حذارى من الكراهية ، فهى تنشأ من أوهن الأسباب و أتفهها ، و قد تتواجد بين غرباء أو أقرباء و حتى بين الأخوة و أفراد الأسرة الواحدة ، فكن يقظا و لا تدع أى فرصة لخلاف ما أن يتوغل داخلك ليتضخم و ينتشر مؤسسا لمزرعة عداء فى روحك ، حكم عقلك من البداية ، أمتلك زمام إنفعالاتك ، قدم بعض التنازلات فهما كان حجمها سيكون ضئيلا أمام ما سيحدث مستقبلا من كوارث أنت فى غنى عنها ، و ما يمكن إصلاحه اليوم قد لا يجدى معه فى الغد أى شئ مهما عظم !
في إحدى رسائلها التي خطتها لنفسها كتبت “ كم دعوت الله أن لا يتعلق قلبي بما ليس لي، بللت دموعي سجادة الصلاة تلك الدموع التي كتمتها داخلي ولم أبح بها لأحد وأمام أحد إلا الله.. كم دق قلبي خوفًا من الميل إلى ما كُتب لغيري.. وكثيرًا ما اختنق صوتي عند تذكر أمانيّ عندما أفكر أنها قد تكون بلا أمل.. لم يشعر أحد بهذا ولا أردت أنا أن يحدث ذاك الأمر، لكنني اليوم تمسكتُ أكثر بهذا الدعاء لإن الله منحني بعض الإشارات التي قد ترشدني إلى الطريق..”
يجِب أن أعترِف ؛ أنا من الأشخاص الَّذين لا يُطاقون فى نهايةِ الأمر ، أنا من الَّذين يشعرون أكثر مِمّا يَنبغى ، ويُفَكِّرون أكثَر مِن ما يلزَم ، الَّذين يحتاجون لكلمات مُعَيَّنة يسمعونها ، وأنَّ لا كلمات ولا تصَرُّفات تُدهِشهُم غير تِلك التى استبقوها فى مُخَيّلتهِم ، إننى من تِلك الفِئة المَلولة التى ترفُض الأشياء المُكَرَّرة ، والكَلِمات المُعادة، والوجوه المُتاشبِهة.
قامت سيدة فقيرة ذات يوم بالاتصال على محطة إذاعية لتطلب من المسؤولين عن المحطة المساعدة لإعالة أولادها الصغار بعد وفاة زوجها، وكان هناك رجلٌ ملحدٌ يستمع إلى هذا البرنامج الإذاعي خلال اتصالها، فقرّر أن يتصلَ بالمحطة حتى يسخرَ من تلك المرأة .
تواصل الرجل الملحد مع مسؤولي القناة وأخذ منهم عنوان السيدة بحجة أنّه يريد مساعدتها وإرسال الأموال إليها وإلى أولادها كلّ شهر، وبعد أن حصل على عنوانها أمر سكرتيرته الخاصة أن تقومَ بشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية، ومن ثم الذهاب بها إلى منزل السيدة، و أمر السكرتيرة أنّه عندما تسأل المرأة عن من أرسل إليها هذا الطعام أن تجيبها السكرتيرة إنّه من عند الشيطان، وهكذا توجّهت السكرتيرة إلى منزل المرأة، وأعطت لها المواد، كانت المرأة في قمة السعادة والفرح والامتنان لهذه المساعدة الكريمة التي تسلمتها، وبدأت بوضع كميات الطعام داخل منزلها الصغير، دون أن تسألَ عن المرسل لهذا الطعام .
وقفت السكرتيرة قليلاً تفكّر، كيف تبدأ كلامها، ثم اقتربت من السيدة قائلة: ألا تريدين أن تعرفي من الذي أرسل لك هذا الطعام؟ فأجابت المرأة الفقيرة في بساطة: أنا لا أهتمّ بذلك على الإطلاق، لأنّه عندما يقدّر الله عز وجل أمراً، فإنّه يسخّر حتى الشياطين لفعله.