Tumgik
buthainah · 2 months
Text
وعدتك ان لا اموت اشتياقًا
شطر قصيدة محمود درويش عالق في رأسي ويتكرر مرارًا..
وعدتك ان لا اعود، وعدت
وعدتك ان لا اموت اشتياقًا، ومت
اشتاق كثيرًا للاشياء، اشتاق للاماكن، للرائحة، للشجر، للتربة وللشعور. لطالما كان محركي ودافعي لخلق تجارب فنية جديدة هو الحنين، الحنين يدفعني لاصنع جسور تربطني لما اشتاق اليه، تجعلني اعود بعد ما مت. 
مالذي يعنيه الحنين؟ كيف يوّلد فيني كل هذه القوة؟ يذهب بروحي لمكان ابعد من ان يصله جسدي. 
ابحث في قاموسي والمعجم عن معنى الحنين:
الحنين: (اسم)
صوت الأم الى ولدها ؛ صوت الذي في فؤاده نزعة ألم ؛ صوت الريح والنسيم الرقيق ؛ صوت العود عند النقر عليه ؛ صوت القوس عند الإنباض ؛ صوت المرأة تفتقد زوجها ؛ صوت المشتاق.
ويقول العجم ان مصطلح "nostalgia" ينشأ من اليونانية القديمة عبر اللاتينية الجديدة، وهو مركب من الكلمتين "nostos" التي تعني "الوطن" و"algos" التي تعني "الألم".
اشتاق لاشياء أكبر مني، اشتهي كل شيء ولا شيء.
تخبرني صديقة لي اني املك ذاكرة سمكة، كيف لا تتذكرين اهم المواقف بيننا؟ فعلًا، لا اتذكر الذكريات التي يذكرها معظم من حولي.
Tumblr media
اتذكر شجرة العبري في حوش بيت جدي. اتذكر لوحة البيت النجدي المعلق في جدرانه سجادة ملفوفة في حجره الحريم ببيت جدي. اتذكر ملمس السجاد في بيت اعمامي في الديرة. اتذكر الطريقة التي علمني فيها والدي طريقة رسم نملة على السبورة. اتذكر حين اخبرتني امي ان اللون الاحمر لا يناسبني. اتذكر بيجامه هيلوكيتي التي نحب ان نلبسها انا وبنت عمتي. اتذكر حين وضعت صديقة الابتدائي يدي على قلبها واخبرتني انها تحبني اكثر من حبها للجميع. اتذكر رائحة بيت الشرقية. اتذكر اختي "بدرية" التي قابلتها في حلم طويل قبل تسع سنوات. اتذكر شدة العناق الاخير لجدتي في سرير المستشفى. اتذكر كل شيء ولا شيء.
اهل نجد والبادية اعتادوا الحِل والترحال، حاملين معهم خيامهم، ذكرى ديار وشوق. وما أن يستقر ويرمي حمله وعصا ترحاله، حتى يحزم أمتعته استعدادًا لرحلة جديدة، وفي كل مرة يحمل قلبًا متفجرًا تسبح فيه ذكرياته. وكانت العرب تقول: "الحنين من رقة القلب، ورقة القلب من الرعاية، والرعاية من الرحمة، والرحمة من كرم الفطرة، وكرم الفطرة من طهارة." ومن غير العرب يقف على الاطلال؟ حالة شعورية صادقة، ينقلها الفنان من أعماقه عن تجربة، فيها لوعة وشوق ودعوة لبكاء. 
"هكذا يولد الحنين من كل حادئة جميلة
ولا يولد من جرح
فليس الحنين ذكرى
بل هو ما ينتقى من متحف الذاكرة
الحنين انتقائي كبستاني ماهر
وهو تكرار للذكرى وقد صُفيت من الشوائب"
ان مايشعل نيران التجربة الفنية بداخلي مرتبط بشعور اشتياقي لاصغر الاشياء، يجب علينا أن نغذي مخيلتنا باستمرار لنستمر. 
1 note · View note
buthainah · 2 months
Text
أبولّو
“ليش ماتقدرين تنتظرين خمس دقايق؟” وتخبرني اني نسخة والدي في كل شيء.
تغضبني فكرة ان اكون كما تقول النظرية “eldest daughters are the female versions of their dads”
ولكن احب بابا، او "أبولّو" ايام الشباب.
يحب والدي ان يشرب الشاي والحليب بطريقة تجعلنا نضحك، اتذكر جيدًا الاواني البلاستيكية في طفولتي، "بابا تبي شاهي؟ سكر ولا بدون؟" واملئ الكوب الصغير بالهواء ويشرب ابي الشاي الهوائي مستلذًا به بصوتٍ عالي، يضحكني تمثيله، فاملئ كوبه مرةً اخرى. لازال بابا يستلذ باكواب الشاي بصوتٍ عالي ومسرحية خاصة ولا زلت اضحك ولكن هذه المرة الشاي ليس من الهواء، وصرت اعرف كيف يحب السكر فيه. 
Tumblr media
لا احد في العائلة يستطيع الغضب والزعل امام بابا، لديه كلمة سحرية سرية تسري علينا جميعًا، تجعلنا نحاول حبس الابتسامة وننتهي بالاستسلام، نضحك، ونخسر معركة الزعل. 
يخبرني بابا ان احسن الظن بالناس واسامح، لأن الغضب يتعب القلب وينهك الجسد. 
كعادة الرجل الشرقي، بابا لا يقول كلمة "احبك" بشكل صريح، ولكن كل تفاصيل افعاله تقولها. 
تحكي اختي بعفوية انها "مشتهية جح" فيمتلئ المنزل بالبطيخات لمدة اسبوع كامل، وقد تزيد المدة لولا تدخل امي لوضع حد لتسلل البطيخات للمطبخ.
اختار بابا ان يضع مكان ريموت المكيف بجانب السرير في جهة يدي اليمنى، حتى لا اتعب في البحث عنه وانا نعسانه. 
في مرحلة دراسية كانت درجاتي في مادة الجغرافيا منخفضة رغم محاولاتي، كنت اشعر بالفشل وخيبة الامل فبكيت، حين راني بابا اخذني للمكتبة -يعلم جيدًا اثر شراء الكتب على نفسي-
Tumblr media
my dad's messages after I had an accident with his only car.
في عصريات الحراج التي نحب ان نقضيها سويًا انا وبابا، في طريق الذهاب نناقش المواضيع ذاتها كل مرة: العمل، المستقبل، العائلة، الزملاء. نتمشى في الحراج ويخبرني دائمًا قصة المنشار الياباني – احدى اكبر انجازات عصريات الحراج، اما في طريق العودة ناخذ كنافة من محل ابو الهوس لقهوة المغرب مع ماما وعصير رمان بارد للطريق، ويحدثني والدي في مواضيع اخرى: سيارات، عقار، اسهم، الى حين ان نصل باب المنزل، ولكن نبقى في السيارة عدة دقائق اخرى حتى ننتهي من النقاش. احب بابا كثيرًا بعد يوم من عصريات الحراج.
TBC
0 notes
buthainah · 3 months
Text
اسبوع ممطر
"مطر مطر يهطل من السماء اخذت الدعسوقة مظلتها الزرقاء وراحت تطير في السماء" 
جميع الألوان مشبعة -هاي ساتشوريتد- الشوارع والارصفة مرتوية، وهذه الايام الممطرة تجعل روحي هشّة. 
Tumblr media
أتأمل الاشياء واغرق فيها، امتصها كالإسفنجة، اعبر عن شعوري وروحي “الاسفنجية” وقت المطر، واختي تردد “من يسكن البحر ويحبه الناس! بثينة بوب سكوير بانتس!” ونضحك سويًا.
كل ما أتأمله يغوص داخلي واحس فيه واصيره ويصيرني، مثل ان اتماها في صباح يوم اثنين مع فكرة "الجنبية" وتوارثها من الاب للابن “ما افرط فيها ولا ابيعها نهائيًا..اذا هي في خصري موجودة كان والدي موج��د” تلازمني وتغمرني الافكار المتجسدة على شكل ثقافة وحين أتأملها أحيانًا تخونني عبرتي، وتتجمع في عيني الدموع لفرط ما اشعر به.
اتنهد كثيرًا وتخبرني زميلتي اني اذكرها بـ”ساوند في تيكتوك” ابتسم واتظاهر بأني افهمها.
اسمع خالد عبدالرحمن وافكر بحنيّة مناداة الحبيبة بـ"يابنت" رغم الزعل والعتاب.
امدد ساقي على الكنبة اتصفح المواقع ابحث عن فستان احلامي القادم، واسأل امي: ماما تؤمنين بالحب من اول نظرة؟ تجيب متأكدة “لا طبعًا!”
Tumblr media
لا افكر في المستقبل، لكن يغمرني شعور انتظار في الحاضر، اشعر اني انتظر في محطة ولست ادري متى أغادرها لوجهتي. لطالما شعرت اني اركض في كل اتجاه، لا اعرف السكون، تعلمت ان اخطو بسرعة لا اشعر بها، ماذا يعلمني الانتظار الآن؟
افكر في مهمة نيو هورايزنز، ارادوا ان يكتشفوا بلوتو، وخلال 35 سنة من انتظار وصول المسبار لبلوتو، خلقت مفاهيم جديدة وفهم أعمق للكواكب، وبلوتو العزيز ولد ومات وولد مرة اخرى. اعرف ان الانتظار هو الصمت، والفجوات والمسافة، لكن هل يرتبط الانتظار بالمعرفة؟ ماذا انتظر الآن؟ يتيح لي المجهول القدرة على تخيل ما لم يوجد بعد، احاول سد فجوات الانتظار بتخمينات لمعرفة كل شيء. بينما انتظر.. سأحدد وجهتي، سأصبح شخص مختلف رغم اني في نفس المحطة ولم اتحرك، وعلى الرغم من أني قد لا أصل إلى “وجهتي” أبدًا، لكن فعل الانتظار سيعلمني، عني.
Tumblr media
0 notes
buthainah · 3 months
Text
لاتيه الزعفران
قبل اسبوعين او ثلاثة، جربت مشروب جديد في القهوة القريبة للمنزل. كل صباح: قهوة سوداء مقطرة، اثيوبي الله يعافيك. 
أحيانًا باردة وأحيانًا اخرى حارة، على حسب درجة برودة جسمي حين استيقظ. ذاك الصباح كنت ابحث عن الدفء، "مرحبا اسماعيل (الشاب اللطيف، يستقبلني في القهوة كل صباح) صباح الخير"
"قود مورننق مدام، ڤي سكستي؟ بارد؟ حار؟"
"لا، اسماعيل توداي اي وانت سمثنق وارم وذ ميلك"
اسماعيل اقترح لي اجرب لاتيه الزعفران.
Tumblr media
في اول رشفه من الكوب اعترتني مشاعر فيّاضة، قلبي وكل عقلي توقض، جديّدة. جدتي، الي كل الناس ماتعرف ليش كنا نسميها جديّدة (تصغير جدّة)، بيت كله مفروش فرشة ناعمة، كل زاوية فيه نظيفة ومرتبة، لمبات صفراء، ريحة بخور، مواعين كشخة. 
جديّدة كان عندها روتين وكلنا نمشي عليه، المغرب قهوة (ملّياااانه زعفران؛ يفسر المشاعر الي غمرتني بشكل مفاجئ بعد شرب لاتيه اسماعيل)، الساعة 8 بعد صلاة العشاء سفرة فواكة من كل مالذ وطاب، كل طفل بجانب والدته تقطع له البرتقال على شكل ايسكريم والكيوي على شكل صحن، الساعة 10 وقت العشاء، رز ابيض طري ودافي مع لحيمات ودجاج، كلن والي يحبه، امي تحديدًا تسويها شكل كور مدورة رز وداخلها الدجاج، جهد خاص لبثينة الدلوعة، هذه الوجبة الي لو اكلت كل الدنيا ومافيها مالقيت شيء مثل طعمها، يغلفه الحنين لاشياء مستحيل تعود. والساعة 11 ونصف بالضبط، هو الوقت المفضل لكل اطفال العائلة، وقت البيبسي والسڤن اب! غرشات باردة وكل حفيد من الأحفاد جديّدة مختارة له كوب مختلف وخاص يشرب فيه البيبسي نهاية كل أسبوع.
Tumblr media
كان عمري تسعة سنين، في يوم اربعاء لطيف، جديّدة اعطتني اقمشة من بقايا أقمشتها، قالت “انتِ فنانة تعلمي تخيطين”، اشتعلت حماسًا واشتغلت الاسبوع كامل اخيط دمية من بقايا الأقمشة الي اعطتني، سويت محبوبة، وجبتها الاربعاء الي بعده أوريّها شغلي، قالت لي كلمتين: “ايه زين”، لكن منذ ذاك الوقت صارت تعطيني كل بقايا أقمشتها، فهمت لاحقًا ان تلك طريقتها في تشجيعي. معد صار عندي اقمشة جديدة من جديّدة لكن محبوبة للحين ترقد في سريري منذ 2009. 
كان عند جديّدة خلف الحوش بخشة، فيها شجرة ترنج كبييرة، وكل شتاء تتزين سفرة الفواكة بحضور صحن الترنج الكبير الحصري من بخشتها، ما احب الترنج بس كنت احب ترنج جديّدة. شجرة الترنج ماتت.
Tumblr media
في اليوم الي وصلنا فيه خبر وفاة جديّدة، مابكيت. كنت احضن امي وتبكي على صدري، فقدان الأم امر صعب، لا يمكنني تخيله. بعد شهرين وعدة ايام استيقظت من النوم بشكل مفاجئ، وبكيت بكيت كثير، اعتراني شعور شوق لا يطاق، اول مره اشتاق لشخص ميت. 
الاسابيع الماضية اصبحت اتعمد شرب لاتيه الزعفران، وصارت جديّدة حاضرة معي في وقت العمل وافكر فيها وانا اتنقل بين الفوتوشوب والالستريتر، أعدّل درجة لونية وافكر لو نسيت التفاصيل الي عشتها وقت حياتها، كيف بتصرف مين بيتذكر معي ومين بيذكرّني.
بعد سبعة سنوات، عقلي لازال يحتفظ بالمشاعر الي شعرت فيها وقت حياة جديّدة، شعور الحب والحنين الي لازمني مع كوب لاتيه الزعفران يؤكد لي ان كل شخص نتذكره يعيش داخلنا للأبد. 
1 note · View note