Text
الآن، تعيش داخل ما لا نهاية له. كل نهار قوامه صمت وضجيج، ضياء وسواد، كثافة، انتظار، ارتعاش. لا غاية إلا أن تضيع، مرة إضافة، إلى الأبد، في كل مرة أكثر، أن تتيه دون نهاية، أن تجد النوم، بعض طمأنينة للجسد: استرخاء، إعياء، تلاشٍِ، انحراف جانبي، تنزلق، تستسلم للغرق.
حياة دون مفاجآت. أنت في مأمن. تنام، تأكل، تمشي، تستمر في الحياة، مثل جرذ يأخذ طريق معلفه، يدوريسارًا، ثم يمينًا، يدوس مرتين على دواسة مؤطرة بالأحمر كي يحصل على جعالته الغذائية من الحساء.
لا تراتب على الأط��اق، لا أفضلية على الإطلاق. لا مبالاتك ساكنة مستقرة. رجل رمادي لا يسبب اللون الرمادي له أي غبش. لا فاقد الإحساس، إنما محايد. يجتذبك الماء، مثل الحجر، العتمة مثل الضياء، الحر مثل البرد، لا وجود إلا لمشيتك، ولنظراتك التي تحط وتنزلق، غائبة عن الجميل، القبيح، المألوف، المذهل، دون أن تلتقط أبداً أي شئ سوى تركيبات أشكال وأضواء تتشكل وتتلاشى، دون توقف..
*جورج بيريك

1 note
·
View note
Text
حكايات متواطئة
أصدقائي يخبرونني بحكاياتهم، ولا يتذكر الواحد منهم، أنه أخبرني بحكايته هذه أكثر من مرة من قبل.. أنا كذلك لا أجعله ينتبه.. أصغي إليه متظاهرًا أنها المرة الأولى .. ربما أفعل نفس الشيء أيضًا.. أكرر الحكايات لأصدقائي، دون أن أشعر، وربما يتظاهرون أيضًابأنهم لم يستمعوا إليها من قبل.. نعم، إلى هذه الدرجة نعرف أننا غير مثبّتين جيدًا في الحياة، كقشور طلاء صغيرة، تتدلى من سقف عال وشاسع.. نعرف أن أشياءنا يلزم أن نتكلم عنها كثيرًا، كي تلتصق بأي ذاكرة، تساعدها على التخلص من تشبّعها الرهيب بالفناء.. أنا وأصدقائي لا نحتاج للانتباه.. نحن نعرف أننا نكرر حكاياتنا، وأننا نتظاهر كي يسمح كل منا للآخر بالخلود، حتى انتهاء زيارة منزلية مثلاً.. نحن متواطئون للغايةكحكاياتنا المكررة، المتواطئة في أن أهم ما فيها، ليس موجودًا أبدًا.
3 notes
·
View notes
Text
الظلام
أنت لا تراها الآن.. لكن ذلك لا يعطي أكثر من راحة قلقة، يائسة.. تشبه الاستلق��ء المنهك فوق سحابة اُحتجزت للأبد داخل صورة فوتوغرافية لطائرة تقصف حضانة أطفال..حتى وهي بعيدة، وربما خاصة وهي بعيدة عن ذهنك يزيد عذاب التفكير في حضورها.. الإدراك الثقيل، المخبوء كشوكة عملاقة ممتدة فروعها داخل كل مليمتر من جسدك..هي موجودة في مكان ما قريب منك..تذكير دائم لا تشفى منه ولا يقتلك نهائيًا، يتوارى في كل انشغال بأمر لا يخصها.. لن تمر فترة طويلة حتى تعود إليك.. تدخل من باب الشقة ومعها ابنتكما، تطلب بأنفاس مقطوعة حمل الأكياس التي جاءت بها للداخل.. تصرخ في الطفلة التي تلاحقها لأخذ الشوكولاتة من حقيبة يدها..تختفيان معًا في الردهة تاركة للفراغ الخالي من الهواء دليلاً جديدًا على أن الحياة تنكرٌ فاضح لتحنيط كل رجل وامرأة فقدا الإيمان بكونهما استثناء.. حينما تغلق أنت الباب، وتذهب بالأكياس إلى المطبخ؛ لن تصطدم بحام��ي دروع الفرسان والموسيقيين والحلاقين الذين يشتغلون بالجراحة ومحركي العرائس.. ستمر من خلالهم دون أي مشكلة.
ليست هذه ملامحها، وبالتأكيد ليس هذا صوتها بالضبط مثلما فقدت أنت عينيك وأذنيك منذ فترة طويلة.. لماذا فعلت هذا في نفسك.. الجزاء الذي ينتظ�� خالقًا ما؛ ليس حين يفشل في خلق ما يريد، ولا حين يعجز عن تحديد ما يريد خلقه، وإنما حين يظن أن بإمكانه أن يخلق فعلاً.. تعيش الآن مع جثة تكونت من أشلاء جثث أخرى..تسمع سعالها الخفيف المعتاد، المذيل بصوت تخليص حلقها من كتمان تعب اللوزتين الذي لا يفارقها.. لا تريدها أن تخرج الآن من الحجرة.. بالتأكيد كان هذا المشهد من ضمن التصورات التي صاحبت فكرة غاية في القدم عن صنع جحيم محكم: تجلس بجوارك أمام التليفزيون لتشتغل بمهارة وإتقان في قضم الجلد الميت حول أظافرها بصوت مقزز، مقترن بتحديق ذاهل من عينيها الجاحظتين لما يُعرض على الشاشة مع تعليقات واستفسارات سمجة تمدها إليك كأنها طرف حوار عادي ينبغي أن تلتقطه دون أن تنفجر أعصابك.. لا يأخذ الزمن رأي أحد.. يتكفل وحده بتجميع وتشكيل الجلود الميتة.. تسألك: لماذا تبتسم ؟.. لا شيء.. فقط رأيت نساء حدادات وجامعي الدود وبائعي أصواف الأغنام وطبيبات شعبيات يعبرن الآن في طريقهم إلى الثلاجة.. هن يعرفن طريقهن جيدًا. أجزاء مهشمة من لعب كارتونية وبلاستيكية قديمة لها أوجه تشبه المرايا، وتتبادل رسائل خفية عن الفشل في فهم العمى الصخري لصمت أصبح نهاية لمعجزة عاطفية..صمت عميق حد
رؤية النعيم السماوي بوضوح من داخله، وحيث يمكن الاطمئنان المتواصل لخلود ملامح القاتل في وجه الآخر.. اللحظة المضحكة التي نأتي فيها من اتجاهين متقابلين، ونعبر بجوار بعضنا عند نقطة ما داخل البيت كغريبين تائهين في مكان لا ننتمي إليه..حيث لا نلتفت إلى بعضنا، بل نمر في خرس محصن يتولى بدلاً منا قول نفس الكلمات المحرَجة، الآسفة، التي لا تخرج إلا من ثقب صغير في قبر: )هم الذين أتوا بي إلى هنا(..الكلمات التي بالطبع لا تخص العائلة فحسب، ولا تتنازل عن الصراع الضمني المتفق عليه لامتلاك النبرة الأعلى في الثأر.. اللحظة التي تُضحك البنّائين وكاتبي الخطابات للأميين وحارقي الجير وصانعي الأقمشة والورد والأحذية والقبعات. لم تعد هناك حسابات يمكنها مجاراة الكوميديا المتدفقة من استمرار الأمنيات والتوقع والمطالبة بالتعويض أو التحرر أو محو الذاكرة.. النظر المرتجف، المتوسل من ثقبي بابين مغلقين حيث يصرخ كل واحد منا دون أن يراه الآخر أو يسمعه.. تأكل جسمها كأنك تبحث عنها وراء اللحم، أو تريد بهوس الاندماج والتوحد التام بآخر جمال تبقى منها..لكن هياجك الشديد في سريركما يثبت ربما دون قصد واضح وضعها المجرد كامرأة لرجل.. درجة أهميتها أو الفائدة التي تليق بها، بشكل أدق الحقيقة الوحيدة المؤكدة التي تعطيها النساء خاصة زوجتك.. الثمن الذي تأخذه أنت بما أنك تدفع دائما من مرور الثواني والدقائق والساعات والأيام
والشهور والسنوات.. أنت تعطيها مقابل أيضًا بذلك.. تطمئنها على أنوثتها كاعتذار عن كل ما لاقته منك طوال السنوات الماضية وأنتما بملابسكما.. درجة أهميتك أو الفائدة التي تليق بك..كيف يمكن نسيان الأنقاض التي نحرص تلقائيًا على الحفاظ عليها، بينما الموتى الذين ينظرون إلى كل منا في عيني الآخر لا يتبخرون.. الكارثة طبيعية جدًا على أي حال، ويسهل معها ادّعاء الشكل التقليدي لرفض الموت..هذا ما يخبرنا به دائما الطباخون ومشغلو الرافعات ولاعبو النار والرواة الذين لا يكونون كذلك إلا باختراع كذبة جديدة لنفس الحكاية كل مرة. كانت تتابع فيلم رعب بسرور وتركيز؛ الأمر الذي منعها من رؤيتي بينما استوقف امرأة قررت أن تكون ساحرة فعلاً وهي في طريقها لاختبار الساحرات.. كانت مقيدة اليدين والقدمين بالحديد، والأقفال موصولة بأثقال س مُرتى معها في النهر..نظرت في عيني امرأة ساعدها قرارها اللحظي قبل الموت سواء غرقت أو حُرقت إذا طفا جسدها على حدوث طول مفاجئ في شعرها، وظهور شامات متفرقة في وجهها..اختفى الحراس على الفور، وظلت مكبلة بينما أسألها عن تفسير الحلم الذي يتكرر دائما: أعود أنا وزوجتي خطيبين، جارين خطيبين؛ أنا في الدور العلوي وهي في شقة الدور الأرضي.. لكنني أجد نفسي داخل الحلم منقطعًا عن زياراتها والرد على اتصالاتها منذ فترة طويلة.. هي لا تعاتبني
ولا تسألني عن سبب ذلك..فقط تأتي إلى شرفة باب شقتها لتراني كلما سمعت ما يدل على صعودي أو نزولي السلالم.. تنظر لي دون شكوى ولكن بحزن.. أراها كما كانت.. جميلة ورقيقة جدًا وغامضة كملاك لماذا لا أضيف الشجن لتكون «غامضة بشجن ملائكي » حفاظاً على البرواز المعتاد لوصف بنت في حالة كهذه، والذي لا يمكنني التشكيك في صدقه أو ملائمته الآن..أما أنا فلا أتوقف عن سؤال نفسي باستغراب عنيف: لماذا لم أعد أزورها أو حتى أتصل بها..كيف قضيت تلك المدة عينيّ في عينيها ولا أكلمها رغم أننا خطيبان.. كيف ظلت ساكتة، ومستسلمة بتعاسة مهينة لتجاهلي لها الأشبه بالنسيان المثالي، وعدم الإحساس بوجودها أصلاً؟!.. هكذا يبدأ الحلم من منتصفه دائمًا، متخلصًا من البداية التي تبرره.. لكنهأيضًا لا يكتمل..ينتهي عند قراري بالذهاب إليها لأعتذر عما سببته لبراءتها من ألم، وإعادة الحياة كما كانت بيننا دون أن أعرف ماذا حدث بعد ذلك.. أستيقظ من النوم وليس عندي أي فكرة هل ذهبت إليها فعلاً، أم أنني لم أنفّذ قراري. تبتسم المرأة لابد للمرأة أن تبتسم بعد سماع حلم على وشك تفسيره خاصة حينما تقرر أن تكون ساحرة أثناء ذهابها إلى الموت ثم قالت بلغة غير مفهومة إلا لي وهذا طبيعي جدًا أنني في الحلم أريد استعادة البنت التي أصبحت زوجتي.. استعادتها كجارة وحبيبة فقط بكل ما كان يعنيه هذا وينتج عنه.. أن تكون
خطيبة أيضًا كي لا ينقطع الممر الذي يتيح لي أن أمشي إليها دون عائق في أي وقت.. أما انقطاعي عنها فهو الرغبة في استرداد البُعد الذي كان يحمي شغفي بها، والغارق الآن في بحر أسطوري.. يضمن البُعد كذلك التحرر من العبء العدائي الهائل للزواج الذي حوّل أحلامنا إلى هياكل عظمية.. قالت المرأة أنني أريد استرجاع الضباب المثير الذي كان يفصل بيننا، حيث يمكننا أن نكون أكثر قربًا وأشد تمسّكا ببعضنا.. التفكير من داخل العزلة التي لا تغضب أحدًا، ولا يسعى أي منا لتحطيمها.. شعوري بالذنب في الحلم هو محاولة لترويض غضبي الذي لا يهدأ من مجرد وجودها في الحياة، ولأنه لا يصل إلى نهاية شافية كان عليه أن يعيد اختراع الواقع بشكل عكسي ليجعلني مذنبًا، وتصبح المأساة أكثر خفة.. )تريد أن يعود كل منكما خيالاً بالنسبة للآخر(.. أنهت تفسيرها بهذه الجملة ثم ظهر الحراس ثانية واقتادوها وهي لا تزال تنظر إليّ ناحية النهر. لم أخبرها أنني كنت أرى زوجتي في الحلم حينما كانت جارتي وخطيبتي فقط وهي ترتدي الأسود دائما.. ربما المرأة كانت تعرف ذلك.
3 notes
·
View notes
Text
الان يمكننى الاعتراف بكل شىء ..عن الهروب الذى اصبح المكان الآمن ،عن المؤمن الذى لايملك شىء ،عن فقدان الرغبة تجاه اى فعل اى حياة عن التشبث بأى انبساط لحظى كأملك الوحيد، عن التبارك باى شىء اباركك وتباركنى واتلو عليك ادعية الالهة اجمعين وفى نهاية اليوم نجلس محطمين تماما تقتلك رغبة فى البكاء طويلة وعنيفا كانك تستحق ان ترجع طفل ال7 اعوام مجددا وتحملك يد اكبر منك كانها ستساعك للابد ..لاتقلق لن تنتهى الحياة على بريسنتاشن ستقدمه غدا فى دراستك الملحمية التى تفهمها بمؤخرتك بدلا من ان تخرج من رأسك كل هذا الاعياء الذى يبقيك فى حداد كل ليلة على من اشتقت تقبيله اشتقت رائحته على حياة لم تعشها وتود لو تقطتفها وتدنو عليك كقديس يباركك ويباركنى ويجلس فى نهاية اليوم محطم تقتله رغبة فى البكاء طويلة وعنيفا كأنه يستحق.
8 notes
·
View notes
Quote
أتوقف فجأة عن البكاء لأمسح دمعي أعود للبكاء ثانية حياتي ليست رتيبة
2 notes
·
View notes
Quote
قبل أن أدخل ممر القيامة لا يضيرني أن أهدي وردتي الأخيرة لعاهرة
2 notes
·
View notes
Quote
" أذهب أيها الجندي في أجازتك الأبدية سآخذ مكانك على النصب المجهول"
2 notes
·
View notes