Tumgik
ingloriousrambling · 7 years
Text
Bab AlHadeed - Short Story | بَابْ الحَديِد - قصة قصيرة
محطة رمسيس، او محطة مصر، او كما يعلمها اي مسن باسم محطة “باب الحديد” نظرًا لتلك البوابات العملاقة التي تدخلك غلي الصالة الرئيسية و رصيف قطارات الأسكندرية..  ان محطات القطار، كما هي العادة، دائمًا مزدحمة بألاف الناس بوجهاتهم المختلفة، فا الكل يسعي وراء شئ ما كانت مصلحة او اجازة او زيارة.. الحقيقة ان “ملاك لمعي” عادة يسافر لأهله في اسيوط لقضاء الأعياد بسيارته الملاكي، لكن شائت الأقدار ان تتعطل سيارته هذا العام مما اضطره لأخذ القطار.. جلس علي احدي الأستراحات المواجعة لرصيف الصعيد في انتظار قطاره، اشعل سيجارته و اخرج هاتفه يتفحص مواقع التواصل الإجتماعي ثم تراجع عن هذة الفكرة لأنه سيحتاج الي شحن البطارية لتسليته خلال ساعات السفر فأعاده الي جيبه و بدأ في تأمل المحيط حوله، كل شئ بدا مألوفًا له، فأخذ يفكر ان مصر، عكس دول اخري كثيرة، جميع اهلها يتحدثون نفس اللغة، يتدينون بنفس الأديان، و يشاركون بعضهم في نفس الأيدولوجيات، و هم بكل حال من الأحوال من نفس العرق، و بالتالي هذة الخاصية جعلت اي مصري ينتقل الي اي منطقة في مصر يكون لديه أحساس بالألفه و التعود كأنه لم يغادر محافظته اطلاقًا، ولكن في الولايات المتحدة علي سبيل المثال، يشعر النيويوركي بالغربه عندما يذهب الي تكسيس، او عندما يذهب احد سكان مينيسوتا الي مدينة الملائكة.. ان هذة الصفة لا تعطي “ملاك” مجرد احساس بالألفه، بل هي بالنسبة له صورة اوضح للمحيط علي رصيف المحطة، ضمانًا له للمعرفة ببواطن الأمور من خلال نمطيه مصرية معروفة، لأن هذة الصفة جعلت اغلب القصص مكررة و معروفة.. اعلنت المحطة عن تأخر قطار (572) لمدة 3 ساعات لعطل ما، تذمر الناس بعدها و علا صوتهم ثم عادت الأمور كما كانت عليه بعد استسلامهم للأمر الواقع، و اخرج “ملاك” هاتفه مجددًا و اشعل سيجارة اخري و شرد حتي قاطعه صوت يقول له “حد قاعد هنا؟” فقال له تفضل بصورة شبه اوتوماتيكيه ثم عاد للشرود مع هاتفه، مرت عدة دقائق حتي بدأ جاره الجديد بالحديث، ان ملاك، بقامته المتوسطة و رأسه الصلعاء و نظارته الطبية و صوته العميق البطئ الهادئ، علاوة علي عدة صفات اخري، مثل انه لا يستخدم يديه اطلاقًا خلال حديثه، و انه لا يأكل الحروف فكل كلمة تخرج من فمه واضحه، و انه ينتظر قليلًا “لثوان معدودة” قبل الرد عليك، هذة الصفات جعلت ملاك اشبه برهبان الكاثوليك القدامي ممن يجلسون في غرف الإعتراف ليستمعوا للمذنبين.. لم يعر ملاك اي انتباه لحديثه عن القطارات و التأخر و المواعيد، و اخذ يرد عليه بصورة آليه، فقد كان متنبئًا انه سيتحدث اليه و اخذ يفكر لماذا يشعر الشعب المصري بالحاجة الي الحديث في مثل هذة المواقف؟ ثم قاطع تفكيره لحظة من الصمت ردته الي ارض الواقع, و بدأ يلاحظ من يجلس بجانبه، شاب في اوائل العشرينات بزي عسكري اسمر اللون و عكس ما يوحي به شكله و هيئته من سن صغير، الا ان عينيه اوحت بأنها قلبت العداد، و ان “قلب العداد” هي وسيلة من الاف وسائل التعبير عند ملاك، بمعني انها مثل السيارة، قد استخدمت كثيرًا و سارت كثيرًا حتي رجع عداد كيلوميتراتها للصفر مجددًا، ان هذة التعابير عند ملاك علي مدي غرابتها في بعض الأحيان قد ساعدته في توصيل فكرته بكل وضوح لمن يحدثه، و بما اوحت عينه بدأ ملاك بتجاذب اطراف الحديث معه و سأله عن عمره و شهادته و مدة اجازته و مرت فترة ليست بقصيرة من الحديث الصغير و بدأ يسأله عن مكان خدمته فأجابه انه يخدم في مرسي مطروح، فسأله عن طبيعة الخدمة، فأجابه اجابه عائمه تمامًا عن انه كان يخدم حسب الظروف و الأوامر، و لاحظ ملاك تغير ملامح وجهة و هو يجيب بصورة تكاد تكون غير ملحوظة، و لكنها كانت كافيه له ليدرك ان هناك قصة ما خلفه، و انه ليس مجرد مجند متوسط من الاف المجندين، و كانت هي فرصة لطيفه له لتضييع ما تبقي من الوقت حتي وصول القطار، فأخذ ملاك في استغلال مواهبه في الحديث و الإنصات لإقتحام اسوار عقل هذا الشاب، كان الأمر اشبه بمعركة بالنسبة لملاك، فالأمر محتاج حساب الكلام حتي تصل لمرحلة ان يعطيك من تحدثه “الأمان” و يكون هناك أساس من الثقة كافي لمشاركة مثل هذة المعلومات..  و بعد فترة طلب منه ان يأتمنه علي سر، و ادرك ملاك انه انتصر و شعر بنشوة النصر و لكن بالطبع كان عليه ان يحافظ علي مظهره المهتم الجاد، و هنا بدأ المجند في سرد قصته، كيف انه منذ ان وصل للخدمة تعرف علي احدي ضباط الكتيبة و اصبح صديق عزيز له و كيف انه بدأ يقضي الوقت معه خارج اطار العمل، و كيف انه بدا له انه مندفع و لكنه لم يعر للموضوع اهتمامًا، و كيف صارحه بحقيقة نشاطه الغير قانوني مع البدو بكل سهولة و بكل اريحية كمن يخبر صديقه بنتيجة مباراة، و كيف انه جاء الي عنبره في فجر احدي الليالي طالبًا مساعدته انه هناك شئ ما سيحدث و انه لا يجد من يثق فيه غيره، و هنا بدأت عين المجند تدمع، و لكن صمت ملاك الرهيب و عدم وجود ملامح اي شعور علي وجهه اجبر المجند علي اكمال قصته.. فأخبره كيف ذهب معه الي منطقة منعزله و فيها لم تمر الأمور جيدًا، فاضطروا للهرب في سيارته و كيف اطلقوا عليهم النار حتي اصيب صديقه في وجهه، و كيف انه عندما قال له ان لا يقلق و انه سيأخذه للمستشفي ليعالج بدأ يبكي مثل الأطفال و يتحايل عليه ان لا يفعل ذلك، و كيف اعطاه الضابط سلاحه و طلب منه ان يقتله و كيف توسل له ان في قتله رحمة له، الحقيقة ان المشهد كان غريب حقًا، كأنهم انفصلوا عن الواقع و تحولت طاولتهم الي كشك اعتراف، و هنا اعلنت المحطة عن وصول القطار، فأستغل المجند الفرصة ليسلم عليه و يرحل، بالرغم انه كان هناك وقت كافي للأكمال و لكن المجند كأنه كان في حالة من عدم الإدراك انه يحكي كل تلك التفاصيل و فاق فجأة... و علي مدي جمود ملامح ملاك، فقد كان مصدومًا، لم يكن يتوقع علي الأطلاق ان يكون قادرًا علي مشاركة قصة مثل تلك، و عاد الي اهله و قضي العيد، و لكن الحقيقة انه كان في وضع اشبه بوضع الطائرة عندما تكون في حالة الطيار الآلي، موجود و ليس بموجود، متفاعل و ليس متفاعل، سعيد و لكن بجثوم شئ علي صدره، حتي انتهت عطلته و عاد الي القاهرة، و هناك قرر ان يعلم اكثر، و ان يستغل مواهبه بحق، كان ينتهي من عمله و يرتاد القهاوي و الغرز و البارات ليصطاد احدي المعذبين، علي انه في البار لم يكن يثمل نهائيًا، كان يطلب اي مشروب و يترك زجاجة الويسكي مفتوحة ليوحي بالشرب، و لكنه كان عليه ان يحتفظ بعقله و في نفس الوقت اعطاء الأمان لمن يحدثه، و كان لديه هواية مفضله في الحديث مع الشحاذين و المشردين و الطبقة العامله، و في الأيام التي لم يكن يخرج فيها كان يرتاد الأنترنت، حيث وجد ان الناس في مواقع التواصل الإجتماعي -خلف شاشاتهم- اسهل لهم بكثير ان يشاركوا اسرارهم، فأن الجلوس خلف الشاشة يعطي شعورًا بالأمان.. اصبح لدي ملاك موسوعة، بعضها حقيقي و الأخر مشكوك فيه علي حسب وضع من يحكي، فقد يبدو منه انه يكذب، و كان هناك من يقوم بتغيير الموضوع كل دقيقتين لعدم راحته في المشاركه، و كان هناك من يتهم ملاك بما يعترف به هو حتي يشعر بالتحسن حيال نفسه، و لكن الحقيقة ان ملاك كان يستمتع بكل تلك اللحظات و لكن كان هناك مجموعة من القصص بالأضافة لقصة المجند هي من اثرت علي ملاك بشكل او بآخر، ففي مرة قابل احدي الشحاذين في شارع شامبليون و الحقيقة ان ملاك كان متعجبًا، ان هيئته توحي بأنه ليس شحاذًا، بالطبع لم يكن يرتدي “الماركات” و لكنه كان وسيمًا و مهتمًا بنفسه، مما اثار فضول ملاك، فقرر ان يشتري له عشائًا و حجرًا من المعسل، و بعد ان اكل و شرب بدأ في سرد قصته، اخبره انه طالما اراد ان يكون احدًا ما، رجل كبير ذو صيت، و كيف اراد ان يكون غنيًا و انه لولا الظروف لكان في وضع احسن الآن، و لم يتعجب ملاك من الحديث، حتي ساد صمت لفترة طويلة لم يكن يقطعه سوي صوت كركرة شيشته، و بدأ يقول انه منذ نعومة اظافره و هو يمتلك هذة الطموح، مما جعل مدير ملجأه يلاحظ هذا الموضوع من كثرة كلامه عنه، فا كان يستدرجه في مكتبه و يظهر اهتمامًا بما يقول ثم كان يرد عليه دائمًا انه لكي يكون شخص كبير عليه ان يمتلك المال، ثم بدأ يعرض عليه المال مقابل ان يقوم بخلع ملابسه و عندما كان يرفض كان يذكره بأن المال هو طريق كل شئ، فيوافق، حتي قام بأغتصابه، و لكنه لم يكن يمانع عندما يطلبه الي مكتبه، و كثيرًا ما طلبه، فقد كان مقتنع تمام الأقتناع انه علي الطريق الصحيح للحصول علي المال حتي يحصل علي فرصته و مكانته في الدنيا.. و في مرة اخري كان في بار من بارات مصر الجديدة، ليجلس بجانبه رجل في بدلة مفصلة تبدو فاحشة الغلاء، و تفوح منه رائحة عطر ليست بنفاذه ولا منعدمة، و لكنها لطيفة و رائعة تدل علي مدي غلو ثمنها، و كان يتحدث في الموبايل خلال سماعة “بلوتوث” و انهي المكالمة و طلب كأس من النبيذ عكس توقع ملاك انه رجل ويسكي، ثم شئ ما جذب انتباه ملاك في هذا الرجل، فبدأ حديثه معه و سأله عن طبيعة عمله و اخذ الرجل يحكي له عن طبيعة وظيفته المهمة و بعد فترة وضع يده للتحسيس علي فخذ ملاك و باغته فتفاجأ ملاك و قام فجأة فأخذ الرجل بالأعتذار كثيرًا و انه لم يكن يعلم و انه ظن انه بسبب انه يحادثه و يهتم بكلامه أنه شاذ جنسيًا مثله، و بعد ان انتهت اللحظات المحرجة طمأنه ملاك انه لا يحكم عليه فابالنسبة له ان كل فرد حر فيما يفعل بأعضائه التناسليه، و انه لم يغضب منه او يحتقره او اي شئ هو مجرد المفاجأة جعلته يقوم من كرسيه، فعادت الطمأنينه له و بدأ يحكي انه كان مستقيمًا، بل كان متزوجًا حديثًا من فتاة في شدة الجمال و كان يحبها حقًا، و لكن بعد قبوله الترقية في عمله و بعد ان شغل ذلك المنصب الرفيع، تحول الي شخص جديد، كان صباحًا شخص مهم يتحكم في مصائر الاف الموظفين و الملايين من الأموال جعله يشعر بثقل رهيب من المسؤولية، و لكن كل تلك المسؤولية اثرت علي حياته الجنسية، مما ادي الي طلاقه من زوجته الغير شابعه، و بعد فترة قام زميل له بالتقرب منه و كان هو سعيدًا حقًا، قبدأ بأكتشاف جانبه الخاضع، و من هذة اللحظة تحول الي شاذ جنسيًا، و انه سعيد انه قادر ان يقوم بوظيفته علي اكمل وجه ليعود مسائًا للتحرر من كل مسؤوليات السيطرة و يصبح ملك رجل آخر يتحكم فيه، و الحقيقة ان ملاك لديه نظرية طريفة عن هذا الرجل، انه كان يجب عليه العلم منذ اللحظة التي طلب فيها النبيذ، لأن معظم المستقيمين الذي يعرفهم يقومون بشرب الويسكي او الفودكا او البيرة، لكن النبيذ كان نادرًا جدًا بينهم.. و لكن عند التفكير بجدية في الموضوع فأن ملاك في رحلته تلك اكتشف ان النمطية هي شئ لا وجود له علي ارض الواقع.. و في احدي بارات الفنادق الخمس نجوم، لاحظ ملاك رجل طويل القامة في بدلة بيضاء و قميص عملاق الياقة و سلسلة غليظة، اعتقد ملاك انه قد يكون مخرجًا او منتجًا للأفلام لم تنتهي في مخيلته حقبة التسعينات و ظل عالقًا فيها، و لكن علي اي حال قد يكون لديه قصة مثيرة او اثنين، و عندما بدأ ملاك في استدراجه اكتشف انه جراح تجميل مشهور، و قال له ان مهنته ليست بالسطحية التي يتصورها الناس، فليست جميعها شفط و نفخ و شد، فهناك الجراحة الترميميه للمشوهين سواء خلقيًا او بقعل الحوادث او الحرق، و هي تطلب مجهود اكبر و صعوبة اقوي من عمليات التجميل العادية، و ان لديه حالات موثقة للعديد من المشوهين الذي استطاع ان يعيد لهم اشكالهم الطبيعية، و لكن بعد ان دب الخمر في رأسه اعترف له انه لا يستمتع بالقيام بهذة العمليات الترميمية اطلاقًا، و انه يشعر انها مضيعه للوقت و انه يقوم بها فقط للشهرة في الوسط الطبي فقط بل في بعض الأحيان يشعر بالقرف من المشوهين، و انه منذ ان كان شابًا و هو مدمن للكمال، فأنه يكره نفسه عندما يأتيه مريض مشوه و من المستحيل ان يجعله 100% طبيعي، و لكن عندما تأتيه فتاة جميلة ينقصها فقط ان يكبر مقاس صدرها درجة او اثنين فأنه يشعر بالسعادة البالغة، و اخذ يحكي له عن تعاطيه مخدر الكوكايين و انه دائمًا ما ينتشي قبل اجراء اي عملية جراحية، فا بالنسبة له هو المخدر القادر علي ان يريه حالة الكمال المنشوده فهو لا يشل التفكير ولا يصيبك بالخمول و انه بسبب انتشائه للكوكايين اعطاه الشجاعة اللازمه للقيام بأعقد العمليات الجراحية التي صنعت له اسمه و لكنه لا يستطيع التخلص من طبقيته ضد المشوهين و هو ما يجعله يأتي الي هذا البار أسبوعيًا للسكر..  و بعد مرور عدة شهور جلس ملاك في محطة القطار يفكر في القصص و المواقف التي شهدها في الفترة الماضيه، و كيف انها فتحت عينه علي العديد من الأشياء، جعلته يقترب و يري بعض الأمور علي حقيقتها المجردة، و كان هناك قصص اخري قد تكون مزعجة للفرد الطبيعي، كفتاة و شاب علي علاقة زنا محارم، و احد المتورطين في مذبحة بورسعيد غير نادم اطلاقًا و مبرر للموضوع في عقله تبرير تام، صحفي يتلقي توجيهات لنشر اخبار معينه و اخفاء اخبار اخري، ولكن كل ذلك كان يتابعه ملاك بأهتمام شديد و لا يحكم علي اي فرد اطلاقًا، و لكنه توصل لإستنتاج،  كان يفكر ان الشعب المصري، بصورة او بأخري يحتاج الي الكلام، فهو لن يتحمل رفاهية العلاج النفسي، بل ان العلاج النفسي بالنسبة له نوع من أنواع مرض الجنون و انفصام الشخصية، و بالتالي يقوم -لاواعيًا- بالحديث الصغير مع من يقابله في اقل المواقف اليومية العاديه، و قد يفسر الناس ان هذا نوع من أنواع الترابط بين الشعب المصري و لكن في الحقيقة ان الأمر اخطر بكثير، ان معظم الناس علي عدم دراية بمقدار الإختلال الوظيفي في حياتهم، و لكن هذا ليس مهم، المهم هو التغذي علي المزيد من القصص، هكذا فكر و هو يشعل سيجارة اخري في محطة باب الحديد...
0 notes
ingloriousrambling · 7 years
Photo
Tumblr media
0 notes
ingloriousrambling · 10 years
Text
Que Será Será - Part I - Short Novel | كل ما سيجري سيكون - الجزء الأول - رواية قصيرة
Tumblr media
"ملينا من الكتاب و الفنانين و الملحنين اللي بعد ما وصلوا لشهرة كبيرة غيروا من اسلوبهم و نمطهم اللي بينشروا علي اساسه عشان يرضوا الجماهير بتاعهم، للأسف بيفقدوا اللي خلاهم يتميزوا في الأصل، احبطوا معجبيهم الأصليين، و برضه ملينا من الناس اللي بتغير ذوقها في الفن عشان تنتمي او تحس بالإنتماء لجروب من الناس، او حتي عشان تعجب واحد معين، بقينا حاسين اننا عايشين في عالم من النفاق"
محاسب في البنك ليست بوظيفة احلام ولكن بالتأكيد لها امتيازاتها و خصوصًا في نهاية السنة المالية، و لعل افضل امتياز لها يحصل عليه من يعمل في القروض حيث يتعرف علي طبقات المجتمع المخنلفة و كل طلب لقرض ورائه قصة و موال دائما ما يحب محمد عبد المعطي المحاسب بقسم قروض البنك الأهلي ان يستمع اليه و ان كره شئ في وظيفته في هي هؤلاء المتسلقون الذين يسعوا للتقرب منه للحصول علي القرض بأي وسيلة سواء بإعتبارها خدمة لها مقابل مادي او خدمة يجب ان يؤدي خدمة مقابلها، يحب ان يؤدي وظيفته بما يرضي الله، او بما يرضي ضميره افضل و اقرب الي نفسه، فلم يكن متدينا او قريبا من الله، و لكن “بما يرضي الله” هي الكلمة المتعارف عليها و المنتشرة و لذلك هي اول جملة تخطر علي باله عند ذكر المواقف المشابهة مع زملائه، و بالتالي خلق محمد عبد المعطي روتينه الخاص يسير عليه في يومه و تعاملاته، يستيقظ من النوم في السابعه صباحا و يستعد من أجل العمل في حدود النصف ساعة و لكن ساعات عمله لا تبدأ الا العاشرة صباحا، و بالتالي يتبقي له وقت متسع يتصفح فيه الإنترنت مع كوب من الشاي، او قد يقرأ الجرائد اليومية، حتي في هذا الأمر فمحمد لم يكن طبيعيًا في فعله، فقارئ الجريدة يهتم، يهتم ليعرف، يهتم بما يحدث في البلد، و بالتالي يشتري الجريدة اليومية ليقرأها، و قد يجد بها موضوعًا يهمه او قرار وزاري يخص الجهة التي يعمل بها، اما محمد فيقرأ الجريدة لأنه لا يوجد لديه شئ افضل يفعله، يقرأها بدون اهتمام، و قد يقرأها حتي وهو يفكر في اي امر آخر، و نادرا ما يجد مقالا يلفت انتباهه فلا يشعر بمرور الوقت في قرائته، ينتهي من الجريدة فيظل جالسًا في صالون شقته عاقدا يديه فوق رأسه يخفضها فقط لينظر اذا حانت الساعة العاشرة ام لا، و هو اكثر شئ تكرهه نفسه و يعتبر ان ذلك سوء فأل و ان اليوم سيكون سئ و ممل مثل صباحه، بل ان تلك الفكرة المحددة هي التي تستهلك صباحه، يحب ان يتحدي و يراهن نفسه بمبالغ مالية، بالطبع لا يدفعها -لنفسه- فيما بعد بغض النظر عن نتيجة الرهان، علي مجري احداث اليوم، ينزل ليستقل سيارته، الحقيقه ان رحلته بالسيارة من المنزل الي البنك من أمتع اوقات يومه، و خصوصا اذا كان الطريق لا يتحرك و تلك بمسابة مأساة كل سائق ولكنها قمة السعادة له، يجلس في السيارة بأسترخاء يستمع للأغاني، تحتوي “فلاشته” علي العديد من الأغاني البوب القديمة من التراث التي يعشقها، حتي تلك الأغاني القديمة تدعو محمد للتفكير في كلماتها، فمثلا أغنية Carpenters - Close to you تقول Why do birds suddenly appear Every time you are near? Just like me, they long to be Close to you. Why do stars fall down from the sky Every time you walk by? Just like me, they long to be Close to you. في رأيه، ان تلك الكلمات من أجمل ما سمع في الحب و الرومانسية و لكن، لماذا لا يشارك المصريين بعضهم بمشاعر كتلك التي تفيض من كلمات الأغنية؟ هو لم يعيش اي قصة حب او ما يشابه قصة حب حتي بمعناها الرخيص في العرف المصري، ولكنه حضر العديد من قصص زملاؤه من ايام المدرسة و الجامعة، لماذا يجب ان يكون الرجل في العلاقة جلفًا خشن متحكمًا و لماذا يجب علي الفتاة ان تؤمن انه من الضروري الحتمي ان تكون كل علاقة نهايتها الزواج؟ لماذا لا يشارك فردان ولو ليوم واحد مشاعر متحررة من اعراف المجتمع، يشاركون في علاقة لا تنتهي بزواج او بعلاقة مؤقتة تستغرق عدة شهور او سنة ثم تنتهي. لا يلقي محمد بمثل تلك الأفكار دون ان يسأل ماذا سيفعل لو كنت في ذلك الموقف ؟ بالطبع لن تكون لديه الجرأة الكافية ليكون في مثل هذا الموقف، و لعل الجرأة ليست مطلوبة في هذا الموقف، انه لا يمانع ان يغير من نفسه حتي ان كان هذا في وجودها فقط، تغيير طباعه للأحسن و محاولة تحسين نفسه بصورة مستمرة ليست الا دليلا علي صدق المشاعر، يريد ان يعرف فتاة حتي ان طالت علاقته بها لسنوات عديدة يظل يتلعثم عن مقابلتها او سماع صوتها او اجراء اي حوار معها، كما انه لم يجد بعد الفتاة التي من الممكن ان تتقبل مثل هذا النوع من العلاقات او التعامل الذي لا تجده الا في الروايات الأجنبية و الأفلام، رغم ايمانه بأن هذة هي الطريقة الوحيدة للتعبير عن صدق المشاعر، الا انه لا يتخيل الأمر الواقع علي الأطلاق، لا يتخيل نفسه او حتي غيره في مثل هذا الموقف، و لكنه لن يتنازل عن المبدأ و بتزوج زواج الصالونات التقليدي، انه لا يطيق ذلك المفهوم و لا يدرك كيف يتحمله الناس، ولا عجب انه عندما يحادثه في هذا الأمر او يدعوه لمناسبة ما “جايز تلاقي حاجة حلوة” يكشر محمد عن انيابه و يتحول لوضع دفاعي اميل الي العنف فيتعجب من يدعوه و يمضي متعبجا من سلوكه الدفاعي المفاجئ، و مهما مرت السنين بمحمد، لن يتخلي عن الفكرة، و ان عني هذا ان يظل وحيدا في شقته لا يفعل اي شئ سوي قراءة الجرائد و شرب الشاي.
يصل الي البنك و يركن سيارته في المكان المخصص له، لا يخرج من سيارته مباشرة، بل يجلس و يفكر ان امر العمل اصبح حتميًا و أنه لا مفر من الذهاب الي المكتب، يكون في حالة من التعب كأنه لم ينم منذ أيام، و لكنه في الواقع في حالة من التعب العقلي الذي يدرك ان امامه يوم طويل و بالتالي يترجم ذلك الإدراك الثقيل علي القلب الي حالة من الخمول و التعب غير حقيقية، فعندما يدرك انه يكفي جلوسًا و يخرج و يتبادل السلام مع عم يحيي أمين الشرطة المكلف بحماية البنك يذهب ذلك التعب الإفتراضي و يعود اليه نشاطه المعتاد. أيام الخميس هي الأيام الأكثر مللًا بالنسبة لمحمد، و هي الأيام التي يطول جلسته في السيارة، لماذا يعتبر الناس ان البنك مغلق يوم الخميس؟ هل مذكور في دين ما انه يجب ان تؤدي تعاملاتك البنكية يوم الأحد، و هو أكثر الأيام ازدحامًا في البنك؟ بلا شك اكثرهم تعبًا ولكن علي الجانب الجيد فهو لا يشعر بمرور اليوم و يعود الي منزله كأن دوامه الذي يستمر من العاشرة الي السادسة اصبح ساعة زمن، و علام الإستعجال من الأساس ؟ فلا زوجة يعود اليها، ولا مجموعة ليسهر معهم. فيكون الخيار المتاح اما قراءة كتاب من الكتب التي يشتريها بصفة مستمرة و هو عالم اكتشفه حديثًا و هو الحقيقة لم يدخله حبًا في زيادة ثقاقته و لكن مساعدة من الكتاب علي مرور الوقت سريعًا، و لكن عندما اكثر في القراءة اصبحت محاولة مرور الوقت سريعًا هواية أساسية له اما الخيار الآخر فهو مشاهدة التلفزيون، و حتي عند مشاهدة التلفزيون فهو لا يقوم بتلك العملية البسيطة بصورة طبيعية، فهو يشاهدة بنصف عقل، اما نصفه الآخر فيقوم بتخيل سيناريوهات و مواقف قد تحدث و قد لا تحدث له ، و في الغالب بل دائما لا تحدث له، او يفكر في احدي مواويل طالبين القروض و يضع نفسه اماكنهم و يفكر كيف كان سيتصرف؟ قد يشد انتباهه في التلفزيون شيئا ما يجعله يفكر فيه مثل كاراڨتة مذيع تدخل تحت خط طرف القميص او مذيع آخر من اشهر المذيعين يضع في جيب بدلته قلم فرنساوي لا يتعدي ثمنه الجنية الواحد، اما في ذلك اليوم و هو جالس يتابع الأخبار علي الأنترنت قرأ الروائي رؤوف الجبالي الروائي المفضل لدي محمد سيقيم ندوة غدًا في مكتبه ينافش فيها قراءه و مر الخبر علي محمد بصورة عادية و لم يلفت له اي أنتباه يذكر. لا يظل محمد مستيقظًا في سريره كثيرًا، فهو يقوم بمعظم التفكير أمام التلفزيون او الكمبيوتر، و لكن في ذلك اليوم خطرت له فكرة حضور تلك الندوة لكاتبه المفضل و لم يعط الأمر تفكيرًا بل اطمأن لها و نام علي الفور و في اليوم الثاني و في الفترة بين السابعه صباحًا و العاشرة لم يقرأ جرائدة و لم يعقد يديه فوق رأسه و انما ظل يبحث في الإنترنت و الإستعلامات علي عنوان مكتب هذا الكاتب، الحقيقة ان العملية اخذت وقتًا اكثر من اللازم لأنه في النهاية كاتب مغمور ينشر علي حسابه الخاص، ولكنه دائمًا ما لائم ذوق محمد في الكتب، فهو لا يكتب في مواضيع التيار العام كالحب او الحرب او معيشة الفقراء بل ان كتبه تخاطب العقل مباشرة، سطر من واحد من كتبه كفيل بأن يثير معضلة اخلاقية، او يجعلك تفكر في جانب من جوانب الحياة و تنظر اليه بمنظور آخر، كانت كتبه بالنسبة لعامة القراء “وجع دماغ و ملهاش لزمة” و لذلك لم تشتهر كتبه و ظل في نطاق الكتاب المغمورين عرف محمد موقع مكتبه و تأكد منه و توجه الي عمله، لم ينتظر في السيارة ولو لثانية واحدة بل توجه فورًا الي مكتبه في البنك كأن هذا سيسرع مرور اليوم بشكل ما، يا الله، هل كان من الضروري ان يكون اليوم هو يوم الخميس؟ الم يكن من الأفضل ان تكون الندوة الأحد، و لكنه اكتشف انها من الأفضل ان تكون الخميس حتي لا يذهب اليها متعبًا، يظل في مكتبه يجئ و يذهب ثم يخرج من مكتبه و يمر علي زملاؤه جميعهم لعله يجد شئ يسليه، لا يجد شئ و يعود الي مكتبه. و يبدأ التفكير، كم يكره العمل الحكومي! يكره حصانته! ان كان هناك مثال يعبر عن الموظف الحكومي في مصر، انه لا يضرب الا بالنار، لا يمكنك ان تأذيه الا بالعيار الناري، يمكن له ان يقوم بالمخالفات كيفما يشاء، بل ان محمد يمكنه ان يمنح قرض بمبلغ مالي كبير لمشروع غير مضمون و يخسر في النهاية، و بالنهاية ينال جزاء حرمان من المرتب 15 يوم او حرمان من العلاوة التشجيعية، ليس معني فكر محمد عن العمل الحكومي انه مهمل في عمله او مدرك انه محمي بواسطة قانون وزارة الماله و نقابة التجاريين انه سيفعل ما يحلو له، بالعكس فأن محمد من اكثر الناس المتقنين في عملهم، لا يمكنك مهما حاولت ان تلتقط اي خطأ في اعماله الورقية، حتي القروض التي يمنحها فهو لا يمنحها لمن يري فقط انه يستحق هذا المال، بل لمن يري انه سيحقق اعلي عائد للبنك، فهذا عمل، و في العمل يجب الا تتدخل المشاعر. و ان ادرك محمد ما له و ما عليه، فالموظفون علموا ما لهم جيدًا، مما اعطاهم نبرة استعلائية، يتعاملون مع المواطن كأنه قادم ليطلب منهم خدمة وليس حقًا، فكم موظف أجل مصلحة شخص ما ليوم آخر لمجرد كسل الذهاب الي الآرشيف، و كم من عنف و تبادل السباب يحدث بسبب اصرار احد ما علي ان يحصل علي ما يريد، ولم تلوم الموظف؟ فلم يتحمس للعمل و هو يحصل علي قليل من المال آخر الشهر لا يشعر انه يكفي ما اداه من العمل؟ ولكن يري محمد ان ذلك التغطرس و التكاسل في اداء العمل هو سببه الأساسي انعدام الرقابة، و حتي ان تحول للتحقيق في احد المواقف، فالذي يحقق معه “لن يأذي زميل له” و سيحكم لصالحه كما هو المعتاد. العمل الحكومي هو المسئول عن فراغ محمد الآن، لماذا لا يوجد نمط عمل يومي معين؟ بدلًا من زحام العمل في يوم او اثنان من ايام الأسبوع ليجلس باقي الأيام لا يفعل اي شئ؟ و يظل الوضع علي ما هو عليه دون ان يصل الي حل! ولكنه وصل الي نهاية اليوم! يصل الي منزله، يغير ملابسه و يتجه الي الثلاجة و يأخذ منها جعة جزور باردة، لا يوجد وقت كافي لأعداد الغذاء، يفتح التلفاز ليشغل ما تبقي من وقته، يجد نفسه يقلب في القنوات دون حتي ان يلتفت لما يعرض عليها من برامج او افلام؟ لما هو متوتر بهذا الشكل ؟ هل هذا بسبب انه علي وشك ان يري كاتبه المفضل ؟ ام ان السبب الأساسي ان هذا هو اول شئ مثير يفعله في حياته؟ ام انه القرار نفسه ما يثير توتره؟ انه لم يتخذ قرار بهذة السرعة من قبل؟ لم يترك لنفسه وقتا ليجيب فقد حان الوقت للذهاب الي هذه الندوة. ينزل الي الشارع مجددًا و يتجه الي سيارته… يقود ليجد الطريق مزدحم بشدة، يزيد توترًا، اهذا كيف يشعر بقية السائقين في الزحام؟ ابسبب خوف من تأخرهم عن الميعاد ام ان حياتهم عبارة عن سلسلة من الأحداث المثيرة؟ يشغل الأغاني ليحد من توتره لكنه لا يركز معها اطلاقآ و يشغل تركيزة علي العثور علي حارة تسير اسرع من باقي الحارات، و يظل يسأل نفسه لماذا الحارة التي هو بها لا تتحرك؟ لماذا تتآمر ضده الظروف؟ يصل في النهاية الي مكان الندوة.. مبكرًا 45 دقيقة! محمد ليس من ذلك النوع من الناس الذي يصل متأخرًا اطلاقًا.. ليس ذلك النوع الذي تتصل به ليخبرك انه في الطريق بينما لم يجهز بعد.. بل يصل مبكرًا و يظل منتظرًا في سيارته حتي يحين الموعد المتفق عليه، اما هذة المرة لم ينتظر في السيارة، بل خرج و ذهب ليخبره حارس الأمن ان “لسه نص ساعة يا أستاذ” ليعود الي سيارته مجددًا منتظرًا حتي تنتهي النصف الساعة. ولكن بعدها بعشر دقائق تتوقف سيارة حمراء صغيرة متهالكة امام العمارة المقام بها الندوة ليخرج منها شاب لا يتفق حاله مع حال السيارة، استنتج محمد بعدها انه الكاتب، يرتدي بدلة كحلي مفصلة تفصيلًا دقيقًا عليه، لا كم طويل ولا واسع، كأن هذة البدلة قد فصلت خصيصًا لهذا اليوم لكي يظهر بهذا المظهر المتأنق الرائع، يقف رؤوف الجبالي يتحدث مع حارس الأمن قليلًا يظهر من هيأته انه حديث غير متكلف بين صاحب عقار و حارسه، لعله يسأله عن حال زوجته و اولاده. انتهي الحديث بينهم و دخل رؤوف العمارة و نزل خلفه محمد، ولكن عند البوابة استوقفه الحارس مرة اخري و لكن محمد قال له “انه تبع رؤوف بيه” فتركه يدخل دون اي كلام آخر، و صعد السلالم وراء رؤوف و خلال صعوده اخذ يفكر بما فعله مع ذلك الحارس، تصرف عشوائي لم يعتاد عليه محمد اطلاقًا، علي الرغم من ان والد محمد محمود عبدالمعطي -المتوفي- مستشار بوزارة العدل و رئيس محكمة جنايات القاهرة- يتمتع بحصانة قانونية و بالتالي تنعكس تلك الحصانه علي ابنه محمد حتي خلال كارنية نادي القضاه و لكنه لم يدرؤ اطلاقا ان يستخدم اسم ابوه في اي شئ، يدخل كمين مرور او نقطة تفتيش فيخرج رخصه او بطاقته ولكنه لم يجرؤ ان ينظر في عين امين الشرطة و يقول له المستشار محمود عبد المعطي، فلم اليوم يقول للحارس انه تبع رؤوف بيه؟ بل انه كذب؟ اليوم منذ ان بدأ يسير بطريقه غريبة، وبدلًا من ان يشعر بالحماس و الفرح لهذا التغير المفاجئ يغرقه في تفكير عميق. يدخل الشقه الذي سيقام بها الندوة و يتخذ مقعده بها و ينتظر بدأ الندوة، يتعجب من ديكور الشقة، ففي فكره ان شقق و مكاتب الكتاب يجب ان تكون مزدحمة بالأوراق و الكتب الملقاه في كل مكان، ولكن هذا المكتب انيق، انيق بشكل اكثر من اللازم، بالضبط مثل بدلة رؤوف. يدخل رؤوف من باب خلفي و يتخذ مقعده وراء المقعد ليبدأ ندوته…..
0 notes
ingloriousrambling · 10 years
Text
أسامي افكار - قصة قصيرة | Thoughts names - Short story
21 ديسمبر 1908 ...  الساعة 12 ظهراً ... الجامعة المصرية ...  يقف الأمير احمد فؤاد تحت قبة الجامعة الشهيرة يفكر في الخطاب الذي سيلقيه خلال لحظات محدودة ..  لم يفكر في الرهبة من الموقف ..  لم يفكر في الآلوف المنتظرين خطابه ..  لم يفكر في كيفية استجماع الكلمات و القائها بطلاقه .. و لم يفكر في مدي عظمته و عظمة إنجازة و انه سيتم تخليد اسمه علي مر القرون كصاحب أول جامعة مدنيه علمية في الوطن العربي ..  و انما أخذ بالتفكير في كيفية بناء قبة بذلك الحجم دون وجود عواميد خرسانية لدعمها !! 21 ديسمبر 2010 الساعة 12 ظهراُ .. جامعة القاهرة ..  يقف احمد فؤاد تحت قبة الجامعة الشهيرة .. لكنه لا يفكر في خطاب علي وشك ان يلقيه .. لا يفكر في مدي عظمة إنجازة حيث انه لا يوجد اي إنجاز له, إلا اذا اعتبرت ان الإلتحاق بكلية الحقوق يعد إنجازا..  لا يفكر حتي في الإمتحان الذي يجب ان يؤديه خلال ساعة زمن.. الحقيقة ان افكار احمد فؤاد طالب كلية حقوق الفرقة الأولي لا تقل غرابة عن افكار الأمير احمد فؤاد ولي عهد المملكة المتحدة في ذلك الوقت ..  ولكن تلك الأفكار لم تكن تتعلق بكيفية بناء القبة ..  و انما تعلقت بعدة معضلات هاجمته فجآة بدون سابق إنذار ..  لعل السبب -كما يدرس في علم النفس- تعرضه لعدة مثيرات حسية منذ اول اليوم اثارت زناد افكار عقله الباطن الذي قرر ان يهاجم عقله الظاهر فجأةً في تلك اللحظة تحت قبة جامعة القاهرة ..  فما هي تلك المثيرات التي تعرض لها احمد فؤاد منذ خروجه من منزله ذلك اليوم؟  اصطدم بجاره العجوز يوسف و هو ينزل علي سلالم عمارته الذي بادر بالإعتذار له ثم تبادلوا الحديث  ثم خرج احمد ليلحق بأوتبيس الهيئة ..  يركب الأتوبيس و يشرد في التفكير في الأمتحان 
يلاحظ شاب و فتاة في اوائل العشرينات كما يعتقد, يمسك الشاب رقبة الفتاة بوضع غريب ثم يميل الي اذنها و يهمس ثم يضحكا سوياُ..  و لكن ما اثار استغراب احمد هو "استايل" هذا الشاب .. يرتدي جاكت من الجلد عليه جمجمة من الترتر و شعره مصفف علي طريقة "عرف الديك" حيث وضع كريم "جيل" بكثافة لدرجة انه يعكس نور الشمس الواقع عليه..  لم يلقي اليهم بالا كبيرا و استمر في مراجعة "نظرية الحق" التي سيُمتحن فيها بعد ساعات قليلة.. يمر الأتوبيس في كمين للتفتيش و يلمح أحمد الظابط المسؤول .. لا يختلف كثيرا عن اي ظابط اخر ..  يرتدي "بالطو" اسود فخم عليه دبابير الوزارة و نظارة راي بان الكلاسيكية و بجانبه طاولة صغيرة عليه زجاجة مياة "مشبرة" و فنجان قهوة و لاسلكي الوزارة لا يكف عن الأخباريات و لكنه لا يحفل به.. يحمل بيده جرنال اليوم يقرأ فيه بينما يترك العساكر يقوموا بأعمال التفتيش..  يمر الأتوبيس من الكمين بسلام و يكمل طريقه الي الجامعة .. 
يصل احمد الي الجامعة و يتجه الي مبني القبة حيث يحب الجلوس تحت القاعة لتصفية ذهنه قبل الأمتحان و لكنه سمع صوتا ينادي عليه  -يا أحمد -ازيك يا ياسمين عامله ايه؟ -معلش كشكولك اهه.. مش عارفه انت ذاكرت ازاي امبارح -مش مشكلة رحت ذاكرت مع واحد صاحبي.  -مش عارفه اشكرك ازاي؟ -علي ايه؟ ده ولا حاجة.  يكمل طريقه الي المبني و يدخل القاعة ليجدها مظلمة كما يحب ان تكون..  جلس أحمد في آخر القاعة علي كرسي مفعم بالغبار لكنه لم يهتم ..  كان اليوم مختلفا عن كل مرة جلس فيها..  لم يصفي ذهنه اليوم..  و انما جلس ليستعيد احداث اليوم البسيطه من اوله  اصطدامه بجاره يوسف الرجل الطيب و تبادل الحديث معه..  يبدو الحديث عاديا لأي شخص تقصه عليه.. و لكنه كان حديثا متوترا في وجهة نظر أحمد  يسأله الرجل عن حاله في نفس اللحظة التي يسأله فيها احمد  و يجاوب احمد في نفس اللحظة التي يجاوب فيها الرجل  كان يجب ان يبتسم و يتمهل.. هذا ما سيفعله الشخص الطبيعي في تلك الحاله ولكن أحمد لم يتمهل و كأنه يريد ان ينتهي من هذا الحديث في اسرع ما يمكن مع ان هذا منافي للواقع لم يكن احمد فاشل اجتماعيا .. لديه حلقة لا بأس بها من الأصدقاء و المعارف.. و لكنه بالتأكيد فاشل اقصي درجات الفشل في المواقف المشابهة ...  يترك أحمد اغرب انطباع لدي من يتعرف عليه لأول مرة..  لكن من يعتاد عليه يجده شخص طبيعي تماما. يظن احمد ان الشخص الأجتماعي بالفطرة دائما ما يكون منخفض الذكاء او عديم الشخصية..  عليه ان يرضي جميع الأذواق و جميع الأفكار..  لكنه كان يظن ايضا ان تلك الفكرة ليست الا "قصر ديل" منه و حقد علي الأجتماعيين..  يالله.. لعل الرجل الآن يسخر منه او لعله يتعحب في نفسه من "شباب اليومين دول"  طرد احمد تلك الفكرة لأنه يؤمن ان الشخص لو ادرك عدد الأشخاص -وهو عدد يزيد عن الصفر بقليل- الذين يهتمون لأمره بالفعل .. او حتي يعطونه اقل قدر او مجهود من التفكير ..  الشاب و الفتاة في اتوبيس الهيئة .. وسوسة بكلمات رومانسية ؟ في اتوبيس الهيئة ؟ ماذا حدث للورد و الأشعار و شجر المعادي ؟ يخبره اصحابه دائما انه "نوستالجك" و "كان زمان و جبر"  يدرك احمد ذلك و لا يعترض علي هذا الرأي بل و يوافق عليه..  انه يدرك ان الزمن غير الزمن .. و لكن رومانسية في اتوبيس الهيئة ؟  هل وصلت معاني الرخص و الأبتذال الي هذة الدرجة ؟ ثم لماذا تنجذب هذة الفتاة الي هذا الشاب ؟ سرسجي ؟  لم يدري كيف يصفه .. و لكن بذلك الجاكت و ذلك الشعر هذا اقل وصف يمكن ان يطلق عليه الحقيقة انه يمكنك ان تقول ان أحمد "عايق" و يهتم بمظهرة من ناحية الملابس اكثر من اللازم و هو يدرك هذة الحقيقة و لكنه لا يهتم ..  فهو يرتدي لنفسه لا ليعجب احد او يثير اهتمام احد به..  و ان اراد ان يلبس لذلك الغرض فالبتأكيد لن يقع اختياره علي جاكت مرسوم عليه جمجة من الترتر.. و لكن من الواضح ان هذا الستايل هو ما يثير الأعجاب هذه الأيام...  لم يكن هذا الشاب و هذة الفتاة حالة استثنائية ..  هم كثر .. في كل مواصلة و مترو و كنبة علي كورنيش ماسبيرو..  الظابط في الكمين ...  يكرة احمد -كأي مواطن طبيعي- وزارة الداخلية و العاملين بها من اصغر مجند لأكبر لواء..  عجرفة و تكبر من العاملين بها كأنهم آلهه منزلين من السماء ..  ينظر الي احدهم فيصاب بالقشعريرة و يتمتم ان الظلم دائما نهايته قبيحة.. و لكن ماذا اذا تغيرت الموازين ؟ ماذا لو جلس أحمد تحت تلك المظلة في ذلك البالطو الفخم ؟ يأمر فينفذون ..  السلطة في يده.. العلاقات و الجاه..  اسلوب الحياة السهل دون "المرمطه" في المصالح او الجهات العامة و الخاصة..  احترام و تقدير..  يكره احمد نفسه عندما يفكر في ذلك ..  ازدواجية قذرة..  يجب عليه الا يكره الداخلية و في نفس الوقت لا يتمني ان يكون صاحب سلطة مثلهم.. ياسمين..  لماذا يقع في غرام كل فتاة يعرفها تعيره اقل قدر من الأهتمام؟  حديث عابر بينه و بين ياسمين او غيرها يجعله يؤلف سيناريوهات خيالية قبل ان ينام؟ انه يدري ان احتمالية وجوده مع ياسمين لا تتعدي الصفر بالمئة ..  فما الداعي لتأليف قصص يكون هو بطلها ؟ انه حتي لم يحادثها بأي موضوع خارج نطاق الجامعة و الدراسة حتي اذا افترض فرضا انه يعلمها تمام العلم .. و يحادثها في اي شئ..  يعلم انه لن يملك الجرأة ليخبرها انه يحبها.. ثم ان انه لا يحبها من الأصل .. انه لا يعلمها و لا يعلم عنها اي شئ ؟!  هل فقدان امه هو سبب تلك الأفك "انت يابني .. بتعمل ايه عندك .. القاعة مقفولة"  "ولا حاجة يا عم .. ولا حاجة"
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
جلال امين - الديموقراطية
لم اتحمس قط اذن لما يسمي الديموقراطية الأمريكية بل وجدت فيها الكثير من الزيف و الإدعاء, إذ اعتبرت ان اقل انواع النظم حرية و ديموقراطية هي تلك التي يظن فيها الناس بأنهم احرار و يتمتعون بأستقلال الرأي و الفكر دون ان يكونوا في الحقيقة كذلك, بل اعتبرت ان مصر و امثالها -مما شاع اعتبار نظام الحكم فيها شموليا- و هو بالفعل كذلك.. قد ينعم اهلها بدرجة اكبر من الأستقلال و حرية التعبير عن النفس مما يتمتع به الأمريكيون, لمجرد أن المصريين لا يعتريهم شك في اي وقت عن زيف ما يزعمه نظامهم من ديموقراطية, و لا تثير فيهم الدعاية السياسية من خلال وسائل الأعلام إلا السخرية المعلنة او الصامته, بينما يبدي الأمريكيون استعدادا مدهشا لقبول كل ما تقولة لهم وسائل الأعلام.
-جلال امين - ماذا علمتني الحياة؟ 
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
الحاج - قصة قصيرة The Haj - Short story
يتقدم الحاج عمران طريق حارة البياضيه المتصاعد و ينحرف يمينا الي باب انطاكيه حيث يقبع دكانه لبيع العطاره.. 
يلقي السلام علي من يمر به سواء من سكان الحاره او من الباعه جائلين و غير جائلين.. ينحني له الواقف و يقف له الجالس.. فهو يعلمهم جميعا و يعلمونه.. 
يذهب الي دكانه فينحني الي قفل الباب الحديدي ليفتحه  في حركة مسرحيه مفتعله, لأنه يدرك في قرارة نفسه انه لن يفتح الدكان بنفسه, و انما كانت تلك الحركه مجرد اشارة حتي يندفع له احد شباب الحاره و يقول له بصوت عالي جدا "عنك يا حاج" كأنه بذلك الصوت يعلم اهل الحاره مدي قربه من الحاج عمران. 
و ما احرصهم علي قربهم من الحاج.
لا شك ان طلعته بها شئ ما يدفعك الي احترامه, جلباب ابيض ناصع البياض عليه شال من الكشمير البريطاني الأصيل.. يد بها عصاة من الفضه يشق بها طريقه المتصاعد في الحارة.. و اليد الأخري بها سبحة عظيمة الحجم ورثها عن جده.. 
اما كرشه العظيم فلم يرثه انما استحدثه بعد نجاح تجارته.. بجانب الصلعه الواسعه التي تزداد اتساعا مع تقدمه في العمر.. 
يسمي الله عند دخوله المحل و يجلس علي مكتبه القابع تحت صوره للشيخ الشعراوي و صورة اخري لأبوه كعادة تجار العطارة..
بالرغم من ان ابوه عاش و مات و هو لا يفقه في العطارة شيئا, ولكنّ العرف قد قضي بذلك..
قصة نجاح الحاج عمران اشبه بالقصص الأسطورية التي تسمعها دائما و انت جالس علي مقهي في وسط مشابة او تحكيها لك الخادمة او العامل الذي يبيع لك الخضار.. 
ولد فقيرا و اضطر الي العمل كصبي عند عطار حتي احترف و استقل عن العطار عندما اشتد عوده و بدأ تجارته بنفسه.. 
يضغط الحاج عمران علي المذياع حتي يصدح صوت الشيخ ماهر المعيقلي او ابو بكر الشاطري او غيره من الشيوخ الذين تحفل بهم اذاعة القرآن الكريم المحليه.. 
يأمر مساعده بأن يأتيه شايه المعتاد.. ثقيل اسود فحم معلقتان سكر مع عود نعناع علي عادة الصعايدة.. و هو دائم الفخر بأصله الصعيدي متشدقا بكرمهم و شهرتهم بها.. 
ينتهي الحاج عمران من الشاي ثم يقوم و يتوضأ و يصلي الضحا ثم يتمتم بأذكار الصباح و سورة الكرسي ثم يقول بصوت مسموع توكلنا علي الله.. 
ينهال الزبائن علي محل الحاج العمران بإعتباره العطارة الأكثر ضمانا كما ان الحاج عمران -وهو الصعيدي الشهم الكريم- لا يتعبهم في الفصال و هو يزيد في الكمية عن الكمية المطلوبة.. 
بل ان الحاج عمران في بعض الحالات قد يعطي الطلب مجانا و لا يتقاضي مقابله اي شئ غير الدعوه بالصلاح و الكثرة من امثال هذا الحاج.. يحس ان الله قد اكرمه ولا بد ان يوفي بعض هذا الدين. 
و لكنّ الحاج عمران ليس معروفا بصلاحه و تقواه و اتقاء ربه فيت تجارته فقط.. الحاج عمران هو عمدة باب انطاكيه كلها, عنده يتصالح المتخاصمون و يلجا له الضعفاء المستضعفون حتي ينصرهم..
كان احد شيوخ الحاره القدماء او ولاة الدوله العباسيه.. انها تلك المكانه السياسيه المكتسبه الغير معينه من رئيس.. انما تكتسبها بشخصية او بأموال او بتجارة, و هي من اشد المكانات السياسيه تأثيرا في الناس.. فهم يثفون في هذا السياسي الذي تم تعيينه من قبلهم عكس السياسي المفروض.. 
لا شك ان الحاج عمران يشعر بزهو داخلي عندما يدخل علي قوم, و خصوصا في المشاجرات الكبيره التي يحضرها اغلب اهل الحارة.. يتطلع الي وجوههم المتحيره الواجمة التي تتوق الي نصحه و ارشادة و توجيهه او حكمة بين متخاصمين.. 
يلقي عليهم السلام و يردونه بما احسن منه مرددين الشكر لأقتطاع وقت من جدوله حتي يمر بهم و ينظر في امر تلك المشكلة.. 
ينتهي الحاج عمران من عمله في العطارة مع أذان المغرب.. يذهب الي الجامع المجاور ليؤدي الصلاة, و هو غالبا ما يؤم الجماعة نظرا لمكانته ثم يتجه الي منزله في نفس الوقار الذي جاء به. 
يدخل ليستحم ثم يخرج بعد ان نفض عنه تعب اليوم و يتحول حال الحاج عمران جذريا.. في بيته يكون الحاج عمران عمران فقط.. يصنع كوب من الشاي خفيف بدون سكر, يجهز نارجيلته ثم يفتح التلفزيون علي قناة مزيكا الغنائيه.. 
كان استحمام الحاج عمران هو نهاية المسرحيه التي تمتد من الصباح حتي المساء في عرض مستمر.. 
اقلاء من الناس يعلمون قصة عمران الحقيقيه.. و قد حرص عمران اشد الحرص علي قطع علاقته بهم اشد القطيعه.. 
في بداية حياتة.. و بعد قرارة بالأستقلال عن العطار الذي كان يعمل لدية ... درس الحاج عمران المجتمع المصري بمختلف فئاتة المجتمعية و قارن حالاته بحالته.. لم يكن الحاج عمران جاهز للتأهيل العسكري ولا للعلم حتي يصبح ضابط او عالم او حتي مهندس و دكتور 
وجد ان الطريق الوحيد للتسلق في هذا المجتمع بظروفة الحالية عن طريق التدين والصلاح و السمعة الطيبة .فأطلق لحيته و قرأ كتابان كاملان في شؤون الدين و الدنيا و القضايا الفقهية و كتاب آخر في المذهب الوهابي و حفظ الآيات الدائمة التداول بين الناس و حلول القضايا الدنيوية المعروفة كقضايا الغش في المكاييل و الطلاق و الجماع خلال الصيام و تأديب الزوجة و خلافها مما يشتد فيه الجدل و اتخذ تجارة العطارة التي يفقه فيها صلة مع طبقات المجتمع
و لعل اكثر الآيات التي تورد علي لسان الحاج هي 
 فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
 يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
  و هكذا شق الحاج احمد طريقة في المجتمع عن طريق "صلاحه و تقواه الله" و سرعان ما اكتسب مكانة اجتماعية و ذاعت شهرته في الحارات و الأبواب المجاورة.
و ها هو ذا.. الحاج عمران في جلبابة ناص البياض و عبائته الكاشميرية بريطانية الصنع.. يرفض الوقوف في مجلس الشعب تحية للسلام الوطني المذاع. 
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
قصه قصيره -الأستاذ الدكتور The Professor - Short Story
الأستاذ الدكتور احمد مجاهد..
انت عميد كلية هندسه جامعة اسيوط الحاصل علي عدة بي اتش دي في مختلف المشاريع الهندسيه حيث بلغت  ابحاثك من الدقه انها درست في جامعة ماساتشوستس في بوسطن بالولايات المتحده و قد شهد لك عدة من الأساتذه الأمريكيين بعظمة ابحاثك و انها "خطوه لحقبه تكنولوجيه آتيه لا محاله" .. 
رفضت العمل في ال��ارج رغم المبالغ الخرافيه التي عرضت عليك, و انت بذلك دائما ما تتشدق انك "لم تترك السفينه الغارقه" 
و هناك شئ عجيب فيك يا سيادة الأستاذ الدكتور.. رغم وصولك الي اعلي منصب يمكن امثالك من اساتذة الجامعه الوصول اليه و هي عمادة الكليه و لكنك لم تكف عن التدريس قط و خاصة مادتك المفضله النسبيه و الأحتماليه و ما يلحتق بها من معادلات و خصوصا معضلة مونتي هول الذي لطالما احسست انك بطل الأبطال و عالم العلماء عندما استطعت حلها.
يكاد العاملون ينكسرون من الأنحناء لك عند مخاطبتك, رغم جهلهم بما تعلم, و لو اخبرتهم انك استطعت تحويل الماء الي عصير لصدقوك عن طيب خاطر, و لكنهم يقدرون انك رجل عالم و انك شققت طريقك في هذا العالم بأستعمال عقلك.. و لهذا يحترمونك ولا يجرؤ احدهم علي مجادلتك حتي في ابسط الأشياء.
و هم في ذلك مثل طلابك, و خاصة النجباء منهم, ينظرون اليك في شئ من التأليه و هم معبودوك الذين يحاولون ارضاؤك حتي ولو بالقليل. 
تسير في حرم الجامعه ببدلك البييركاردين و البرادا و الجوتشي مظهرا علي وجهك سحنة العالم المعروفه.. يا رب انت فوق و انا تحت 
 مقتنع انك لا تكون الا بعقلك و ذكائك.. اعمال عقلك يضمن لك مكان في العالم, فليترك الأدب و التجاره و الصنعات للشحاذين البؤساء يشقون بها 
تضحك لنفسك دائما و تتصور, هل يوجد اديب ما او تاجر ما وصل الي ما وصلت اليه من مكانه مجتمعيه و علميه؟ 
تسير في اي جامعه في العالم يتم التعرف عليك من قبل اقطاب الهندسه.. انك رمز العلم و الهندسه و التقدم.
و لكن يا دكتور احمد, هل استطعت ان تخفي ميولك الدينيه و السياسيه عن الجامعه؟ 
كنت مترددا في بادئ الأمر و لكنك سرعان ما افتنعت بالمنهج و الاسلوب و الهدف
بالتأكيد انضمامك لجماعة الأخوان المسلمين في بواكر 2004 لم يكن ابتغاء منصب او مالا حاشا لله
اتذكر جلوسك في شرفة فيلتك المطله علي النيل و في يدك بعض الأوراق التي اعطاها لك محمد مسعود الدواخلي -وهو من اقطاب الجماعه- وفي اليد الأخري مذكرات البنا؟  
اتذكر قرائتك لكل تفصيل دقيق؟ و تفنيط حججهم و مقارنتها بالنظام الحاكم و افعاله؟ 
وهاهم وصلوا الي السلطه بعد ثورة مباركه, مما يؤكد صدق هدفهم و نبله و انهم كانوا علي صواب دائما, و الا لما وفقهم الله. و بوصولهم للسلطه تأكدت من ان ذكائك اعانك علي الأختيار الصحيح
و لكن يا سيادة الدكتور, لقد خانك ذكائك في ذلك اليوم و انت لا تعلم.. 
و ها انت ذا تقف في الشارع يزداد وجهك نفورا عن المعتاد.. يراك الرائي فيشعر بكرهك لكل شئ و لعنك لكل شئ, يتحاشاك الجميع تجنبا لغضبك و هم لا يدرون له سببا. 
و لكنك تدري, شائت الأقدار و الظروف تعطل سيارتك الفارهه في ذلك اليوم و اضطررت الذهاب الي الجامعه في سيارة اجره, واقفا في حر اغسطس منتظرا التاكسي الذي ينجدك من هذا القيظ.. 
كم مره داعبتك فكرة الرجوع الي المنزل و الأستلقاء في حمام بارد او في تكييف؟ و لكن هل تتخلي عن مبادئك و انت رمز العلم و الأنضباط؟ يجب ان تحافظ علي المكانه التي وصلت اليها بعرق الجبين.
سيارة تلوح من بعيد و تشير لها فتقف لتركب, قائدها شاب بسيط في اواخر العشرينات 
تعلم انت يا سيادة الدكتور هذه النوعيه من الشباب جيدا.. آثر الراحه علي التعب خلال دراسته الثانويه و حصل علي مؤهل متوسط او دون المتوسط و فوجئ بانه عاطل عند تخرجه انه بلا وظيفه, فعمل كسائق لسد حاجاته. 
يسألك عن وجهتك و تجيبه.. و يمضي سائقا في هدوء.. ثم يحاول ان يفتح حوارا بسيطا.. يتحدث عن الطقس.. 
هل كان يجب ان تجيبه بهذه الغلظه قاطعا عليه جميع سبل الحوار.. هل يجب ان تحتقر من هم دونك في المكانه العلميه دائما؟ الا تدرك ان العلم ليس كل شئ؟ 
ولكنه لا يكف عن الكلام؟ مزعجون هم السائقون اليس كذلك؟ مثلهم كمثل قوم الحلاقين. 
تمرون بأحدي السيارات الحديثه و كان صوت مكبر الصوت بها يصدح بالأغاني الشعبيه و عليها اعلان احدي شركات السجائر و كان غرضها الدعايه و الأعلان. و بجانبها بضعة شباب يحملون علب سجائر الخاصه بالشركه. 
يستفسر السائق عن ماهية تلك السياره .. منتظرا الأجابه منك, كنت تفكر.. يا الهي.. الا تدري؟ انها ليست ميكانيكا الصواريخ كما تعلم.. لو اتيت بأبنك البالغ من العمر 9 سنوات لأجابه
و لعلك تهدأ يا سيادة الدكتور.. الرجل لا يريد غير محادثة معك
فتجيبه ان تلك السياره خاصه بشركة السجائر و كذا و كذا و كذا و كذا.. 
يبتسم لك و يخبرك انها وظيفة عجيبه, و يحسد الشبان العاملين علي تلك السيارات.. 
وجدت تلك الجمله فرصة مناسبه لقنص افكاره و تخبره ان تلك الوظائف لا تدر مالا كثيرا, فهم لا يعملون شيئا مفيدا ذا قيمه فهم يجلسون في تلك السيارات الفارهه "عهدتهم" يدخنون و يسمعون الأغاني طوال اليوم, و تؤكد له ان كان مرتبها يبلغ 200 جنيه فهذا رضا.. 
فيضحك السائق و يقول لك مش بالضروره يا سعادة الباشا, ثم يبدأ في سرد قصته حيث تخرج من جامعة العلوم دفعة 2001 و عمله بأحدي شركات استطلاع الرأي و الأحصاء...
كانت جل وظيفته الوقوف في احدي القهاوي و مقابلة روادها و سؤالهم عن ما هي شركة المحمول المفضله لهم او ما هو سائل استحمامهم المفضل الخ.. 
ثم يخبرك انه كان يتقاضي سبعة الآف في الشهر غير المميزات الوظيفيه من سياره و بدلات الخ.. 
ثم تنظر اليه نظره و لسان حالك يكاد يصرخ اذن لماذا تعمل كسائق لسياره أجره؟ 
و يفهم تلك النظره 
يتنهد عميقا و انت تستشعر معاناته, و تدرك  انه صادق و يبدأ في سرد ذلك اليوم الكئيب الذي انفعل فيه و تورط فيه في شجار مع احد ابناء ذوي النفوذ الذي اكد له في نهاية الشجار انه لم يعرف ان يأخذ حقه و لكنه لن يتركه حتي يقتص منه. 
اسبوع مضي و سمع بخبر اقالته من الشركه, لم يربط الأحداث ببعضها و ذهب ليستفسر ما في الأمر. 
ثم يخبرك و يتفشي الحزن من ملامح وجهه, عن ذهوله عندما دخل ووجد هذا الفتي جالسا علي مكتبه و بجانبه ابوه محمد مسعود الدواخلي, القيادي الحالي في الحزب الحاكم, ينظر اليه نظرة الأب الفخور
و قد اضطر الي العمل كسائق ليغنيه عن السؤال و قد فقد الأمل في مواجهة هؤلاء القوم.
ماذا حدث لك يا سيادة الدكتور؟ لماذا تنتفض من قمة الأنفعال؟ هل فقدت القدره علي الرد و انت صاحب الردود الجاهزه دائما؟ هل افقدك هذا الشاب البسيط قدرتك علي الرد؟ 
ام تراك تذكرت جلستك مع محمد مسعود في شرفة منزله و كيف اخبرك بفخر انه استطاع تدبير وظيفة لأبنه و هناته علي ذلك؟ 
وصلت الي وجهتك و يخبرك الشاب قبل نزوله انه كان يظن ان الثوره قد انهت هذه التصرفات, و يتنهد للمره الألف و هو يعطيك الباقي, و يقول ان الرئيس السابق لم يأذيه في شئ, و لكن الحالي قد اذاه و في عديد من الجوانب غير الوظيفه فلتذهب مثل تلك الثورات التي لا تغير ولا تبدل شيئا الي الجحيم.
تدخل الي الجامعه شارد الذهن.. 
لديك ميعاد لمحاضره ما و قد نسيتها فينبهك حسن السكرتير لها.. تأخذ من الوقت طويلا لإيستيعاب ما يقول. 
هل كنت شارد الذهن في حياتك بهذا الشكل من قبل؟ 
تنتهي من الجامعه و تقرر العوده الي بيتك سيرا لعل ذهنك يصفي و تستطيع التركيز.. 
و لكن امعانك في التفكير خلال سيرك الي منزلك لم يزد الأمر الا تعقيدا.. 
تجلس في حمام منزلك و تستخم لعلك تسترخي و لكنك تستمر في التفكير, و كلما ازددت تفكيرا في الأمر كلما تتألم 
انه ذكائك يا سيادة الدكتور, يؤذيك ولا ينفعك.. 
يتصل بك محمد مسعود, و يخبرك انه سيمر عليك في تمام الثامنه لتذهب معه الي قاعة المؤتمرات المحليه لتحضر اجتماع الجماعه بمناسبة مرور 85 عاما علي انشاء الجماعه.. 
يمر عليك محمد مسعود و تركب معه سيارته الفارهه التي اصبحت تحمل نمر حكوميه بدلا من النمر الخاصه القديمه.. 
ترد علي اسألته بأقتضاب.. يدري ان هناك خطب ما ولكنه يسئ تأويله.. 
و يضحك لك و يسألك لماذا محرج و قد القيت مئات الخطابات من قبل؟ 
تتكلف له ابتسامه.. ثم تصلوا الي القاعه... لقد حان دورك.. يا الهي.. ماذا ستقول؟ هل ستنافقهم -وانت الذكي- يا سيادة الدكتور؟ 
بالتأكيد لم تشعر بنفسك و انت تقول لهم الحقيقه بحذافيرها.. و لم تكتفي فقط بموقف محمد مسعود, ولكنك ذكرت عدة تصرفات اخري ازعجت ولكنك قررت الا تلتفت اليها ولا تلقي اليها بالا.. 
الحضور في وجوم شديد.. لا يصدقون ما يحدث.. و كيف يصدقون و انت نفسك لا تصدق؟ 
و لعلك ادركت كيف آثرت فيهم.. دائما ما كنت تؤثر علي الجمهور مهما كانت نوعيه الخطاب ديني او سياسي او علمي.. 
لقد انشرحوا بمحاولتك تقويمهم..و كيف لا ينشرحوا ؟ اليس هذا في الدين و من مناهج الرسول اعظم الخلق صلي الله عليه و سلم؟ 
انتهي المؤتمر.. تسير الي بيتك و قد ارتاح ضميرك تماما.. قمة الفرحه انك قد انتهيت من معضلة اثرت عليك تاثيرا عظيما.
تنظر خلفك و تجد مجموعة من الشباب قادمين نحوك, لا شك قادمين لتقديم الشكر لك علي محاولتك الباسله لتقديم النصح.. 
ها هم يقدمون الشكر بالسباب و الركلات و الضربات... 
و لكنك كان يجب ان تدرك كل ذلك... 
لأنك ذكي.. 
يا سيادة الأستاذ الدكتور... 
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Quote
“Integrity is not a conditional word. It doesn't blow in the wind or change with the weather. It is your inner image of yourself, and if you look in there and see a man who won't cheat, then you know he never will. Integrity is not a search for the rewards of integrity. Maybe all you ever get for it is the largest kick in the ass the world can provide. It is not supposed to be a productive asset.”
John D. McDonald
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
Yancey's War - William Hoffman
Human beings are now and then capable of rising above themselves. Only now and then, but it's the best part of us. No matter how corrupt, degraded, and filthy we became, We can commit acts which are far more than the total of ourselves. If I've learned anything, It's that a man is brave for one second -and everybody have a second of bravery in him- can change the course of history.
-William Hoffman
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
طه حسين - المعذبون في الأرض
اذن فهو الخوف الذي يورط في البغي, و هو الذعر الذي يدفع الي الطغيان, و هو التنكيل بالكاتب عن طريق التنكيل بكتابه, و هو الأستجابه للهوي و الأنقياد للشهوه و الحكم في الناس بالحب و البغض لا بالحق و العدل, و لست اعرف اشد حمقا و لا اجهل جهلا ولا اغبي الأغبياء الذين يصدرون حكمهم عن الخوف و الذعر, فهم يورطون انفسهم في الوان من السخف لا تكاد تنقضي, يحسبون ان قدرتهم تبلغ كل شئ, مع انها قدرة انسانيه محدوده لها مدي لا تستطيع ان تتجاوزه, و يحسبون انهم يفهمون كل شئ و ان عقولهم تنفذ الي ما لا تنفذ اليه عقول غيرهم من الناس, و عقولهم مع ذلك عقول انسانيه تقهم من الأمر قليلا و تعيا عن فهم الكثير.. 
-طه حسين
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
Salah Nagy - Short story صلاح ناجي -قصه قصيره
الخامسه صباحا هو الميعاد الذي ينهي فيه صلاح ناجي "الشفت" في قهوة "عجيبه" في حي بالاس في وسط البلد.. 
ذلك الحي الذي شهد ارقي السهرات في حقبه زمنيه مندثره لم يتبق منها غير خمرها و قمارها. 
يتوجه الي بيته في الربع المظلم من المدينه, و بالتحديد حارة ضرب الوكايل حيث تقع غرفته علي اسطح احدي العمارات المتهالكه. 
يدخل الي الغرفه التي لا تتجاوز بضعة امتار, يفتح مصباح اصفر يتيما و يغير ملابسه فيلقي نفسه علي اريكة متهالكه لا تختلف عن حال باقي الغرفه. 
يبدأ في قراءة احدي مسرحيات هوجو او احدي روايات ويليام هوفمان المترجمه او مفضلته - العجوز رامون لجاك شكايفير - و العديد من الكتب و الروايات و الأشعار و المؤلفات للعديد من الكتاب.. حيث كانت تلك الكتب هي ارثه الوحيد عن ابيه الراحل.. 
او لعله يمل تلك الكتب التي لا تمس الواقع بصله حيث كان يتمتم دائما "مهي لو كانت ماشيه كده مكنش حد غلب" 
 يتجه الي دفتر و قلم و يدون افكارا و قصصا و اشعارا و خواطر تجول في باله.. تأتي الأفكار تباعا فينهمر علي الورقه و لا يشعر بمضي الوقت حتي يجف نهر افكاره.
حينئذ يشعل سيجارة و يفتح هاتفه المحمول و يشاهد تسجيلات مسبقه لمقاطع مضحكه ينتزع الأبتسامه انتزاعا من وجهه. 
ولكن هذه الليله استلقي علي الأريكه متأملا في السقف و ينفخ دخان سيجارته و يستغرق في التفكير.. و كأن افكاره تعرض علي سقف غرفته.. 
ينزل من الشقه او "الزريبه" كما يسميها و يمر بصاحبة العقار التي تجلس علي مصطبه ترمي فتات العيش لمختلف انواع الطير من البط و الوز و الفراخ.. تصب غضبها عليه لتأخره عن الإيجار.. 
كم يكرهها! كل مره تلح عليه في الإيجار يتحول طريقه الي القهوه الي شرود في سيناريوهات متخيله لقتلها.. 
هي و بطها و فراخها.. تعيش بينهم و يعيشون بينها.. لا حول ولا قوة الا بالله.. ايمكن ان يوجد شخص بهذه القذاره؟ 
يصل الي القهوه, يحيي زميله الذي يعمل الفتره الصباحيه.. وهو بهذه التحيه يعطيه الرخصه ليعود الي بيته.. 
و يبدأ عملا هادئا لمدة خمس ساعات "يرص شيشه" فيها لرواد القهوه و يأتيهم بالطاوله او الدومينو او الشطرنج.. و هم اقلاء.. 
ثم خمس ساعات اخري.. تزدحم القهوه.. منتصف الليل..
تتحول فيها القهوه تحولا جذريا, و يتحول "رص الشيشه" الي "رص كؤوس" الويسكي الرخيص 
و يتحول الشطرنج و الطاوله و الدومينو الي بوكر و بلاك جاك و بريدج..
يسود القهوه في اول ساعتين جو من المرح
يمازح الزبائن صلاح و ينفحونه بقشيشا كبيرا.. 
ثم تشتد وطأة الخمر.. 
و تستحيل القهوه الي ساحة من العراك بين الغالب و المغلوب ترتفع فيها المطاوي و الكراسي و الطاولات لتنهمر علي رئوسهم 
و هنا يتحول صلاح مع زملائه من عمال قهوه الي فاعلي خير يحاولون تهدئة الموقف علي قدر المستطاع
يفكر صلاح ناجي في هؤلاء الرجال.. 
امارات الفشل و التعاسه علي وجوههم.. 
كم من صدمات قابلها هؤلاء الرجال حتي ينتهي مصيرهم الي "عجيبه" يقامرون بمبالغ حقيره, و ربما يقامرون علي مجرد حساب الكؤوس؟ 
كم من فشل يمكن ان يتعرض لها المرء لمواجهة هذا المصير؟ 
و كيف تصل بهم الدناءة الي الشجار بالأسلحه و الكراسي علي بضعة جنيهات؟ 
لا عجب انهم فشلوا.. 
ينتهي الشجار غالبا عندما يدخل امين الشرطه و يعبث بشاربه ثم يهددهم بالسجن جميعا
و قد تمر تلك الشجارات بسلام و قد يتحطم كرسي او نافذه او طاوله حسب الحاله
حين تتسبب الشجارات بالخسائر ينهال "الحاج عطيه صاحب القهوه" علي صلاح و زملاؤه بالسباب و اللعن و يقول لهم "لو ملكوش فيها شغالين فيها ليه" ؟
و لن ينسي اليوم الذي كانت خسائر القهوه فيه فادحه فكلفت الحاج الفان من الجنيهات للتصليح.. 
صفع الحاج عطيه صلاح علي وجهه, المت الصفعه كرامته و لم تؤلم حواسه.. لم يستطع ان يبادله الصفع.. انها الحاجه اللعينه للوظيفه.. اين سيعمل صلاح بشهادة ثانويه فقط ؟
يحتقر صلاح الحاج عطيه و يود في قرارة نفسه ان يقتل في احدي الشجارات.. 
حاج؟ متي سافرت لتحج ايها العجوز الخرتيت؟ حتي اذا فُرض جدلا انك حاج؟ اتجوز حجتك بعد هذا السيل من الشتائم ؟ اتجوز حجتك و مصدر رزقك من صالة قمار و خمر؟ 
علي اي اساس تتخذ الجلباب الأبيض و تعلق السبحه في مفاتيحك؟ 
يالك من مدعً حقير!
أين ذهبت المبادئ ؟ اين الفضيله التي تحدثوا عنها في الكتب التي يقرأها ؟
ينهي صلاح الشفت و يتسلم راتبه من الحاج عطيه..
كان يكره ان يمد يده لأي احد من اجل المال.. ولكنها الحاجه..
يعود الي بيته سيرا.. 
يفكر صلاح في حياته.. كيف آلت الي هذا المصير؟ 
توفي والداه صغيرا.. و لم يتركاه له غير ارث من الكتب و المبادئ, لجأ الي العمل مبكرا في تلك القهوه
هل العيب منه؟ هل ظلم اجتماعيا فوصل الي هذا الحال؟
الحق انه لم يكن شخص جذاب اجتماعيا.. كان ذلك النوع الذي دائما ما يقاطع كلامك بكلام سريع لا تفهمه من الوهله الأولي. و يبصق و هو يتكلم
تميل للنفور منه و تسفيه رأيه حتي لو علي صواب
يميل الي العزله دائما, يتجه الي اوراقه و يكتب جمل مثل 
"ان مقدار ذكائك لن يفيدك في حياة اجتماعيه بقدر ما تفيدك سرعة البديهه, معظم الأجتماعيين متوسطين في الذكاء او اغبياء, و مع ذلك تجدهم في مناصب رفيعه في الدوله" 
"ان كم هؤلاء الجهله الأغبياء في المجتمع عظيم جدا, تتاح لهم فرصة التعليم و يشغلوا مناصب محترمه, و هم غير قادرين علي ادارة مثل تلك المناصب" 
او يؤلف قصة قصيره او ينظم شعرا ثم يسارع بتقطيع الورق اما الورق الذي ابقاه لم يكن يمضي عليه باسمه.. كأنه ينفي عنه تهمة كتابة مثل تلك الأفكار
يتذكر ايام الثانويه, كم كان يخجل من نفسه عندما يكتشف احد زملائه بصاقه او يصيح فيه ان يصمت حتي ينتهي من كلامه... يعزيه عن تلك المواقف المحرجه اجتماعيا ذكاؤه.. او علي الأقل كما كان يعتقد..
يظن انه رائع, عبقري, لا ينتمي لتلك الفئه من المجتمع ولا للمجتمع كله, ثم يسارع بنفي هذه الأفكار لإيمانه ان جميع العظماء لو فكروا بتلك الطريقه لما كانوا عظماء.. 
ثم يتذكر اول حب له في تلك المرحله.. يتذكر اعترافه بحبه لسلمي, تلك الفتاه التي تعيش في شقة الدور السفلي.. يتذكر بدقه رفضها الجاف العنيف له 
يالله.. هل لها مشاعر مثل باقي البشر؟ ام هل صممت في بيتها لتصبح كالآله ؟ تتعلم فنون ادارة منزل ثم تكبر و تتزوج زواجا تقليديا؟. 
و لكن هذه الليله...كان هناك شئ مختلف.... 
كان لا بد ان يعيش لتلك المبادئ و الأفكار.. ان يعيش عيشة تتناسب مع مستوي ذكاؤه
سوف يتغير.. 
سوف يأخذ حقه من كل من تعدي عليه قولا و فعلا و سوف يستقيل من تلك الوظيفه الحقيره.. إذ ان الموت جوعا اكرم له من اهانات الحاج عطيه
نام صلاح نوما عميقا ذلك اليوم كما لم ينم قط.. 
و تعمد التغيب عن العمل.. و انتظر حتي الثانية صباحا و نزل الي الشارع و معه سكينا مسننه.. ثم بدأ في ذبح طيور صاحبة العقار.. 
صعد الي شقته و استحم ثم استكمل نومه العميق كما كان
استيقظ مرة اخري علي صلاة الظهر.. نزل الي القهوه و توجه مباشرة الي مكتب الحاج عطيه 
-كنت فين يا حيوان؟ 
لم يعطه صلاح ردا.. و انما هوي علي وجهه بصفعة شديده دوت في انحاء القهوه.. 
كان صلاح يتوقع الشجار و مستعد له.. كان يتوقع ان يأتيه الحاج عطيه بالشوم الذي يحتفظ به اسفل المكتب.. 
سيدخل القسم و يبيت ليله او ليلتين.. حتي لو حبس فليكن.. 
ان يسجن علي قدميه خيرا من الحريه علي ركبيه.. 
و لكن الحاج عطيه لم يقم له و لم يبادله الضرب و لم يفعل له اي شئ و لكنه قال له.. 
-انا مش هعملك حاجه.. بس متورنيش وشك تاني.. ولو اني عارف انك هترجع زي الكلب.. 
رحل صلاح عن القهوه و هام علي وجهه لا يدري الي اين يتجه و اين يسير و ما هي الخطوه القادمه.. 
ولا احد يدري الي اين ذهب صلاح حقيقة.. 
ولكنهم يتذكرون جيدا عودته بعد ثلاث اسابيع رث الهيئه.. 
و دخوله علي الحاج عطيه 
-السلام عليكم يا حاج.. 
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
نفسيات لواء شرطه - قصه قصيره
لم يكن سيجاره الرخيص مؤشرا علي فقره... 
فلم يكن اللواء مجدي الراسخ فقيرا علي الأطلاق... 
و خصوصا منذ ان تسلم مقاليد مديرية امن المنيا, ليتربع علي مكتبه في الدور الأخير, حيث يكتب اسمه بحروف ذهبيه "اللواء/مجدي محمود الراسخ" 
رسميا, لم يتجاوز راتبه بضعة الآف من الجنيهات, و لكن مصادر دخل اللواء قد تعددت.. 
يكفيه ان يرسل امين شرطه الي مؤسسة او شركة ما -بغرض حمايتها بالطبع- فيكلف المؤسسه مبلغ يتراوح بين ثلاثة او سبعة الآف جنيه.. حسب اهمية المؤسسه.. 
و كان اللواء يفضل القطاع الخاص حيث كان يجبرهم علي دفع عدة الآف زائده.. و كان تبريره دائما 
"انت المفروض تجيب سيكيوريتي خاص, مش مسئوليتنا اننا ندافع عنك اساسا" 
هذا غير توسطه في عمليات البيع و الشراء, فبمجرد امضاؤه علي "عقد بيع اطيان" تضمن له الحصول علي مئات الآف من الجنيهات.. حسب مساخة الأرض.. فلم يكن اللواء مجدي الراسخ نصابا حاشا لله.. 
الحق ان اللواء مجدي لم يحفل بتلك المصادر الماليه..
بل كان يتململ و يطلق زفيرا عميقا متمتما "يوووه" عندما يجد ميعادا في جدوله المزدحم للشهاده علي عقد بيع او مقابله مع احد مدراء البنوك الطالبين للحمايه.. برغم ضمان تلك الأموال غير عطاياهم حتي تكون "معرفة خير ان شاءالله" .
لم تأت تلك الململه من زهد للمال او من مبدأ "اللي معايا مكفيني"  و "مستوره الحمدلله" بل قل ان هناك مصادر اخري كان اللواء اكثر انشغالا بها, هذه لم تكن الوزاره علي علم بها.
اذن, لم يدخن اللواء مجدي هذا السيجار الردئ الذي لا يتجاوز سعره عدة جنيهات؟ 
اجاب علي هذا السؤال رفيق حياته النقيب الراحل احمد منتصر الذي ظل ملازما للواء منذ ان وعي علي الدنيا مرورا بطفولته و شبابه و اكاديمية الشرطه حتي رتبة النقيب.. حتي اذا ذكر الناس مجدي لا بد ان يذكروا معه احمد منتصر .. 
قتل احمد منتصر في تبادل اطلاق ناري بين "البوكس" الخاص بهم و بين مسلحين موتورين ينتموا الي الجماعه الأسلاميه. 
دائما ما يذكره اللواء مجدي في مجالسه بالخير تتبعها لحظة من الصمت المحرج و "المهم كنا بنتكلم في ايه؟ " 
مازال يتذكر وجهه ناصع البياض المبتسم و شعره الأسود المدهون بزيت مصفف علي الطريقه الأيطاليه. 
و هو يقول له: 
-مش هتبطل الشكمان الزفت اللي بتشربه ده؟ 
حينئذ -ملازما في ذلك الوقت- كان مجدي يقلص وجهه متصنعا امارات الجدّ و يقول : 
-ده افخر انواع السيجار. 
ثم ينهمك الأثنان في نوبة من الضحك العميق 
ضحك غير مصطنع يدل علي عمق العلاقه بينهم, كان يمكنك الا تعلم عنهم اي شئ, و لكن مجرد رؤيتك لهم تدرك فورا انهم من اصدقاء العمر.. 
دائما ما يلوح علي فم اللواء مجدي شبح ابتسامه علي جانب وجهه عندما يتذكر تلك الأيام.. 
حين كان اقصي الهم هو توبيخ من هم اعلي رتبه لأقتناعهم التام ان لذلك اثر علي مستقبلهم.. 
عادة تنتابه نوبة غضب شديده يتفصد العرق من جبينه و تحمر وجنتاه منها عندما يتذكر مصير صديقه الشاب الطامح.. 
يغلي دمه و يكور يديه و يشد عليها و يود ان يقتل جميع من يصادفه من ذلك التنظيم و لكن كوب من الماء المثلج كفيل بأن يعالج تلك النوبه دائما.. 
كان اللواء ؤجل خمسيني صارم الملامح عريض المنكبين, شائب الشعر.. 
و لكن ذلك الشيب لم يدل علي طيبة في نفسه او لطفا.. الحقيقه لم يدر احد علام يدل شيبه؟ 
ايدل علي وجاهة و سلطان و نفوذ كنظرات عينه الثاقبه؟ ام يدل علي مواقف صلدفها خلال عمله كضابط للشرطه صبغت علي وجهه هذا الطابع الصارم؟ 
اجتمعت تلك الصفات في مظهر اللواء المخضرم.. حتي اذا لبس جلبابا مرقعا متسخ علمت انه صاحب جاه و سلطان.. او امير من امراء نكبة الزمان علي اقل تقدير.. 
لم يكن اللواء مجدي ليندهش لأي شئ تقوله.. بل يستقبل خبرك ببرود من يخبرك انك "قديم" او انه يعلم ذلك بالفعل او يتوقعه علي الأقل.. 
يمكنك ان تخبره ان فولان قتل فولانا.. او علان قبض عليه مع عشيقته في شقة دعاره او حتي تك اغتيال رئيس الجمهوريه
حينئذ يشعل اللواء مجدي سيجاره و يرجع ظهره الي الخلف ليسنده في حركة بطيئه تكاد تكون دراميه ثم ينفخ دخانه في هدوء كأنه بهذا الفعل ينتظرك لأكمال تفاصيل خبرك... 
او كأنه -بنيران سيجاره- يطفئ نيران حماستك
لم تعرف كلمة "يااه" او "ياراجل" او "قول والله" او حتي كلمة "احه" طريقا الي معجمه 
دائما هادئ و كان اخر ذرة انفعال و توتر قد تركته منذ فتره طويله 
لم تحتك مشاعره مع حياته العمليه منذ مقتل احمد.. مما ساعده علي عمله كضابط للداخليه
و كان اللواء مجدي دائما ما يجد لذه عندما يجتمع مع اصدقائه فيقول لهم: 
-انا في الكام و خمسين سنه اللي عشتهم شفت اللي مش هتشفوه انتوا و لو عشتوا الفين سنه تاني
فيطلب منه اصدقائه ان يقص عليهم نوادر عمله كضابط للشرطخ و ان يخبرهم ما يثير دهشتهم و ما لم يصل الي عناوين الجرائد.. 
يستمتعون هم دائما ضاحكين حتي تمتلأ اعينهم بدموعهم و خصوصا عندما يحكي لهم قصة الفتاه التي ابلغت عن اغتصابها بعد الواقعه بشهرين, عندها يقلد اللواء شخيره في تلك اللحظه و ينهمك في الضحك معهم.. 
كان اصدقائه يحبونه حقا.. و لكن زوجاتهم كرهوه لأقصي الدرجات و نفروا منه.. و تحاول كل واحده فيهم ان تستبقي زوجها عندما تعلم بخروجهم معه 
كانوا بخبراتهن النسائيه و ظنهم -الصائب دائما التي لا يعلم لها عالم تفسير- انها "مش مرتحاله" 
ادركوا الشر الكامن وراء عينيه.. تلك النظره التي تدل علي ان موقفا معينا او حادثا ما قتل جميع معاني الحب و الطيبه عند اللواء, موقف اطفأ جميع المشاعر عنده. 
لم تعلم زوجاته هذا الموقف بالطبع.. 
و لكنه يعلم.. 
و مديرية امن اسيوط تعلم.. 
بعد وفاة رفيقه احمد منتصر آثر اللواء الأنتقال الي الشرطه العاديه و الرحيل عن شعبة الأمن المركزي و عمل في مديرية امن اسيوط
مرت عليه السنوات في المديريه رتيبه لا تجديد فيها ولا تغيير.. حتي نمي الي علمه في يوم من الأيام انهم القوا القبض علي سبعه من عناصر التنظيم و كان واحدا منهم مسئولا عن مقتل احمد صديقه.. و انهم محبوسون في الطوابق الأرضيه للمديريه في ثرايا امن الدوله. 
في الحال هب من مكتبه و هرول نازلا الطوابق بدون تفكير طالبا مقابلة قاتل صاحبه.. 
و لحسن حظه كان زميلا له مسئولا عن القضيه فوافق مطمئنا علي ان يقابله "علي ما يولع سيجاره و يشرب شاي" 
 دخل عليه مجدي حيث كام جالسا علي كرسي في منتصف حجرة الحجز و كام مطأطئ الوجه من فرط الأحتفال بمجيئه الي امن الدوله 
جلس مجدي امامه و اخرج سيجارا من علبته المذهبه -التي طالما سخر منها احمد "علبه نضيفه و دخان زي الزفت" و بدأ الحوار... 
-بصلي و انا بكلم يا بني ادم 
رفع المتهم راسه في بطء متكلفا عدم الأهتمام و اخذ الأمر منه عدة دقائق حتي يدرك المتهم من هو.. و لكنه فضل ان يستمر في مسرحية عدم الأهتمام 
-عارف ان ليلتك طين؟ 
هكذا قال له مجدي ظاهرا الشماته الواضحه
-........ 
-ما ترد يا .... امك
-عارف. 
-ابقي خلي دقنك تنفعك يا قمور, ولا الخولات اصحابك اللي في التنظيم.. 
-انا عارف انت مين , انت اللي كنت مع الظابط اللي مات من قيمة خمس ست سنين كده
-ايوه هو انا, و متخافش هوصي عليك حبايبنا في امن الدوله, هيكيفوك اوي 
-مش مهم
-هنشوف يا .. امك
و هنا بصق المتهم علي الأرض -وهي علامه لعدم التقدير و لا اعطاء وزن لكلام محدثك و هي اشاره متداوله في الصعيد مثل الصباع الأوسط و رد: 
-انت اللي صاحبك غبي و متخلف و مش عارف يتعامل مع سلاحه
تبخر الدم في عروق مجدي و أظلمت الدنيا في وجهه و لكنه تمالك نفسه و وجد فرصة للطعن في مبادئ الجماعه
-هو مش دم المسلم ع المسلم حرام؟ و فين احترام حرمة الميت؟ 
بثق المتهم للمره الثانيه و قال:
-اهه كلب و راح مع اللي راحوا.. 
لم يستطع مجدي ان يتمالك نفسه اكثر من ذلك و قام اليه و شده من طرف ياقته و ثبته في الحائط: 
-كلب مين يابن القحبه؟ 
بصق المتهم للمره الثالثهو لكن سبقت البصقه صوت مستفز يدل علي استحضار بصقه كبيره 
-كلب زيه زي اي ظابط 
و عند هذع النقطه لم يعي مجدي تصرفاته ووجد نفسه يخرج سكين جيبه "مطواه" للتوالي طعناته علي بطن المتهم.. 
و لكنه لم يتوقف عند هذا الحد.. اخرج سلاحه الميري و افرغ خازنته ذات السبعة عشر طلقه في الجثه الهامده.. 
كان صوت سلاحه كافيا لدرجة هرولة جميع العاملين في امن الدوله الي غرفة الحجز.. 
مرت عدة دقائق ساكنه للغايه ظل مجدي فيها ضاغطا علي زناد مسدسه رغم فراغ رصاصه من فتره.. 
نظر مجدي الي يده التي تحمل السلاح المغرقّه بالدماء و قد برزت عروقها من فرط الأنفعال ثم ارخي يده عن الزناد و القي السلاح علي الأرض ثم تمايل مضطربا حتي سقط علي الأرض بجانب جثة المتهم..
و ارتفع نحيبه في بكاء عنيف... 
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Photo
Tumblr media
Everlast - Little miss america. 
1 note · View note
ingloriousrambling · 11 years
Photo
Tumblr media
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Photo
Tumblr media
ثم طارت. 
21 notes · View notes
ingloriousrambling · 11 years
Text
تنويه علي بوست التعليم المجاني و المنيا.
صباح الخير :D
جديد في موضوع التعليم المجاني و المنيا
بيقولوا فيه مكتبه بتروح تطلب منها الكتاب و هي بتجيبه 
اسمها مكتبة الندي علي رصيف عبدالله حسين في الطريق اللي بيودي شارع عدنان :) 
Tumblr media
شير للفائده العامه :D
0 notes
ingloriousrambling · 11 years
Video
youtube
Funkadelic - Maggot Brain 
a worth listening to :) 
0 notes