Tumgik
#دستور 2011
hona24-net · 2 days
Text
عبدالحق عندليب كان حريا بشبيبة حزب الحمامة أن تكشف للشباب المغربي والشعب المغربي حصيلة حكومة يتزعمها زعيم الحزب "مول البومبا" الذي جنى 17 مليار درهم كأرباح جراء ارتفاع أسعار البترول وما ترتب عن ذلك من ارتفاع مهول للأسعار وسع من دائرة الفقر ودفع بالطبقة الوسطى أو صمام الأمان الاجتماعي إلى حافة الفقر، أقول كان حريا بهذه الشبيبة التي لاتعرف شيئا عن معاناة الشباب الذي يبتلعه البحر وهو يصارع أمواجه العتبة للوصول إلى الضفة الأخرى بحثا عن لقمة العيش أن تتحدث في مهرجاناتها الراقصة عما قدمته حكومة زعيمها "المبجل" من برامج حقيقية لمعالجة تداعيات كارثة الحوز في ذكراها الأليمة الأولى أو أن تقدم ما بلورته الحكومة من إجراءات وتدابير ملموسة لاحتواء ما خلفته فيضانات طاطا من خسائر بشرية ومادية أو على الأقل أن تستهل مهرجاناتها البادخة بآيات بينات من الذكر الحكيم ترحما على أرواح شهداء زلزال الحوز وفيضانات طاطا وشهداء الوحدة الترابية وذلك أضعف الإيمان... لكن قيم الجدية والشعور بالمسؤولية والحس الوطني لا تستوي مع الميوعة والانتهازية وشراء الذمم التي اشتهر بها الحزب منذ أن خرج من مطبخ أم الوزارات وفي فمه ملعقة من ذهب... لذا أثرت في هذه المناسبة أن أعيد نشر مقال سبق لي أن نشرته منذ سنتين على صفحات جريدة الاتحاد الاشتراكي في محاولة للتذكير بالحصيلة البئيسة ل"حكومة الله غالب" المغلوبة على أمرها والتي لا يخجل حزبها الأغلبي من أن ترقص شبيبته على مآسي ضحاياها من أبناء وبنات الشعب المغربي المكلوم. تعرف تكلفة المعيشة في ظل الحكومة المنبثقة عن انتخابات 8 شتنبر 2021، أعلى درجات الارتفاع غير المسبوق، بسبب إطلاق العنان للأسعار بدون سقف وبدون أن تتوفر هذه الحكومة، سواء على المدى المنظور أو على المدى البعيد، على أي بديل أو أي خطة عمل أو برنامج مدروس يرتكز على تدابير اقتصادية واجتماعية ملموسة قادرة على تطويق تداعيات الأزمة والتحرر من انعكاساتها السلبية. وفي مقابل هذا العجز اهتدت حكومة أخنوش لمواجهة ارتفاع فاتورة المحروقات، وما ترتب عنها من رفع لأسعار المواد الغذائية والمواد ذات الاستهلاك الواسع لدى معظم فئات الشعب المغربي، إلى انتهاج سياسة تبريرية تنم عن نوع من الانهزامية في مواجهة الأزمة وعن ضعف كبير في ملكة الابتكار والإبداع لإيجاد الحلول المناسبة، حيث أصبحت أمام هذا الضعف المهول والعجز التام تعول على ما يمكن أن ينقذها من الورطة من قبيل مراهنتها على تدخل الدوائر المالية العالمية كما كان عليه الحال إبان سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، أو مراهنتها على المبادرات الملكية لحل الأزمة. فعوض أن تستغل الحكومة ما يتيحه دستور 2011 من إمكانيات اتخاذ المبادرات والقرارات الجريئة بنوع من الشجاعة وتحمل المسؤولية، وهي الإمكانيات التي لم تكن متاحة في عهد حكومة التناوب للمجاهد الراحل عبد الرحمان اليوسفي، التي واجهت ضغوطات داخلية بسبب جيوب مقاومة التغيير وبسبب مخلفات عقود من التدبير الكارثي للحكومات السابقة، أقول عوض أن تستغل هذه الحكومة صلاحياتها الواسعة أصبحت تختبئ وراء ربط الأزمة بعوامل خارجية مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات جائحة كوفيد والجفاف وغيرها من التبريرات، وكأن الدور الموكول لهذه الحكومة يقتصر على إدارة شؤون البلاد أوقات الرخاء والازدهار، أما في أوقات الأزمات ف «الله غالب». إنني أعتبر أن تحالف الأحزاب المشكلة للحكومة الحالية قد فشل فشلا كبيرا في تدبير شؤون البلاد وخالف وعوده، لأن هذا التدبير القاصر لم يقدم حلولا لأزمة الغلاء ولا لمعضلة التعليم ولا لمعضلة البطالة ولا لمعضلة الفقر والهشاشة ولا لمعضلة الفساد ولا لمعضلة ضعف الثقة في مؤسسات الدولة من حكومة وبرلمان ومجالس منتخبة، وكلها ملفات وقضايا تضمنتها برامج التحالف الحكومي الحالي وتغنت بها أحزابه أثناء الحملة الانتخابية، لكن دون التزام سياسي وأخلاقي في الانكباب على معالجتها على أرض الواقع. إن السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم، بكل شجاعة أدبية، هو: هل الأغلبية المريحة التي تتربع عليها الحكومة اليوم هي أغلبية حقيقية تعكس حقيقة الخريطة السياسية في بلادنا وفق المعايير الديمقراطية الموضوعية المتعارف عليها، والتي تؤسس لفرز أغلبية ذات كفاءة ومصداقية في الأنظمة الديمقراطية؟ إنني أشك في هذا المعطى، وهو ما يسنده تحليل الواقع الملموس المتجلي في عجز الحكومة الحالية عن تقديم حلول لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا حاضرا أو مستقبلا. إن الشعب المغربي قد انتظر من أحزاب الأغلبية الحاكمة المنبثقة عن انتخابات 8 شتنبر أن تفرز نخبا مشهود لها بالكفاءة وتتملك رؤى سياسية وبرامج عملية حقيقية قابلة للإنجاز وتحقيق الأهداف في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية والثقافية، لكن اليوم هناك شعور عام
بالإحباط لأن أحزاب الأغلبية قد فتحت أبواب الترشيحات للانتخابات السابقة بالدرجة الأولى لأصحاب «الشكارة» للفوز بأكبر عدد من المقاعد، وكأن العملية الانتخابية لم تعد ترتكز على التباري حول الاختيارات والبرامج لمواجهة المتطلبات والأزمات بل أضحت المعركة تدور بين من يملك الثروة لأن المال هو من يجلب أكبر عدد من الأصوات والمقاعد وبالتالي يضمن الوصول إلى سدة الحكم. وهي ثقافة تكرست في نظامنا الانتخابي خلال الانتخابات السابقة خاصة من طرف التحالف الحزبي الحاكم، فأصبحت هذه الثقافة تشكل سدا منيعا في وجه الكفاءات الوطنية النزيهة التي تنتجها الممارسة السياسية وتنبت في مشاتل الأحزاب الوطنية الديمقراطية. فقد تكرست سلطة المال في غياب الشفافية والصرامة في تطبيق القوانين الانتخابية وقواعد السلوك المدني والأخلاقي التي ما فتئنا نسمع عنها. فأين هو البند القانوني المتعلق بمنع تجاوز سقف معين من المصاريف أثناء الحملة الانتخابية؟ وما هي حقيقة ما تم إنزاله من أموال كانت حاسمة في رسم الخريطة السياسية الراهنة؟ أمام هذا الواقع الذي لا يرتفع، لا يمكننا أن ننتظر سوى الفشل من حكومة لا تستند إلى رؤى وبرامج حقيقية ولا تمتلك أغلبية برلمانية مكونة في معظمها من كفاءات سياسية متمرسة ومؤمنة بدورها في قيادة المجتمع ومحترمة لسلطة الشعب ولإرادته وطموحاته في الإصلاح والنماء وحل الأزمات وليس تبريرها والاختباء وراءها. إن بلادنا اليوم في حاجة إلى حكومة منبثقة من أحزاب وطنية ديمقراطية حقيقية وقوية، لأن أحزاب «الكوكوت مينوت» أو الأحزاب التي ولدت أصلا لتمييع المشهد السياسي والتضييق على الأحزاب الحقيقية تعتبر جزءا من الأزمة السياسية ولا يمكنها بالتالي أن تكون جزءا من حل هذه الأزمة. إن بلادنا في حاجة ماسة إلى توفير الشروط اللازمة لفرز نخب سياسية قادرة فعلا على تقديم الحلول، وليس تكريس الأزمة وتعميقها وتبريرها. إن بلادنا اليوم في حاجة إلى إعادة الاعتبار لمضمون الديمقراطية الحقيقية ولدولة الحق والقانون وللديمقراطية التشاركية ولنبذ كل أشكال الهيمنة والاستبداد السياسي لأغلبيات مصطنعة لا تعكس الخريطة السياسية الحقيقية بمختلف تعبيراتها وامتداداتها المجتمعية، ولا تعبر فعلا عن اختيارات وطموحات وانتظارات الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي. لذلك، فإنني كفاعل سياسي وحقوقي أدعو من هذا المنبر إلى : أولا: انفتاح الحكومة الحالية على المجتمع المدني والإنصات إلى نبضه في إطار الديمقراطية التشاركية الفعلية والحرص على تمكين المعارضة السياسية من حقوقها الدستورية الكاملة ومن أدوات العمل كمكون أساسي من مكونات المشهد السياسي ودعامة حقيقية للديمقراطية. ثانيا: الانكباب على إصلاح حقيقي لمنظومة الانتخابات يضع نصب أعينه معالجة الاختلالات والنواقص التي تمس قواعد الشفافية والنزاهة وعمق وجوهر الديمقراطية في بلادنا، إصلاح يمكن الكفاءات الوطنية الديمقراطية من الوصول إلى مراكز القرار السياسي عوض ترك الحبل على الغارب و جعل كل الأبواب مفتوحة في وجه من لا يرى في الانتخابات سوى سوقا للبيع والشراء في الذمم وهو ما تأكد بالملموس على سبيل المثال في الانتخابات الجزئية بدائرة المحيط في قلب العاصمة الرباط، مما جعل المشاركة لم تتجاوز 6,6 % وهو مؤشر إضافي على تدهور الثقة في الانتخابات في عهد حكومة أخنوش. ثالثا: التخلي عن سياسة المنع والعصا الغليظة في مواجهة الاحتجاجات الشعبية ضد الغلاء. وأختم بقولة شهيرة أو شعار كنا نردده في المعارضة الاتحادية حين كنا نواجه الاستبداد وأحزابه الإدارية: « إذا شعرتوا بالهزيمة أعطيوا للشعب الكلمة».
0 notes
gamebato · 17 days
Text
بررسی بازی اکشن Battlefield 4 برای کامپیوتر
Battlefield 4 یک بازی ویدئویی در سبک اکشن, تیراندازی و اول شخص در سال ۲۰۱۳ است که توسط DICE توسعه یافته و توسط تیم Electronic Arts منتشر شده است. این بازی اکشن کامپیوتری در ماه های اکتبر و نوامبر برای مایکروسافت ویندوز، پلی استیشن 3، ایکس باکس 360، پلی استیشن 4 و ایکس باکس وان منتشر شد و دنباله ای بر Battlefield 3 در سال 2011 است که شش سال بعد در جریان داستانی “جنگ 2020” اتفاق می افتد. بتلفیلد 4 به دلیل حالت چند نفره، گیم پلی و گرافیکش با استقبال مثبتی روبرو شد، اما به دلیل کمپین تک نفره و باگ ها و اشکالات متعدد در چند نفره مورد انتقاد قرار گرفت. این یک موفقیت تجاری بود و بیش از هفت میلیون نسخه فروخت. بازی Battlefield V نسخه دیگری از این بازی است که می توانید از همین جا آن را دانلود کنید.
نمایشگر هدآپ بازی (HUD) از دو مستطیل فشرده تشکیل شده است. گوشه پایین سمت چپ دارای یک نقشه کوچک و قطب نما برای ناوبری، و یک اعلان هدف ساده بالای آن است. سمت راست پایین شامل یک شمارنده مهمات و شاخص سلامت بازیکن است. بالا سمت راست اعلان‌ های کشتن همه بازیکنان داخل بازی را نمایش می‌ دهد. در نسخه ویندوزی بازی تیراندازی Battlefield 4، سمت چپ بالا دارای یک پنجره چت در حالت چندنفره است. نقشه کوچک و همچنین صفحه اصلی بازی، نمادهایی را نشان می دهد که نشان دهنده سه نوع موجودیت است: آبی برای متحدان، سبز برای هم تیمی ها، و نارنجی برای دشمنان، این برای همه تعاملات در میدان جنگ صدق می کند.
در این سری از بازی بتلفیلد 4 سفارشی سازی سلاح گسترده و تشویق می شود. سلاح های اولیه، ثانویه و غوغا را می توان با اتصالات اسلحه و پوسته های استتار سفارشی کرد. اکثر سلاح‌ ها همچنین دارای تنظیمات پیش‌ فرض برای حالت‌ های شلیک مختلف هستند (مانند شلیک نیمه خودکار، خودکار)، به بازیکن اجازه می‌ دهد تا خود را با محیطی که در آن قرار دارد وفق دهد. کمپین تک نفره (برای اولین بار در فرنچایز Battlefield) و همچنین به صورت چند نفره. سیستم پرتاب گلوله بازی به طور قابل توجهی بهبود یافته است و بازیکن را مجبور می کند تا نحوه بازی خود در نبردهای مسافت متوسط ​​تا طولانی را تغییر دهد. علاوه بر این، بازیکنان قابلیت‌ های رزمی بیشتری دارند، مانند مقابله با حملات غوغا از جلو در حالت ایستاده یا خمیده، تیراندازی با بازوی خود در حین شنا و شیرجه در زیر آب برای جلوگیری از شناسایی دشمن. توانایی‌ های رزمی استاندارد همچنان جاری هستند.
به عنوان شخصیت بازیکن، Recker، بازیکن می تواند از دو عملکرد فقط مبارزاتی استفاده کند: دستور Engage و دوربین دوچشمی تاکتیکی. فرماندهی Engage به هم گروهی های Recker و گهگاهی دیگر واحدهای دوستانه دستور می دهد تا به هر دشمنی در خط دید Recker حمله کنند. دوربین دوچشمی تاکتیکی شبیه به طراحی لیزری است، به این معنا که به بازیکن اجازه می‌ دهد تا واحدهای دوست و دشمن، مخفیگاه‌ های سلاح، مواد منفجره و اهداف را در میدان شناسایی کند. با شناسایی دشمنان، بازیکن می تواند آنها را بدون استفاده از وسیله ای قابل مشاهده کند و علامت گذاری آنها را برای هم تیمی های خود آسان تر کند. در یک نقطه، Recker برای مدت کوتاهی محافظ تاکتیکی را از دست می دهد، و آنها را مجبور می کند که فقط از دستور Engage برای هدایت هم تیمی های خود به روی تعداد محدودی از دشمنان استفاده کنند.
جعبه‌ های اسلحه در تمام سطوح یافت می‌ شوند و به بازیکنان اجازه می‌ دهند مهمات به دست آورند و سلاح‌ ها را عوض کنند. در حالی که جعبه‌ ها سلاح‌ های پیش‌ فرض را در خود جای می‌ دهند، سلاح‌ های کلکسیونی ممکن است هر زمان که به دست می‌ آیند مورد استفاده قرار می‌ گیرند و سلاح‌ های سطح خاص ممکن است پس از تکمیل یک مأموریت خاص با کسب امتیاز کافی در یک سطح استفاده شوند. بازی جذاب Battlefield 4 از بهترین بازی های کامپیوتری اکشن شوتر اول شخص می باشد که هم اکنون می توانید لینک های دانلود رایگان آن را از وب‌ سایت گیمباتو دریافت کنید.
0 notes
elmisbahi · 18 days
Text
التجربة المغربية في تحديث التشريعات الجنائية
https://elmisbahiabdelali.wixsite.com/abdelalielmisbahi/post/
يتطلب الإصلاح التشريعي إشراك جميع الفعاليات في المجتمع للمساهمة في هذا الورش، ووجود اقتناع لدى الجميع بأن كل واحد هو لبنة أساسية في هذا البناء وأنه بإصلاح نفسه والحث على إصلاح من حوله سيكون قد ساهم فعليا في إصلاح العدالة، وأن الوقوف على أوجه الخلل في كل مجال من مجالات العدالة هو من النقط الرئيسية للوصول إلى تصور شمولي لمنهج العمل المستقبلي الذي يروم الإصلاح، كما أن إشراك ذوي الخبرة والاختصاص هو من الأمور التي لا يمكن إغفالها، للاستفادة من تصوراتهم النظرية ونتاج محكهم اليومي في الوقوف على الثغرات والرجوع عن الهفوات، والتحصن للطوارئ و المستجدات.
ولتنزيل مشروع الإصلاح التشريعي على أرض الواقع، وإلباس حلة التنظير للعمل اليومي, لابد من وجود تصور مستقبلي لطريقة العمل والتأطير بكل مؤسسة تدخل في منظومة العدالة، ولابد من وجود استراتيجية موضوعة مسبقا للاقتداء بها, وسياسة جنائية تتضمن حلولا شمولية.
ورغم اختلاف الفقهاء ورجال القانون حول مفهوم السياسة الجنائية, وذلك لإعطاء كل واحد منهم مفهوما لها من خلال موقعه أو منصبه أو تصوره للمسألة, إلا أن تعريفها الشمولي والجامع حسب اعتقادي يبقى هو التالي :
السياسة الجنائية حقل علمي ومعرفي تدرس وتراقب فيه الآليات المعتمدة في مجتمع من المجتمعات لمواجهة الظاهرة الإجرامية بمكونيها الجريمة والانحراف.
وأن كنت ممن لا يحبذ هذه الكلمة، ألا وهي السياسة الجنائية
لما صدر القانون الجنائي المغربي سنة 1961 لم يعرف تعديلات كثيرة إلا بعد صدور دستور 2011، والذي كان بمثابة انطلاقة لكل التغييرات التي من شأنها تنزيل مقتضياته على أرض الواقع بما في ذلك العمل على ملاءمة التشريعات المغربية مع الاتفاقيات والقوانين الدولية، ما دام المغرب قد اختار في تصدير دستوره خيارا استراتيجيا يروم الانفتاح على العالم دوليا وقاريا، ثم العمل على أن يسود أمن قضائي تستقر به المعاملات ويشجع على الاستثمار الأجنبي وتبنى من خلاله الثقة ما بين المواطن ومؤسسات الدولة.
فبعد 1961 كانت هناك تعديلات طفيفة لبعض الفصول في سنة 67 / 74 / 77 / 82 / 92 / 94 / 96 / 99 / 2000 لتبدأ في سنة 2003 وتيرة سريعة في التشريع همت بالدرجة الأولى قانون مكافحة الإرهاب والذي وافق عليه البرلمان بغرفتيه إثر وقوع أول اعتداء إرهابي بمدينة الدار البيضاء في 16 ماي 2003، ثم في نفس السنة صدر قانون نظام المعالجة الآلية للمعطيات بعدما بدأت الحواسب تغزو الإدارات العمومية والمؤسسات التجارية, وعرفت سنة 2004 حذف محكمة العدل الخاصة التي كانت تختص في قضايا الفساد المالي ��الإرتشاء المرتكب من طرف موظفي الدولة، تماشيا مع اختيار المغرب الاستراتيجي القائم على مبدأ المحاكمة العادلة والتكريس الحقيقي لمبادئ حقوق الإنسان، خصوصا أن المتابعات بهذه المحكمة كانت تحرك من طرف وزير العدل وليس الوكيل العام للملك، حيث وزعت اختصاصاتها على خمس محاكم عادية كبرى وهي الرباط الدار البيضاء مراكش فاس مكناس. فيما عرفت سنتي 2006 و 2007 قانوني غسيل الأموال والتصريح بالاشتباه، وعرفت سنة 2008 صدور قانون 48.07 الخاص بالتصريح بالممتلكات لكل الموظفين وممثلي الأمة، وعرفت سنة 2011 عدة تدخلات تشريعية من قبيل قانون العنف بالمباريات الرياضية لما أصبحت تعرفه الرياضة من ظاهرة الشغب أو الهوليگانزم، ثم قانون تجريم سرقة الرمال حيث استغل تطور التعمير بالمدن في استنزاف الثروات الرملية بطريقة عشوائية وغير منظمة، ثم صدر تعديل لقانون غسيل الأموال وتم إلغاء الفصول 494/495/496 من القانون الجنائي في إطار القضاء على كل أشكال العنف ضد النساء، وتم تعديل الفصل 475 بإلغاء فقرته الثانية التي كانت تسمح بتزوج الخاطف بالضحية القاصر وتلاه قانون محاربة العنف ضد المرأة والتحرش الجنسي وكدا قانون 33.18 لتشديد العقوبة ضد محرري العقود الرسمية.
وقوانين أدخلت بعض التعديلات على الفصول الخاصة بمكافحة الارهاب وغسيل الأموال.
فنجد إذن بعد خمسون سنة من التطبيق للقانون الجنائي أدخل عليه 31 تعديلا هم بالأساس تخليق الحياة العامة للقضاء على كل أشكال الفساد الإداري والمالي بالمؤسسات العمومية من خلال قانون التصريح بالممتلكات وتشديد العقوبة في قضايا الغدر والارتشاء، ثم الرقي بالقانون للقضاء على كل أشكال التمييز بين الجنسين من خلال عدة تعديلات همت بالأساس قانون محاربة العنف ضد المرأة مع تنزيل حقيقي للمحاكمة العادلة واحترام مبادئ حقوق الإنسان والقوانين الدولية ثم جعل القضاء رافعة اقتصادية بحماية المعاملات وضمان استقرارها من خلال حماية القوة الثبوتية للعقود الرسمية، الحرص على مبدأ الشفافية والحق في المعلومة والتعاون القضائي الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والقضاء على خلايا التطرف، كما تم إدخال عدة تعديلات على قانون المسطرة الجنائية سنة 2003 لتواكب هذه الطفرة الحقوقية، وذلك من قبيل حماية الشهود والضحايا والحرص على توازن مصالح أطراف الدعوى والفصل بين سلطات ممارسة الدعوى العمومية البث داخل أجل معقول احترام قرينة البراءة الحق في إعادة فحص التهم الحق في الاطلاع على كل وسائل الإثبات وغيرها من الضمانات الأساسية في المحاكمة الجنائية.
ولأن المغرب اختار نظاما جديدا للفصل التام بين السلط وذلك خلال التعديل الشامل منظومة العدالة خلال سنة 2017، من خلال فصل النيابة العامة عن وزير العدل وإحالة كل اختصاصاته على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض والذي أصبح في نفس الوقت هو رئيس النيابة العامة كمؤسسة مستقلة تابعة للسلطة القضائية، مع إحداث لجنة للتنسيق ما بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة من ضمن اختصاصاتها التشاور بشأن مقترحات تعديل القوانين، من خلال ما تقف عليه محكمة النقض في اجتهاداتها القضائية، وكذلك عوائق العمل القضائي إن على مستوى القضاء الجالس أو الواقف إضافة إلى مقترحات الجمعيات المهنية القضائية التي ترفعها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في إطار استراتيجية تعاون مشترك بينهما. كما أن لجنة التشريع بوزارة العدل تحيل عبر هذه التنسيقية مسودات مشاريع القوانين للاطلاع عليها وإبداء الرأي من طرف السلطة القضائية بكل مكوناتها، بعقد ندوات وطنية يحضرها كل أطياف الهيئات القانونية من أساتذة جامعيين ومحامين وقضاة ومساعدي العدالة لإبداء تصوراتهم والخروج بمقترحات حول مسودات القوانين موضوع الندوات. فيكون لهذا التشاور الاستباقي الأثر الإيجابي في إعداد نصوص قانونية تستجيب لمتطلبات الحياة اليومية والاجتماعية، قادرة على الصمود في وجه المتغيرات وكفيلة باحتواء الحالات الواقعية أو المفترضة.
ويمكن القول أن هذا النجاح التشريعي الذي أثبتته التجربة يتجلى في التعديل الجزئي للمواد القانونية والذي غالبا ما يكون وليد ظاهرة اجتماعية أو آفة أو انحراف أثّر بشكل كبير على الأمن الاجتماعي أو النظام العام لما يحدثه من اضطراب اجتماعي ، فيتفاعل معه الرأي العام ويستأثر اهتمام الصحافة والإعلام، فتكون ظرفية التعديل التشريعي جد سانحة وتحضا بالتالي بموافقة شبه تامة لمختلف مكونات المجتمع، وهذا ما أشرت إليه في بداية مداخلتي من أن التعديلات التي عرفها القانون الجنائي كانت نوعا ما إن لم نقل أن جلها كان نتيجة حتمية لتدخل المشرع لإدخال تعديلات أو إحداث قانون جديد يتصدى للظاهرة أو الانحراف كما كان الأمر بالنسبة لقانون الإرهاب أو قانون مكافحة شغب الملاعب أو العنف ضد المرأة.
أما محاولات التعديل الشامل أو الكلي لمدونة القانون الجنائي، فقد باءت بالفشل لأكثر من مرة فعلى مستوى هذا القانون كانت هناك عدة مشاريع قانون لتعديله بصفة شبه كلية، ظلت آنذاك حبيسة الرفوف، لما يقع من اختلاف في وجهات النظر صادر عن الهيئات والأحزاب والتيارات ما بين حداثيين يميلون للتحرر ومحافظين يتشبثون بموروثهم الديني والثقافي، وما بين أقليات تريد إثبات نفسها والبحث عن موطن قدم وبين فئات تسعى لإفشال المشروع خدمة لمعارضة شخصية غير مفهومة، وكما يقال إرضاء الجميع غاية لا تدرك.
وإذا كانت هذه هي استراتيجية التشريع الجنائي بالنسبة لوزارة العدل بالتعاون مع السلطة القضائية، فإن باقي الوزارات والمؤسسات العمومية لم تتأخر بدورها في مواكبة هذا التحول أو هذه القاطرة التشريعية التي تهدف بالأساس إلى مكافحة كل أشكال الجريمة وعلى مختلف المستويات، حيث نجد أن المغرب عرف صدور عدة قوانين خاصة بها شق تشريعي جنائي أو خاص بالعقاب يتصدى لكل المخالفات المسطرة في مقدمته، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قانون مكافحة الاكياس البلاستيكية، وقانون حماية البيئة وقانون حماية المياه و مكافحة تلوث الهواء وقانون الهجرة لما أصبح المغرب بلد استقرار بعدما كان بلد عبور إلى أوربا، وغيرها من القوانين التي تصدر بعد نقاش مجتمعي وسياسي يهدف بالضرورة إلى أن يلاحق التشريع سرعة الإجرام.
​والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 notes
azulpressagadir · 23 days
Text
الإحصاء: بقانون قديم ومسؤول عجوز ودعاية بالمليار ونصف وتجاهل للغة البلاد
يعود قانون الإحصاء إلى سنة 1971، ألم يفكر المسؤول على عملية الإحصاء ، سي الحليمي الذي عمر طويلا في مندوبية التخطيط، في الدعوة إلى تحيين القانون وتجديده حسب التطورات التي عرفها المغرب وعرفتها حتى وسائل العمل وتحليل المعطيات مع الثورة التكنولوجية الحالية. قانون الإحصاء: مند دستور 2011 أصبح للمغرب لغتين رسميتين، العربية والأمازيغية، سي الحليمي المكلف بالاحصاء لم يحترم الدستور ، بل ركز  في عمله من…
0 notes
tanger24 · 2 months
Text
البشير الحداد الكبير* كما هو معلوم أنه ككل سنة يتم الإحتفال بعيد العرش المجيد، وهي مناسبة مهمة لتجديد العهد والبيعة مع أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.  من بين أهم الآليات الدستورية التي تملكها المؤسسة الملكية هي آلية توجيه الخطاب، وهي آلية حصرها الدستور الجديد بيد المؤسسة الملكية، بموجب الفصل 52، وهي آلية تُمكن من تشخيص الأوضاع وإيجاد الحلول ورسم خارطة طريق واضحة المعالم. إن جلالة الملك حفظه الله ورعاه دائما يختار اللغة الدقيقة والواضحة في توجيه خطابه للأمة المغربية، خطاب لا يستغرق كثيرا من الوقت، خطاب عنوانه القليل من الكلام والكثير من العمل، فنحن أمام ملكية الجد والمثابرة والإخلاص لله والوطن.  إن خطاب العرش المجيد هذه السنة قام بالتركيز على نقطتين أساسيتين، أولا السياسة المائية، ثانيا القضية الفلسطينية. إن السياسة المائية تحظى بعناية ملكية فائقة، فإذا عدنا لسنة 2020 نجد أن جلالة الملك حفظه الله ورعاه قد ترأس جلسة عمل خصصت للبرنامج الوطني للماء الصالح للشرب ومياه السقي (2020-2027)، خصصت له ميزانية 115 مليار درهم، تمت زيادتها ل 143 مليار درهم في جلسة العمل سنة 2023، كما أن جلالته أسماه الله وأعز أمره خصص خطاب افتتاح البرلمان سنة 2022 للحديث عن السياسة المائية، وفي خطاب العرش المجيد السنة الماضية أيضا، وإذا عدنا للزيارة الميمونة الملكية لجلالة الملك نصره الله وأيده لدولة الإمارات السنة الماضية، كانت السياسة المائية في صلب أولويات مذكرات التفاهم التي تم توقيعها. إن خطاب العرش هذه السنة، أكد فيه جلالة الملك حفظه الله ورعاه على المنجزات والمكاسب والمشاريع التنموية التي إنجازها طيلة رُبع قرن من إعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين، إلا أن جلالته نبه لتحديات تواجهنا تتطلب الجهود والإبداع والحكامة، ومن بين هذه التحديات ندرة المياه، فبعد 6 سنوات من الجفاف، تم تنزيل البرنامج الوطني 2020-2027 الذي ساهم في الحد من الجفاف، إلا أن الأمر يتطلب التحليل المستمر واليقظة الدائمة من أجل بلورة السياسة الوطنية للماء، مع ضرورة إستكمال بناء السدود، والتسريع في إنجاز مشاريع طرق السيار المائي حتى لا تضيع مياه التساقطات وحتى نكون أمام العدالة المجالية في توزيع الموارد المائية، وهذا يتماشى مع الفصل 154 من دستور 2011 الذي يؤكد على الإنصاف في تغطية التراب الوطني. كما دعا جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره للتسريع في إنجاز مشاريع تحلية مياه وعدم التأخير في إنجاز المشاريع الطاقية (الطاقات المتجددة )، بالإضافة إلى معالجة المياه المستعملة وإعادة استخدامها والتشجيع على الإبتكار والتكنولوجيا في مجال تدبير المياه، حيث أن مرسوم الصفقات العمومية الجديد سنة 2023 يؤكد على ذلك. من بين النقط المهمة التي تناولها جلالة الملك حفظه الله ورعاه في خطاب العرش هذه السنة التركيز على الصناعة المحلية في مجال الماء وافراز الكفاءات في هذا المجال، فالمغرب في العهد الجديد إنتقل من الدولة المستوردة إلى الدولة المصنعة، وهذا ما حاول الميثاق الجديد للإستثمار( القانون الإطار 03.22) التركيز عليه من خلال التأكيد على علامة صُنع بالمغرب. شدد جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره على ضرورة عقلنة الموارد المائية وتكريس مفهوم الحكامة المائية، وأننا أمام مسؤولية وطنية في هذا المجال. لقد خصص جلالة الملك الشق الثاني من الخطاب السامي للحديث عن القضية الفلسطينية، وهي رسالة للعالم بأن المغرب تحت القيادة الرشيدة والحكيمة، وفي لقضية الأمة العربية والإسلامية، فجلالة الملك يعتبر بكل صدق القائد العربي الحكيم الأكثر دفاعا عن القضية الفلسطينية، فهو رئيس لجنة القدس وهو الأكثر تمويلا لمشاريع بيت مال القدس الشريف. إستطاعت الدبلوماسية الملكية الناعمة من إيصال المساعدات الغذائية والطبية لساكنة غزة، وهي سابقة من نوعها، حيث أن المغرب الدولة الوحيدة في العالم التي قامت بهذا العمل الإنساني النبيل، فالمغرب مع الوقف الدائم لإطلاق النار، ومع السلام وحل الدولتين، وهذه رسالة لأعداء وحدتنا الترابية،الذين يحاولون جاهدين تشويه سمعة المغرب. إن المغرب كبير بملكه وبشعبه، فكل الإصلاحات التي دشنها جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره أعطت للمغرب وزنا إقليميا ودوليا وثقة عالمية. *باحث في سلك الدكتوراة بكلية الحقوق بطنجة
0 notes
almandourtv · 4 months
Text
هاد العرض ديال الناس كلاس ماشي ديال صحاب ليزاداك:
هاد العرض ديال الناس كلاس ماشي ديال صحاب ليزاداك:     “أعطيني مسرحا أعطيك شعبا عظيم” خير ما نبدأ به مقالنا هذا ما قاله ويليام شكسبير, إن أهمية المسرح كبيرة من أجل انتاج شعوبا عظيمة و لمعرفة شعب ما يجب أن ننتبه لثقافته و فنه, إلا أن كل التوجهات الكبرى للبلاد خاصة ما جاء به محمد السادس في خطاباته و اهتمامه بالثقافة, و طبقا لأحكام الفصل ” 19, 22,” من دستور سنة 2011.   إننا اليوم نعيش في عهد كأس…
Tumblr media
View On WordPress
0 notes
ostadxyz · 5 months
Text
0 notes
jawad-hd · 7 months
Text
Tumblr media
الملك طلال بن عبدالله
حنين اردني الى ملك فقد عقله
مقال منقول -نشر عام 2011
---
تلقى "مذكرات الملك طلال" إقبالاً هذه الأيام في الأردن، إذ تباع بصورة سرّية لدى عدد من باعة الكتب المستعملة في وسط العاصمة عمّان، بوصفها المرجع الوحيد الذي يتناول حياة الشخصية الأكثر جدلاً في تاريخ الأردن المعاصر، والذي يعتبره الأردنيون "أب الدستور".
هذا الحنين إلى ملك لم يكد يجلس على العرش حتى أقصي، يأتي في جو سياسي عام تطالب فيه قوى الإصلاح بالعودة إلى الدستور الأردني، الذي وضعه الملك طلال عام 1952. وقد جددت هذه المطالبات الرغبة في الكشف عن الغموض الذي أحاط بحياة ورؤى ثاني ملوك العائلة الهاشمية في الأردن.
وفي حديث للجزيرة نت، يقول كاتب وناشط أردني- فضّل عدم ذكر اسمه- إن "العودة إلى صيغة دستور 52، لا تمثل خطوة جادة نحو الديمقراطية والدولة المدنية فقط، وإنما يجسد تصالح العائلة الهاشمية مع تاريخها، وإعادة اعتبار لأحد أعضائها؛ فطلال لم يستمر في حكمه إلا قرابة عام (20 يوليو/تموز 1951- 11 أغسطس/آب 1952)، وغادره مجبراً ليقضي بقية حياته في إسطنبول حتى توفي".
صدرت المذكرات في كتاب أول مرة عام 1972 بعد وفاة صاحبها، أما الطبعة الثانية فصدرت في عام 1991 عن الزهراء للإعلام العربي، وتّوزع بنسخ مصوّرة، أو يتم تنزيلها من مواقع الإنترنت الكثيرة، وتتصدرها مقدمة للناشر ممدوح رضا.
المذكرات التي أثارت الجدل تنتهي برواية أحداث تنتمي إلى عام 1964، قبل ثمانية أعوام من وفاة الملك طلال (7 يوليو/تموز 1972)، وهو تاريخ انتهاء خدمة صبحي طوقان، مرافق الملك الخاص، الذي نقلها إلى الناشر.
"الوسيطان" بين الملك والقارئ، هما المسؤولان عن صحة هذه المذكرات من عدمها، لكن ذلك لا يخفي الكم الهائل من المعلومات التي تكشف أدق التفاصيل عن الشخصيات التي تتحدث عنها المذكرات، مما يبقي الباب مفتوحا لنقض بعض أجزائها دون الإخلال بالرواية الأساسية وصحتها، وربما تشكل سندا يدعم صحة نسب مضمون المذكرات على الأقل للملك الراحل.
وتفرض "الوساطة" بعض الإضافات، وهو ما يحتاج بحثا أكبر حول رضا وطوقان، لكن الأول –أي الناشر- عرف عنه "ولاؤه" المطلق للمؤسسة الرسمية المصرية، إبان حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وهذا ما يفسر إضافة "شاهد على خيانات العائلة الهاشمية" على غلاف الكتاب، أما طوقان فعرف بوصفه معارضا فضّل الإقامة خارج الأردن دون إثارة ضجة تذكر.
ويشير رضا في تقديمه إلى نشره هذه المذكرات في مجلة "روز اليوسف" المصرية في عام 1965، استجابة لرغبة أستاذه الأديب الراحل إحسان عبد القدوس، ومشيراً إلى وجودها في مكتبات جامعات عدة في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي مكتبة الكونغرس ضمن ما يحتفظ به من وثائق عربية.
"قيمة هذه المذكرات تكمن في كونها الوثيقة الوحيدة عن فترة غامضة جُمعت من أوراق متناثرة مهلهلة، وأضاف إليها المرافق العسكري للملك طلال وقتئذ بعض انطباعاته أو بعض ما سمعه من الملك ويمكن أن تعتبر تكملة للمذكرات"، يضيف الناشر.
ويؤكد الناشر أن طوقان، سكرتير الملك طلال ومرافقه العسكري الخاص، هو من سلّمه نسخة من هذه "الوثيقة التاريخية"، بعد أن وقّع طلال على كل صفحة منها دلالة على تحمله مسؤولية نشرها.
الكاتب والناشط الأردني -الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- قال "قد تكون صداقة طلال لمجموعات من الشباب المعارض الذي تعتبره أوساط الحكم فوضويا، وعدم مهادنته في العلاقة المتوترة مع والده وتجاهله لما هو متوقع منه كولي للعهد، قد أدت إلى اعتباره شخصاً "طائشاً"، وربما استغلت بوصفها "تصرفات غير متزنة" هيأت لاتهامه بالجنون، تضاف لها حالات "الاكتئاب" التي كانت تصيبه فتُظهره عصبياً ونزقاً".
ويستدرك الكاتب -في تصريحه للجزيرة نت- بقوله "لكن أحداً من رفاق دراسته وشبابه (طلال) لم يشر يوماً إليه كمختل عقلياً؛ وحقيقة أنه تولى رعاية جده في منفاه وأنه عمل في المندوبية الإنجليزية في قبرص لتأمين سبل العيش، أمر غير متوقع من رجل يعاني من مشكلة في قواه العقلية".
ويذكر هنا أن مجلة "التايم" كانت قد نشرت مقالاً بعنوان "الملك غير السعيد" في 16 يونيو/حزيران 1952، أثناء ذهاب الملك طلال إلى باريس، تأتي فيه على لقاء جمع الملك بوزير باكستاني أهداه ثلاث هدايا وصفها على النحو التالي: "هذا دبوس من الماس يعود لجدي الشريف حسين الذي خدم بريطانيا ومات وحيدا، وهذه نسخة مذهبة من القرآن تعود إلى والدي الذي خدم بريطانيا وقُتل في مسجد، وهذا خنجري المرصع بالجواهر، وأنا أخدم بريطانيا ولا أعرف كيف ستكون نهايتي!".
"
يروي طوقان كيف نجحت الملكة زين الشرف (زوجة طلال) والجنرال البريطاني غلوب باشا، ورئيس الديوان الملكي آنذاك عبد الرحمن خليفة، والوزراء وقادة الأمن وشوكت الساطي الطبيب الخاص للملك طلال في تنحية الأخير، ونقله إلى مدينة إربد الأردنية، ثم إلى مستشفى بهمان للأمراض العقلية في القاهرة
"
اتهامه بالجنون
ويروي طوقان -بداية- كيف نجحت الملكة زين الشرف (زوجة طلال) والجنرال البريطاني غلوب باشا، ورئيس الديوان الملكي آنذاك عبد الرحمن خليفة، والوزراء وقادة الأمن وشوكت الساطي الطبيب الخاص للملك طلال في تنحية الأخير، ونقله إلى مدينة إربد الأردنية، ثم إلى مستشفى بهمان للأمراض العقلية في القاهرة.
ويسرد طوقان الحوارات التي دارت بينه وبين طلال، والتي تدور حول رغبة زين الشرف (أم الملك حسين) في إلصاق صفة "الجنون" على زوجها الملك، إضافة إلى ما وصفه بـ"المحاولات المتكررة" لقتله، عبر تدبير حوادث سير وأخرى بقارب بحرية، وكانت وراءها الملكة، على حد تعبيره.
انتقل الملك للإقامة في مستشفى للأمراض العقلية في إسطنبول التركية، وهو ما ذكّره بإقامة مماثلة في سويسرا، كان وقتها أميراً، لافتاً إلى أن صحفيا سويسريا أجرى معه حواراً هو من طالب بخروجه من "المصح" بعدما تأكدت له سلامة قواه العقلية، خلافاً لما أراده "الملك عبد الله الأول وزوجته"، وفق تعبيره.
طلال يروي في مذكراته محاولة قام بها سفير الأردن في لندن حينها الشريف حيدر عبد المجيد، لإقناع زين الشرف والملك حسين بأنه في كامل قواه العقلية وضرورة الإسراع بإخراجه من مستشفى الأمراض العقلية في تركيا، لكنهما رفضا، وأمرته الملكة بالخروج من القصر.
تكثيف الحصار
محاولة الشريف حيدر، دفعت زين الشرف إلى تكثيف حصارها على زوجها، مما أوجد تعاطفاً من مدير المستشفى مع مريضه، فأعاد الفحوص الطبية لتثبت أن طلال معافى، لكن خروجه يتطلب "أمراً" من الأسرة المالكة في الأردن، وهو ما يبدو متعسراً!.
ويضيف الملك "المتهم بالجنون" أن زيارة ابنه وزوجته له في نهاية عام 1954 انتهت بدفع رشا لتغيير تقرير الطبيب وإبقاء الملك في المستشفى حتى وفاته، بناء على طلبهما!.
وفي الوقت نفسه، يشير أكثر من مرة إلى منع المال عنه، رغم تخصيص الملك السعودي سعود بن عبد العزيز له 65 ألف جنيه سنوياً، و18 ألف جنيه من الحكومة الأردنية، وغيرها من الحكومة البريطانية وشخصيات عربية لغاية علاجه.
ويتحدث طلال عن اتصاله مع مجموعة الشبان الأردنيين أقاموا مظاهرات في عمّان مطالبين بعودته، وجاؤوا إلى زيارته ووفروا الرشا اللازمة لتهريبه، لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار في مطلبهم بعد القبض عليهم جميعهم.
المذكرات تقدّم أكثر من قصة حول تهريب زين الشرف للمجوهرات والأفيون، وكانت أخبارها تصل تباعا لطلال عبر مدير المستشفى المقيم فيه.
"
في تداعيه الحر، يصف طلال كره أبيه الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة له، وإبعاده عن مجلسه وحرمانه من العطف والحنان، بسبب علاقته الخاصة مع جده الشريف حسين بن علي زعيم الثورة العربية الكبرى
"
كراهية ملكية
في تداعيه الحر، يصف طلال كره أبيه الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة له، وإبعاده عن مجلسه وحرمانه من العطف والحنان، بسبب علاقته الخاصة مع جده الشريف حسين بن علي زعيم الثورة العربية الكبرى، بعد مرافقته له في أثناء فترة نفيه في قبرص، وكيفية التضييق المالي عليهما.
ويشير طلال إلى أن زواجه بالشريفة زين الشرف كان بتدبير أبيه وبموافقته، رغم وصفه لأخيها الشريف ناصر بـ"القاتل" و"قاطع طرق" و"نصّاب"، ومشككا في "لقائها بالسفير البريطاني" منذ إعلان خطوبتهما.
يؤكد طلال -في الصفحة 167 من مذكراته- تلقيه رسالة من بعض الأصدقاء، جاء فيها أن بعض أبناء فلسطين الذين يقيمون في الضفة الغربية قرروا اغتيال الملك عبد الله، بعد أن كشفوا حقيقة موقفه خلال حرب فلسطين، على حد قوله.
"التسريبات" التي وصلته تفاجئه باغتيال أبيه، ليبدأ بعدها بتعيين شخصيات وطنية لتجاوره في الحكم، رافضا منذ اللحظة الأولى لتوليه مقاليد الحكم اتصال السفير البريطاني في عمان معه هاتفياً، ومنهياً مقابلته معه لتدخله في شؤون الحكم ليحدث الصدام الأول بينهما، كما يروي.
"صدام آخر" جرى بين طلال وقائد القوات البريطانية في الأردن غلوب باشا، على إثر طلب الملك إحالة 15 ضابطاً إلى الاستيداع. كما تتجه المذكرات لكشف تدخلات زين الشرف مع أخيها ناصر والسفير البريطاني وعدد من النوّاب والوزراء الأردنيين لإقصاء طلال.
تُفصّل المذكرات اجتماعات الملك حسين ووالدته زين الشرف في إسطنبول للتباحث حول إعلان حلف بغداد، وحول لقاءاتهما المتكررة بالمسؤولين الأتراك والأميركيين.
ومن جهة أخرى، تتداول هذه الوثائق العلاقة العدائية بين زين الشرف والأميرة دينا، الزوجة الأولى للملك الحسين، وكيف استطاعت أن توصل علاقتهما الزوجية إلى الطلاق، وفق ما قرأه طلال في الصحف وما تصله من أخبار.
وتركز المذكرات على محاولات السلطة التركية إقناع الملك طلال بالموافقة على حلف بغداد، إلاّ إنها باءت جميعها بالفشل، مما استدعى إعادته من القصر الذي سكنه فترة إلى مستشفى الأمراض العقلية.
وتبدي المذكرات حالة انكسار عاشها طلال طوال عقدين من الزمن لم يتمكن من الوقوف في وجه مؤامرات حيكت ضده، لكنها تُوحي بـ"ضعف شخصيته"، وهو ما دفع البريطانيين إلى تعيينه ملكاً ثم الرجوع عن دعمه بعد ما كشفه من مواقف.
وفي السابع من يوليو/تموز 1972، توفي الملك طلال في إسطنبول، ليعود إلى الأردن محمولا في كفن، دون أن يكشف عن حياته ونهايته في الرواية الرسمية للدولة الأردنية، تماماً كما فعلت المذكرات التي لم تمط اللثام عن شخصيته إلاّ قليلاً، ليظل الاقتراب منه محكوما بكشف أسرار لا تزال محجوبة عن الأردنيين.
0 notes
marsad-news · 1 year
Text
في يومها الوطني.. المرأة المغربية على مشارف مكتسبات حقوقية جديدة
في يومها الوطني.. المرأة المغربية على مشارف مكتسبات حقوقية جديدة فقد تمكنت المرأة على مدى عشرين عاما الأخيرة من مراكمة العديد من المكتسبات الحقوقية في إطار مقاربة تشاركية شمولية ترتكز على الإنصات والاجتهاد والمواكبة، الأمر الذي عزز من حضورها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويعتبر إصدار مدونة الأسرة في سنة 2004، إلى جانب اعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في…
View On WordPress
0 notes
my-yasiuae · 1 year
Text
نيروبي (أ ف ب) رأى رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى دولة جنوب السودان، الأربعاء، أن الأزمة في السودان يجب أن تكون بمثابة «جرس إنذار» لجوبا، داعياً الحكومة إلى وضع الأسس لانتخابات ذات مصداقية العام القادم. ومنذ استقلالها عن السودان في 2011 غرقت دولة جنوب السودان في أزمة تلو الأخرى، من بينها حرب أهلية أودت بنحو 400 ألف شخص قبل توقيع اتفاق سلام في 2018. غير أن حكومة الوحدة التي يقودها الرئيس سلفا كير ونائبه ريك مشار، أخفقت إلى حد كبير في الوفاء بوعود اتفاق السلام، ومنها صياغة دستور. وتعهد كير بإجراء أول انتخابات رئاسية في هذا البلد بحلول ديسمبر/كانون الأول 2024، غير أن موفد الأمم المتحدة نيكولاس هياسوم حذر من أن على السلطات التحرك بسرعة لضمان «انتخابات سلمية وتشمل الجميع وذات مصداقية». وأضاف في مؤتمر صحفي أن «الوضع في السودان هو بمثابة جرس إنذار لجميعنا في جنوب السودان، إنه يؤكد ضرورة التحرك بسرعة لتعزيز أسس السلام والاستقرار والحكم الذي يشمل الجميع». وتابع: «المطلوب بيئة سياسية ومدنية مواتية لجميع الأحزاب السياسية ومجموعات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وجميع أهالي جنوب السودان». وكثيراً ما انتقدت الأمم المتحدة قيادة جنوب السودان لدورها في إثارة العنف وقمع الحريات السياسية ونهب خزائن الدولة. وكان من المفترض أن تستكمل الحكومة فترة انتقالية بانتخابات في فبراير/شباط 2023، لكنها أخفقت حتى الآن في تنفيذ بنود أساسية في اتفاق السلام. وفاقم القتال بين الجيش وقوات مسلحة مشكلات جنوب السودان، وفر أكثر من 190 ألف شخص عبر الحدود هرباً من المعارك، بحسب هياسوم. ودولة جنوب السودان من أفقر دول العالم رغم امتلاكها احتياطياً نفطياً كبيراً، وأمضت نصف الفترة منذ استقلالها في حرب ولا تزال تعاني أعمال عنف إثنية ذات دوافع سياسية. المصدر: صحيفة الخليج
0 notes
syelseli · 2 years
Text
لا رقابة للشعب على فعل الحاكم المجرم محمد السادس الدكتاتور و هو لم يأخذ منه تفويض عن طريق البيعة الشرعية المستوعبة لكل الشعب منذ اليوم الأول لحكمه و حتى منذ تصويت الشعب على دستور المغرب لسنة 2011 لأن البيعة لا تكون جزافية مدى الحياة كتوقيع شيك على بياض و تسليم غير مشروط لرقاب الناس للمدعو ملكا مدى حياته دون ربط لمسؤوليته مع محاسبته. كل موبقات الحكم الملكي و الجمهوري لا في المغرب و لا في فرنسة متلا جذرها هو سلطة حاكم غير مراقبة من طرف الشعب ⚠️🌟🚨⚪
Tumblr media
0 notes
elmisbahi · 2 years
Text
استراحة قانونية رقم 34:
دور محكمة النقض
تتربع محكمة النقض على قمة هرم التنظيم القضائي المغربي، و يشمل نفوذها جميع التراب الوطني. أحدثت محكمة النقض، غداة الاستقلال و كانت تسمى آنذاك بالمجلس الأعلى، إلى أن تم تغيير هذه التسمية بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.11.170 الصادر في 27 من ذي القعدة 1432 ( 25 أكتوبر 2011 ) بتنفيذ القانون رقم 58.11 المتعلق بمحكمة النقض، المغير بموجبه الظهير الشريف رقم 1.57.223 الصادر في 2 ربيع الأول 1377 ( 27 سبتمبر 1957 ) بشأن المجلس الأعلى.
وبالإضافة إلى اختصاصاتها المسندة لها بمقتضى القوانين التنظيمية والموضوعية والتي تمارسها بطريقة مباشرة، فإنها تقوم بأدوار طلائعية أخرى يمكن أن نجملها في ما يلي:
محكمة النقض كجهة تشريعية
إن قرارات محكمة النقض وإن كانت في ظاهرها هي الحكم الفاصل في طلب طعن قدم أمامها، إلا أنها في نفس الوقت تكون بمثابة تكريس لقاعدة قانونية، إما بإعطاء تفسير موحد لمضامين البنود القانونية، أوبسن قاعدة أو مبدأ تستنبطه من كنه المادة القانونية، لم يكن المشرع قد تطرق له بالتفصيل أو التعداد أو التوضيح المزيل للبس، وهذا ما يسمى بالاجتهاد القضائي، والذي قد يصدر عن غرفها فرادا أو مجتمعة، فيصبح هو الركيزة في العمل القضائي والمنهج الصحيح في إلباس القالب القانوني للوقائع، فتلزم المحاكم الدنيا بالعمل به وتطبيقه، كما يستشهد به الأطراف ودفاعهم في تأكيد مرافعاتهم، وقد ألزم المشرع في عدد من فصول القانون المحاكم الدنيا بالأخذ به من خلال التقيد بالنقطة القانونية التي أحالت من أجلها محكمة النقض الملف على محكمة معينة، كما هو الشأن بالنسبة للفصل 369 من قانون المسطرة المدنية والذي جاء فيه: ....... إذا بتت محكمة النقض في قرارها في نقطة قانونية تعين على المحكمة التي أحيل عليها الملف أن تتقيد بقرار محكمة النقض في هذه النقطة. والمادة 554 من قانون المسطرة الجنائية والتي جاء فيها: يتعين على المحكمة التي أحيلت إليها القضية بعد النقض أن تلتزم بقرار محكمة النقض فيما يرجع للنقطة القانونية التي بتت فيها....
وهكذا نجد كتاب القضاء الزجري والجرائم ذات الصلة بانتخابات أعضاء مجلس النواب دليل تطبيقي والصادر عن وزارة العدل، استشهد بعشرون قرارا لمحكمة النقض عن عدد من الجرائم الانتخابية ليشرح بها ويوضح قراءة محكمة النقض للفصول المعاقبة.
أما عن المحكمة الدستورية والتي تعتبر بمثابة صمام الأمن في كل التشريعات وذلك بالسهر على تعديلها وجعلها مطابقة للدستور، فإننا نجد عددا من قضاة محكمة النقض كانوا من بين أعضائها منذ إحداث المجلس الدستوري، وهذا يدل على مدى كفاءة وتجربة واقتدار هؤلاء القضاة في شغل هذه المناصب ومساهمتهم في سلسلة التشريع الوطني من هذه الزاوية.
محكمة النقض كجهة دبلوماسية
نعلم جميعا أنه في إطار التعاون القضائي الدولي، وفي إطار تبادل الوفود القضائية للزيارات فيما بينها أو بينها وبين المؤسسات الدولية، فإنه يتم إبرام اتفاقيات تخص التعاون القضائي، والتي تهم بالأساس التعاون وتبادل الخبرات والتجربة القضائية وتكوين المكونين وغيرها من الأمور التي تروم تجويد العمل القضائي والقانوني، وقد أبرمت محكمة النقض في هذا الإطار عددا مهما من الاتفاقيات والتي تبقى بمثابة إشعاع قضائي على المستوى الدولي، إذ همت عددا من الدول في مختلف قارات المعمور.
محكمة النقض كفاعلة أساسية في الحفاظ على الأمن القومي
بالإضافة إلى اختصاصاتها المتمثلة في السهر على التطبيق السليم للقانون وتوحيد واستقرار الاجتهاد القضائي الذي يعتبر الدعامة الأساسية في الأمن القضائي والمعاملاتي، فإنها ممثلة بواسطة رئيسيها بالمجلس الأعلى للأمن، طبقا للفصل 54 من الدستور، والذي يعتبر هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد وتدبير حالات الأزمات، حيث نجد ضمن تشكيلة هذا المجلس الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وهو نفسه الرئيس الأول لمحكمة النقضن، بل إن صفته هاته هي التي خولته صفة الرئيس المنتدب، ثم نجد ضمنيا عضوية رئيس النيابة العامة وهو نفسه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، لأن دستور 2011 صدر قبل إحداث مؤسسة رئاسة النيابة العامة، والتي أحيلت بسببها عدد من اختصاصات وزير العدل على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ومن بينها إعداد السياسة الجنائية.
ولا يجب أن ننسى الدور الذي سيلعبه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة في التعاون البناء والفاعل مع المرصد الوطني للإجرام والذي سيعرف النور قريبا، وذلك لوحدة المهام والاهتمام بين المؤسستين في مكافحة الظاهرة الإجرامية والبحث عن مسبباتها وتضييق الخناق على مرتكبيها.
محكمة النقض كشريكة في تسيير الشأن العام
بالرجوع للفصل 113 من الدستور نجد المجلس الأعلى للسلطة القضائية يساهم في تسيير الشأن العام من خلال إعداد تقارير وتوصيات تلقائيا أو بطلب من الملك أو الحكومة أو البرلمان تتعلق بوضعية القضاء ومنظومة العدالة لتكون كأرضية للاشتغال على هذه الأمور الوطنية، وقد نتساءل عن موقع محكمة النقض هنا، فالجواب أن ثلاثة أعضاء دائمين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يشغلون أعلى المناصب بمحكمة النقض، وهم الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لديها ورئيس الغرفة المدنية أو الغرفة الأولى. كما تعمل بمثابة هيئة للتشاور تابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كما نص على ذلك الفصل 13 من الدستور، يرجع إليها لإعطاء رأيها في صياغة مشاريع النصوص القانونية، كما تتوفر على قسم خاص بالنشر والتأليف لتنمية الإبداع العلمي والقانوني للقضاة تطبيقا للفصل 26 من الدستور، من خلال جمع مؤلفاتهم، وقراراتهم ونشرها عبر المجلات والنشرات والدوريات وكذا المواقع الإلكترونية،
مقترحات عملية للزيادة في تجويد دور محكمة النقض
من خلال العمل بمحكمة النقض لأكثر من عشر سنوات، وقفت على عدد من الأمور التي أرى من وجهة نظري المتواضعة أنه أضحى لزاما إدخال بعض الإصلاحات عليها أو إعادة النظر في طريقة التعامل معها، لما سيشكله ذلك من توفير الجهود وتصريف الأشغال والوصول إلى النجاعة القضائية المطلوبة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي :
- إقرار حق التصدي لمحكمة النقض للبث والتصدي للقضايا المرفوعة أمامها، خصوصا للمرة الثانية؛
_ رفع سقف القيمة المالية للقضايا غير القابلة للطعن لمبلغ مائة ألف درهم ؛
_ رفع الرسوم القضائية أمام محكمة النقض مع تفعيل مبدئ تعويض المتضرر من الطعن التعسفي؛
_ جواز تنبيه الأطراف ��إصلاح الإخلالات الشكلية أمام محكمة النقض؛
_ تفعيل منشور رئيس الحكومة الخاص بالتدخل بين الإدارات للحد من النزاعات القضائية القائمة بينهم. يعهد فيه للوكيل القضائي للمملكة للقيام بمهمة التوفيق بين الإدارات في النزاعات القائمة فيما بينهم مع رفع الأمر لرئيس الحكومة حالة استمرار الخلاف للتحكيم في الأمر. وإن كنت أقترح أن القضاء في مثل هذه الدعاوى، عليه أن يقضي بعدم قبول الدعوى لكون الإدارة لم تفعل المسطرة الإدارية؛
- لابد من اجتماع الأقسام ذات الاختصاص الواحد في الملفات التي تعرض على غرفتين أو أكثر، لأن كل قسم هو غرفة قائمة بذاتها ودليلنا الأحكام الصادرة عنها التي تعنون بالغرفة لا بالقسم، فلابد من أن تجتمع الأقسام ذات الاختصاص الواحد في قضية ما توحيدا للاجتهاد وتعميما للنقاش، إذ لا يفيد قسم الأحوال الشخصية مثلا في التداول مع قسم جنائي في قضية جنائية، لأن الغلبة تبقى للقسم المتخصص، والذي ينجح في إقرار توجهه كاجتهاد قضائي يقتضى به؛
- توجيه دورية لجميع الوكلاء العامين للملك بعدم البث في الشكايات الموجهة ضد النقباء وإرسال كل الوثائق والمحاضر لهذه النيابة العامة للاختصاص تطبيقا للمادة 72 من قانون مهنة المحاماة، حتى يتسنى لهذه الأخيرة اتخاذ الوجهة القانونية الصحيحة بشأنها؛
- توجيه دورية لجميع النيابات العامة للإفادة بمآل الشكايات المحالة عليها بمقتضى تعليمات، وذلك لحفظ الملفات التي تبقى مفتوحة بهذه النيابة العامة لعدم معرفة مآلها النهائي؛
- توجيه كتاب لكل النيابات العامة من أجل ترشيد الطعون والإسراع بإحالة الملفات التي تم الطعن فيها بالنقض على هذه المحكمة، وذلك لما للأولى من سلطة المراقبة على كتابات الضبط في التسريع بإحالة الملفات بعد تحريرها؛
- مطالبة جميع مسؤولي النيابة العامة الإفادة بتقارير تتضمن أنواع الجرائم الأكثر اقترافا بدائرة نفوذهم، مع ذكر الأسباب الكامنة وراء ذلك، لتكون هذه التقارير بمثابة أرضية للسياسة الجنائية ولمكافحة الإجرام بنوعيه، خصوصا أن الاحصائيات لا تتطرق لمسببات الجرائم؛
- تكليف المحامين العامين كل حسب نوع القضايا التي يحضر جلساتها، إعطاء تصور حول نوع الطعون وأسبابها والاختلاف الموجود بين تعليل محاكم الموضوع وتعليل محكمة النقض؛
- توجيه نسخ من القرارات القاضية بإلغاء بعض إجراءات النيابة العامة، إلى جميع النيابات للاقتضاء بها والعمل على عدم اتخاذها مجددا في إطار توحيد الاجتهاد القضائي؛
- اقتراح بعض القضاة والمحامين العامين لإلقاء محاضرات بالمعهد العالي للقضاء ومعهد الشرطة والمعهد العالي للصحافة والمدرسة الوطنية لتكوين الأطر، للتعريف بالكفاءات وباختصاص النيابة العامة بوجه عام حتى تكون إشعاعا قانونيا وقبلة للمعرفة القضائية؛
- التماس المحامين العامين بإصلاح الإخلالات الشكلية في المذكرات، مادامت النيابة العامة هي الساهرة على تطبيق القانون، وتحقيق العدالة هو أسمى صور تطبيق القانون، فقد لا تكون للطاعن يد في هذا الإخلال الذي سيضيع حقوقه؛
- وجوب توفر الديوان على بطاقات وكتيبات تعرف بالمغرب - سياحة – مآثرا- عمرانا - اقتصادا – صناعة – وبمؤسساته الدستورية- وكذا بعض القوانين كالتنظيم القضائي والمجلس الأعلى للسلطة القضائية وتجربة رئاسة النيابة العامة، لتقديمها للزوار والمدعوين في إطار التعاون القضائي الدولي؛
- خلال زيارات الوفود لهذه المحكمة، يقترح قيام أحد المحامين العامين بعرض موجز حول موضوع الزيارة، يتضمن الجانب القانوني ووجهة نظر النيابة العامة، مع إعطاء تعريف لعملها واختصاصاتها معزز بشريط فيديو أو صور أو كتيبات؛
ــــ تسجيل نفس الشكاية بأكثر من رقم، ما يرفع من عدد المسجل خلال السنة، ولكن يؤثر سلبا على إحصاء المنجز، إذ لا يحتسب القرار المتخذ إلا مرة واحدة بالنسبة للشكاية الأصلية دون باقي نظيراتها الواردة من جهات أخرى؛
ــ توقف كتابة الضبط عن إحالة الملفات على الغرف ابتداء من شهر أكتوبر، استعدادا لإحصائيات السنة القضائية، يؤثر سلبا على بداية السنة الجديدة لكثرة الإحالات وتراكم أعداد من الملفات، ما يجعل جهود التصفية تدور في حلقة مفرغة؛
ــ في إطار رقابة محكمة النقض على الخبراء الوطنيين، لوحظ أن بعض الخبراء يستعملون شعارات المملكة في رأسية تقاريرهم المرفوعة للقضاء، مثل : المملكة المغربية ـ وزارة العدل ــ محكمة الاستئناف ـ تقرير المحكمة، ما يخلق لبسا لدى المتقاضين، وكأن هذا الخبير تابع أو يشتغل بهذه المؤسسات؛
ــ عقد لقاءات مع رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب والنقباء، لتدارس الإخلالات المرتكبة من طرف بعض المحامين، للعمل مستقبلا على تفاديها خدمة للعدالة ولمصالح المتقاضين.
عبد العالي المصباحي
0 notes
azulpressagadir · 2 months
Text
طنجة : الدورة 18 لمهرجان ثويزا تطرح موضوع الأخلاق في أوساط الفكر والدين والسياسة والاقتصاد والاجتماع والفن والبيئة
في إطار احتفالات الشعب المغربي بالذكرى الـ25 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، على عرش مملكتنا العريقة؛ ومواكبة للدينامية التنموية التي تعرفها بلادنا، تحت القيادة الملكية المتنورة؛ وانخراطا في النهضة الثقافية والفنية التي شهدتها الأمازيغية منذ خطاب أجدي�� التاريخي(17 أكتوبر 2001)، مرورا باعتماد الأمازيغية كلغة رسمية في دستور المملكة(سنة 2011)؛ وانتهاء بتفضل جلالة الملك بإقرار رأس…
0 notes
tanger24 · 2 months
Text
أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن وزارة العدل حرصت على إعداد مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية باعتماد منهجية تشاركية واسعة استقت خلالها آراء ووجهات نظر مجموع المتدخلين في الحقل القضائي. وقال وهبي، خلال جلسة عمومية خصصت للدراسة والتصويت على مشروع القانون، إن الوزارة عملت على ملائمة مواد المشروع مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، ومبادئ حقوق الانسان، وعي ا منها بأهمية تنزيل الالتزامات التي يفرضها الدستور، لا سيما فيما يتعلق بالجوانب المرتبطة بضمان الحريات والحقوق. وأبرز أن قانون المسطرة المدنية يجسد في هذا المضمار المدخل الأساسي لممارسة حق التقاضي أمام المحاكم من أجل اقتضاء الحقوق، بما يستدعي تنظيم العلاقة بين المواطن والعدالة، لتحقيق الأمن القانوني للمواطنين أفراد ا وجماعات. وأشار الوزير إلى أن هذا المشروع يشكل في أساسه تجسيدا للإرادة الملكية السامية التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه التاريخي لـ 20 غشت 2009، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، حيث دعا جلالته إلى "الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة، وهذا ما يقتضي تبسيط وشفافية المساطر، والرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات وتنفيذ الأحكام". وأضاف أن المشروع تضمن تنزيلا لتوصيات ميثاق إصلاح العدالة التي تستهدف فعالية منظومة العدالة وقربها من المتقاضين وتسهيل الولوج إليها، وتوصيات النموذج التنموي الجديد، ولاسيما تلك التي تؤكد على أهمية تحسين أداء المحاكم، والتقليص من بطء العدالة وتسريع وتيرتها من محكمة تقليدية إلى محكمة إلكترونية، وتحسين آليات التنسيق بين الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة. وأبرز وهبي أن هذا المشروع ينسخ قانون المسطرة المدنية الساري النفاذ الذي ترجع صيغته الأصلية إلى سنة 1913، مشيرا إلى أنه مر بعدة محطات عرف خلالها مجموعة من التغييرات، من أهمها محطة التعريب والتوحيد والمغربة لسنة 1965، ومحطتا الإصلاح اللتان ترجعان إلى سنتي 1974 و2011، ثم تعديلات سنتي 2019 و2021. واعتبر في هذا الصدد أن تلك التعديلات أصبحت متجاوزة بالنظر إلى التغييرات الهيكلية والجوهرية التي عرفها مرفق القضاء والعدالة بالمملكة بعد دستور 2011، بحيث أصبح من الضروري فتح ورش مراجعة قانون المسطرة المدنية وفق معطيات دستورية وتشريعية لم تكن قائمة من قبل. وسجل الوزير أن مشروع القانون شكل مناسبة سانحة للاستدلال على تميز التجربة الديمقراطية المغربية، حيث حظي بتفاعل وتعاون إيجابي من طرف أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، لافتا إلى أن مناقشة تعديلات الفرق النيابية سجلت لأول مرة في تاريخ هذا المجلس أكثر من 1160 تعديلا على نفس مشروع القانون المطروح للمناقشة. وأكد أن الحكومة تفاعلت إيجابيا مع مجموع هذه التعديلات وناقشتها الواحد تلوى الآخر، حيث قبلت 256 تعديلا كليا، و65 تعديلا جزئيا، مشيدا "بهذا التمرين الديمقراطي الذي أصبح جزءا من عمل هذه المؤسسة الدستورية وسمة تميز السلطة التشريعية ببلادنا". وفي معرض تفاعلها مع عرض الوزير، نوهت فرق الأغلبية بالتزام الحكومة باستكمال ورش إصلاح منظومة العدالة ودعم الاستقلال المؤسساتي الكامل للسلطة القضائية عبر تخصيص اعتمادات مالية وتنزيل الخريطة القضائية الجديدة للمملكة وتعزيز البنية التحتية لمرفق العدالة، وكذا تطوير وتحيين الترسانة التشريعية، معتبرة أن النقاش الذي رافق مشروع قانون المسطرة المدنية "طبيعي وصحي" بالنظر لمكانته في الترسانة القانونية. واعتبرت أن مشروع القانون ينسجم مع القواعد الدستورية ومبادئ حقوق الإنسان والنجاعة القضائية، مسجلة أنه عمد إلى إقرار عدد من المبادئ التي استقر عليها العمل القضائي وتواترت في شأنها اجتهادات محكمة النقض، واعتمد مجموعة من القواعد الإجرائية التي تراعي خصوصية الواقع المغربي وفق صياغة قانونية سلسة وواضحة تسهل فهم النصوص ومقاصد المشر ع. كما نوهت إلى أن المشروع يقدم الأجوبة على مجمل الإشكاليات الكبرى المطروحة منذ آخر مراجعة جوهرية لهذا النص الأساسي سنة 1974، مبرزة أنه لم يعرف منذ ذلك الوقت أي تعديل جوهري بالشكل الذي يتضمنه اليوم مشروع القانون رقم 02.23. من جهتها، سجلت فرق ومجموعة المعارضة أن مراجعة قانون المسطرة المدنية شكلت واحدة من أهم المطالب المجتمعية، بصفته حاجة ملحة نظرا لحجم المستجدات التي عرفتها الحياة العامة و"قصور" التعاطي الإجرائي الحالي معها، مؤكدة أن أهمية مشروع القانون لا تقاس بعدد المواد التي يتضمنها، بل بمدى ترجمتها للتوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالعدالة، ومدى قدرة المشروع على تنزيل مقتضيات الدستور والملاءمة مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
0 notes
almandourtv · 2 years
Text
تنظيم وزارة العدل و إعادة مراجعة اختصاصاتها في المغرب.
تنظيم وزارة العدل و إعادة مراجعة اختصاصاتها في المغرب.   تداول مجلس الحكومة وصادق على مشروع المرسوم رقم 2.22.400 بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة العدل، قدمه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل. وأضاف أن هذا المشروع يأتي لمواكبة التحولات الهامة التي عرفتها منظومة العدالة ببلادنا منذ صدور دستور المملكة سنة 2011، والذي ارتقى بمكانة القضاء إلى سلطة قضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأكد على نهوض…
Tumblr media
View On WordPress
0 notes
jawad-hd · 2 years
Photo
Tumblr media
الملك طلال بن عبدالله حنين اردني الى ملك فقد عقله مقال منقول -نشر عام 2011 --- تلقى "مذكرات الملك طلال" إقبالاً هذه الأيام في الأردن، إذ تباع بصورة سرّية لدى عدد من باعة الكتب المستعملة في وسط العاصمة عمّان، بوصفها المرجع الوحيد الذي يتناول حياة الشخصية الأكثر جدلاً في تاريخ الأردن المعاصر، والذي يعتبره الأردنيون "أب الدستور". هذا الحنين إلى ملك لم يكد يجلس على العرش حتى أقصي، يأتي في جو سياسي عام تطالب فيه قوى الإصلاح بالعودة إلى الدستور الأردني، الذي وضعه الملك طلال عام 1952. وقد جددت هذه المطالبات الرغبة في الكشف عن الغموض الذي أحاط بحياة ورؤى ثاني ملوك العائلة الهاشمية في الأردن. وفي حديث للجزيرة نت، يقول كاتب وناشط أردني- فضّل عدم ذكر اسمه- إن "العودة إلى صيغة دستور 52، لا تمثل خطوة جادة نحو الديمقراطية والدولة المدنية فقط، وإنما يجسد تصالح العائلة الهاشمية مع تاريخها، وإعادة اعتبار لأحد أعضائها؛ فطلال لم يستمر في حكمه إلا قرابة عام (20 يوليو/تموز 1951- 11 أغسطس/آب 1952)، وغادره مجبراً ليقضي بقية حياته في إسطنبول حتى توفي". صدرت المذكرات في كتاب أول مرة عام 1972 بعد وفاة صاحبها، أما الطبعة الثانية فصدرت في عام 1991 عن الزهراء للإعلام العربي، وتّوزع بنسخ مصوّرة، أو يتم تنزيلها من مواقع الإنترنت الكثيرة، وتتصدرها مقدمة للناشر ممدوح رضا. المذكرات التي أثارت الجدل تنتهي برواية أحداث تنتمي إلى عام 1964، قبل ثمانية أعوام من وفاة الملك طلال (7 يوليو/تموز 1972)، وهو تاريخ انتهاء خدمة صبحي طوقان، مرافق الملك الخاص، الذي نقلها إلى الناشر. "الوسيطان" بين الملك والقارئ، هما المسؤولان عن صحة هذه المذكرات من عدمها، لكن ذلك لا يخفي الكم الهائل من المعلومات التي تكشف أدق التفاصيل عن الشخصيات التي تتحدث عنها المذكرات، مما يبقي الباب مفتوحا لنقض بعض أجزائها دون الإخلال بالرواية الأساسية وصحتها، وربما تشكل سندا يدعم صحة نسب مضمون المذكرات على الأقل للملك الراحل. وتفرض "الوساطة" بعض الإضافات، وهو ما يحتاج بحثا أكبر حول رضا وطوقان، لكن الأول –أي الناشر- عرف عنه "ولاؤه" المطلق للمؤسسة الرسمية المصرية، إبان حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وهذا ما يفسر إضافة "شاهد على خيانات العائلة الهاشمية" على غلاف الكتاب، أما طوقان فعرف بوصفه معارضا فضّل الإقامة خارج الأردن دون إثارة ضجة تذكر. ويشير رضا في تقديمه إلى نشره هذه المذكرات في مجلة "روز اليوسف" المصرية في عام 1965، استجابة لرغبة أستاذه الأديب الراحل إحسان عبد القدوس، ومشيراً إلى وجودها في مكتبات جامعات عدة في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي مكتبة الكونغرس ضمن ما يحتفظ به من وثائق عربية. "قيمة هذه المذكرات تكمن في كونها الوثيق�� الوحيدة عن فترة غامضة جُمعت من أوراق متناثرة مهلهلة، وأضاف إليها المرافق العسكري للملك طلال وقتئذ بعض انطباعاته أو بعض ما سمعه من الملك ويمكن أن تعتبر تكملة للمذكرات"، يضيف الناشر. ويؤكد الناشر أن طوقان، سكرتير الملك طلال ومرافقه العسكري الخاص، هو من سلّمه نسخة من هذه "الوثيقة التاريخية"، بعد أن وقّع طلال على كل صفحة منها دلالة على تحمله مسؤولية نشرها. الكاتب والناشط الأردني -الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- قال "قد تكون صداقة طلال لمجموعات من الشباب المعارض الذي تعتبره أوساط الحكم فوضويا، وعدم مهادنته في العلاقة المتوترة مع والده وتجاهله لما هو متوقع منه كولي للعهد، قد أدت إلى اعتباره شخصاً "طائشاً"، وربما استغلت بوصفها "تصرفات غير متزنة" هيأت لاتهامه بالجنون، تضاف لها حالات "الاكتئاب" التي كانت تصيبه فتُظهره عصبياً ونزقاً". ويستدرك الكاتب -في تصريحه للجزيرة نت- بقوله "لكن أحداً من رفاق دراسته وشبابه (طلال) لم يشر يوماً إليه كمختل عقلياً؛ وحقيقة أنه تولى رعاية جده في منفاه وأنه عمل في المندوبية الإنجليزية في قبرص لتأمين سبل العيش، أمر غير متوقع من رجل يعاني من مشكلة في قواه العقلية". ويذكر هنا أن مجلة "التايم" كانت قد نشرت مقالاً بعنوان "الملك غير السعيد" في 16 يونيو/حزيران 1952، أثناء ذهاب الملك طلال إلى باريس، تأتي فيه على لقاء جمع الملك بوزير باكستاني أهداه ثلاث هدايا وصفها على النحو التالي: "هذا دبوس من الماس يعود لجدي الشريف حسين الذي خدم بريطانيا ومات وحيدا، وهذه نسخة مذهبة من القرآن تعود إلى والدي الذي خدم بريطانيا وقُتل في مسجد، وهذا خنجري المرصع بالجواهر، وأنا أخدم بريطانيا ولا أعرف كيف ستكون نهايتي!". " يروي طوقان كيف نجحت الملكة زين الشرف (زوجة طلال) والجنرال البريطاني غلوب باشا، ورئيس الديوان الملكي آنذاك عبد الرحمن خليفة، والوزراء وقادة الأمن وشوكت الساطي الطبيب الخاص للملك طلال في تنحية الأخير، ونقله إلى مدينة إربد الأردنية، ثم إلى مستشفى بهمان للأمراض العقلية في القاهرة " اتهامه بالجنون ويروي طوقان -بداية- كيف نجحت الملكة زين الشرف (زوجة طلال) والجنرال البريطاني غلوب باشا، ورئيس الديوان الملكي آنذاك عبد الرحمن خليفة، والوزراء وقادة الأمن وشوكت الساطي الطبيب الخاص للملك طلال في تنحية الأخير، ونقله إلى مدينة إربد الأردنية، ثم إلى مستشفى بهمان للأمراض العقلية في القاهرة. ويسرد طوقان الحوارات التي دارت بينه وبين طلال، والتي تدور حول رغبة زين الشرف (أم الملك حسين) في إلصاق صفة "الجنون" على زوجها الملك، إضافة إلى ما وصفه بـ"المحاولات المتكررة" لقتله، عبر تدبير حوادث سير وأخرى بقارب بحرية، وكانت وراءها الملكة، على حد تعبيره. انتقل الملك للإقامة في مستشفى للأمراض العقلية في إسطنبول التركية، وهو ما ذكّره بإقامة مماثلة في سويسرا، كان وقتها أميراً، لافتاً إلى أن صحفيا سويسريا أجرى معه حواراً هو من طالب بخروجه من "المصح" بعدما تأكدت له سلامة قواه العقلية، خلافاً لما أراده "الملك عبد الله الأول وزوجته"، وفق تعبيره. طلال يروي في مذكراته محاولة قام بها سفير الأردن في لندن حينها الشريف حيدر عبد المجيد، لإقناع زين الشرف والملك حسين بأنه في كامل قواه العقلية وضرورة الإسراع بإخراجه من مستشفى الأمراض العقلية في تركيا، لكنهما رفضا، وأمرته الملكة بالخروج من القصر. تكثيف الحصار محاولة الشريف حيدر، دفعت زين الشرف إلى تكثيف حصارها على زوجها، مما أوجد تعاطفاً من مدير المستشفى مع مريضه، فأعاد الفحوص الطبية لتثبت أن طلال معافى، لكن خروجه يتطلب "أمراً" من الأسرة المالكة في الأردن، وهو ما يبدو متعسراً!. ويضيف الملك "المتهم بالجنون" أن زيارة ابنه وزوجته له في نهاية عام 1954 انتهت بدفع رشا لتغيير تقرير الطبيب وإبقاء الملك في المستشفى حتى وفاته، بناء على طلبهما!. وفي الوقت نفسه، يشير أكثر من مرة إلى منع المال عنه، رغم تخصيص الملك السعودي سعود بن عبد العزيز له 65 ألف جنيه سنوياً، و18 ألف جنيه من الحكومة الأردنية، وغيرها من الحكومة البريطانية وشخصيات عربية لغاية علاجه. ويتحدث طلال عن اتصاله مع مجموعة الشبان الأردنيين أقاموا مظاهرات في عمّان مطالبين بعودته، وجاؤوا إلى زيارته ووفروا الرشا اللازمة لتهريبه، لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار في مطلبهم بعد القبض عليهم جميعهم. المذكرات تقدّم أكثر من قصة حول تهريب زين الشرف للمجوهرات والأفيون، وكانت أخبارها تصل تباعا لطلال عبر مدير المستشفى المقيم فيه. " في تداعيه الحر، يصف طلال كره أبيه الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة له، وإبعاده عن مجلسه وحرمانه من العطف والحنان، بسبب علاقته الخاصة مع جده الشريف حسين بن علي زعيم الثورة العربية الكبرى " كراهية ملكية في تداعيه الحر، يصف طلال كره أبيه الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة له، وإبعاده عن مجلسه وحرمانه من العطف والحنان، بسبب علاقته الخاصة مع جده الشريف حسين بن علي زعيم الثورة العربية الكبرى، بعد مرافقته له في أثناء فترة نفيه في قبرص، وكيفية التضييق المالي عليهما. ويشير طلال إلى أن زواجه بالشريفة زين الشرف كان بتدبير أبيه وبموافقته، رغم وصفه لأخيها الشريف ناصر بـ"القاتل" و"قاطع طرق" و"نصّاب"، ومشككا في "لقائها بالسفير البريطاني" منذ إعلان خطوبتهما. يؤكد طلال -في الصفحة 167 من مذكراته- تلقيه رسالة من بعض الأصدقاء، جاء فيها أن بعض أبناء فلسطين الذين يقيمون في الضفة الغربية قرروا اغتيال الملك عبد الله، بعد أن كشفوا حقيقة موقفه خلال حرب فلسطين، على حد قوله. "التسريبات" التي وصلته تفاجئه باغتيال أبيه، ليبدأ بعدها بتعيين شخصيات وطنية لتجاوره في الحكم، رافضا منذ اللحظة الأولى لتوليه مقاليد الحكم اتصال السفير البريطاني في عمان معه هاتفياً، ومنهياً مقابلته معه لتدخله في شؤون الحكم ليحدث الصدام الأول بينهما، كما يروي. "صدام آخر" جرى بين طلال وقائد القوات البريطانية في الأردن غلوب باشا، على إثر طلب الملك إحالة 15 ضابطاً إلى الاستيداع. كما تتجه المذكرات لكشف تدخلات زين الشرف مع أخيها ناصر والسفير البريطاني وعدد من النوّاب والوزراء الأردنيين لإقصاء طلال. تُفصّل المذكرات اجتماعات الملك حسين ووالدته زين الشرف في إسطنبول للتباحث حول إعلان حلف بغداد، وحول لقاءاتهما المتكررة بالمسؤولين الأتراك والأميركيين. ومن جهة أخرى، تتداول هذه الوثائق العلاقة العدائية بين زين الشرف والأميرة دينا، الزوجة الأولى للملك الحسين، وكيف استطاعت أن توصل علاقتهما الزوجية إلى الطلاق، وفق ما قرأه طلال في الصحف وما تصله من أخبار. وتركز المذكرات على محاولات السلطة التركية إقناع الملك طلال بالموافقة على حلف بغداد، إلاّ إنها باءت جميعها بالفشل، مما استدعى إعادته من القصر الذي سكنه فترة إلى مستشفى الأمراض العقلية. وتبدي المذكرات حالة انكسار عاشها طلال طوال عقدين من الزمن لم يتمكن من الوقوف في وجه مؤامرات حيكت ضده، لكنها تُوحي بـ"ضعف شخصيته"، وهو ما دفع البريطانيين إلى تعيينه ملكاً ثم الرجوع عن دعمه بعد ما كشفه من مواقف. وفي السابع من يوليو/تموز 1972، توفي الملك طلال في إسطنبول، ليعود إلى الأردن محمولا في كفن، دون أن يكشف عن حياته ونهايته في الرواية الرسمية للدولة الأردنية، تماماً كما فعلت المذكرات التي لم تمط اللثام عن شخصيته إلاّ قليلاً، ليظل الاقتراب منه محكوما بكشف أسرار لا تزال محجوبة عن الأردنيين.
1 note · View note