Text
مقطع من الرواية الجديدة قيد الكتابة
حفلة عند نهاية العالم
بدا عثوري على الدعوة أشبه بإشارة غامضة لا يمكن تفادي اللحاق بها.
رفع عامل النظافة سلة الأوراق ورمى ما فيها في كيس النايلون الأسود، وانتقل إلى المكاتب المجاورة، وكرَّر الفعل مع السلات الأخرى.
لم ألاحظ وقوع الظرف قرب مكتبي إلا بعد مغادرة العامل. فكرتُ برميه في السلة من جديد أو باللحاق بالعامل لتسليمه إياه، لكنَّ لونه الذهبي أثار فضولي، واستعدتُ مشهد دخول رئيس التحرير وهو يسلِّم الظرف لمديري قائلًا:
محتارين شو يعملو بهالداون تاون. العالم قايم قاعد وهني مقضايينها أراجيل وحفلات. خود شوف إذا بيطلع منها شي بينكتب عنو.
في أكل؟
مينيموم. وما بستبعد يكونو جايبين هيفا وهبي كمان.
شو هاي يعني؟ حفلة خاصة؟
ما بعرف شي. بعتولي ياها. روح تسلّى.
كعادته اليومية عند انتهاء دوامه، باشر مديري بتنظيف سطح مكتبه من بقايا الأوراق. هذه المرة كان مستعجلًا فرمى كل ما وجده في السلة، وهو يقول:
ابني طالعة حرارتو، وبدي لحِّق مرتي عالطوارئ. وبكرة عالأرجح مش جايي. فيني اعتمد عليك تحرِّر بين اليوم وبكرة المقالات الخمسة الباقيين بالفولدر وتنقي الصوَر وترسم الصفحة مع الشباب تحت؟
كنت شابًا في الحادية والعشرين من العمر، أهرب يوميًا من صفوف عامي الأخير في اختصاص إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية، حيث أتبع خطى والدي، إلى مقر الجريدة القريب، لأتمرَّن على تحرير الأخبار والمقالات. كيف أفوِّت فرصة أن أصدر الصفحة الثقافية في واحدة من أهم صحف بيروت، بعد ثلاثة أشهر فقط على بداية تدريبي؟
شارفتُ على الانتهاء من تحرير المقالة الثالثة في وقت قياسي مدفوعًا بشعور غريب من التحقق والإحساس بالإنجاز. وعندما رفعتُ رأسي، وجدتني الوحيد الباقي في مكاتب الطابق. تفقدتُ ساعة يدي، ولحظتها انتبهت للظرف الذهبي متروكًا على الأرض، فانحنيتُ لألتقطه وأضعه على المكتب، ثمَّ أكملتُ تحرير المقالة الثالثة.
حملت المقالة عنوانًا فرعيًا عن «صمت الأدباء الروس عن الحرب على العراق»، وبقي أن أختار لها عنوانًا رئيسيًا آخر. كتبتُ: «لا رأي ولا أدباء». بدا العنوان حاسمًا، فمحوتُه وأخذتُ أفكر بعنوان آخر، لكنَّ لون الظرف الذهبي شتت انتباهي، إذ كان يشبه ألوان البطاقات الرابحة التي يسحبها اللاعبون في برنامج مسابقات تعرضه قناة «أل بي سي».
مددتُ يدي إلى الظرف لأتفقده. كان موجهًا لمدير قسم الثقافة والمنوعات من دون ذكر اسم شخص بعينه، وفي زاويته العليا لوغو «بيروت» بالتصميم الشهير لشركة إعمار وسط البلد. بعد التدقيق، لاحظتُ أنَّ اللوغو مختلف في تصميمه عن الشعار الذي اعتدتُ رؤيته منقوشًا على الحجار الاسمنتية التي يسدون بها بعض شوارع وسط البلد المتاحة فقط للمشاة وسيارات النواب والسياسيين والعسكر. قلبتُ الظرف، فوجدتُه مغلقًا، فسحبتُ السكين التي يستخدمها مديري من الدرج، وباشرتُ بفتحه.
من الظرف، أخرجتُ بطاقة ذهبية أخرى مصنوعة من الورق المقوى اتخذت شكلًا مربعًا غريبًا. وعلى عكس المعتاد في دعوات النشاطات والحفلات، لم تحوِ البطاقة أي تفاصيل عن عنوان النشاط وطبيعته. من الأمام رسم كبير بالرمادي لبومة، ومن الخلف خريطة تشير إلى مكان النشاط مع التاريخ: «١ نيسان ٢٠٠٣، الساعة العاشرة مساءً».
نظرتُ إلى الساعة من جديد. التاسعة. إن خرجتُ الآن باتجاه شقتي القريبة في شارع المكحول، واستحممتُ وغيرتُ ملابسي، قد أستطيع الوصول على الوقت أو بعده بقليل. أعدتُ طبع العنوان مع إضافة علامة استفهام في نهايته ليصير: «صمت الأدباء الروس عن الحرب على العراق: لا رأي ولا أدباء؟»، ثم حفظتُ المقالة وأطفأت الجهاز وخرجت.
متجهًا نحو شقتي، كانت أصوات التلفزيونات من الشرفات تصدح بصوت وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف: «الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله. أيها الشعب المجاهد الأكبر، يا أبناء أمتنا المجيدة، أيها الرجال حاملو الأسلحة وشرف المقاومة، سلام الله عليكم وأنتم تواجهون الغزاة أعداء الله والإنسانية، السفلة المارقين، بصدوركم العامرة بالإيمان وحب الله. نعم هذه هي الأيام التي ليس ما هو أشرف منها منذ ما يزيد عن سبعمئة عام».
3 notes
·
View notes
Text
ترجمة | إلى قط | بورخيس
معك لم تعد المرايا بالغة الصمت ولا الفجر الزاحف فائضًا بالأسرار. في ضوء القمر، أنت ذلك النمر الذي نلحظه من البعيد. مدفوعون بأفعال إلهية غامضة، نبحث عنك عبثًا، أبعد من التنائي أو من غروب الشمس. أنت سيد العزلة، ومالك السر. يسمح ظهرك بملاطفة أيادينا. لأنك قبلتَ منذ أزلٍ منسي حبَّ اليد غير الأهل للثقة. أنت من زمن آخر، أنت سيد لمكان أسير مثل حلم.
15 notes
·
View notes
Text
في الفُرقة وما فيها | هدى عمران | ديوان كأنها مغفرة
يأتي الغرام للمعطوبين كالهلع فتنتفض الروح استعدادًا للألم الجامح يأتي الحب كالرغبة في التحطيم، كالجُرح في العينين الجميلتين يأتي كازدراء للإنسان، كحيوان يغطي الروح بلا إرادة مني يسير في مركب ناريّ إلى المجهول يخرج أشباحي دفعة واحدة بعد ظني بموتهم تخرج أشباحي فلا أستطيع العيش مرة أخرى ويندلع الشوق كاليتامى إلى أي أُم وينكسر حزني ألف قطعة ليمشي كالشيطان في ليل طويل مع الغرباء فأنام مع ذئب وفي قلبي جمر ودخان وأرى في غفلة من الزمن معنى الجمال، معنى الشرّ.
هدى عمران | كأنها مغفرة
22 notes
·
View notes
Text
ترجمة | مقطع من «الكتابة، باستخدام أساليب مختلفة» | لڤيكتور هيرنغر (١٩٩٨ - ٢٠١٨)
الكتابة باعتبارها وصفًا
هناك صورة التقطها لاري تاوِل في ماناغوا، عاصمة نيكاراغوا، في العام 1984. امرأة أمام خزان غسيل تبصق على ببغاء. لطالما شكلت لي هذه الصورة بالأبيض والأسود تميمة جميلة للتفكير في عمل الكاتب. الفم البشري، القادر على إضفاء أصالة محددة عندما يُشرَك في نشاط ما، قبالة الببغاء، الحيوان الذي يقدِّم الآلية العضوية للكليشيه، وبينهما البصاق، باعتباره عملًا عدوانيًا ومثيرًا للاشمئزاز. فرضيتي الأولية: الفنان هو عدو الكليشيهات، والجمل المصنوعة، والمتوقَّع. باعتباري كاتبًا وقارئًا في آن، فإنني أمقت ما يمكن توقعه، وحتى ما لا يمكن توقعه، أي التوقع الأخرق لغير المتوقع.
لكن التعليق تحت صورة تاوِل، الذي انتبهتُ له بعد أعوام من رؤيتي الأولى لها، يوضح أن الصورة التقطت ذات صيف لاذع في ماناغوا. والمرأة كانت تبصق على الببغاء لتخفف من حرارته. ولذا، فإنَّ عملها كان فعل مودَّة. فرضيتي الأدق: الفنان عدو الكليشيهات، ولكنه أيضًا عاشقها. فقي ظل خطر أن يصير غير مفهوم - وهو المعاكس المطلق للكليشيه - يجب عليه أن يصل إلى المألوف (ليس فقط بالمعنى المبتذَل، ولكن أيضًا بمعنى المجتمَع عليه)، ويُنعشه.
في هذه الرقصة، في لعبة المسافات، لكل مؤلف أسلوبه الخاص.

8 notes
·
View notes
Text
ترجمة | مقطع من «الكتابة، باستخدام أساليب مختلفة» | لڤيكتور هيرنغر (١٩٩٨ - ٢٠١٨)
الكتابة باعتبارها أسلوبًا آبوكاليپتيًّا:
النهاية قريبة. لقد كانت دومًا.
وكنا دائمًا نغني ضد الموت.
النهاية، فقط، توحدنا.
بيان صغير – احفظوا كل شيء، وتذكروا كل ما فعلناه. الفن في عصر التأثير البشري (الأنثروبوسين) هو المجال العام. أحبوا بصمات الأصابع الدهنية التي نتركها على الأشياء، وكل الأصوات، وكل الإيقاعات، وكل الصفار في ورق الصحف، وكل ألبومات العائلة الصغيرة. كل ما كان لنا مهم. الحب هو تجديد المعنى. وتجديد المعنى مهمة مستحيلة، وما من وقت للقيام بها، وهنا تكمن مأساتنا.
فلنكتب ضد ويلات النفوس والقلوب والرؤوس!
9 notes
·
View notes
Text
أين تذهب كل هذه الأطراف المبتورة؟ وما الذي يعنيه أن يرثي أحدنا جزءًا منه، ويرِث قصته نفسها، وأن لا تتاح له فرصة النسيان أمام شاهد الجريمة، العضو الناقص من جسمه؟ أفكر في كل تفاصيل الفاجعة، وأتذكر، من ضمن ما أتذكر، شخصيات روايات حسن داوود المراقِبة لعبور الزمن حولها، شخصيات فاقدة أجزاءها، امرأة تركت الحرب فيها ندبة تجلس أمام المرآة وتضع ماكياجًا خفيفًا لليلة فقط، وولدًا على كرسي مدولب عند هامش المدينة الوحش، مدينة ما بعد الخراب، ينظر إلى زمن ما بعد الحرب ولا يفهم، وعجائز عاجزين عن الاندماج في جلبة الزمن الراكض. أرى غيمة فوق سفينة محاصرةً بالماضي والحاضر في بحر هائجٍ في سكونه المخيف، وأولادًا يركضون في طريق فرعية ويتنمرون على أضعفهم، وجريمة نعرف قاتلها ولا نعرفه.
29 notes
·
View notes
Text
ننظفهم من الدم والغبار، ونغسلهم في أذهاننا وذاكرتنا، ونروي قصصهم ما حيينا.
4 notes
·
View notes
Text
ما معنى الموت عندما يصير الغالب من المعارف قتلى، والحي استثناء؟ الفتاة الناجية سألت عن معنى الحياة إن ماتوا كلهم، وأين هي باقية وفي أي حياة ولِمَ لَمْ يأخذوها معهم. كانت تسأل: من سيتذكر من، ومن سيرثي من؟
لحظة اكتشاف الهَوْل، يتبدى الرثاء اختلاط صوت البكاء، بصوت الكلام أثناء البكاء، بانتفاضة الجسد اللاإرادية. يحضر عالم من الغضب الهائل تعززه فكرة: «حتى الحق برثاء طبيعي انتُزِع منا».
10 notes
·
View notes
Text
الشاب المغبَّر المُدمَّى الناجي من الهَوْل، الحامل جثة ابنه أو أخيه أو قريبه الصغير، الماشي بلا وجهة ولكن بثبات، هل ظن للحظة أنه خرج في عالم آخر وأنه في طريقه لإصلاح الطفل وبعثه من جديد؟
19 notes
·
View notes
Text
الطبيب الفلسطيني سيُذكَر أثره في التاريخ أنه أعاد تعريف المهنة واسترجع معانيها الأصلية: السِّحْرَ و الرِّفْقَ والدَّأَبَ والعادةَ والحذْقَ والمهارةَ وحسنَ الاحتيال. هذه هي السِّمات الضرورية للعلاج والإصلاح التي ابتلعها نظام عالمنا.
22 notes
·
View notes
Text
لقد فقدنا زمنًا كاملًا
لقد فقدنا زمنًا كاملًا حاولنا صناعته، وفقدانه بعنف. هناك من فارقنا ولم يعد هنا معنا، وهناك من فارقنا وبقي حولنا ولكنه لم يعد من كان لنا، وهناك ما ومن افترقنا عنه رغمًا عن إرادتنا. لقد أُخِذَت الأشياء منا عنوةً وتكرارًا. بقينا هناك، في الوراء ونحن هنا، نشهد نهاية لا تنتهي، ولم تنتهِ بعد. نتابع أحداثها ببطء قاتل، متنقلين من قاع فاجأنا، لقاع أسفل من سابقه ولا نملك إلا خيار التطبيع معه، لأنَّ مجابهته ستبطئ النهاية أكثر. اللغة تصير قاصرة والروح تبيت مكبوتة، ولذا نكتفي بالصمت لعلَّ فيه مرآة ذواتنا التي لم ندقق فيها في انشغالاتنا السابقة، ولم نعِ تشكلاتها.
youtube
19 notes
·
View notes
Text
ترجمة من رواية «تاريخ العنف» | إدوار لْوِي
يقولون إنَّنا لا نستطيع مغادرة اللغة. يقولون إنَّ اللغة تكمن في كونك إنسانًا، وإنَّها تحسِّن من كل شيء. يقولون إنَّك لا يمكنك الخروج منها، إذ لا خارج لها. يقولون إنَّنا لا نفكِّر أولًا قبل توضيب أفكارنا في لغة لاحقًا، فاللغة هي التي تسمح لنا بالتفكير. يقولون إنَّها شرط، شرط ضروري، لمنطق وحياة الإنسان. لكن إن كانت اللغة هي جوهر الإنسان، فلماذًا إذًا، خلال تلك الثواني الخمسين، عندما كان يقتلني، لم أكن أعرف ما أنا؟
وفي انقلاب غريب اليوم، صار العكس صحيحًا. كل ما بقي معي هو اللغة. خسرتُ الخوف. يمكنني القول «كنتُ خائفًا». لكن الكلمة لا يمكن إلا أن تكون عاجزة، ومحاولة يائسة لاستعادة الشعور، حقيقة الخوف نفسه.
9 notes
·
View notes
Text
ترجمة | ما لن يرينا إياه العالم - روميو أوريوغون
(أهداها إلى أمه التي فقدت طفلها)
من بين الكثيرين الذين يغنُّون الليلة، أنتِ الأكثر وحدة، بالرغم من أنك دفنتِ طفلاً، وأخفيتِ جلد خنزير بجانب سريرك، ليذكركِ بدفء الأطفال. وراء المنزل، غنى طائر من شجرة غوافة. إنها لغة الحزن من جديد. كل أغنية هي باب يستدعي لنا الماضي. ما سنُعطَى إن لم يحمل صوتنا اسمًا؟ كل إنجيل يتحدث عن الحب كما لو أنه طينٌ يفتح عين الظلام. لكن الحب هو أنتِ أيضًا، عندما تدعكين الطين على جلدك آملة أن تتعثرين بِاسْم. الليلة، خففتِ من رغبتكِ لتخفيَ ألمك وأسميتِ العملية: سأهدي الحبيب جسدًا. أماه، الحزن الذي لا نقدر على مشاركته ليس منا. حوافر الحصان المرتطمة بالأرض هي أسئلة للماضي، تحفر الأرض باتجاه غرفة نرى فيها كوبًا من دهن الشعر متروكًا على الكرسي، ومشطًا ساخنًا يُمرَّر في الشعر الخشن، وفم الطفل فاغرًا بعض الشيء كأنَّ أنهار العالم نبعت منه. حتى في هذه اللحظة، مقدسٌّ هو الجسد الجاهز للقبر، مقدسةٌ هي الأيدي التي تنعِّم ملمس ثوب الساتان، مقدسةٌ هي الأجنحة التي تحجب الشمس، مقدسٌّ هو الأخ الذي يحمل ظل أخيه الآخر. أماه، ما اسم الطفل؟ لا يمكننا التحرر ممَّن لا يمتلكون أسماءً. هذا ما أثق أنك تسعين إليه مع كل حبيب. في لحظة ما في الظلام، سكن الليل. مثله هدأتُ أنا، ومثلي هدأ الطفل الباكي في آخر الحقل.
10 notes
·
View notes
Text
ترجمة | أحياء عند نهاية العالم | سعيد جونز
خلطوا بين نهاية العالم
ومجرد مذبحة أخرى
وقعت عند منتصف النهار
في أميركا.
بقايا أدمغة ونثار زجاج،
آثار غير واضحة لأحذية في برك من الدم.
اتصلنا بالموتى الجدد،
لكنهم لم يجيبوا.
أرسلنا إليهم رسائل نصية،
توسلناهم أن يعاودوا الاتصال بنا،
لكنَّ الموتى الجدد،
لا يعرفون القراءة.
في أمريكا، يسمون تجمعات الناس
تمارين رماية أو جنازات،
بحسب من بقي حيًا،
ليعرِّف المصطلحات.
لكننا في الوقت الحالي،
أحياء عند نهاية العالم،
نقصَف بالعناوين الرئيسية والإنذارات
ونحترق بما تبقى بيننا من حب.
مع مرور الزمن،
يتحول الأولاد البيض المسلحون
إلى جروح لن نتذكر كيف تحملناها.
«من أين لك تلك الندبة على كتفك؟»
«أوه، ولدٌ بالكاد عرفته كان حزينًا في مرة».
10 notes
·
View notes
Text
يقولون إن أهلنا يتركون فينا قصصهم التي حدثت معهم قبل إنجابنا. ولهذا، نصير نسخًا منهم في كبرنا. فالقصص المتروكة فينا لا تنتأ إلا مع وصولنا للعمر نفسه.
لا بد سنقاوم أن نصير مثلهم، نؤكد كلما اختلينا بأنفسنا. غير أنَّ لحظة واحدة، وصوت واحد، وحركة واحدة، وتصرف واحد، وعبارة واحدة، كفيلة بسقوط مقاومتنا. ينبض رعب في القلوب وتحتاج الرئة فجأة لهواء إضافي. مرة إثر مرة، نكمل تحولنا، وننرعب أكثر.
يا لهذا الإنسان الذي ما إن يعي أكثر، حتى يرتفع إحساسه بتحويل كل ما يمر به إلى فظيعة لم يسبق حدوثها لأحد.
25 notes
·
View notes
Text
ترجمة | توم غان | العناق
كان عيد ميلادك، وكنا قد شربنا وتناولنا العشاء
حتى منتصف الليل مع صديقنا القديم
الذي دلنا في النهاية
إلى سرير وصلتُ إليه بخطوة واحدة
من خطواتي المخمورة الواسعة.
استلقيتُ على جانبي
وَسِنًا من النبيذ.
غفوت. هوَّمت. ثمَّ انقطع نومي بعناق
مفاجئ من الخلف،
حيث انضغط الطول الكامل لجسمينا:
مقدمتا قدميك بكعبيَّ،
وجناحَيْ كتفيَّ على صدرك.
لم يكن جنسًا، لكنني شعرت
بالقوة الكاملة لجسمك،
محصنًا بجسدي،
وبجسدي مذعنًا له.
كنا كأننا في الثانية والعشرين
وشغفنا الكبير
لم يتحوَّل عائليًا بعد.
ابتلع نومي السريع كلَّ
تدخلات الزمان والمكان.
وظللتُ واعيًا فقط
لعناقك الآمن المستقِر الجاف.
7 notes
·
View notes
Text
ترجمة ~ (عن) الكلاب — أفونسو كروش
لم أعد أذكر المكان الذي دفنت فيه كلابي الذين أحبوني بأمانة أكثر من الله. لكني ما زلت أسمعهم ينبحون في أحلامي حتى أرمي لهم الكرة. وأنا ، عندما أستيقظ، أوسع ذراعيَّ ترحيبًا، كأني ألقي ذكرى، وأنتظر، والدموع في عينيَّ، كرةً لن تأتي.
6 notes
·
View notes