Tumgik
Text
القبلتين (23) ..
Tumblr media
في البداية كانت القبلة إلى المسجد الأقصى ..
بعيدا عن كل جاهلات العرب وكل الأصنام التي تقف على أعتاب الكعبة عندما فرضت الصلاة كان التوجه الى المسجد الأقصى الذي يدعي أهل الكتاب تملكه والإنتماء إليه .. فهو بالنسبة لهم قبلتهم ومقدسهم الأكبر ينافسون به كعبة العرب فجاء الإسلام ليضع الأمور في نصابها ,المسجد الأقصى هو الإمتداد التاريخي للأنبياء والرسالات والتي ختمت بالنبي محمد فإنتماء المسلمين له بديهيي كجزء من سلسلة التوحيد منذ آدم وحتى محمد صى الله عليه وسلم.. تلك الخلخلة والتوتر الذي يسببها الإسلام في نفسية اليهود وأهل الكتاب من إظهار للحقائق دون تنازل أو موارة تجعلهم دائما في حالة تحدي وحقد فكأنه يتجاوزهم ويتجاوز رؤيتهم الباطلة بتفردة بمحبة الله والجنة والحق ..
ثم وبعد سبعة عشر شهرا من هجرة النبي صلى الله علية وسلم وفي صلاةالظهر يأتي الأمر بتحويل القبلة .. من المسجد الأقصى إلى الكعبة ,فجأة وبدون أي تمهيد وفي أثناء الصلاة تتحول قبلة المسلمين دون تبرير وقد سمع المؤمنون وأطاعوا دون نقاش ...
وربما كانت آيات سورة البقرة من أول آياتها وحتى آيات تحويل القبلة ما هي إلا تمهيد لهذا الحدث الفاصل في موقف المسلمين من هذا العالم وتقريرا لحقائق الوجود الأزلية .. الآيات التي تتحدث عن تاريخ أهل الكتاب واليهود والنصارى وعنادهم وإستكبارهم وعدم إنصياعهم لأوامر الله والإستسلام لها.. هذا التمهيد هو إختبار للجميع .. للمسلمين وإستسلامهم .. ولليهود وإظهار حقدهم .. وللمشركين وسفههم .ولم يكن هذا بالأمر الهين
لأن القبلة ليست مجرد إتجاه بل هي عقيدة و وعي بمقتضيات المسئولية والإتباع لذا كنا تلك الأمة المتوسطة بين كل الأقاويل والإدعاءات التي يدعيها الناس سواء كانوا عربا يفتخرون بكعبتهم أو أهل كتاب يفتخرون بالمسجد الأقصى أمة شاهدة على الجميع ومن ثم يكون الرسول علينا شهيدا, اتلك لفتنة النفسية التي يلاقيها المسلمين من اليهود من إشعارهم بالنبذ وعدم الإعتراف بأحقية المسلمين للإتصال بنهر النبيين الممتد والذي يشع نوره من المسجد الأقصى إتصالا بأول بيت وضع للناس أسسه إبراهيم علية السلام أبو الأنبياء ومركز الحنيفية.
و النبي صلى الله عليه وسلم يعلم هذا منذ البداية فكان قلبه يتوق الى إستقبال الكعبة منذ أن كان في مكة فهما ووعيا بمقتضيات القدسية التي جعلها الله للكعبة والقدسية التي جعلت للمسجد الأقصى .
و يبدو أن القدر قد كتب على المسجد الأقصى منذ البداية أن يكون فتنة ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبية وكأنه منذ بداية التاريخ كتب على تلك البقعة أن تكون محطة الإختبار عن الإتباع والحق والوعي بحقيقة التكليف .
-------------------------------------------
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143) قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145) --------------------------------------------- قال صاحب الظلال : "فقد كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم، ويعدونه عنوان مجدهم القومي.. ولمَّا كان الإسلام يريد استخلاص القلوب لله، وتجريدها من التعلق بغيره، وتخليصها من كل نعرة وكل عصبية لغير المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة، المجرد من كل ملابسة تاريخية أو عنصرية أو أرضية على العموم.. فقد نزعهم نزعاً من الاتجاه إلى البيت الحرام، واختار لهم الاتجاه - فترة- إلى المسجد الأقصى، ليخلص نفوسهم من رواسب الجاهلية، ومن كل ما كانت تتعلق به في الجاهلية، وليظهر من يتبع الرسول اتباعاً مجرداً من كل إيحاء آخر، اتباع الطاعة الواثقة الراضية المستسلمة، ممن ينقلب على عقبيه اعتزازاً بنعرة جاهلية تتعلق بالجنس والقوم والأرض والتاريخ، أو تتلبس بها في خفايا المشاعر وحنايا الضمير، أي تلبس من قريب أو من بعيد.. حتى إذا استسلم المسلمون، واتجهوا إلى القبلة التي وجههم إليها الرسول- صلى الله عليه وسلم - وفي الوقت ذاته بدأ اليهود يتخذون من هذا الوضع حجة لهم، صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام. ولكنه ربط قلوب المسلمين بحقيقة أخرى بشأنه، هي حقيقة الإسلام، حقيقة أن هذا البيت بناه إبراهيم وإسماعيل ليكون خالصاً لله، وليكون تراثاً للأمة المسلمة التي نشأت تلبية لدعوة إبراهيم ربَه أن يبعث في بنيه رسولاً منهم بالإسلام، الذي كان عليه هو وبنوه وحفدته، كما مرّ في درس {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]".
3 notes · View notes
Text
(22) قبل بدر
Tumblr media
قال علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: «كنا نعلَّمُ مغازي النبي وسراياه كما نعلَّمُ السورةَ من القرآن»
الذي يقول هذا القول ابن حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك دلالة قوية بأهمية الوعي التاريخي والامتداد النفسي والترابط الأصيل بينه وبين الوحي خاصة في عصر الدولة الأموية التي تم تشويه التاريخ و كان فيها محاولة إنكاره.
الغزوات والسرايا ليست مجرد معارك بأحداث بطولية للنبي وأصحابه بل هو التعبير عن شكل شديد الدقة للعلاقات والأولويات والحالة الوجدانية التي يريدها الله لمن يحمل لواء هذا الدين ..
هناك العديد من الدراسات التي تسرد السرايا والغزوات وتحللها وتفسرأسبابها ولقد اهتم بها المؤرخون ولكن مؤخرا خاصة في جيلنا غلب على الكثيرين النظرة التبريرية للغزوات والحروب والفتوحات الإسلامية متأثرين بالتفسيرات الرومانسية للتاريخ ,التفسير الذي يضع التاريخ تحت مجهر مركب من القيم الحداثية ..إعلاء فكرة السلام والحب في مقابل العزة والحق.
المجهر الذي يجعل من الموت مظلوما أولى من الموت مدافعا عن الحق وهنا نحتاج الى أن نسأل ما المعايير التي نحكم بها على أحداث التاريخ ؟
أولا إن فهم السنن الكونية المتعلقة بالعلاقات بين البشر تقتضي معرفة أن الإنسان ينزع الى القتال والحرب .. هذه الحقيقة منذ بداية التاريخ لم يتوقف البشر عن القتال والحروب ولكن الغايات والمقاصد هي التي تحكم على مشروعية هذا التقاتل..
كانت العرب تتقاتل على الماء والطعام والأرض والنساء ومن أجل دنيا..وكانت تتقاتل على الشرف ودفاعا عن الحق ومن أجل العزة ..تنوعت الأسباب على مدار التاريخ ولكن في النهاية كانت هناك فئتان يقفان على الضد سواء كانت حروب بين خير وشر أو شر وشر ..
أعتقد انه من المهم ذكر هذه الحقيقة بسبب شيوع التصور الرومانسي رافع راية السلمية المطلقة !
===================================
أرى أن مقاصد السرايا والغزوات حتى غزوة بدر الكبرى تختلف إختلافا جوهريا عن ما يتبعها من المعارك والمواجهات ..
دعونا ننظر الى الوراء قليلا .. في مكة طوال الثلاث عشرة سنة بعد البعثة حيث كانت قريش تؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ..يمنعون الناس من التجارة معهم وينهبون أموالهم ويمنعون أصحاب المال كعبدالرحمن بن عوف وأبو بكر الصديق من أخذ أموالهم معهم في الهجرة للمدينة..ثم يؤذون من يحج من المسلمين في مكة حتى من أهل المدينة وغيرهم ,هاجر النبي وأصحابة من مكة الى المدينة وقد سلبوا كل شيء وأوذوا في أموالهم وأنفسهم ,بل حتى بعد الهجرة وإستقرارهم في المدينة كانت قريش تتعمد أن تمضي في قوافلها التي فيها ما نهبوه من أموال المهاجرين في طريقها الى الشام مارة بمدينة النبي صلى الله علية وسلم إمعانا للأذى والإستهزاء بالنبي وأصحابه ..
هنا كان على المسلمين أن يتحركوا لإقاف كل هذا القدر من الظلم الذي تعرضوا له ولازالو�� يتعرضون له ..
كل السرايا والغزوات قبل بدر الكبرى كانت من جند المهاجرين الذي ذاقوا ويلات الظلم فهم باعتراضهم على تلك القوافل يأخذون حقهم المسلوب لا ظلما وعداونا.
خرجت سرية سيف البحر ولكن المسلمين لم يستطيعوا أن يظفروا منها بشيء لتدخل مجدي بن عمرو الجني الذي كان حليف للفريقين, تبع هذه السرية سبع سرايا وغزوات كلها حول نفس القضية وهو إعتراض قريش في تجارتهم منهم غزوة الأبواء التي فيها عقد معاهدة حلف مع عمرو بن مخشى الضمري، وكان سيد بنى ضمرة في زمانه
و غزوة سفوان في شهر ربيع الأول سنة 2 هـ، الموافق سبتمبر سنة 623م، أغار كرز بن جابر الفهري في قوات خفيفة من المشركين على مراعي المدينة، ونهب بعض المواشي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلاً من أصحابه لمطارته، حتى بلغ وادياً يقال له‏:‏ سفوان من ناحية بدر، ولكنه لم يدرك كرزاً وأصحابه، فرجع من دون حرب، وهذه الغزوة تسمى بغزوة بدر الأولى‏.‏واستخلف في هذه الغزوة على المدينة زيد بن حارثة، وكان اللواء أبيض، وحامله علي بن أبي طالب‏.‏ وبعدها بشهور قليلة كانت سرية نخلة التي نزل فيها قرآن عظيما..
=======================================
دفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمير السرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه بكتاب مغلق، وأمره أن يسير بهذا الكتاب مدة يومين ثم يفتحه بعد ذلك.
يروي ابن كثير في "البداية والنهاية"، وابن هشام في "السيرة النبوية" أحداث هذه السرية فيقول: "فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فإذا فيه: (إذا نظرتَ في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة)، بين مكة والطائف، فترصد بها قريشاً، وتعلم لنا من أخبارهم، فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال: سمعاً وطاعة، ثم قال لأصحابه: قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشاً حتى آتيه منهم بخبر، وقد نهاني أن أستكره أحداً منكم، فمن كان منكم يريد الشهادة، ويرغب فيها فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فأما أنا فماضٍ لأمر رسول الله ـصلى الله عليه وسلم. فمضى ومضى معه أصحابه، لم يتخلف عنه منهم أحد، وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن، فوق الفرع يقال له: بحران، أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما، كانا يعتقبانه، فتخلفا عليه في طلبه، ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل بنخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيباً وأدماً، وتجارة من تجارة قريش، فيها عمرو بن الحضرمي، فلما رآهم القوم هابوهم، وقد نزلوا قريبا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن، وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا، وقالوا: عُمَّار -أي: يريدون أداء العمرة- لا بأس عليكم منهم. وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب، فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم، فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فتردد القوم، وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم ابن كيسان، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش: أن عبد الله قال لأصحابه: "إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمنا الخمس، وذلك قبل أن يفرض الله تعالى الخمس من المغانم، فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمس العير، وقسم سائرها بين أصحابه". قال ابن إسحاق: "فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال: (ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام)، فوقَّف العير والأسيرين، وأبَى أن يأخذ من ذلك شيئاً، فلما قال ذلك رسول الله ص��ى الله عليه وسلم سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام، وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال فقال من يرد عليهم من المسلمين، ممن كان بمكة: إنما أصابوا في شعبان، فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَر} (البقرة:217). فلما نزل القرآن بهذا من الأمر، وفرَّج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين، وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا - يعنى سعد ابن أبي وقاص وعتبة بن غزوان-، فإنا نخشاكم عليهما، فإن تقتلوهما، نقتل صاحبيكم)، فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم".
====================================
إن أهمية هذه السرية ليست فقط في نتائجها بل في حالة التي تخللتها .. مثلا حالة الإجتهاد التي تمثل بها الصحابة في موقف أخذ القرار بين المتناع عن القتل في الشهر الحرام وبين أخذ بعض من حقوقهم ..
وتوقف النبي صلى الله عليه وسلم عن الرد وعن التصرف في الأسرى والغنائم حتى ينزل الله قرآن يفصل فيما اختلفوا فيه.
ووجد المشركون فيما حدث فرصة لاتهام المسلمين بأنهم قد أحلوا ما حرم اللَّه، وكثر في ذلك القيل والقال، حتى نزل الوحي حاسماً هذه الأقاويل، وأن ما عليه المشركون أكبر وأعظم مما ارتكبه المسلمون.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217].
فقد صرح الوحي بأن الضجة التي افتعلها المشركون لإثارة الريبة في سيرة المقاتلين المسلمين لا مساغ لها. فإن الحرمات المقدسة قد انتهكت كلها في محاربة الإسلام، واضطهاد أهله.
قال ابن إسحاق: "قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة عبد الله بن جحش -ويقال: بل عبد الله بن جحش قالها- حين قالت قريش: قد أحلَّ محمد وأصحابه الشهر الحرام، وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه المال، وأسروا فيه الرجال": تَعُدّونَ قَتْلًا فِي الْحَرَامِ عَظِيمَةً وَأَعْظَمُ مِنْهُ لَوْ يَرَى الرّشْدَ رَاشِدُ صُدُودُكُمْ عَمّا يَقُولُ مُحَمّدٌ وَكُفْرٌ بِهِ وَاَللهُ رَاءٍ وَشَاهِدُ وَإِخْرَاجُكُمْ مِنْ مَسْجِدِ اللهِ أَهْلَهُ لِئَلّا يُرَى لِلّهِ فِي الْبَيْتِ سَاجِدُ فَإِنّا وَإِنْ عَيّرْتُمُونَا بِقَتْلِهِ وَأَرْجَفَ بِالْإِسْلَامِ بَاغٍ وَحَاسِدُ سَقَيْنَا مِنْ ابْنِ الْحَضْرَمِيّ رِمَاحَنَا بِنَخْلَةَ لَمّا أَوْقَدَ الْحَرْبَ وَاقِدُ
=========================================
سنظل عند مرورنا على هذه الآيات في سورة البقرة نتذكر الحالة النفسية والإجتماعية التي كان النبي وأصحابه يمرون بها قبل نزول هذه الآيات وبعدها ..هذا القلق الدائم عن نتائج الإجتهاد وتوابعه الذي نمر به كل يوم عند إجتهادنا في أمر لم ينزل فيه قرآن ثم حالة الإطمئنان التي يمدنا الله بها عند قرآتنا لآياته وتدبر مقاصده ومراده.
5 notes · View notes
Text
مشاهد من التأسيس(21)
Tumblr media
كلما تأملت في السيرة النبوية أشعر بمدى الخسارة التي نجنيها من تقصيرنا عن تدارسها جنبا الى جنب مع تدارس كتاب الله .. السيرة هي المفسر الحركي لكتاب الله سبحانه تعالى وهي الروح الإنسانية التي تتحرك بمعاني القرآن العظيمة ..
================================
يقف طلق بن علي اليمامي الحنفي يخلط الطين بيديه متقنا حاذقا يملئه الفخر.. فقد أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بخلطه للطين ومدحه يروي هو" بنيت المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول : قربوا اليمامي من الطين فإنه أحسنكم له مسا وأشدكم له سبكا " رواه أحمد ، وفي لفظ له " فأخذت المسحاة فخلطت الطين فكأنه أعجبه فقال : دعوا الحنفي والطين ، فإنه أضبطكم للطين " ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه " فقلت يا رسول الله أأنقل كما ينقلون ؟ فقال : لا ولكن اخلط لهم الطين فأنت أعلم به "
تصور تلك السعادة التي تملئ نفوس المسلمين مهاجرين وأنصار وهم جنبا الى جنب ينشدون
لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل
وارتجز المسلمون وهم يبنونه ومعهم النبي :
لا عيش إلا عيش الآخره     اللهم ارحم الأنصار والمهاجره
وهذا عمار بن ياسر يحمل من لبنات بناء المسجد بدل الواحدة إثنتين واحدة عنه وواحدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكأن قلوبهم ترفرف سعادة بهذ الحمل.
حدث الهجرة الى المدينة ليس حدثا عاديا و ورضي الله عن عمر رضي الله عنه الذي فهم عمق هذا وأصالته فجعله موطنا للتأريخ على مر العصور.. هذا حدث تأسيسي على جميع المستويات وهنا أحب أن أسلط بعض الأضواء على لطائف من تلك المرحلة المهمة في تكون الموطن الإسلامي الجديد ..
في موطن التأسيس العمراني للصرح الإسلامي بدء النبي صلى الله عليه وسلم ببناء مسجده الشريف جنبا الى جنب مع المهاجرين والأنصار .. وكلما حل بمكان بنلى مسجدا ليكونمركزا لتجمع المسلمين وإدارة شئونهم ..
=================================
بموازة للبناء العمراني المادي هناك ذلك البناء النفسي للمجمتع الذي أسس على التقوى وهنا نجد ان النبي قام بهذا التأسيس على مستويات مختلفة.. أولها هو المستوى العام للمسلمين عامة فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك النبي بين أصابعه
وهذه أخوة عامة بين الجميع ..
ثم أخوة خاصة بين امهاجرين بعضهم ببعض وبين الأنصار بعضهم ببعض .. ثم أخوة أكثر خصوصية وأكبر مسئولية أكبر بكثير هي المؤاخاة بين لمهاجرين والأنصار ..
هذا تأسيس نفسي مبني على مجتمع تراحمي وتحكمه مشاعر المحبة الصادقة وفهم المسئولية المنوط بها هذا المجتمع لتأسيس موطن الإسلام ..
ربما يرى البعض أن هذا التأسيس الوجداني والعمراني كافي لتأسيس مجتمع مسلم مترابط الا أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بعدة أمور أخرى بالتوازي مع هذا التأسيس فقام بكتابة مواثيق ومعاداات بين المسلمين واليهود وبين المهاجرين والأنصار ..
من المفهوم قيام النبي بكتابة المعاهدة بين المسلمين واليهود ولكن لم يقوم بكتابة المواثيق بين المهاجرين والأنصار؟!
هناك تصور بأن العلاقات تبنى على الثقة فقط وأن فكرة الكتابة والمعاداات الموثقة تعني شيء من عدم الثقة للأسف هذه النظرة المختزلة للعلاقات الإنسانية ناشئة عن عدم فهم حقيقي للطبيعة البشرية التي يتخللها النسيان و وسوسات الشيطان والغفلة ..
إن حركة النبي صلى الله عليه وسلم في المجتمع حركة متكاملة بتشريعات نابعة عن حكمة الله سبحانه وتعالى.
================================
هاهو رمضان يطرق الأبواب لأول مرة على المسملين المهاجرين في المدينة بعد سبعة أشهر وقد إنتهى المسلمون من بناء مسجد وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم ..هنا يحدث الحدث التأسيسي الفارق في حركة المسلمين ..
سرية سيف البحر بقيادة عم وأخو النبي صلى الله عليه وسلم ( أسد الله حمزة رضي الله عنه) بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على رأس ثلاثين راكبا من المهاجرين ليعترضوا عيرا لقريش فيهم أبو جهل في ثلاثمائة رجل !! فالتقوا حتى اصطفوا للقتال، فمشى مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفًا للفريقين جميعًا إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة حتى حجز بينهم ولم يقتلوا، فتوجه أبو جهل في أصحابه وعيره إلى مكة وانصرف حمزة بن عبدالمطلب في أصحابه إلى المدينة ولم يحصل قتال.
هذه السرية تحمل الكثير من المعاني في تشكل العلاقة بين المسلمين المهاجرين وبين المشريكين في أرجاء الجزيرة , اليوم العلاقة بين المسلمين والمشركين ليست علاقة استضعاف بل علاقة تحدي وقصاص ..
============================
هذا التتابع لأحداث ما بعد الهجرة يوضح الكثير مما سيصبح عليه حال المسلمين بعد ذلك في المدينة وطبيعة العلاقات التي ستنشأ بعد ذلك بين أطراف المجتمع المختلفة.
1 note · View note
Text
مشاهد من التأسيس(21)
Tumblr media
كلما تأملت في السيرة النبوية أشعر بمدى الخسارة التي نجنيها من تقصيرنا عن تدارسها جنبا الى جنب مع تدارس كتاب الله .. السيرة هي المفسر الحركي لكتاب الله سبحانه تعالى وهي الروح الإنسانية التي تتحرك بمعاني القرآن العظيمة ..
================================
يقف طلق بن علي اليمامي الحنفي يخلط الطين بيديه متقنا حاذقا يملئه الفخر.. فقد أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بخلطه للطين ومدحه يروي هو" بنيت المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول : قربوا اليمامي من الطين فإنه أحسنكم له مسا وأشدكم له سبكا " رواه أحمد ، وفي لفظ له " فأخذت المسحاة فخلطت الطين فكأنه أعجبه فقال : دعوا الحنفي والطين ، فإنه أضبطكم للطين " ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه " فقلت يا رسول الله أأنقل كما ينقلون ؟ فقال : لا ولكن اخلط لهم الطين فأنت أعلم به "
تصور تلك السعادة التي تملئ نفوس المسلمين مهاجرين وأنصار وهم جنبا الى جنب ينشدون
لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل
وارتجز المسلمون وهم يبنونه ومعهم النبي :
لا عيش إلا عيش الآخره     اللهم ارحم الأنصار والمهاجره
وهذا عمار بن ياسر يحمل من لبنات بناء المسجد بدل الواحدة إثنتين واحدة عنه وواحدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكأن قلوبهم ترفرف سعادة بهذ الحمل.
حدث الهجرة الى المدينة ليس حدثا عاديا و ورضي الله عن عمر رضي الله عنه الذي فهم عمق هذا وأصالته فجعله موطنا للتأريخ على مر العصور.. هذا حدث تأسيسي على جميع المستويات وهنا أحب أن أسلط بعض الأضواء على لطائف من تلك المرحلة المهمة في تكون الموطن الإسلامي الجديد ..
في موطن التأسيس العمراني للصرح الإسلامي بدء النبي صلى الله عليه وسلم ببناء مسجده الشريف جنبا الى جنب مع المهاجرين والأنصار .. وكلما حل بمكان بنلى مسجدا ليكونمركزا لتجمع المسلمين وإدارة شئونهم ..
=================================
بموازة للبناء العمراني المادي هناك ذلك البناء النفسي للمجمتع الذي أسس على التقوى وهنا نجد ان النبي قام بهذا التأسيس على مستويات مختلفة.. أولها هو المستوى العام للمسلمين عامة فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك النبي بين أصابعه
وهذه أخوة عامة بين الجميع ..
ثم أخوة خاصة بين امهاجرين بعضهم ببعض وبين الأنصار بعضهم ببعض .. ثم أخوة أكثر خصوصية وأكبر مسئولية أكبر بكثير هي المؤاخاة بين لمهاجرين والأنصار ..
هذا تأسيس نفسي مبني على مجتمع تراحمي وتحكمه مشاعر المحبة الصادقة وفهم المسئولية المنوط بها هذا المجتمع لتأسيس موطن الإسلام ..
ربما يرى البعض أن هذا التأسيس الوجداني والعمراني كافي لتأسيس مجتمع مسلم مترابط الا أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بعدة أمور أخرى بالتوازي مع هذا التأسيس فقام بكتابة مواثيق ومعاداات بين المسلمين واليهود وبين المهاجرين والأنصار ..
من المفهوم قيام النبي بكتابة المعاهدة بين المسلمين واليهود ولكن لم يقوم بكتابة المواثيق بين المهاجرين والأنصار؟!
هناك تصور بأن العلاقات تبنى على الثقة فقط وأن فكرة الكتابة والمعاداات الموثقة تعني شيء من عدم الثقة للأسف هذه النظرة المختزلة للعلاقات الإنسانية ناشئة عن عدم فهم حقيقي للطبيعة البشرية التي يتخللها النسيان و وسوسات الشيطان والغفلة ..
إن حركة النبي صلى الله عليه وسلم في المجتمع حركة متكاملة بتشريعات نابعة عن حكمة الله سبحانه وتعالى.
================================
هاهو رمضان يطرق الأبواب لأول مرة على المسملين المهاجرين في المدينة بعد سبعة أشهر وقد إنتهى المسلمون من بناء مسجد وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم ..هنا يحدث الحدث التأسيسي الفارق في حركة المسلمين ..
سرية سيف البحر بقيادة عم وأخو النبي صلى الله عليه وسلم ( أسد الله حمزة رضي الله عنه) بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على رأس ثلاثين راكبا من المهاجرين ليعترضوا عيرا لقريش فيهم أبو جهل في ثلاثمائة رجل !! فالتقوا حتى اصطفوا للقتال، فمشى مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفًا للفريقين جميعًا إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة حتى حجز بينهم ولم يقتلوا، فتوجه أبو جهل في أصحابه وعيره إلى مكة وانصرف حمزة بن عبدالمطلب في أصحابه إلى المدينة ولم يحصل قتال.
هذه السرية تحمل الكثير من المعاني في تشكل العلاقة بين المسلمين المهاجرين وبين المشريكين في أرجاء الجزيرة , اليوم العلاقة بين المسلمين والمشركين ليست علاقة استضعاف بل علاقة تحدي وقصاص ..
============================
هذا التتابع لأحداث ما بعد الهجرة يوضح الكثير مما سيصبح عليه حال المسلمين بعد ذلك في المدينة وطبيعة العلاقات التي ستنشأ بعد ذلك بين أطراف المجت��ع المختلفة.
1 note · View note
Text
(20)  قواعد للديار
Tumblr media
إنتهى المسلمون في المدينة من بناء حجرات النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد النبوي وسعادة تغمرهم لا مثيل لها فالنبي صلى الله عليه وسلم يشاركهم بناء المسجد بالجريد وهم برجزون
اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة              فانصر الأنصار والمهاجرة
وقد استغرق بناءه حوالي السبعة أشهر مكث فيها النبي صلى اله عليه وسلم في دار أبي أيوب الأنصاري خلالها قام النبي صلى الله عليه وسلم بالكثير من القرارات المهمة التي أثرت كثيرا على استقرار الأمر في المدينة ..
قدم النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة وهو يعلم أنها بلد شائك  فهي بلد اليهود أولا وقبل كل شيء إستوطنوها منذ زمن بعيد وتحكموا في مصادر الرزق فيها وهم أثرياء المدينة وأصحاب السوق فيها ..
ولم تكن تجربته معهم بقليلة,فكم من مرة يستعين بهم كفار قريش ليسألوهم عما يعجز النبي صلى الله عليه وسلم وكم من مرة أنزل الله فيهم آيات تبين مكرهم وفساد سرائرهم ,ولكن مادام النبي قد حل في عقر دارهم كان لازاما أن يصطلح النبي صلى الله عليه وسلم معهم على ميثاق يحدد واجباتهم وحدودهم, وفي تلك الوثيقة إظهار كم للنبي صلى الله وعليه وسلم من العزة واليد العليا والقوة والمنعة .
==============================
لم تكن الهجرة بالأمر الهين السهل على المهاجرين , فبالرغم من كرم الأنصار وإيثارهم لأخوانهم المهاجرين وعاطاءهم الممتد لهم إلا أن أجواء المدينة لم تكن كما اعتداها أهل مكة .فأصابتهم الحمى وممن أصابته الحمى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وبلال بن رباح الذي كان ينشد إذا اقلع عنه الحمى :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة                 بواد وحولي إذخر وجليل  
وهل أردن يوما مياه مجنة                  وهل يبدون لي شامة وطفيل .
 عندما سمع النبي بمقالته دعا النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أوأشد ,وصححها ,وبارك لنا في صاعها ومدها وأنقل حُمًاها فاجعلها بالجحفة )
وقال (اللهم امضي لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم)
أحيانا يتبادر إلى أذهاننا أن بالهجرة تحولت حياة المسلمين لعالم وردي يملؤه الحب والمودة وال��احة , وبقدر كبير قد تغيرت حال المسلمين إلى الأفضل , ولكن الحياة ليس فيها تلك الراحة السرمدية , قد عانى المهجرين في بداية الهجرة من الشعور بالغربة والحنين والفقد , وعانوا من تأزم حالتهم الإقتصادية والإجتماعية والصحية و ربما النفسية أيضا, فلا مال لهم ولا مسكن ولا عمل لهم يستطيعون به الإسترزاق لهم ولأهلهم  خاصة وأهل المدينة أهل زراعة وصناعة وأهل مكة أهل تجارة.
ولم يكن خيار المكوث في مكة متاحا حتى وإن كفل المسلم هناك عدم أذيته من المشركين , فقد أمروا جميعا بالهجرة إلى المدينة لمناصرة النبي صلى الله عليه وسلم, كان من اولاضح أن جمع المسلمين في حيز محدد أمر غاية في الأهمية لتكثير أعداد المسلمين حول المسلمين وزيادة شوكتهم حتى أنه لم يعفى من تلك الهجرة إلا المستضعفين والعاجزين عن الهجرة أما المستطيع فلا عذر له في بقاءه بجوار المشركين في مكة, الهجرة للمدينة لم تكنكما يصور دائما هروب بالدين من بطش المشركين وحسب بل كانت الخطوة الحاسمة لبناء مجتمع قوي يضرب بيد من حديد ويدعوا العالم لرسالة التوحيد ,وهذا يفسر لم لم تكن الهجرة غلى الحبشة هي الهجرة الحاسمة , فالهجرة الى الحبشة هجرة استنجاد من المسلمين لملك الحبشة لا أهل الحبشة ومجتمعها , أما الهجرة إلى المدينة فهي هجرة يتحرك بها أهل المدينة أولا ويتكون بها المتجمع الإسلامي القوي الذي به تتكون خلاله تشريعات الإسلام وقواعد دولته .
من أجل ذلك كان تشريع حل مختلف عن كل الحلول المطروحة لتكوين تلك الحالة الفريدة من المجتمع الإسلامي ,حل المؤخاة بين المهاجرين والأنصار وقد شرع في أصح الأقوال بعد خمس أشهر من هجرة النبي ..
كنا نقرء في كتب السيرة عن المؤخاة فنمر بها مرور الكرام ونمضي وكأنها شيء عادي يستيطع أي أحد التفكير به والقيام به كالصداقة مثلا.
دعونا نفهم المؤخاة أولا لنعرف مدى ثقل تلك الكلمة ,ابتداء تمت المؤخاة بين كل مهاجري وأنصاري اثنين اثنين , وهذه الثنائية من أجمل وأذكى القرارات فالثنائية هي أصغر وحدة لمجموع وبها يتركز معنى المسئولية والعطاء فلو آخى النبي بين أكثر من اثنين لتفرقت الحقوق ولتشتت المسئولية ولأصبحت المؤخاة عبئا على الأنصاري, وهنا يكمن سر آخر من أسار المؤخاة , وهو الحفاظ على كرامة وأنفة المهاجرين الذين ربما شعروا بأنهم عالة على الأنصار وهنا يجعل تشريع المؤخاة واجب شرعي يكفل لهم حقوهم النفسية. وقد ترتب على تشريع المؤخاة حقوق خاصة أهمها المواساة وهو على عموم الكلمة الا أنها كبيرة الحجم فكل بقدر استطاعته المواساة المادية والرعاية والنصيحة والتزاور والمحبة والمشاركة بل وأيضا تشريع التوريث بين المتآخين وهو أمر كبير صحيح أنه قد الغي التوارث بين المهاجرين والأنصار بعد معركة بدر إلا أن مجرد تشريعه في تلك الفترة المتقدمة من الهجرةإلى المدينة له دلات قوية ومهمة.
===============================
ها قد أتى ركب أهل النبي صلى الله عليه وسلم وأنار المدينة فقد ارسل النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبو رافع الأنصاري غلى مكة لإحضار زوجته سودة وإبنتيه أم كلثوم وفاطمة ومعهما زوجة زيد بن حارثة أم أيمنوأبنها أسامة بن زيد , ورافقهما آهل بيت أبو بكر الصديق يرافقهما ابنه عبدالله
أما زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم  الكبرى فقد حجزها زوجها أبو العاص بن الربيع الذي لمي يكن قد أسلم بعد فبقيت في مكة معه, وأمر قية فهاجرت مع زوجها عثمان بن عفان مع من هاجر إلى المدينة .
هكذا بعد بناء حجرات النبي أحضر أهله ليتم لهم الإستقرار وتكون حقبة جديدة ببناء المسجد النبوي .
0 notes
Text
(19)أحجار لصرح
Tumblr media
إنكسر وعاء فيه ماء لأبي أيوب الأنصاري فانتفض فزعا هو أم أيوب ينشيفون الماء بقطيفة ما لهم غيرها خوفا أن يقطر من الماء على من تحتهم في أسفل الدار ,فمن في الطابق الأسفل لدارهم خير خلق الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..
فبعد مكوث النبي صلى الله عليه وسلم في قباء أربعة عشر يوما تحرك من هناك ليدخل المدينة واستقبله أهلها بفائض الترحيب وخرجوا رجالا وأطفال ونساءا يستقبلون رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولقد أختار الله داره لتكون مسكن النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة فكان هذا شرف يغبطه عليه زعماء الأنصار وساداتهم الذين تطلعوا لاستضافة النبي صلى الله عليه وسلم , ولكن النبي قال لهم : دعوا الناقة فإنها مأمورة ,فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري وداره طابقين, فنزل النبي في السفل وآل أيوب في العلو فقال أبو أيوب للنبي : يا نبي الله إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفل فقال : يا أبا أيوب إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكوت أسف البيت .
بقي النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبو أيوب الأنصاري حوالي سبعة أشهر وهناك أمر ببناء حجرات لزوجته سودة وبناته وحجر لعائشة رضي الله عنهن جميعا وبجوار الحجر أمر ببناء مسجده على أرض لأيتام من بني النجار إشتراها منهم ..
==============================
على أعتاب العام الأول من السيرة نقف لنتعلم الدروس التي كونت هذا المجتمع المسلم ,هذا العام من أهم الأعوام على الإطلاق فما حدث به كان بالكثافة التي تجعلنا نتأمل كل قرار قد قام به النبي صلى الله عليه وسلم وكل حادثة مرت به ..
إنه عام التأسيس , وفي رأيي أن أي تأسيس لأي شيء مهما كبر أو صغر علينا قبله أن يتأمل منطق النبي وفكره في هذه المرحلة سواء كان التأسيس تأسيس لمنزل أو لعمل أو لمدرسة أو لمدينة, ولا يعني هذا اجتلاب نفس الإختيارات التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم بل إجتلاب حالة الإجتهاد لإتخاذ تلك القرارات ..
منذ البداية قام النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد فبنى مسجد قباء في ديار بني عوف  وعندما تحرك من هناك و حان وقت صلاة الجمعة خطب في مكان جعله أصحابه مسجد, ثم عند حلوله المدينة أمر ببناء مسجده ...
العمران ليس مجرد مباني مصمطة لا روح لها ولا معنى بل هو الشكل  الحسي التي يعبر به عن التواجد الثقافي والإجتماعي, وكان هذا ضررويا في ذلك الوقت ..
حالة الإستقرار تحتاج الى بؤر إجتماعية تمثلها المساجد التي هي بيوت الله وملجئ المسلمين .. هل تذكرون أين كان النبي وصحابته يجتمعون في مكة في دار الأرقم بن أبي الأرقم يجتمعون خفية يخافون أن يتخطفهم الناس وصلاتهم كانت حول البيت الحرام و في جيارهم خفية وما طالهم من الأذى الكثي , الآن يبني النبي صلى الله عليه وسلم أول مظهر مادي يكفل حرية الصلاة والإجتماع لها ومركز للإجتماعات العامة وإستقبال الوافدين والتخطيط والتفكير, ومن الملفت أن أهمية المسجد النبوي الشريف كمركز أساسي للنبي لم يجعله المركز الوحيد فقد كانت المساجد تبنى في أماكن متعددة متباعدة يزورها النبي صلى لله عليه وسلم من حين الى حين ..
الوقوف عند فكرة المساجد وما تمثله في الإسلام من معاني الإرتباط المجتعمي والظهور والعزة والحركة إلى الله بل تأمل معنى أنها بيوت الله والشكل المادي ربما الوحيد لتكون المجتمع الإسلامي ذلك البنيان الذي يؤسس على تقوى من الله هو نافذة السماء للأرض وببناءها كانت الرسالة واضحة لمن حوله في المدينة من المختلفين عن المسلمين وللمشركين بخارجها ,بالمسجد تتأسس حضارة لها كيان واضح وقواعد مجتمعية وإقتصادية و عمرانية فاعلة.
==================================
لما خرج النبي صلى الله عليه وسلمن من قباء يوم الجمعة أدركتهم الجمعة في بني سالم بن عوف فخطب في أول جمعة صلوها بالمدينة في بني سالم بن عوف فقال: الحمد لله أحمده واستعينه، واستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق، والنور والموعظة، على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط وضل ضلالاً بعيداً، أوصيكم بتقوى الله، فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله عز وجل، فاحذروا ما حذركم الله من نفسه، ولا أفضل من ذلك ذكراً، وإن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله تعالى من أمره في السر والعلانية لا ينوي بذلك إلا وجه الله يكن له ذكراً في عاجل أمره وذخراً فيما بعد الموت، حين يفتقر المرء إلى ما قدم . وما كان مما سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه، والله رؤوف بالعباد هو الذي صدق قوله، وأنجز وعده، لا خلف لذلك، فإنه يقول عز وجل: ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما، وإن تقوى الله توقي مقته وتوقي عقوبته وتوقي سخطه وإن تقوى الله تبيض الوجوه وترضي الرب، وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم، ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علمكم كتابه، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا وليعلم الكاذبين . فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) ولا حول ولا قوة إلا بالله فأكثروا ذكر الله تعالى واعملوا لما بعد الموت، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس، ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه . الله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم –
0 notes
Text
(18)إلى دار الهجرة
Tumblr media
على تلال يثرب وقف ذلك الصبي أنس بن مالك مع غيره من الصبيان يستشرفون مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
منذ أن أسلمت أمه الرميصاء مُليكة بنت ملحان تغير كل شيء في بيتهم , كانت من أوائل من أسلموا في المدينة بعد بيعة العقبة الأولى وقد وجدت في الإسلام ضالتها وكانت ذات رأي راجح وقوة وعزيمة لم يرى مثلها من قبل تقول له في فخر أن أخوال النبي بني النجار هم قومها , لقنته الشهادة صغيرا وعلمته الكتابة أيضا وأحسنت تربيته ودعت زوجها مالكًا بن النضر إلى الدخول في دين الإسلام، فأبى وغضب عليها وهجَرها، ثمَّ إنه خرج إلى الشام فهلك هناك كأن الله لم يرد أن تفتن في دينها منه, ثم خطبها أبو طلحة زيد بن سهل لكنها لم تقبل الزواج به إلا بشرط الإسلام وكان هذا مهرها فأسلم وكان ممن شهد بيعة العقبة الثانية مع النبي صلى الله عليه وسلم, أخبرته أمه أنه إذا قدم النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة ستهب أنس للنبي ليكون خداما له, بدت وكأنها تستودعه ءأمن مكان في الأرض وتعطيه المهمة الأعظم في التاريخ ..
إذا الخبر صحيح .. لقد أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى دار هجرته و معه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ,خرج منذ إحدى عشر يوما ومنذ سماعهم بالخبر ويثرب على أحر من الجمر قلقا وإشتياقا لمقدم النبي صلى الله عليه وسلم , يغدون كل غداة الى ظاهر المدينة ينتظرونه حتى إذا إشتد الحر دخلوا بيوتهم ,منذ نهاية الحج الذي تمت فيه بيعة العقبة الثالثة بدء توافد المهاجين من مكة وقد قال لهم النبي إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَان" وها هم الآن في مطلع ربيع الأول ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
المدينة نار متوقدة من شدة القلق على النبي وقد سمعوا بمكر المشركين لقتله وحصار بيته  فلبس علي رضي الله عنه ثوب النبي ونام مكانه واخترق رسول الله صلى الله عليه وسلم حصار المشركين دون أن يبصروه ,ثم أنهم لما أدركوا أنهم قد مكر بهم وأظهره الله عليهم جعلوا لمن يرده إليهم مائة ناقة وخرج سراقة بن مالك ليقتفي أثره ولكنه عاد خاوي اليدين ,يقال أن آخر أثر وجدوه للنبي وصاحبه كان منذ ثمان أيام عند غار ثور ولكن المشركين لم يروا أحدأ هناك .
==============================
وقد كان بلغ الأنصار مخرجه من مكة وقصده إياهم، فكانوا كل يوم يخرجون إلى الحرة ينتظرونه، فلما كان يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من نبوته …
صلى الله عليه وسلم وافاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى، وكان قد خرج الأنصار يومئذ، فلما طال عليهم رجعوا إلى بيوتهم، وكان أول من بصر به رجل من اليهود ـ وكان على سطح أطمه ـ فنادى بأعلى صوته: يا بني قيلة هذا جدكم الذي تنتظرون! فخرج الأنصار في سلاحهم وكبر المسلومن فرحا بقدومه صلى الله عليه وسلم وخرجوا للقائه فتلقوه وحيوه بتحية النبوة وأحدقوا به مطيفين حوله والسكينة تغشاه والوحي ينزل عليه (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: بل على سعد بن خيثمة، وجاء المسلمون يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم لم يره بعد، وكان بعضهم أو أكثرهم يظنه أبا بكر لكثرة شيبه، فلما اشتد الحر قام أبو بكر بثوب يظلل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحقق الناس حينئذ رسول الله عليه الصلاة والسلام
~زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم~
============================
مكث النبي في قباء أربعة عشر يوما أسس هناك أول مظهر من مظاهر الإستقرار الحضاري .. مسجد قباء أول مسجد بني في الإسلام المسجد الذي أسسه النبي صلى الله عليه وسلم على التقوى وما أن أتم النبي تأسيس النبي لمسجد قباء حتى تجهز لدخول المدينة لتبدء حقبة أخرى من حقب الوحي الذي تتحرك به النفوس ..
===========================
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( لمَّا كانَ اليومُ الَّذي دخلَ فيهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ المدينةَ أضاءَ منْها كلُّ شيءٍ...)
0 notes
Text
(17)مسير المثقلين
Tumblr media
"العودة الى السيرة ما هو الا تطبيق لأمر الله سبحانه وتعالى لوجوب متابعة النبي صلى الله عليه وسلم .. السيرة ليست تاريخا ... وجزء من عدم جدوى استعادة السيرة أنها تستدعى بمنطق التاريخ, ولكن السيرة هي الوحي في صورة حركية .. "
~د.خالد فهمي~
===================================
القرآن كتاب الله الذي أنزله على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وكثير منا قد انشغل بتعلم�� وفهمه وتربية النشء على فهمه ,فعكف الكثيرين على تعلم اللغة لفهم القرآن وتدبر معاني كلماته وتعليمها لأطفالهم لجعل حصيفتهم كحصيفة الصحابة وقت  تنزل الوحي عليهم ..
الاهتمام باللغة العربية وتعلمها لفهم القرآن غاية نبيلة وجهد مبارك إلا أنها لازالت جهدا جامدا مهما تعددت طرق تعليمها وكفاءتها,جامده لأنها منعزلة عن الحركة الحقيقة التي نزلت بها الوحي ..
وهذه الحركة هي مكابدة النبي صلى الله عليه وسلم ساعة نزول الوحي على قلبه تلك الحركة الحية هي ما تعطي الكلمات الفصيحة شكلا حقيقيا من أشكال الحياة وتدبر القرآن عبر السيرة النبوية غاية بذاتها بل هي الغاية الحركية الحقيقة التي بها يزداد وعي الإنسان بالقرآن وأحكامه ومواضع العمل والمكابدة .
=============================
مضت ثلاث عشر سنوات في مكة نزل خلالها خمس وثمانون سورة وفي قول اثنان وثمانون سورة من القرآن ,ثلاثة عشر سنة من المكابدة والمعاجلة للنبي وأصحابه .. في تلك السور كانت أصول الدين والتوحيد والعبر تنساب من آيات الله ليربي بها النبي صلى الله عليه وسلم صحابته ويمضوا بهدي القرآن ووحيه,اتلك العصابة المؤمنة الموحدة تتشكل لحمل الدين وتنفعل بها قلوبهم.
في مكة نزلت سورة من أعظم السور وأعجزها سورة ثقيلة وإن كانت لثقلها لتكسر عنق الناقة التي كانت تحمل النبي كما وصفت أسماء بنت يزيد رضي الله عنها.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نزلت سورة الأنعام معها موكب من الملائكة ، سد ما بين الخافقين لهم زجل بالتسبيح والأرض بهم ترتج " ، ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : " سبحان الله العظيم ، سبحان الله العظيم "
وهي سورة من السبع الطوال المعجزة ,ذكر فيها الإنس والجن ومشركي مكة وأهل الكتاب, ذكر فيها الصلاة وذكرت فيها التذكير بالآخرة ..ذكر فيها الأنبياء ,وذكرت فيها مكابدة إبراهيم عليه السلام ,وذكرت فيها الأنعام والأموال ....هذه سورة واحدة ما بالكم بباقي آيات الله ومحكم تنزيله .
من أراد أن يفهم القرآن فليتأمل في السيرة ومن أراد أن يعرف السيرة فلينظر للقرآن ليس فقط على مستوى الأحداث والوقائع ,بل على مستوى الإنضاج الذي تحدثه الآيات لقلوب النبي ومن معه من الصحابة ..
تخيلوا حالة النبي الوجدانية في حال تلقيه "يا أيها المدثر" وحين تلقيه " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"
===============================
حمل المؤمنين هذا العبئ وجاءهم الخبر بالتحرك به .. الرحيل بما حملوا إلى ديار أخرى ليفيضوا به على الأرض جميعها..
هذا القرآن الذي صقلت به نفوسوهم قد آن الأوان أن يحملوه فقط تاركين خلفهم كل وصل بأرض أبائهم وأموالهم وأهليهم ..
خرج أبو سلمة إلى المدينة تاركا خلفه زوجته وابنه وقد منعوه عنهما أهلها وأهله ونزفت دموعه ودموعها على الفراق ولكن الهجرة الهجرة ..
خرج عبدالله ابن مكتوم الكفيف ومصعب ابن عمير الشاب المرفه , خرج بلال بن رباح  وسعد بن أبي وقاص وعماربن ياسر وعمر بن الخطاب ,خرجوا فرادا وجماعات سرا وجهرا,حاولت قريش منعهم فاحتالوا حينا ومنعوهم بالقوة واقهر حينا لكنهم خرجوا يحملون في صدورهم القرآن..
هل نستطيع تخيل حالة المهاجرين؟ من كان له جاه وسلطة سيتركه خلفه ,من كان له مال فسيتركه خلفه ,من كان له أهل وعزوة فسيتركهم خلفه...
هذه الهجرة ليست كهجرة الحبشة, فهجرة الحبشة كانت مؤقته على أمل العودة إلى الديار ولصحبة النبي صلى الله عليه وسلم لكن هذه المرة رحيل دائم إلى مصيرمجهول .
رضي الله عن المهاجرين السابقين الأولين..
==========================  
لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
1 note · View note
Text
(16)الأُنس
Tumblr media
بعيدا عن العهود والمواثيق التي كانت تجري لتكوين مجتمع إسلامي يأمن على نفسه العبادة والدعوة, وبعيدا عن مؤامرات قريش ومكرهم ..
دعونا نعود إلى ذلك العش الصغير الذي قد تهدمت إحدى أركانه, دعونا نعود إلى بيت النبي ..
في السنة العاشرة من البعثة وبعد حصار شعب أبو طالب توفيت ركن المنزل الحصين وربته,خديجة رضي الله -بغض النظر عن الإختلاف وإن كان الأرجح وفاتها وهي نحو ال53-, وتركت خلفها فتياتها الأربع مسلمات مؤمنات يحاربن مع أبيهن أهوال الدعوة ويتحملن ثمنها ..
زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ..
زينب التي ولدت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بتسع سنين كانت قد تزوجت بمباركة من أمها خديجة بابن خالتها العاص ابن الربيع ولم يكن مسلما ولكن به من أخلاق الكرام ما شهد له به النبي صلى الله عليه وسلم بعدها بسنوات فكان يقول عنه(حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي) وكان على كفره يحب زينب رضي الله عنها وتحبه هي ما نائت به كتب السيرة ..
أما رقية التي ولدت قبل البعثة بسبع سنين فكانت قد تزوجت من عثمان بن عفان رضي الله عنه وهاجرت معه إلى الحبشة وأنجبت هناك بإبنها الوحيد (عبدالله)
وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهما لازالتا في بيت النبوة لم يتزوجا حتى الهجرة ,وفاطمة كما هو معروف قد ولدت قبل البعثة بخمس سنين وأم كثوم تسبقها بعام ..
لم تكن الفتيات صغيرات إذا عند وفاة أمهن ولكن وفاتها تركت هوة كبيرة في قلوب الجميع وقلوب أبيهن...
حتى جاءته خولة بنت حكيم امرأة الصحابي عثمان بن مظعون فقالت : يا رسول الله ، كأني أراك قد دخلتك خلة – أي الحزن - لفقد خديجة ؟ ، فقال : ( أجل ، كانت أم العيال ، وربة البيت ) ، قالت : أفلا أخطب عليك ؟ ، قال : ( بلى ؛ فإنكن معشر النساء أرفق بذلك ) ، . فخطبت عليه سَوْدَة بنت زَمْعَة من بني عامر بن لؤيّ وخطبت عليه عائشة بنت أبي بكر فتزوّجهما، فبنى بسودة بمكّة وعائشة يومئذٍ بنت ستّ سنين، حتى بَنَى بها بعد ذلك حين قدم المدينة...
هذه هي قصة النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة سودة والسيدة عائشة ولكن خلفها الكثير ,ولقد أحدث الناس وكثر اللغط في زوجات النبي ما الله به عليم ,وقد قرأت في تبرير زواج النبي بزوجاته ما يجعل العاقل غضبان ونسبوا للنبي وبرروا لزواجه كأن الزواج سبة في شأن النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج الى الدفاع عنها ,حتى أنهم جردوا الزواج من معانية وشوهوا بجهل في حياة النبي الخاصة ما يترفعوا هم عن ذكره عن أنفسهم..
===============================
انتشر الكثير للتقبيح من صورة السيدة سودة رضي الله عنها ليظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوجها شفقة وهي دميمة مسنة قليلة العقل و هو مما لا يعقل في سياق الحديث والنبي وأهله ,وهو طيب وزوجاته طيبات هن أمهات المسلمين وتاج رؤوسنا ,ولنتعرف على السيدة سودة رضي الله عنها ..
أسلمت السيدة سودة رضي الله عنها مع زوجها السكران بن عمرو وهاجرا الى الحبشة وأنجبت منه خمس أولاد ثم عادا الى مكة مع من عاد الى مكة من الحبشة , وكما هي رؤيا الأنبياء حق فالرؤيا الصالحة حق وهي جزء من الوحي, فقد رأت السيدة سودة في منامها بعد عودتها من الحبشة ما أوله لها زوجها السكران بن عمرو بوفاته وزواجها من النبي وما هي إلا أيام وتحققت النبوءة وتوفي السكران وبعد أن انتهت عدتها جآئها خولة بنت الحكم تبشرها برغبة النبي صلى الله عليه وسلم للزواج منها..
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة سودة وهي بعمر السيدة خديجة أي أنها على أصح الروايات كانت في الثالثة والخمسين من عمرها والنبي صلى الله عليه وسلم في الخمسين من عمره إذا لم تكن تلك المسنة العجوز التي يصفون, وكانت ذات نسب وشرف,كانت جليلة الجسم طويلة الجسد , حلوة المعشر خفيفة الظل تضحك النبي كثيرا وتداعب من حولها حتى من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم , كان بها حدة طبع ولكنها تعود سريعا إذا أخطأت ,طيبة الخاطر كريمة جوادة لم ترد سوى جوار النبي وراحته وكل هذا من وصف السيدة عائشة في العديد من الآثار. 
قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : "ما يمنعك منّي قالت : والله يا نبيّ الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحبّ البريّة إليّ ولكنّي أكرمك أن يضغو هؤلاء الصّبية _وكان لها خمس صبية من زوجها الأول _عند رأسك بكرة وعشيّة (أي تخشى أن يصيبه صغارها بالتعب أو الإزعاج) قال : فهل منعك منّي شيء غير ذلك قالت : لا والله قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « يرحمكِ اَلله، إنَّ خير نساء ركبْنَ أعجازَ الإبل صالحُ نساء قريشٍ، أَحْناه على ولَدٍ في صِغَر، وأَرْعاه على بعلٍ بذات يدٍ »
ثم يقال أنه عليه السلام قد تزوجها شفقة ؟
وإن كان قد تزوجها شفقة لكبر سنها فلم أراد تطليقها بعد ذلك وفيها قد نزلت آيات (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) ؟ وشرح الآيات وقصتها مشهورة في كتب التفسير والسير ===============================
 ما أورده الإمام ابن سعد في "الطبقات" أنها صلَّت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات مرَّة في تهجُّده، فثقلت عليها الصلاة، فلما أصبحت قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صليتُ خلفك البارحة، فركعتَ بي حتى أمسكتُ بأنفي؛ مخافة أن يقطر الدم، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت تضحكه الأحيان بالشيء.
=================================
في صحيح مسلم: عن عائشة - رضي الله عنها ـ قالت: ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة، وجاء في شرح مسلم للنووي: ومعناه أن أكون أنا هي وقولها: من امرأة فيها حدة من هنا للبيان واستفتاح الكلام ولم ترد عائشة عيب سودة بذلك، بل وصفتها بقوة النفس وجودة القريحة وهي الحدة بكسر الحاء قال ابن الأثير: (كأنها تمنت أن تكون في مثل هديها وطريقتها)
===============================
 كما كانت السيدة عائشة سببا في كثير من التيسير على المسلمين كانت للسيدة سودة رضي الله عنها  أفضال على التيسيرعلى الأمة, ولكن من آفات هذا الزمن التركيز على شخصيات بعينها حتى إخفاء باقي الشموس خلفها وسبب هذا النظرة المثالية للتاريخ أولا ثم الخلافات السياسية والمذهبية لتي جعلت البعض يهتم لتلميع صور صحابة حتى بالغوا في إظهار محاسنهم دون غيرهم .. 
لله في تقاديره لنبيه حكم نستقيها ونتأملها,لكن تأويل الحِكم عن النبي هو تأويل وافتراء عن النبي نفسه صلى الله عليه وسلم  وقد قال النبي ( إن كذبا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).
أرى أن باب الرد على الشبهات ومحالات الدفاع عن الإسلام قد أفسدت الحقائق ولوتها وهم بالحماقة حتى أنهم ردوا على مثيري الفتن بقواعد هذا الزمان وقوانينه متناسين أن لكل مكان وزمان قواعده, ولقد انغمس كثير من هذا الجيل تحت بريق الإنتصارات المتوهمة للإسلام في براثن فكرة الردود على الشبهات بدعوى التبليغ والدعوة للإسلام ولم يشغلوا القليل حتى من أوقاتهم بتعلم صحيح الدين ومحكمه والعمل بما جاء به ولا حول ولا قوة الا بالله..
تلك سودة ثاني زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكح غيرها لثلاث سنين حتى الهجرة رضي الله عنها وعفا الله عنا ..
1 note · View note
Text
(15) ميثاق الذر
Tumblr media
بنو إسرائيل ...بنو آدم ..آل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..المهاجرين ..الأنصار .. العرب..
طويلا حاك في نفسي سؤال, ألم يحرم الله العصبية ويجعل كل فرد مسئول عن أفعاله وأفعاله فقط؟؟
إذا لماذا على طوال الخط يخاطب بني إسرائيل بما فعل أجدادهم ؟ لماذا الخمس في الفيء لآل النبي؟ لماذا يفتخر أحدهم بنسبته لقبيلة أو لجماعة وهو لم يصنع شيئا من أفعالهم؟ لماذا يأخذ فضلا لم يدفع ثمنه ..
منذ شهور قليلة وجدت جوابا استقر في وجداني ولكن دعوني أحملكم معي في رحلة الوصول للإجابة ..
==========================
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يجتمع النبي صلى الله عليه وسلم فيها مع جماعة يثرب, ولكنها الحاسمة بالتأكيد ففيه ستكون البيعة الأخيرة التي بها سيأذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن آمن معه في مكة بالهجرة إلى دار ليست بدارهم, سيتركون أموالهم وأولادهم وأهليهم خلفهم ويرحلون , كأنهم أشجار أجتثت من الأرض لترمى في فلاة فهل تخصب الأرض لتكون واديا ؟
حضر النبي ومعه عمه العباس ولم يكن قد أسلم بعد ,كان هووزير النبي في هذا  اللقاء على كفره  !
اذا سمعت مقالة العباس سنفهم الكثير من طبيعة العلاقة بين بنو هاشم
في رواية ابن اسحاق ..في حديث كعب بن مالك قال فلما كنت الليلة التي واعدنا فيها رسوالله صلى الله عليه وسلم بمنى أول الليل نمنا مع قومنا في رحالنا فلما استقل الناس في النوم تسللنا القطا مستخفين حتى إذا اجتمعنا بالعقبة أتانا رسول اله صلى الله عليه وسلم وكانو سبعين رجلا وامرأة وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس بن عبدالمطلب وهو يمئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر أخيه ويتوثق له فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أول من تكلم العباس بن عبدالمطلب ,فقال يا معشر الخزرج -وكان العرب إنما يسمون الحي من اللأنصار الخزرج خزرجها وأوسها-إن محمد منا حيث قد علمتم , وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه , فهو في عزة في قومه, منعة في بلده , وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم, واللحوق بكم , فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك , وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج إليكم فمن الآن فدعوه, فإنه في عزة ومنعة من قومه وبلده.
....
منذ ست سنوات وقف مشركوا مكة موقف العداء مع بنو هاشم وحاصروهم في شعب أبو طالب,مسلمهم وكافرهم ,جميعهم حوصر في ذلك الشعب وظلوا في ذلك الحصار ثلاث سنوات يأكلون أوراق الشجر وتمرض أجسادهم حتى مات منهم من مات من شدة ما لاقوا ولم يسلموا محمد صلى الله عليه وسلم !
صدق العباس في قولته فبكل ما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم لم يسلموه بل تحملوا عنه حتى وإن خالفوه الرأي 
لا أرى أن ما فعلوه تعصبا لقبيلة أو عائلة بل هو تحمل للمسئولية,مسئولية الد�� الذي سار في دمائهم والصفات التي توارثوها بها.
لا لم يأت الإسلام ليقطع الأنساب ويتنكر لها بل جاء ليعطيها حجمها الحقيقي ويحمل مسئوليتها, ما يفعله الأباء يتحمل مسئوليته الأبناء لأنهم الإمتداد لسيل الوصل هم عملك الممتد حتى بوفاتك وهم سعيك الممتد حتى يوم القيامة يتحمل الأباء أوزار أفعال أبنائهم إن قصروا ويتحمل الأبناء أوزار آبائهم باستمرارهم على أخطاء أبائهم ..
حتى الأموال التي نرثها تحمل في طياتها حجم المسئولية التي على أعتاقنا تجاه من نرثه, نحن نرث لتتذكر واجباتنا المدفوع ثمنها وكل له واجبه ومسئولياته,الأخوة والقرابة ليست دماء مشتركة فحسب بل هو مشترك العبئ المعنوي والمجتمعي الذي نحمله جميعا,غياب هذا المعنى كان سببا لهذا الانحلال في العلاقات الأسرية والتفسخ المجتمعي الذي ��بتلينا به وما نراه الآن من توابع.. فالله الله في الرحم..
لذا نعم لآل البيت فضل لا يكافؤه فضل فكفى بهم موقف أجدادهم في الشعب, وكفى بهم موقف أبو طالب مع النبي صلى الله عليه وسلم وكفى بهم موقف العباس هم قد ورثوا عبئ كل هذا عن أجدادهم ابتداءا ثم كفى بهم فضل قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وكفى بها نعمة ..
صلى الله وسلم على محمد وعلى آله أجمعين .
========================
في سقيفة بني ساعدة بعد سويعات من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع الأنصار هناك ليقرروا خليفة رسول الله يأتيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهم  فيتكلم أبو بكر فلم يترك شيئاً أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا ذكره وقال: لقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو سلك الناس وادياً، وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال – وأنت قاعد-: قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم، فقال له سعد: صدقت نحن الوزراء وأنت الأمراء....
ولم يطالب بالأمارة أحد من الأنصار من بعدها أبدا وهم أصحاب الأرض وأكثر أهلها وهم أحق بحكمها من غيرهم..حتى بعد الفتن وتوالي الخلفاء لم يأخذ أحد من الأنصار الخلافة والولاية ولا طالبوا بها كما فعل أجدادهم !!
===================== 
بعد غزوة حنين يجتمع الأنصار بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ,فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثم قال: «يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم، ألم تكونوا ضُلالًا فهداكم الله، وعالة -فقراء- فأغناكم الله، وأعداء فألَّف الله بين قلوبكم؟» قالوا: بل الله ورسوله أمن وأفضل، قال: «ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟».. قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المنُّ والفضل، قال: «أما والله لو شئتم لقلتم، فَلَصَدَقْتُمْ، وَصُدِّقْتُمْ، أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائِلًا فآسيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألَّفتُ بها قومًا ليُسلِموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنتُ امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعبًا، وسلكت الأنصار شعبًا لسلكتُ شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار»، قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسمًا وحظًا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرَّقوا"
==========================
قال العباس ما قاله فلم يتفرق الأنصار حتى كانت بيعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وعادوا إلى رحالهم وقد أقر الله عيونهم بها وفيها ما قاله عبد الله بن رواحة ، رضي الله عنه ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم - : اشترط لربك ولنفسك ما شئت ! فقال : " أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " . قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال : " الجنة " . قالوا : ربح البيع ، لا نقيل ولا نستقيل ..
=============================
يذكرني حال أهل يثرب قبل هجرة النبي بحالنا ,فهم أيضا لم يروا النبي ولم لخالطوه بل رأوا الأثر الذي يصنعه الإسلام ..
ولكن شوقهم للنبي وصدق إيمانهم لهو العجب العجاب ,لقد صنع الله معجزة في قلوبهم ونزع من قلوبهم لغط الجاهلية وغل الإنسان ,وجعل قلوبهم منشرحة للإسلام وأهله ..
هم كما وصفهم القرآن وكما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ..
ولا يظن أن الأنصار كانوا ضعافا أو أن للمهاجرين عزم عنهم بل هم أهل الحرب والعزة والمنعة ولكن الله قد أراد لهم الجنة ودفعوا ثمنها بدمائهم
وهاهي الأنوار تسل من شعاب مكة لتشرق بها واحات المدينة المنورة لتسطر المزيد والمزيد من المعجزات ..
0 notes
Text
(14) العهد
Tumblr media
إذا أراد الله بقوم خيرا هيأ لهم من تدابيره ما يبدل به أحوالهم ,ويَرق به قلوبهم لتزهر بنور الله الواحد, وكانت أقدار الله الحكيمة  تتشكل عبر رجل من أهل يثرب ..
(سويد ابن الصامت) الكامل كما عرف في قومه’رجل من قبيلة أوس التي تسكن المدينة كان يدعى في قومه بالكامل لقوة جَلده وبراعته في الشعر وحكمته وتعقله,
تربطة بعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم علاقة نسب قريبةجعلت حلقات التقارب الحسي والمعنوي بين مكة ويثرب شديدة القرب ..
قدم سويد بن الصامت مكة حاجا و لقيه الرسول صلى الله عليه وسلم فدعاه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، فقال له سويد: فلعل الذي معك مثل الذي معي قال له رسول الله : «وما الذي معك؟»قال: مجلة لقمان - يعني: حكمة لقمان -. فقال رسول الله : «أعرضها عليَّ»، فعرضها عليه.
فقال: «إن هذا الكلام حسن والذي معي أفضل من هذا؛ قرآن أنزله الله عليّ هو هدىً ونور» فتلا عليه رسول الله  القرآن ودعاه إلى الإسلام.
لم يبعد منه وقال: إن هذا القول حسن. ثم انصرف عنه ، فقدم المدينة على قومه ، فلم يلبث أن قتلته الخزرج ، فإنه كان رجال من قومه ليقولون : إنا لنراه قد قتل وهو مسلم . وكان قتله قبل يوم بعاث
لم يكن إسلام سويد بن الصامت بالحدث الهين, فرجل قد عرف عنه من الرزانة والحكمة والتعقل يعود إلى قومه وقد تأثر بما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل القوم يتحيرون ويتساؤلون عن هذا الذي جعل كاملهم يتبع دينه خاصة وقد ترددت أصداء ما يحدث في مكة على ألسنة العائدين من وفود الحجيج
وكان من أكثر الناس تأثرا بسويد بن الصامت الشباب ومنهم إياس بن معاذ الذي لقي النبي في وفد من فود الأوس التي جاء مكة لتطلب المؤازرة من قريش على جيرانهم من الخزرج فأسلم إياس بن معاذ وكان قومه يسمعون منه تهلايلا وتكبيرا
إلا أن أهل يثرب كانوا يعيشون بين شحناء مبيدة ويحيون في بغضاء مدمرة فقامت حرب بعاث التي قتل فيها إياس ,كما قتل فيها كثيرون .
============================================
مات إياس بن معاذ و للاسلام ذكر هامس في يثرب  يتحدث به من سمع به ولم يره و شوق خفي يدفعهم الى رؤية محمد صلى الله عليه وسلم وسماعه
وفي موسم حج العام العاشر كان وفد يثرب من الحجيج هناك يتلمسون خفية ما سمعوا عنه في يثرب ,حتى جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليهم الاسلام  تقول الرواية
" أنه بينا رهط منهم-من أهل يثرب- قدموا العقبة ثم انصرفوا ، فاعترضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ستة رهط : معاذ وعوف ابنا عفراء ، وجابر بن عبد الله بن رئاب ، وقطبة بن عامر بن حديدة ، كلاهما من بني سلمة ، وأسعد بن زرارة من بني النجار ، و رافع بن مالك من بني زريق ، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ممن هم ؟ " فقالوا : من الخزرج ، فقال : " أمن موالي يهود ؟ " , قالوا : نعم ، قال : فكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبرهم بالذي بعثه الله به ، وأكرمه به ، فقال بعضهم لبعض : تعلمون والله أنه للرجل الذي كانت يهود توعدكم به ويذكرون أنه كائن ، فلا يسبقنكم إليه ، وكانوا من أعلم العرب بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك إنهم كانوا جيران يهود في بلادهم ، فكانوا يسمعون منهم ، وكانت يهود تستفتح به عليهم ، وذلك أن هذا الحي من الأنصار كانوا أصحاب وثن ، وكانت يهود أصحاب كتاب ، وكانوا قد غزوهم ، فكانت يهود تقول : إن نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه ، وهم يرجون أن يكون منهم ، فنتبعه ، فيقتلكم قتل عاد وإرم ، كثيرا ما يقولون ذلك لهم ، وكثيرا ما يسمعونه منهم ، فلما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعوا ، أجابوه بالإيمان به ، وبالتصديق له ، وقالوا : إنا قد فارقنا قومنا ، ولا نعلم أحدا من العرب بينهم من العداوة ما بينهم ، وسنرجع بالذي سمعنا منك إليهم ، لعل الله يقبل بقلوبهم ، ويصلح بك ذات بينهم ، فإن يجمعوا لك على أمر واحد ، فلا رجل أعز منك . ثم قدموا المدينة على قومهم ، فأفشوا فيهم الإسلام ، وذكروا لهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى فشا ذلك في قرى الأنصار فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بين هؤلاء الرهط من الخزرج شاب يدعى رافع بن مالك الزرقي شاب من الكُمل كما يطلق عليهم في الجاهلية يكتب ويحسن العوم والرمي,وحرص رافع على أن يأخذ من النبي صلى الله عليه وسلم ما أنزل عليه من القرآن الكريم في العشر سنين التي خلت .. فقدم الى يثرب وجمع قومه وقرأ عليهم سورة يوسف فكان مكان الجمع أول مسجد يقرأ فيه القرآن .
بعض الأسماء تنتعش القلوب بمجرد ذكرها ورافع بن مالك منها, ذاك رجل تنامى في قلبه شغف بالقرآن حتى حمله الى قومه وبلغه, لم ينتظر ولم يتردد  
===================================
كقطرات من ماء تتساقط على سطح صفوان كذلك كانت الأحداث تتوالى على أرواح أهل يثرب بروية حتى تشققت الصخرة وأزهرت فيها روح الإسلام, تماما كحياتنا وأفعالنا وتقادير الخالق فيها لا ندري كم من الأقدار قد تغير أحوالنا وترشدنا الى الطريق .. وإنما المُوَفَق من وفقه الله ..
سخرية اليهود من جاهلية سكان يثرب يمسي علما يعرفون به طريق الحق..
و حرب دموية كحرب بعاث تمهد لزوال كبراء القوم وصناديدهم ممن يُحتمل وقوفهم لصد الاسلام..
و موت رجل واحد على الحق يدفع الكثيرين الى الشك والتساؤل..
في التصور الاسلامي كل ما نمر به هو من تقادير الله وحكمته,وكل تقاديره خير سبحانه,ومن يلتزم بالاسلام عليه أن يخوض غمار الحياة المليئة بالخسارة ويتداخل مع ما يحدث فيها وفي الكون من حوله بأقصى استطاعته  فوعيه بأنه جزء من الحياة ومكون التاريخ فيها بل المحرك أساسي لها  يمنعه من أن ينعزل عنها
أيا كانت النتائج ,وخطوة واحده نخطوها بصدق قد تغير شكل العالم ومصيره.
======================================
هذا هو المنظور الوحيد القادر على تفسيرهدى النبى صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، وتابعيهم بإحسان فى صدر الإسلام . فالرسالة التى تنزلت على النبى وهو بغار حراء من ربه بواسطة أمين الوحى جبريل ، بعثت به إلى مكة ليعم  وليغير البشر والتاريخ. ولم تدعه تلك الرسالة متعلقا بالحالة التى بدأ تلقيه لها وهو عليها، ولا هى علمته أن يتمنى تكرارها ، ويسعى إلى تكرارها هى بذاتها ، ولا أن يدعو أصحابه إلى الرغبة فيها لأنفسهم .على العكس من كل هذا ، أمرته تلك الرسالة بوضوح بالغ ، بأن يسعى إلى إعادة تشكيل عالم الزمان والمكان الواقعى على نحو يجعله محاكيا للنموذج الإلهي.
و ربما كان هذا هو وجه التميز النهائي لخبرة النبي محمد على خبرة عيسى عليهما السلام ففي حين أعادت الخبرة المحمدية التأكيد على قيم عيسى الشخصانية فإنها بنت عليها بوصفها الشرط المسبق و رؤيتها المؤكِده على أنه لا معنى لاستحضار معية الله وحبه والذوبان في مشيئته والحياة فيه ما لم يؤد ذلك إلى الارتقاء بهذا العالم الدنيوي وبهذا التاريخ وبهذه المادة بملئهم بالقيمة وبجعلهم محاكين للإرادة الإلهية.
~كتاب التوحيد لإسماعيل راجي الفاروقي~
======================================
دائما كنت أتعجب من فضل الله على أهل يثرب سبحان من بيده ملكوت كل شيء
عشرون عاما تمضي على أهل يثرب وقد كادت أن تبيدهم الحروب, وبين ظهرانيهم اليهود أمكر من يجاور قوما و الفقر يحيط بهم من كل جانب, كم ضاقت نفوسهم بما هم فيه وحارت سبلهم في الحياة  فيأتي الله بما لم تقدره عقول البشر..
لم يمر عام حتى كانت بيعة العقبة الأولى في موسم حج العام التالي ,اثنا عشر رجلا قد جاؤوا الى النبي  صلى الله عليه وسلم اثنان منهم من الأوس والبقية من الخزرج  وفيهم من الرهط الذين عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم من قبل
فعلى ما كانت البيعة ؟
"عن عبادة بن الصامت من الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه ليلة العقبة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه قال فبايعناه على ذلك
وبعد أن تمت البيعة طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن  يختاروا اثنى عشر زعيمًا يكونون نقباء على قومهم، يكفلون المسئولية عنهم في تنفيذ  بنود هذه البيعة، فقال للقوم‏:‏ أخرجوا إلىّ منكم اثنى عشر نقيبًا ليكونوا على قومهم بما فيهم‏.‏
فقط !!
هذه كانت بنود البيعة التي سميت لاحقا ببيعة النساء بنود البيعة ليس فيها شيء عن حرب أو أموال أو ملك! كل بنود البيعة بعد التوحيد كانت بنود أخلاقية في المقام الأول وكأن الرسالة أن الأخلاق ومكارمها هي اللبنة الأولى التي يقوم على أكتافها مجتمع الإسلام وأن العهد بين المسلمين أول ما يكون يكون على السمو عن رذائل الافعال ونواقص المروءة.
ولله درّ أهل يثرب فما أن أنفضوا وعاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى حملوا هم الإسلام وتحركت به نفوسهم في إحياها و تفشى الاسلام أكثر من قبل في دور يثرب وأحيائها
وما زاولوا على العهد حتى بعثوا للنبي صلى الله عليه وسلم بمعاذ ابن العفراء  ورافع ابن مالك :أن ابعث إلينا رجلا من قبلك يفقهنا ويدعو الناس بكتاب الله فإنه قمنٌ  أن يُتبع .
فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بشاب في ريعان الشباب حصيف الرأي صبور على الأذى عقولا متأنيا من أعظم الدعاة الى الله  هو مصعب بن عمير رضي الله عنه  
فكان ذهابه الى يثرب فتحا تسامت به حتى دخلت القلوب  وحررت العقول وأشرقت الأرواح أسلم على يديه سعد بن معاذ  و أسيد بن حضير و باسلامهما أسلم بنو أشهل جميعا نساء ورجالا وكانوا من أحسن الناس إسلاما لم يُعرف منهم منافقا .
=======================================
هاهي دار يثرب لا تصبح ولا تمسي الا على ذكر لرسول الله وتلاوة القرآن وليس من بيت إلا وفيه مسلمين و مسلمات  باقون على العهد,كلمتهم قد توحدت وذهب ما في نفوسهم من بغضاء فماذا بقي حتى يمنعوا الرسول صلى الله عليه وسلم و يفدوه بأموالهم وأنفسهم .وحان الوقت ليفوا بعهدهم الأول حتى يبلغ دين ربه آمنا مطمئنا ,فأجمعوا أمرهم مع مصعب بن عمير رضي الله عنه أن فيطلبوا من النبي أن يقدم اليهم ويسكن دارهم
وفي موسم الحج اللعام الثالث عشر من البعثة  وفد على مكة بضع وسبعون من أهل المدينة وتواعدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم للقاء عند العقبة في منِى حتى اذا جن الليل كان اللقاء ...
=======================================
إن كان للإسلام  معجزة خالدة بعد القرآن فهي لا ريب تلك العصبة من أهل طيبة ..فهم كنسائم الخير ودواء للقلوب  ذكرهم راحة ومعرفة مناقبهم رحمة  
ربنا إنا نشهدك أنا نحبهم فأجمعنا بهم ..
0 notes
Text
(13) خارج السرب
Tumblr media
بكل المقايس كانت رحلة الاسراء و المعراج علامة فاصلة في تاريخ الاسلام ...
وفي تلك الرحلة مشهد من أعجب المشاهد يوم أن فرض الله سبحانه وتعالى الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم .. ومراجعة موسى عليه السلام  لنبينا للتخفيف على أمته في عدد الصلوات..
وما ضرنا أن تكون الصلاة خمسين أو مائة ألا يكلف الله نفسا الا وسعها ؟؟
عندما قال موسى عليه السلام لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم " ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم" ببصيرة نافذة كبصيرة موسى عليه السلام الذي جرب بني اسرائيل وكابد مع دعوتهم  و فهم واضح لمعنى الفروض كانت نصيحته لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم لتخبره بما سيعانيه مع أمته كما عانى هو مع بني اسرائيل  ..
مع فرض الصلاة كان هذا إذانا بمرحلة جديدة مبنية على الالتزام بواجبات تجاه الدين الذي اعتنقه فلم يعد المسلم ذلك المستضعف الذي يخفي اسلامه بلا تكاليف,بل هناك فرائض وواجبات عليه تقديم��ا خضوعا وتسليما لله ... وليست فروض على محمد صلى الله عليه وسلم فقط بل على أمته الى يوم الدين  ...
الفروض ليست شعائر بين العبد وربه  بل هي تشكيل لمعنى المسؤولية تجاه الدين والمجتمع والدعوة يظهر فيها معاني الثواب والعقاب ليتشكل بها نفسية المسلم الذي أصبح بدخوله الإسلام أمينا على هذه الأرض مستخلفا فيها ..
هي شكل من أشكال الحركة في الكون ومع الكون ولرب والكون ..
================================
"قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة"
================================
لم تعد الأجواء في مكة تتقبل المزيد,هذا التأمر والتنكيل بالنبي وصحبه يوحي بأن كفار مكة لن يتجاوبوا مع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم  كما أن وفاة عم النبي أبو طالب قد جعله يفقد المؤازر والحماية ضد صناديد قريش .. وأصبح من الواضح أن الحل هناك في الخارج,حيث يستطيع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه نشر الدعوة والقيام بما يستلزمه اقامة الدين . لم يكن هناك أفضل من موسم الحج لينشر النبي صلى الله عليه وسلم دعوته في جموع العرب,منذ العام الرابع من بداية النبوة وحتى العام التاسع كان النبي صلى الله عليه وسلم يغشى مجالس الحجيج داعيا بيا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتذل لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكاً في الجنة
في هذا العام كانت معالم التحول تتضح في موسم الحج للعام العاشر من البعثة تغيرت لغة خطاب النبي صلى الله عليه وسلم فاصبح  يغشى مجالس القبائل عارضا نفسه عليهم مطالبا بالمؤازرة والمساندة  حتى ولو لم يسلموا !! ..
يجوب القبائل سائلا " هل من رجل يحملني الى قومه فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي"
في أيام الحج المعدودات طاف النبي صلى الله عليه وسلم بما يقرب من عشرين قبيلة  يعرض عليهم نفسه ودعوته ويطلب منهم المنعة والحماية,من العراق إلى اليمن ومن شرق الجزير إلى غربها يجوب هو و رفيق دربه أبو بكر الصديق العليم بأنساب العرب وأصولهم وصاحب الفراسة بأخلاقهم وطبائعهم  يخاطب كل قوم بما يناسب عقولهم .. ويتخير من سيجد عندهم المنعة والحماية, يقول لهم "لا اكره أحد منكم ��لى شيء ، من رضي الذي أدعوه إليه قبله ، ومن كرهه لم أكرهه ، إنما أريد أن تحوزوني مما يراد بي من القتل ، فتحوزوني حتى أبلغ رسالات ربي و يقضي الله لي ولمن صحبني بما شاء " فلم يقبله أحد منهم ولا أتى على أحد من تلك القبائل إلا قالوا : قوم الرجل أعلم به ، أفترى رجلا يصلحنا وقد أفسد قومه ؟
ويلاقى الكثير ما بين رد حليم حكيم وبين جفاء وقسوة وأذية ,بعضهم قد أجابوا باللطف واللين لما رأوا من جميل قول الرسول صلى الله عليه وسلم  الا أن مصالحهم قد غلبتهم وخوفهم من معاداة العرب قد حجب قلوبهم أو الخوف من غضب جيرانهم والفرس والروم الذين لن تعجبهم ذيوع سيط النبي وشوكة المسلمين في حناجرهم, منهم ترك للطمع  زمام أمره لما رأى من قوة دعوة النبي ورأوا فيها بشائر الملك و العزة فأرادوا أن يكون هذا الملك لهم ..
أراه هناك بأبي هو وأمي في تلك الجموع ,النبي صلى الله عليه وسلم يجوب الحجيج ويبحث عن السند,أراه وقد أهمته دعوته, وتجافى عنه قومه ,أراه بعد عشر أعوام من المجاهدة مع  قريش في مكة وقد أيقن أنه حان وقت الرحيل عنها ...
أراه وصدى نبوءة ورقة ابن نوفل يتردد بين جبال مكة القاسية " يا ليتني فيها جَذَعًا إذ يخرجك قومك"
================================
كثيرا ما تضعنا الحياة بين خيارات لا ندري الى أين سيسوقنا الطريق, كثيرا ما نضطر أن نواجه من لا نعرف ولا ندري عن طبائعهم أو ردود أفعالهم ,دربنا مليء بما نجهل فما الذي سيجعلنا نثبت؟
خياراتنا أو ردود أفعالنا جزء لا يتجزء من المنهج الذي يشعل لنا الطريق,هو جزء من فلسفتنا وكياننا المعرفي التي بني طوال سنين من التجربة والتعلم, وأي محاولة فصل خياراتنا عن هذا المنهج هي محاولة ساذجة لا تعي الطبيعة الانسانية و وجدانها ..
مؤخرا كان هناك ذلك الحديث عن الفصل بين مواقف الناس و كياناتهم وشخصياتهم ,حقيقة لا أدري كيف يُفعل ذلك ؟؟
كل قرار أو خيار نتخذه نابع من سلسلة من التفاعل بين نفسك أو المجتمع أو حتى بينك وبين ربك, هي نتيجة لتلك المجاهدة الأزلية وإن لم ندري بها, لذا فردود أفعالنا وإن كانت ردود أفعال فهي تشكلنا وتشكل ما سنكونه ..
سأل معلمي يوما "لماذا تؤدي بعض المعرفة إلى الإيمان، وأخرى إلى الشرك؟"
في رأيي لأننا لا نتعامل مع معرفة مجردة منقطعة عن تاريخ الفرد ووجدانه , أي معرفة نتصادم بها أثناء سيرنا الحثيث تتكون من شبكة مع كل ما تعلمنا من قبل بل وتصطدم مع فطرتنا التي غرسها الله فينا وعلى قدر نقاء الفطرة وبروزها في نفسك تتشابك تلك المعرفة معك ويتكون وجدانك وعقلك و قراراتك ,ففي النهاية " إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا "
حتى ردود الأفعال التي نجدها غير متسقة مع ذواتنا تمثل جزءً من حيرتنا وتساؤلاتنا ,ليست بشذوذ عن المسار التي اخترناه كما نظن بل هو دليل تخبط وهشاشة القيم التي تحكمنا, وكلنا ذاك الحائر الباحث عن الطريق..
في رحلة النبي صلى الله عليه وسلم في عرض نفسه على القبائل\تباينت ردود أفعال القبائل كل حسب منهجه ومعرفته وطبعه وعلى الرغم من أن النبي قد بشرهم بالملك والعزة وخضوع العرب لهم الا أن رودهم كانت توحي بما سيكونون عليه, من يبحث عن الملك فستحركه الدنيا ومن يخاف العرب فسيخنع أمام الأحزاب ,من لا يرى في الله القوة العظمى فسيخضع للفرس والروم ..
لذا كان ثبات النبي صلى الله عليه وسلم على طلبه التسليم والخضوع لحكمة الله وأمره و رفضه لمسومات القبائل رفضا لمنهجهم قبل أن يكون رفضا لمطالبهم ..
==================================
على بعد أميال من مكة كانت تلك المدينة الصغيرة يثرب  ذات النخيل الوارف والينابيع الغنية ,يقتاتون على التمر و يمتهنون الزراعة وهي من المهن الوضيعة عند العرب ,فلم يكونوا أغنياء كقريش وأهل مكة تمر بهم قوافل التجارة وقد سكن جوارهم اليهود بمكرهم  المشهود ..
منذ عشرات السنين والحروب تحصد من أرواحهم والصرعات التي يسقيها اليهود من مكرهم ,وآخر تلك الحروب حرب بعُاث أضرى حروبهم التي قتل فيها  من سادات الاوس والخزرج و كبراؤهم الكثير ولم يبقى من شيوخهم الا القليل ..
في عين البشر ربما نرى حروب الأوس والخزرج فساد كبير وقد تأسى قلوبنا على الأرواح التي تزهق من أجل تفاهات وجاهلية إلا أن تدابير الخالق أحكم وأعز من أن تدركها العقول
لم تكن بداية التحول الذي حدث في يثرب بوفد الحجيج  وبيعة العقبة المشهورة بل كانت هناك سلسلة من الأحداث والشواهد التي بها تغير كل شيء ..
كانت أنهارالدم التي أغرقت بها يثرب دهورا طويلة سبب أصيلا في إشراق فجر جديد على ضفاف نخيلها  ..
=================================
عن عائشة رضي الله عنها قالت " كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدُخُولِهِمْ فِي الإِسْلامِ "
2 notes · View notes
Text
(12) الصادق
Tumblr media
في تلك الليلة تعطلت قوانين الزمان والمكان إذ جاء جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم ليحمله على البُراق في رحلة هي الأعجب على مر الأزمان تُشكل بعجبها أشرف آية أعطيها نبي من الأنبياء ومعجزة خرقت نومايس الكون ف"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"
سبحان الذي خلق كل شيء وقدره وجعل للكون سنن ونواميس يخرقها متى يشاء,سبحان المهيمن لا يسأل عما يفعل وهم يسألون..
وفي الإسراء تجلت الألطاف الإلهية  بعبده الذي قد بلغ به من الجهد ما بلغ فقد العزيز والمؤازر و قد أمعن الفجار في إذائه ومن آمن معه ,عشر سنوات من الدعوة المتصلة بكل الطرق وفي شتى الأماكن .. ولم يتجاوز عدد المسلمين "المئتين"هاجر بضع وثمانون منهم الى الحبشة !!
بداية الرحلة من المسجد الى الحرام الى المسجد الاقصى الى السموات العلى حتى سدرة المنتهى الى حيث سمع محمد صلى الله عليه وسلم صريف أقلام الغيب تكتب المقادير في حياة هذا الكون الذي لا يحيط به الا مكونه وخالقه سبحانه ..
كانت رحلة الإسراء تشريفا ليرى من آيات ربه الكبرى المبثوثة في ملكوت الله نقطة تحول في توجيه مسيرة الرسالة وتقوية لعزيمة النبي صلى الله عليه وسلم,الإسراء بقهره لقوى الطبيعة درسا إلآهيا في صقل عزائم الدعاة الى الله على مدى الزمان ..
ولأن جادت تلك الحادثة بالعبر والآيات الا أن كلماتنا لن تفي ذكرها  فابحث وتأمل في روايات الاسراء والمعارج فانه يوم كيوم القيامة رأى فيه نبينا من أهل الجنة وأهل النار ما الله به عليم ..
====================================
في خلفية كل قصة  تبرز تلك الشخصية الملهمة ,وإن لم يكن بطل القصة فستجده في مصاف الأبطال يقف شامخا مبهرا ..
ي��ار الناس في قوة عمر رضي الله عنه وشجاعة علي عليه السلام ,الا أن الصديق رضي الله عنه دائما يسلب لبي ويتركني مشدوهة من شخصيته التي ليس لها مثيل في التاريخ ...
من أين له بصدق كذلك الذي سطرته له مواقفه ؟!
كيف لإنسان أن يبني تصورا عن الحقيقة بهذا الوضوح ؟!
إذا كان الله عز وجل قد ربى نبيه عليه الصلاة والسلام وهيئه منذ البداية لحمل الرسالة ,فبالتأكيد كل ما حول النبي قد هيء وربى لتحقيق الغاية ,كل ما في الكون قد تشكل ودُبر لحمل رسالة الله الى العالمين .. وأبو بكر الصديق رضي الله عنه نموذجا صارخا لحقيقة تدبير الله تعالى للعباد ليحملوا أمانة السماء.
لما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من رحلة المعراج وقص على قريش ما حدث فانطلق نفرٌ منهم إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه إن صاحبك يزعم أنه أُسري به إلى المسجد الأقصى في الليلة الماضية ونحن نقطع أكباد الإبل إليها في شهركامل
فقال لهم :" لئن كان قال ذلك لقد صدق "
فتعجّبوا وقالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟
فقال :  نعم ؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة !
=====================================
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ : " قُلْتُ لِجِبْرِيلَ : إِنَّ قَوْمِي لا يُصَدِّقُونَنِي ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الصِّدِّيقُ
=====================================
:" لئن كان قال ذلك لقد صدق "
عندما تكون رؤيتك عن الحقائق واضحة بينة ستتناغم كل  قوى الكون في نظرك وستنبض فطرتك الحية بما يوافق حركة الأكوان, وقتها لن تتعجب أو تتردد لحظة في اتباع ما تؤمن به مهما كانت الأقاويل عنه وعما حوله فهمك الحقيقي له ولتاريخه سيجعلك دائما واثقا من كل ما يحيط به ..
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم}
ما الذي جعل أبو بكر الصديق بهذا اليقين ؟؟
لتعرف الاجابة دعنا نعرف ذلك الرجل الذي لم يتردد لحظة ..
رجل كأبو بكر .. كريم النسب قوي الجانب متوقد الذكاء أعلم العرب بأنسابها وأعظم الأمة فراسة يعرف طبائع الناس ومداخلهم قد أنف جاهلية قريش وعادتهم قبل الاسلام ولم يقرب رذائلها ترفعا وحكمة, بهذه المنح الربانية عرف أبو بكر رضي الله عنه الحق و اتبعه بيقين العارف ,عرف أبو بكر رضي الله عنه محمدا عليه الصلاة والسلام منذ نعومة أظفارهم ,خبر خلقه وعقله,توافق معه في الأفكار و الرؤى.ومن كان له عقل وفكرا لن يتردد ..
لم يتردد  أبو بكر ...فصار الصَديق ..
على طول الزمان ستضعنا نوائب الدهر في موقف لاتخاذ القرار والفائز من لم يتردد ..
ستزيغ أعيننا نحو الأحبه و ربما الى المصالح أو دنيا نصيبها فتكون الكبوة ونتلعثم ,لكن صاحب الفطرة السليمة لا يتردد ..
أن تصبح  صِديقا يعني أن تكون صادقا مصدقا بكل جوارحك ..
وهذا يقتضي أن تمضي في سبيل الحق دون أن تتردد أو تلتفت !!
=================================================
( لقد رُفِعُوا إليَّ في الجنَّة على سُرُرٍ من ذهب ، فرأيتُ في سرير عبد اللـه بن رواحة أزْوِرَاراً عن سرير صاحبيـه ، فقلتُ : عمّ هذا ؟ فقيل لي : مَضَيا ، وتردد عبد اللـه بعضَ التردد ، ثم مضى فقُتِلَ ولم يُعقّب ).
~من حديث غزوة مؤتة~
1 note · View note
Text
(11) عام الحزن
Tumblr media
وحده على فراشه قد فارق النوم عينيه وحمل في قلبه حزن الدنيا ...
عشر سنوات قد انقضت منذ ذلك اليوم الذي رأى فيه آيات من نور الله تتجلى منذ أن تنزلت كلمات الحياة التي أشعلت القلوب حبا وخشية لله ,قد مرت الأيام سريعة وتوالت الأحداث لتغير معالم الكون ,فهاهي أعداد المسلمون تتزايد في مكة وما حولها,وبعد إسلام حمزة وعمر ظهرت عزة الاسلام وقوية شوكتهم ,وكلما ازداد حماسة المسلمين  زاد بطش كفار مكة وحقدهم على الاسلام ,التنكيل والتعذيب قد تضاعف والحرب علانية وبكل الوسائل 
الأكاذيب التي تنتشر كالنار في الهشيم  وسفهاء القوم يصدقون أي شيء عدا الحقيقة ,هجمة إعلامية شرسة قد شنتها رؤوس الأفاعى في مكة لتصد الناس عن الحق وكانت هذه الجهود تتضاعف في موسم الحج حتى لا يسمع كلام الله وفود الحجيج ,القلوب المؤمنة قد أرهقت و المستضعفين من المسلمين قد مسهم الضر والعنت ..
قبل خمس سنوات ومع زيادة البطش بالمسلمين أمر محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة الى الحبشة .. ..
و زاد ذلك المشكرين تنكيلا بالمسلمين الباقين في مكة من المستضعفين خاصة فها هي سمية بنت الخياط تستشهد كأول شهيدة في الاسلام منذ أربع سنوات ..
وهو عليه صلاة الله وسلامه  يتألم لعذابهم  ويتألم أضعافا  لفجر المشركين وتكذيبيهم وصدهم عن سبيل الله  ..
وآيات القرآن تتنزل لتشد من أزره وتعلي من عزيمته ..
[فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ] ..
=====================================
يوما بعد يوم يزداد فجور الكفار وظلمهم تأججت في قلوبهم نار الحقد والبغض ولما ضاقت بهم الحيل وأمحق الله مكرهم لم يجدوا سبيلا الا أن يقتلوا محمد صلى الله عليه وسلم و يجعلوا قومه بنو هاشم في عاصفة من أمرهم ..
فلما رأى أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ما أجمع عليه القوم جمع بني عبدالمطلب وأمرهم أن يدخلوا النبي صلى الله عليه وسلم في شعب عبد المطلب وأن يمنعوه ممن أرادوا قتله ,فتعاهدوا على ذلك مسلمهم وكافرهم ..
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم من يستطع من المسلمين للهجرة الى الحبشة وكانت هذه هي الهجر الثانية الى الحبشة ومن قوي على البقاء في مكة دخل مع النبي في الشعب ...
ولما علم فجار قريش بما فعل بنو عبدالمطلب أجمعوا على حصار اقتصادي واجتماعي قاسي لمن في الشعب ..
وكتبوا وثيقة الظلم وميثاق الرجس أن لا يجالسوا بني هاشم ولا يبايعوهم ولا يدخلوا بيتهم حتى يسلموا النبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ..
ثلاث أعوام قد حاصروهم و بلغ المسلمون في الشعب أشد البلاء والجهد ...
لم ينتهي هذا الحصار إلا بعد أن تلاوم ثلاثة من مشركي مكة  على أستخفافهم بالحق ومناصرتهم للظلم وقطيعتهم للرحم واجتمعوا على نقض ما اجتمعوا عليه من الغدر ببني هاشم والسملين ...
وأما قصة الأرضة التي أكلت الصحيفة فقد ذكرتها كتب السير وإنها من العجب العجاب ....
======================================
إن سبيل الحق معبد بالبلايا والمحن ..
و إن منهج الدعوة ما هو الا دروس في محن,ومحن في دروس
هذه المحن القاسية كانت صقلا لعزائم المسلمين ومددا من اليقين للنبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه ومنهجا للتربية في طريق الدعوة الى الله
من ثم لم تكن هذه المحن سوانح تمر ولكنها ثوابت تتوالى صورها وتتتابع ألوانها لتستوفي المسيرة نصيبها من التمحيص فتمسك بزمام القيادة الانسانية بالايمان بالله وحده والصبر على مرارة الحق..
~محمد رسول الله _الصادق عرجون ~
=====================================
عشر قد انقضت منذ أعلنت السماء للكون الشاسع أن محمد اليتيم هو نبي آخر الزمان وحده قد حمل هم الكون على كتفيه ,فبعد فك الحصار على شعب بني هاشم وازدياد بطش الظلم على القلة المسلمة,أصاب النبي من وسعت رحمة  قلبه الأكوان مصائب متتابعة .
فهاهو  يودع المرأة التي سكنت قلبه وأغدق عليها بحبه ,خديجة رضي الله عنها تلك التي آزرت وصابرت وصبرت .. تلك التي سطرت في التاريخ كل معاني الحب والوفاء,صعدت روحها الطاهرة  مُبشرة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ...
ليس بعد اليوم يا خديجة من تعب .. لا ألم .. لا حزن .. لا خوف .. ولا ظلم ..
هناك في أعلى الجنان أنت سيدة نساء أهل الجنة ...
=======================================
لم ينفض محمد عليه السلام التراب عن يديه حتى وارى التراب عزيز آخر من أقرب الناس الى قلبه عليه السلام ..
ولكن وقع المصاب هذه المرة أكثر ألما ,عمه عبدالمطلب الذي طالما منع أباطرة الشر في مكة من أن يخلصوا اليه  قد فارق الدنيا ولكن دون أن يقول كلمة التوحيد ..
"أي عم : قل لا اله الا الله كلمة أحاجلك بها عند الله " قال محمد صلى الله عليه وسلم لعمه على فراش الموت ..
و لكن قد حال بينه وبين الجنة  كبره و تمسكه بأسمال أجداده و أبائه ..
هناك وعلى مر الزمان سنجدهم أولائك الذين يناصروننا بصدق ويحموننا باخلاص ..
لكنهم عند نقطة ما تطمس عن أعينهم أبسط الحقائق وتمنعهم حماقاتهم وأصنامهم عن الخروج من مستنقع المغضوب عليهم الى صراط النعيم ...
هناك دائما تلك النقطة الفارغة التي هي صنمك تلك التي تمنعك عن اتباع صوت الفطرة الصارخ داخلك ...
=========================================
كذبتـم وبيـت الله نبـزى محـمـدا    ولمـا نطاعـن دونــه وننـاضـل
ونسلمـه حتـى نصـرع  حـولـه    ونذهـل عـن أبنائنـا  والحـلائـل
وينهـض قـوم بالحـديـد إليـكـم    نهوض الروايا تحت ذات  الصلاصل
***
وأبيـض يستسقـى الغمـام بوجهـه    ثمـال اليتامـى عصمـة  للارامـل
يلـوذ بـه الهـلاك مـن آل هاشـم    فهم عنـده فـي رحمـة  وفواضـل
***
فـو الله لـولا أن أجــئ بسـبـة    تجر علـى أشياخنـا فـي المحافـل
لكنـا تبعنـاه علـى كــل حـالـة    من الدهر جدا غير قـول  التهـازل
لقـد علمـوا أن ابننـا لا  مـكـذب    لدينـا ولا يعنـى بقـول الأبـاطـل
فأصبـح فينـا أحمـد فـي أرومـة     تقصـر عنهـا سـورة المتـطـاول
حدبـت بنفسـى دونـه  وحميـتـه    ودافعـت عنـه بالـذرى والكلاكـل
~من قصيدة أبو طالب عم النبي في مدحه عليه السلام ~
======================================
بعد رحيل ابو طالب تجرأ سفهاء القوم على النبي صلى الله عليه وسلم فهاهو سفيههم يلقي سلا الجزور على ظهره وهو قائم يصلي عند البيت ,وهاهي فاجرة من رعاء القوم تسبه وتكتب في هجائه فديناه بأرواحنا عليه الصلاة والسلام وكأن الله تعالى يريد لنبيه ومن حوله أن يتيقنوا أن الله وحده هو المانع ..
فيقولها عليه الصلاة والسلام لإبنته وقد آلمها ما حل به ( أي بنية !! لا تبكي فإن الله عز وجل مانع أباك)
همّ الدعوة وتبليغ رساللات الله أكبر من كل الهموم ,فسار ولا بد من السير لتبليغ الدعوة وأينما يشرق النور فهناك الأفق الذي تسطع منه شمس الهداية ..
والى الطائف كان العزم فسعى وحده اليها ,لكن قومها الفجار قد قابلوه بالحجارة ,وسلطوا عليه سفهائهم وأظهروا سوء خلقهم ودنائة أصلهم ,ورد عليه عقلائهم بأخبث الكلام وأقبحه ..
و قد أمعنوا في الفجور فكان إذا أزلقته الحجارة واشتد به الألم قعد ليتنسم شيء من الراحة حملوه من عضديه الشريفة عليه السلام امعانا منهم في القسوة والطغيان واتبعوه بسخريتهم و ورميهم بالحجارة وهم يضحكون !!!
ولنترك النبي صلى الله عليه وسلم يروي لنا شيئا مما حدث بعدها
فعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت! وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا.
وبعدها كان لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بعدّاس الفتى النصراني من أهل نينوى بلد يونس عليه السلام ..
ويالرحمة الله تعالى بنبيه وحبه له,.يرسل إليه رسائله الخفية ,يذكره أن لا تخطئ خطأ أخوك يونس ابن متى عليه السلام فتيأس وتكون من الظالمين ..
إنها رحمات تتنزل من فوق سبع سموات ,فلا تغفل عن رسائلها واصبر فإنك بأعيننا ..
===============================
فلما اطمئن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعائه الذي تذوب القلوب خشية وتفرج أسارير القلوب إيمانا عند ذكره ..
اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي  وقيلة حيلتي، وهواني على الناس ،
انت رب المستضعفين و انت ربى
، إلى من تكلني؟
إلى عدو يتجهمني ؟ أم إلى قريب ملكته أمري ؟
إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ،
أعوذ بنور  بوجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك ،
لك العتبى حتى ترضى ،
ولا حول ولا قوة إلا بالله" .
======================================
وحيدا على فراشه قد فارق النوم عينية,وقد بلغ به الحزن مبلغه ..
نزل الأمين جبريل عليه السلام سفيرا الى الحبيب ,وسُمع صريف أقلام الغيب في الملأ الأعلى يجري باستقدام  المصطفى المختار الى سدة التشريف...  
في رحلة الى سدرة المنتهى حيث حفاوة الحبيب بالحبيب ..
1 note · View note
Text
(10)زرع أخرج شطاه
Tumblr media
كلما تطرق الحديث لذكر الصحابة والتابعين ممن أضاءوا الدنيا علما وعدلا ..
وكلما تحدث من حولي عن عمر الفاروق رضي الله عنه وأنشدوا عدله وحكمته أو ذكراو عليا وعلمه وقوته ..
تركتهم وما ينشدون وعدت الى رحاب سيرتك العطرة ..
مع حبي وإعتزازي بصحابة النبي الكرام إلا أن شيء في صدري يجعلني أكره أن أبَدّي عن سيرة النبي أي سيرة أخرى ,شعور بالذنب يعتريني أن أنشغل بسيرة عمر أو أبو بكر رضي الله عنهما عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ,ربما لعلمي أن حياة أيا من كان لا تنفصل عن التربية والإعداد التي جعلت منه عظيما ...
هؤلاء العظماء كانوا قناديل الظلام .. فما بالنا بمن أشعل من قبس نور الله تلك الأرواح ؟!
========================================
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر ** ومــن علي ومن عثمان ذو الرحم ؟
من خالد من صلاح الدين قبلك *** من مالك ومن النعمـان في القمم ؟
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا*** أنت الإمــام لأهل الفضل كلهم
~ للشاعر: ناصر بن مسفر الزهراني~
========================================
"على خلق عظيم " كالسيل قد حوى من الجميل كل شيء فأغدق على من حوله بماء ذلال وكانت دعوته لمستجير من الرمضاء بالماء ..
إن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن بالسهلة فليست القضية  قضية تبليغ وتبشير بجنة وإنذار من نار فحسب إنها الرسالة الخالدة الخاتمة التي ستضيء الأرض دهورا بعده,أن تدرك معنى “خاتم النبيين” سيتغير منظورك لمعنى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ,وقتها تعرف لم هو سيد المرسلين وإمامهم ..
لم تكن المهمة هي إبلاغ رسالات الله فحسب,بل كانت تحقيقها وغرسها في قلوب أولائك الأخيار الذين حملوا الإسلام في قلوبهم ..
النبي صلى الله عليه وسلم المربي,حياته وتفاعله مع الأصحاب من حوله و تنشئتهم على يديه وخاصة في تلك المرحلة  كان لها أشد الأثر على رسوخ الاسلام ...
ولكن كيف قام النبي صلى الله عليه وسلم بإنشاء هذا المجتمع المعجز ؟
===================================
فالرسول صلى الله عليه وسلم  دأب على ترسيخ الارتباط بالقرآن "وحده " باعتباره مصدرا وحيدا للتربية  ذلك أن المصدرية القرآنية بإعتبارها أهم وأول خصائص التربية التوحيدية النبوية .. كانت حاضرة حضورا قويا في التوجيه التربوي النبوي قولا وفعلا .
...
إنها قلوب تعيش في الأرض لكنا تتغذى بنور السماء مباشرة .. ولم يكن حضور النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الا حضور المربي الذي يعمق هذا الاتجاه التوحيدي  في قلوب الصحابة  الكرام......
~من كتاب التوحيد والوساطة في التربية والدعوة  د.فريد الأنصاري~
====================================
على مدى السيرة طالما إستوقفتني مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وتبليغه ..
خاصة في المرحلة المكية ..
قليلة هي المواقف التي يتخاطب فيها النبي صلى الله عليه وسلم مع من يدعوهم بكلام البشر دائما كان القرآن هو لغة التحاور والخطاب ..
و لنا في موقفه مع عتبة بن ربيعة مثلا وموقفا
فيروى ابن هشام في السيرة أن عتبة بن ربيعة جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال له : يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة - المكانة - في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ، وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها .
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قل يا أبا الوليد أسمع ، فقال له عتبة ما قال حتى إذا فرغ قال له : أوقد فرغت يا أبا الوليد ؟ . قال نعم . قال : فاسمع مني ، قال : أفعل . فأخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتلو عليه من سورة فصلت ، حتى انتهى إلى الآية موضع السجدة منها وهي الآية 37 ، سجد ، ثم قال لعتبة: قد سمعت يا أبا الوليد فأنت وذلك ، فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بوجه غير الوجه الذي ذهب به ، وطلب عتبة إليهم أن يدعوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وشأنه ، فأبوا وقالوا له : سحرك يا أبا الوليد بلسانه .
القرآن دائما هو مصدر الخطاب الأول في الدعوة النبوية وقد أصل النبي صلى الله عليه وسلم في الصحابة وجعل أرواحهم تتعلق به وتهتدي من ضياءة فكانوا مثلا على منهج التوحيد الصادق ..
====================================
لا يخفى على أحد فضل الصدر الأول من الصاحبة رضوان الله عليه وسلم عن غيرهم من الصحابة ..
كانت الأسبقية الى الإسلام شرف ومكانة يشهد لصاحبها بقوة الإيمان وحسن الصحبة ,كما ظهر لنا في غير حادثة فضل المهاجرين عن غيرهم ..
فما السر ؟؟
من المؤكد أن التريبة النبوية في صدر الإسلام كانت تحمل شيء مميزا لتكوّن شخصيات مبهرة كأبو بكر وعثمان وعلي .. ومن بعدهم كعمر وحمزة وسائر الصحابة ..
هناك في دار الأرقم بعدد قليل ممن أسلم في مكة,كانت متابعة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة متابعة دقيقة فردية, يصنع كل واحد منهم على عينه ويربي فيهم عوامل القيادة, ليصبح كل واحد منهم أمة وحده
متخذا تدارس آيات القرآن وسبيل التوحيد منهجا وغاية ..
في شعاب مكة وفي ظروف شديدة القسوة كتلك التي مر بها صحابة الصدر الأول وجب أن يكون منهج القرآن الكريم هو المنهج الأوحد لتربية الصحابة كبارهم قبل صغارهم ..
لا ريب أن يكون أبو بكر الصديق عظيم من عظماء العالم بتربية كهذه ولا شك في أن الفتى علي رضي الله عنه قد تجلت فيه الحكمة والفطنة التي سبق بها شيوخ كانوا بعده ..
======================================
اعتماد منهج التكوين دون منهج التلقين وهو أمر واضح في التربية النبوية تشهد له الاصول الصريحة شهادة متواترة المعنى ,أن اعتماد النصوص الشرعية في حد ذاته ومدارستها كمادة تربوية لا ينتج عنها الا التكوين .
ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتمد شيئا غير القرآن وسنته المطهرة باعتبارها مفسرا له وقد كان يوجه الصحابة الى اكتشاف قدراتهم الذاتية ومواهبهم الفطرية وتنميتها قائلا "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" محاربا بذلك العقلية الاستهلاكية التواكلية ....
~من كتاب التوحيد والوساطة في التربية والدعوة  د.فريد الأنصاري~
======================================
منذ فترة ليست بالبعيدة لاحظت إنتشار المهتمين بالتربية  سواء كانت التربية الذاتية او تربية النشء  لكن قليل هم من أتخذوا منهج النبي المختار عليه الصلاة والسلام طريقا وسبيلا الى هذا ..  ربما الكثير يريدون قولا ولكن القليل يريدون فعلا ..
ومن ما أرى أن أول علامات عدم صدقهم في تطبيق هذا هو تخليهم عن مدارسة القرآن وربطها بالسيرة ومراقبة الأحداث التيأنزلت فيها أيات القرآن
ما أعنيه هنا هو شكل التلقي الذي يتلقى به مربوا اليوم القرآن والسنة, فمعظمنا قد وضع ابتداءا الطرق وقواعد للتربية ويدخل عالم القرآن ليدلل بها على صحة فرضياته ..
كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يتلقون القرآن ليمحو به كل ما سبقه من معارف قبل الاسلام ,هم كصفحة بيضاء يكتب  فيها القرآن ما يشاء,الصحابة كانوا يتعاملون مع القرآن كنظام تشغيل جديد ومنهج حياة جديد .. متأهبون لتبديل أفكارهم وحياتهم وفق مراد الله ,حتى أنهم قد تقبلوا أن يغير الاسلام أوثق عرى تقاليديهم وهو شكل العلاقات الاجتماعية بينهم
هل نحن مستعدون لهذا ؟؟
هل صدقا تبحث في القرآن وسنة نبينا عن منهج الحياة أم كل ما نفعله هو تطويعهما كمصدر لتدليل على مناهج قد أستصدرناها من غيرهما ..
على هامش التربية والتربوية والمربي نقف نحن عاجزين عن نطق حرف واحد أمام عظمة المربي المعجز ... ليس لأن المربي النبي محمد فحسب بل لان منهجه التربوي هو القرآن,وكفا بها نعمة ..
ربنا لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا  ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ..
0 notes
Text
(9) بين صفحات الكتاب
Tumblr media
منذ اللحظة الأولى من نزول الوحي تكونت تلك العلاقة بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبين القرآن ..
لم يكن القرآن مجرد كتاب قد أنزله الله على نبي أو معجزة لغوية يتحدى بها مشركين مكة وجهابذة اللغة ...
ذلك الوحي الذي كان ينزل من فوق سيع سماوات يحمله الروح الأمين ليُقذف في صدور المؤمنين ليحيي به قلوب قد قتلتها الغفلة  يحمل في طياته كل معاني العظمة والجلال كيف لاوهو كلام الله جل جلاله وتباركت أسمائه ..فأخذت كلمات الله قبس من نور من أشرقت له السموات والأرض ..  
إن تلقي النبي صلى الله عليه وسلم للوحي كان كتلقي العبد الفقير إلى كلمات ربه العبد العارف بالله حق المعرفة ..
وكانت كلمات الله تعالى كلمات تربية وتأديب "ولتصنع على عيني"
فانظر في كتاب الله عز وجل كم من آية حملت في طياتها وصفا دقيقا لمشاعر النبي صلى الله عليه وسلم ..
وكم من آية أنزلت تهذيبا وتقويما لفعل أو لفكر قد جال بخاطر نبينا صلى الله عليه وسلم ..
تلك العلاقة بين محمد صلى لله عليه وسلم والوحي ليتعجب لها من يتأملها,كيف كانت تخاطبه في الأحداث المختلفة التي كان يمر بها
فلتنظر الى آيات المزمل وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم من أذى قومه وتكذيبهم له فتنزل آياتها كإشراقات الروح تلفت انتباهه إلى ما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم من آيات مرتلات..
وكأنها رسالة إلى كل المهمومين من بعده أن لا وقت للندب والتأسف هناك في جنح الليل الدواء وبين آيات الكتاب ستجد الجواب ..
======================================
نعم ! لقد امتلك محمد صلى الله عليه وسلم المؤهلات غير العادية التي جعلته مستعدا لتحمل الرسالة . لكن تكامل شخصيته لم يحصل الا بتفاعل مؤهلاته الأصلية مع مفردات الخصاب القرآني وبالتتابع ....
لذلك عندما ينزل الوحي , في بداية نزوله ويقول للرسول صلى الله عليه وسلم ( ولا تكن كصاحب الحوت ) ونحن نعرف قصة صاحب الحوت وتعرف تشابه الظرف والأوضاع في نينوى ومكة,وعندما ينزل الوحي يقول (لا تكن ) فاننا نعرف أيضا أنه كان يمكن أن يكون (كصاحب الحوت ) لولا نزول الوحي أمرا وناهيا وعاصما .
ببساطة وبوضوح : كان كان يمكن أن يكون لكن تفاعله مع الوحي عصمه .....
~من كتاب البوصلة القرآنية د.أحمد خيري العمري  ~
======================================
هناك ذلك"التفاعل" بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين آيات القران الكريم ليس فقط على نطاق التبليغ بل على النطاق التربوي ,وليس أجمل من آيات (عَبَسَ) لتعلمنا كيف كان تأديب الله تعالى لنبيه ..
حتى أن أول آيات السورة مبنية للمجهول عتابا ثم تتابعت آياتها تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ...
بل والأعجب من هذا تلك الآيات التي ينفطر لها القلوب وإن سبب نزولها لاكثر عجبا ..
"
عنابن عباس قال : بعثت قريش النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط ، إلى أحبار يهود بالمدينة ، فقالوا لهم : سلوهم عن محمد ، وصفوا لهم صفته ، وأخبروهم بقوله ؛ فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء . فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصفوا لهم أمره وبعض قوله ، وقالا إنكم أهل التوراة ، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا . قال : فقالت لهم : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن ، فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، ما كان من أمرهم ؟ فإنهم قد كان لهم حديث عجيب . وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه ؟ [ وسلوه عن الروح ، ما هو ؟ ] فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه ، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول ، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم .
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش ، فقالا : يا معشر قريش ، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد ، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور ، فأخبروهم بها ، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد ، أخبرنا : فسألوه عما أمروهم به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخبركم غدا بما سألتم عنه " . ولم يستثن_لم يقل ان شاء الله _ ، فانصرفوا عنه ، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة ، لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ، ولا يأتيه جبريل ، عليه السلام ، حتى أرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا ، واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها ، لا يخبرنا بشيء عما سألناه عنه . وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه ، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبريل ، عليه السلام ، من عند الله - عز وجل - بسورة أصحاب الكهف ، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم ، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف ، وقول الله عز وجل : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )”
هذه الرواية عن ابن عباس رضي الله عنه لتثير الدهشة .. فبين كل ما يمر به النبي صلى الله عليه وسلم من أذى ومشقة في تبليغ رسالات الله لم يكن هذا سببا كافيا لتوقف المسألة الأهم وهو تربية النبي صلى الله عليه وسلم وصدق من قال (أدبني ربيي فأحسن تأديبي)
فصلاح الغاية لا تبرر فساد الوسيلة,أنظر الى حالنا وأتعجب !! كم من أفعالنا وأحوالنا يحكي عدم تأدبنا مع الله ,بل اننا لنكون في سلوكنا أقرب إلى الشرك منا للإيمان ثم نستنكر على الله عدم توفيقه لنا وابتلائنا !!
=======================================
جدلا ... الفرضية التى يقول بها بعض غير المسلمين بإن القرآن نتاج بشرى ، فلو كان كذلك لانعكس ما يكون فى ذهن مؤلفه عليه . فى الحقيقة فبعض الموسوعات وبعض الكتب تذكر أن القرآن الكريم نتاج هلوسة كانت تمر بالنبى  عليه الصلاة والسلام  .
لو كانت هذه الفرضية صحيحة بأن هناك مشاكل نفسية كان الرسول يمر بها ،لظهر ذلك جليا فى نص القرآن الكريم ذاته .
هل يوجد فى القرآن الكريم ما يدعم هذه النظرية ؟؟؟
للإجابة على هذا السؤال إيجابا أوسلبا ، فلينظر المرء إلى ما هى هذه الأشياء التى كان يعايشها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لها انعكاسا فى نصوص القرآن ؟؟؟من المعروف أن حياته عليه السلام كانت حياة صعبة . كل أولاده وبناته قبضوا فى حياته ماعدا السيدة فاطمة ، وقد كانت له زوجة لها مكانة كبيرة فى قلبه » السيدة خديجة . رضى الله عنها «  لعدةسنين وحياته ، ولم تمت فقط فى حياته بل ماتت فى أصعب ظروف حياته.
فى الواقع فقد كانت زوجة عظيمة لأنه فى بداية الوحى لجأ إليهاخائفا يرتعد، فواسته وثبتته وأيدته . وأنت لاتجد .. حتى فى أيامنا هذه ... أحدا من العرب حينما يكون خائفا أن يذهب لزوجته ليعلنهابهذا الخوف ، ولكن لا يتم هذا الإخبار إلا إذا كانت هناك رابطة قوية جدا بينه وبين زوجته حتى يرفع تلك الكلفة بينهما ، وهذا يوضحلك مدى قوتها وثقة الرسول عليه الصلاة السلام فيها ، وبالرغم منأن هذه بعض الأمثلة فقط التى تنبئ بما كان يدور فى ذهن الرسول ولكنها كافية لتوضح وجهة نظرى .القرآن الكريم لم ترد فيه مثل هذه الأشياء ، لا موت بنيه ، لا موت زوجته ، لا انفعالاته فى بداية نزول الوحى عليه وتصرف زوجته معه... لا شئ من هذا ...
بالرغم من أن هذه الأمور قد آلمته وشغلته وأخذت جزءا كبيرا من انفعالاته ، ولو كان القرآن الكريم من نتاجه الشخصى لظهرت انفعلاته النفسية وأمثالها فى نصوصه .
~من كتاب القرآن المعجز للدكتور جاري ميللر ~
===========================================
بين آيات الله تعالى كان ذلك البعد الجديد في النظر الى كلماته تعالى
ليس القرآن مجرد كتاب يقرأ لنتبرك به أو نتحصن بآياته , بل هو كلام الله ,فتأمل ما تعنيه هذه الكلمة ..
وانظر عند قرآته الى المتكلم والمخاطب ,انظر الى الحال والمقام الذي أنزلت فيه وقتها سيكون تلقينا  لكلمات الله أكثر عمقا ,وبالتأكيد سيكون تفاعلنا معه بحجم الوعي الذي نملكه حال التلقي ..
نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا بما ينفعنا وأني يصلي ويسلم على خير مببلغ لآياته ...
==========================================
أيها الشباب المكابد لحقائق القرآن!"
أيها الجيل المستسقي من ربيع القرآن!
يا أبناء مدرسة القرآن الكريم!
يا حُمَّالَ كلمات الله!
أيها السائرون على أثر قافلة الأنبياء! تضربون في زمن الظلام، رجاء إيصال بصيص من نور إلى المستضعفين الحائرين!
ألاَ وإنها لنعمة كبرى – أيها الأحباب! - أن يكون المسلم منخرطا في مدرسة القرآن، يتتلمذ على عين الله، يتلقى رسالات القرآن، ويتزكى بكلمات الله!
لكن مدرسة القرآن – أيها الأحبة! - لها شرط إلهي عظيم، به تُنَاطُ كل طلبات الانتساب، ورغبات الانخراط.. وإنما الله - جل جلاله - هو وحده الذي يقضي فيها؛ فيقبل ما يشاء ويرد ما يشاء! هو وحده رب المدرسة، وهو صاحب الأمر فيها. وإن ذلك الشرط القرآني العظيم مسطور في كتاب الله، موضح ببلاغه المبين لجميع الراغبين..
ذلك هو: التحقق بمنـزلة الإخلاص!
... "
من كتاب هذه رسالات القرآن فمن يتلقاها  د.فريد الأنصاري
10 notes · View notes
Text
(8) حروب بلا سيوف
Tumblr media
القليلون فقط كانوا قادة عظماء..
وأقل منهم من جمع بين القيادة والتربية ...
لكن واحد فقط جمع بين كل صفات الخير في القيادة والتربية والأبوة والرحمة ..
محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ..
طوال الثلاثة السنين الأول يعد من بين يديه خيرة هذه الأمة ينتقي صفوة شبابها ورجالها ليصبحوا من بعده قادة يشهد لهم التاريخ ,حتى ذلك العبد الحبشي ,سينطلق بعد سنين قائدا مغوارا يشق الطريق إلى الحق ..ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ,أحد منهم لم يظن أن محمد سيقف تلك الوقفة على جبل الصفا لينادي بأعلى صوته, وكما نادى جده إبراهيم فوق جبال مكة من دهور "إن ربكم قد بنى بيتا فحجوه" فرددتها صدائات الوادي على مر الزمن ,
كانت ندائات محمد أكثر قوة وعمقا ..
هتف: "يا صباحاه"  ثم جعل ينادي بطون قريش ويدعوهم قبيلة قبيلة ويقول:"يا بني فهر – يا بني عدي – يا بني عبد مناف – يا بني عبد المطلب .........".  فلما سمعوا قالوا : من هذا الذي يهتف؟
قالوا: محمد.
فأسرع الناس إليه حتى أن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولا ينظر ما هو، فأجتمع أمامه  أبو لهب وقريش فقال (صلى الله عليه وسلم):  "أرأيتكم لو أني أخبرتكم أن خيلاً بوادي بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم.. أكنتم مصدقي؟". قالوا : نعم، ما جربنا عليك كذبا قط ما جربنا عليك إلا صدقا.
قال‏:‏ ‏(‏إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل رأي العَدُوّ فانطلق يَرْبَأ أهله‏)‏‏(‏ أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو‏)‏ ‏(‏خشى أن يسبقوه فجعل ينادى‏:‏ يا صباحاه‏)‏
ثم قال‏:‏
‏(‏يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا‏.‏
يا بني كعب بن لؤى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا‏.‏
يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار‏.‏
يا معشر بني قصى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا‏.‏
يا معشر بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا‏.‏
يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار‏.‏
يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار‏.‏
يا معشر بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا، سلونى من مالى ماشئتم، لا أملك لكم من الله شيئًا‏.‏
يا عباس بن عبد المطلب، لا أغنى عنك من الله شيئًا‏.‏
يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله، لا أغنى عنك من الله شيئًا‏.‏
يا فاطمة بنت محمد رسول الله، سلينى ما شئت من مالى، أنقذي نفسك من النار، فإنى لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنك من الله شيئًا‏.‏
غير أن لكم رحمًا سأبُلُّها بِبلاَلها‏)‏ أي أصلها حسب حقها‏.‏ "
في رأيكم كيف كانت ردة الفعل لهذا الخطاب القوي الي تملئه الرهبة ؟؟
هل دخل القوم في دين الله أفواجا ؟؟
بل هل أسلم على الأقل رجل واحد منهم ؟؟
الحقيقة أنه لم يذكر لنا التاريخ أن أحدا قد أسلم بسبب هذه الخطبة ..
بل جل ما ذكر هو رد أبي لهب  قبحهه الله " تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ؟!"
الرسالة لم تكن واضحة لأبي لهب ,فكان رد فعله موافق لما يؤمن به وما يعتقد ..
بهذه الكلمات المليئة بالترهيب كسر محمد صلى الله عليه وسلم أول صنم من أصنام الجاهلية ,في مجتمع تحكمة العصبية القبلية وتمثل فيه العشيرة ركيزة في التحالف على الظلم وعلى قهر الأمم ,كانت كلمات محمد هي المضادة لهذه المعتقدات البالية ..
لا شيء ولا أحد سيسمو فوق الحق مهما كانت صلة قرابته كأعمامه,ومهما كانت مسئوليته نحوه كبناته ,لن تكون الدماء التي تسري في العروق أغلى من كلمة  التوحيد ..
لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم  لتكون أول مواجهته بالقوم بهذه القوة ومليئة بالترهيب والتحذير الا لأنه طوال الثلاث الاعوام السابقة قد بذل شديد الجهد في التوضيح والتبين ..
طوال ثلاثة أعوام يخاطب القوم واحد تلو الاخر, يخاطب عقولهم وقلوبهم ليعرفهم إلى الله ...
فمنهم من آمن ومنهم من كفر ,لكن مواجهة جبل الصفا كانت ضرورية لتضع الأطر الجدية للعلاقة بينه وبين قومه ..
لا مهادنة ولا خفاء للمعتقدات بعد اليوم ..
اليوم وبكلمات كالصواعق يعلن محمد صلى الله عليه وسلم أن ما جاء به ليست مجرد أوهام سينساها بعد أيام ..
ولن يتوقف عن الدعوة الى دينه مهما كانت الصعوبات
وكان رد فعل أبي لهب متوقع فمنذ أن سمع عن دين محمد وهو يحاول أن يخفت الضوء عنه فهو  بقصر نظره يظن أن سجادة العزة والمكانة ستسحب من تحت أقدامه بهذا الدين الجديد ..
لكن يأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون ...
========================================================
ألاجلّ من أعطى البرية رحمة
بأنوارها ولى الظلام وأدبرا
تجلّت على الدنيا بنور محمد
من اختاره الرحمن من صفوة الورا
سلام على قلب يفيض بحبه
ويمشي على درب الهداية  نيرا
========================================================
و كأن ناقوس الحرب قد قرعت أجراسها ,ازداد الشقاء على المسلمين في أنحاء مكة خاصة العبيد والمستضعفين  ..
كل من يظهر عليه أو يشك بأنه قد تبع دين محمد كان يلاقي أشد العذاب ,لم يكن المشركين ليردعهم رادع وقد تجبروا وتكبروا و أعمت آلهتهم وأموالهم قلوبهم ..
وهاهم آل ياسر ,عمار ووالديه يصيبهم الأذى على يد مشرك جاهل كأبو جهل ,كانت أمة مملوكة لأبي جهل ,فلما جاء الله بالإسلام أسلمت هي وزوجها وولدها ..
فجعل أبو جهل يفتنهم ويعذبهم ويربطهم في الشمس حتى يشرفوا على الهلاك حراً وعطشاً ,فكان صلى الله عليه وسلم يمر بهم وهم يعذبون ودماؤهم تسيل على أجسادهم وقد تشققت من العطش شفاههم وتقرحت من السياط جلودهم, وحر الشمس يصهرهم من فوقهم ..  
فيتألم لحالهم ويقول: صبراً آل ياسر .. صبراً آل ياسر .. فإن موعدكم الجنة ..
فتلامس هذه الكلمات أسماعهم فترقص أفئدتهم وتطير قلوبهم فرحاً بهذه البشرى ..
وفجأة إذا بفرعون هذه الأمة أبي جهل يأتيهم فيزداد غيظه عليهم فيسومهم عذاباً ..
ويقول : سبوا محمداً وربه فلا يزدادون إلا ثباتاً وصبراً عندها يندفع الخبيث إلى سمية  ثم يستل حربته ويطعن بها في فرجها فتتفجر دماؤها ويتناثر لحمها فتصيح وتستغيث وزوجها وولدها على جانبيها مربوطان يلتفتان إليها ..وأبو جهل يسب ويكفر وهي تحتضر وتكبر فلم يزل يقطع جسدها المتهالك بحربته حتى تقطعت أشلاءً وماتت رضي الله عنها ..أرتفعت روحها الى باريئها لتكون أول شهيدة في الإسلام
الرسالة التي كتبتها روحها وهي تصعد إلى السماء ..
الجميع رجالا ونساء عبيدا وأحرارا سيدفعون الغالي والرخيص ليرفعوا راية الاسلام ,الجميع سيبذولون كل الجهد ليعرفوا العالمين بالله
وكما هو حال كل ظالم  يتجبر وذو الحق يتألم ,و وحدهم المؤمنين ينظرون الى إخوانهم يملئهم القهر ..
هل من سبيل إلى نصرتهم ؟؟
هل من طريق الى رفع ذلك الضرعنهم ؟؟
ما أشبه اليوم بالبارحة ونحن ننظر في كل لحظة الى أخوة لنا قد سالت دمائهم على أعتاب أبوابنا وذلك القهر الذي يعتصر القلوب وشعور قاتل بالعجز ..
والحيرة تفتت القلوب ألسنا على الحق ؟! لما إذا لا ننتصر ؟؟
ألسنا مع الله ؟! لماذا إذا نقتل ونشرد ونستضعف ؟؟
السؤال لازال يتردد حتى اليوم  ..
توقفت طويلا حول ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في هذه الفترة من الإسلام ..
ورأيت أن النبي صلى الله عليه وسلم وما توضحه آيات السور المكية لم يتوقف يوما عن الدعوة الغاية الكبرى هي تعريف الناس بالله وإنقاذهم من نار جهنم ..
أجل كان النبي عليه الصلاة والسلام  ومن معه من الصحابة الميسورين يشتروا العبيد المتضهدين ليكفوا عنهم أيادي البطش الا أن هم الرسالة دائما كان أعلى وأسمى ليس تقليلا من حرمة الدماء ,ولكن تعظيما لخالقها 
ترتيب الأولويات والمقاصد عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كان شديد الوضوح ..
لا شيء يعلو فوق تبليغ رسالات الله , حتى لو كان الثمن هو دماء المسلمين الأتقياء ..
وهنا يطرح السؤال أيهما أكثر قسوة على قلبك ,أن يرتدد المسلمون عند دينهم ويبتعدوا عن رسالات الله  ويتركوا الدعوة اليه والتبليغ عنه أم ما يحدث حولنا في بقاع المسلمين المختلفة ؟؟
ما الذي يغضبك حقا ؟
هل هي مشاعرك الإنسانية تجاه أخ لك على وجه البسيطة أم هو الغضب لله أن قد تجبر من كفر به ولم يعظم حرمات الله ؟؟
لا أقلل من أهمية ووجب الزود عن المستضعفين من إخواننا ولكن السؤال هو لماذا ؟ لماذا فقط تغضب وتحزن وتندب لدمائهم ولا تحرك لك ساكن عندما  ترى من يشرك بالله وقد عاث في الأرض فسادا بشركه ؟
أليست هي فقط انسانيتك التي تحركك ؟؟  
====================================
لم تستطيع قريشا بتعذيبها للمؤمنين أن توقف المد الإنساني للإسلام ,وكان هذا ليصيبهم بالجنون ,وبد��ت تحاك مؤمرات لوقفهم ..
أستخدموا العديد من الطرق لوقف هذا المد الإسلامي فتارة يتوسلون الى عم النبي أبو طالب يحاول اقناعه وتارة يسبونه ويقذفونه باشد الاسماء ,وتارة يشترطون بمعجزات ليس لهم بها من سلطان ..
وبعدما أرهقهم ثبات النبي على دينه ,استسلموا لفكرة أن يفاوضوه , فعرضو عليه الأموال والنساء والملك ..
ولكن شيئا  لم يكن ليثني النبي صلى الله عليه وسلم عن البلاغ ..
ذلك القرآن المعجز الذي يتنزل على قلبه  أقوى من كل المغريات ..
العلاقة التي بُنيت بين النبي صلى الله عليه وسلم و النور الذي ينزل على قلبه لتسمو به عن الدنيا ما فيها ...الأضواء التي يرسلها الكتاب تعدت آثارها حدود الارض والأكوان
و لنبحر في هذه الأضواء ونتلمس حكمتها ,ولكن ربما مرة اخرى ..  
2 notes · View notes