمال وأبدعه- معي، والشفاءُ -كتابهُ الذي أنزل- معي، فماذا يضيرني؟ :)
ولما أتمنى أيضًا: ( لو أني أبقى في هذا أبدًا.. ) تسألُني نفسي: أبدًا؟
ماذا عن أبدٍ: “ فإن الجنة هي المأوى ” ؟! لو كتب اللهُ لنا الجنة -يا رب بلّغنا- لن نرتحل عن الجمال كما نرتحلُ عنهُ هنا في الدنيا، لن نتركه ونمضي، بل سيبقى الجمال أبدًا، وكذلك نحن، سنبقى فيه أبدًا..! مأوىً..
“ وأُزلفت الجنة للمُتقين غير بعيد ..”
أبدًا.. المأوى.. لا ارتحال، لا فراق، لا زوال، كلهُ باقٍ..
كيف أنهُ لا نهاية، لا حدّ، "خلُودٌ فلا موت"
الخلُود في الجمال الذي لا يزول، لا بخريفٍ ولا غيره، خلُودٌ حقيقيّ، وجمالٌ حقيقيّ، لم نرهُ ولم نسمع عنه..! ما لا عينٌ رأت، ولا أذُنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر! ! " خالدين فيها ما دامت السماوات والأرضُ إلا ما شاء ربك.. عطاءً.. غير مجذُوذ "
نسألك الخلُود في الجنة التي أعدت للمتقين، ونسألك أن تكتبنا من المتقين.. نسألُك النعيم المقيم الذي لا يحُول ولا يزُول.. ونسألُك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مُضرّة، ولا فتنةٍ مُضلّة.
الحمدُ لله رب العالمين، أن هديتنا ويسرت لنا معرفتك ودللتنا على الطريق إليك، وأريتنا آياتك في الآفاق وفي أنفسنا يا مؤمن..!
يا جميل. الحمد لله، الحمدلله، الحمدُ لله.
# خواتيم سبتمبر، بدايات أكتوبر 2019 . أيام كسر أرقامي القياسية السابقة في المشي، والخطوات:) ] عهدٌ.. - 1000. [.
الحمدُ لله رب العالمين
8 notes · View notes