Tumgik
#كل شيء أحبه يذهب مني
swagcandydestiny · 6 months
Text
Tumblr media
0 notes
literary-texts · 4 years
Text
ما يحتمله الرب وحده.
رعبُ من يكتشف ثغرة في صدره ينساب منها وإليها الليل.. رعب من اكتشف هذا بين الحلم والصحو ففر مثلما فر موسى لا للطريق ولكن للرب.. رعبُ من وجد نفسه هناك وانتبه بأنه يغني.. قانط يا رب.. أستحي بأن أقول لك هذا ولكنني يارب قانط يكاد المفتاح أن ينكسر من شدة ما أكون في صف الجدار.. لكي لا تراني أمي أبكي, ولكي لا أرى أحدا.. مريضٌ يا رب كيف أخرج ومعدتي تؤلمني بهذا القدر.. تعرفُ أنني لا أكذب ولست معقد ولا معتوه ولا حقير.. لكنني أكادُ ان أكون لا شيء يا رب..أليس صحيحا يا ربي أنني لا أكذب؟ ..تعبت وأنتَ في عليائك تعبت وقوتك تعبت.. تعبت يا ربي وأريدك أن تساعدني وتغفر لي كلامي..ستطرق أمي الباب بعد قليل.. لا أريد أن أبكي بعد الآن ولا أريد أن أتقيأ.. تعرف يا ربي أنني أخاف أن أتقيأ منذ أن كنت طفلا.. أحس برعب كوني أكتب هذا وأنك تسمعني.. أنا أسيء الأدب.. آسف ولكن على صدري جبال....
 أمي تطرق الباب.. أرتعب كوني أحاول فتح الباب ولا يفتح.. لحظة وأتذكر أنني أقفلته.. بمرونة المكتئبين أبتسم.. أبتسم حقيقة ولا أدعيّ.. أتذكر ملابسي المتسخة وأطلب من أمي أن تضبط لي غسالة الملابس.. أشم رائحة المعطر , ما أجمله. لحظة!! من ذاك الذي كان يبكي قبل قليل؟ فأسكت لعشر دقائق.. أنظر إلى الأرض وأول كلمة أقولها لي كما أعتدت ولكن هذه المرة بتردد..لا بأس. أنفصل عني وأكونُ اثنان .. من أنا يا رب؟ .. كنت طفلا أحب أن أجمع الحصى الملون عند الشاطئ لكنها جبال, جبال لا أعرفها تكومت على صدري .. يا رب أنكرتني الطرق كلها حتى تلك التي لسعتني لعنتها.. أريدك أن تساعدني من أجل ذاك الطفل الذي وشوش لكنّه صلّى. لم أخلع نعليّ ولم أكن أعرف عن الأراضي المقدسة شيئا.. تائها وقعت في فخها .. أستحي أن أقول لك كل هذا لكنك تعرف كل شيء .. تعرفُ لماذا أقوله.. أنا الذي لا أعرف ما أهذي.. تعرفني .. تعرفهم.. وأنا الذي أحس بأنني لم أعد أعرف شيئا حتى نفسي.. تذكرتُني أنا "ومُزن" ألم نكن سعيدين جدا في ذلك الوقت؟ .. أين هي مزن؟ هل هي بخير يا رب؟ لا أدري إن كنت أشتاق لها أو ليّ.. بعدما رحلت "مُزن" بالضبط تغيّر كل شيء إلا شعري الطويل وشعرها.. متأكد من ذلك.. كانت ستعود بعد قليل.. صدقتها.. صدقت الذين أحبهم وكم يكون هذا قاسيا.. يقول الذين نحبهم أشياء مروعة أحيانا..
يا رب كتبتُ هذا كله بعد أن  أمضيتُ أياما أترك صفحاتي فارغة.. لم أكن أريد أن أكتب شيئا.. ولا أن أتذكر شيئا. أعطني يدي لأمسك ثوب أمي, أعد لي أيامي ,أعطني صوتي ولن أبدده بعد الان ..أعد لي مسراتي الصغيرة.. عندما كانت تكفيني قطعة حلوى من أبي لأفرح.. يارب كنت أريد أن أكون ممتازا في المدرسة.. كانت الدنيا لا تسعني عندما تضع لي المعلمة نجمة.. اليوم في الجامعة والظروف تشدني للقاع  درجاتي كاملة ولا أفرح.. لا أفرح يارب.. ولكنني أحزن على نصف درجة.. تعبت من كوني أريد الكمال.. ألا يمكن أن ننهي الحياة ونبدأ من جديد؟ أو حتى لا نبدأ .. تعبت من كوني انسانا في النهاية.. تعبت .. لو أني ملاك.. ماصفة الملاك؟ أجناحان يارب؟ لكنني خفت من هذا بعدما راقبت الحمام عمري كله.. تدري بأنني كدتُ أن أطير ليلة البارحة ونهضت مفزوعا أحس بتفاهة العالم.. العالم ومايحويه لأن الكوكب الذي كان للناس كلهم فيه مكان, للجن أيضا, للكتب, للقطارات – أحب أن أستشهد بالقطارات بالذات لأنني لم أر قطارا يرجع إلى الوراء على الأقل أنا - للسيد العجوز الذي كان يريد أن يموت, لصغيرتي المنتحرة – أصحيح بأنك ستعذبها ياربي؟ حلوى التمر التي جلبتها لي لا يزال طعمها في فمي لا أدري كيف رحلت بالكامل وهي لا تزال هنا -  صوتها في هاتفي القديم ,المذكرات الصوتية , الوقحين, الطيبين, جيراني البغيضين و طفلهم الذي بكيت منه مرات عديدة لأنه يبدأ بالغناء عندما أبدأ بالمذاكرة, أنا أيضا عندما وقفت أحيانا أقول أشياء كثيرة, الذين لا يحلو لهم أن يزجوّا الوقت إلاّ في رؤوسنا.. الكائنات التي تنظر إلينا من فوق, الهلاوس, الأحلام , أقدام أطفال يحاولون ركوب الدراجات مرة تضرب أقدامهم القاع ومرة تضرب العجلة, أصواتهم, صوت الأرض, خطوات الأشباح على الغد, غرفنا التي نضع فيها السرير و السجادة والكنب ولا نجد مكانا لنا.. الملابس المتناثرة في كل بيت.. البيوت المهجورة والشبابيك التي لم تعد تزورها الشمس.. كل شيء تافه أو عظيم كان له شبر من هذا الجحيم أو النعيم, كل شيء يعيش وأنا الذي لا يجد له نفَسا في هذا الكوكب.. أحس بتفاهته حتى وأنا في أبعد مكان أكونه لأنني لا أستطيع التنفس وكأن الوجود كله تكور في حلقي.. أحس بالأوغاد يشعلون الحرائق داخلي.. أحس بتفاهة المعتقدات والآراء التي امتلكتها يوما, والتهذيب والفنون أيضا.. لأنني لا أستطيع التنفس الآن ولا أن أشتم أحدا .. قرأت مذكراتي القديمة كلها ولم أتكلم.. أمعنت النظر في كل رسماتي, رأيت ملامحهم بالتحديد في اللوحة التي لم يكن بها رأس أصلا.. بكيت كثيرا في الصفحات الفارغة لأنني أعرف ما تقول.. ولكنني بقيتُ مخنوقا ولا نفس يا رب و شياطيني لئيمة, تهزأ بي أفكارهم.. كثيرا مايقترحون بوحدتي فكرة أن الله لن يعذب قلبا فيه كلامه.. لو أنني جئتك أسرده حرفا حرفا هل تسامحني يا رب؟...أفكر في الموت وفي الخوف منه في الوقت نفسه.. فكرة القبر والضيق هناك ترعبني.. الفكرة في أنني مدفون تخنقني.. أدري بأنني سأكون ميتا ولكنني لا أستطيع أن لا أنخنق.. مع أنه لا استطاعة ولا هواء هناك.. شياطيني تخيفني يا رب فلا أطفأ الضوء أبدا.. أقول كلاما غريبا.. أيمكن أن أقول لك بأنني كسرتُ قلبي مرة أخرى بعدما دعوتك كثيرا لتجبره.. أ غاضبٌ مني؟ لكثرة ما قالت الملائكة قلبه؟ كيف لا تغضب مني وأنا الذي أتمتم دُلني وأمشي بلا نظارة!؟.. كانت نظارتي مكسورة.. تخليت عنها لأنني كنتُ أرى أكثر من اللازم.. مشيتُ حتى أنني سافرتُ ولم أكن أرى الأشياء كما هي, لم تكن لديّ رغبة ولا حنين.. هذه هي المرة الثانية التي أفعل فيها ذلك. من يلبسون النظارة الطبية يعرفون هذا , هناك ارتباط نفسي عميق تجاهها, فعندما أحاول أن أسمع جيدا أرتدي نظارتي فورا مع أن لا علاقة لهذا بذاك وعندما أحاول أن أقرأ شيئا من ذاكرتي أرتديها أيضا.. أحس بالرعب لكوني لا أرتديها .. أدري أنه بالنسبة لي لقد انتهى كل شيء.. ولكن أيني يا رب؟ ألست من يكتب هذا الان.. كيف يمكنني أن أقول لصديقي أنني ليلة البارحة عندما لم أستطع النوم فخرجت امشي, وجدت شيئا ما في طرف الممر فارتعبت.. لم أميز ماهو لأن الضوء كان مطفئا.. توقعت شيئا سيثب علي في تلك اللحظة وعندما اقتربت كانت المكنسة الكهربائية! كيف لا أكون مجنونا وأنا أضحك لأنها لا تستطيع أن تكنسنا نحن؟ كيف أقول هذا ولا يقولون لي أين نظارتك؟.. ونظارتي انكسرت الأسبوع الماضي, وأنا أعجز عن  إصلاحها ولا رغبة لي بشراء واحدة أخرى.. كيف أبرر رعبي كوني لا أرتديها وأنا الذي اعرف أن هذه إشارة النهاية؟.. أمشي يا رب, أحدق في كل شيء كأنني لا أعرفه من قبل.. بالمناسبة أين هو صديقي؟ أين يذهب الأصدقاء, لابد أنهم في مكان ما.. لأنهم يذهبون دائما.. أشعر بالوحدة .. ولا أدري لماذا أحسست بدهشة من وجد نفسه وحيدا فجأة.. الضباب سمة كل شيء.. كل شيء يميع في كل شيء.. ظللت أمشي.. رأيت كائنات كثيرة تمشي مع بعضها البعض.. شعرت برغبة في التقيؤ.. ولأنني أخشى أن تتمدد رغبتي في التقيؤ حتى يكون بالامكان أن يثيرها منظر الشخص الواحد..لا أرى نفسي بالمرآة.. لم أعد أطيق حتى صور من يقفون جانب بعضهم لكي أخرج للشارع وأراهم.. أنا حتى لا أريد أن أموت, أنا لا أريد أن أوجد في أي كون.. يا لهذه الأرض كم تحتمل.. أغضب وأعود إلى البيت.. ممن يجب علي أن أغضب يا رب؟ من الذي لا يستحق أن أسامحه؟ تعرف أنني لا أنام وفي قلبي كره لأحد.. من هوالذي كتبتُ عنه.. "لن أسامحك أبدا. لقد وضعتني في مكان لا أعرفه. كان علي أن أثق بأي أحد لأرجع, وثقتُ بمن يستحق ومن لا يستحق.. وعندما وصلت كنتُ مأكولا. الذي أمسكتُ برداءه سرق يدي ,كانت يدي مسروقة ويد الذي لا أعرفه كانت تعوي وتلكم وتنبش الآلام, آلامي أنا أولاً وآلام من يمشي معي" ؟ وجدتها في مذكراتي الصفحة 00... هذه المذكرات نصفها بلا عناوين, والنصف الآخر أعنونه دائما بالرقم صفر.. ثم صفران.. وهكذا . لا أستطيع البدء ولم تجتمع كل هذه الأصفار لتكون خطوة واحدة إلى الأمام.. وأشد ماتحمله هذه المذكرات هي الصفحة التي أتركها فارغة بالكامل وأتركها بلا عنوان.. لا يبدو أنني أستطيع البدء مجددا.. عندي أكثر من 280 صفحة بلا عنوان وبلا كلام ولكنها تعذبني .. لم أستطع أن أكون سوادا كاملا ولا بياضا كاملا, أنا الذي قلت للآخرين دائما أن الرمادي موجود.. لكنني لست الأخرين لأصدقني.. في المذكرة رقم 273 وجدت " هيي! نسيت أن تأخذ هذا الشعور معك!" .. بعدها صفحاتي الفارغة ظلّت تستمطر البياض والذهاب.. كنت أتخفف من كل شيء.. كتبت بعدها " لا تنتحر بطريقة ناعمة وأنت في عتبة الوجود الأخيرة تقرأ رسالة لم تعد تعرف يد من الذي وضعها في جيبك لشدة ما انتهى كل شيء وأنت وحدك في عتبة الوجود الأخيرة" و تحتها " أرض بالألم الذي يقول يقول لك أنت حي أو كنت حي".. تذكرت عتبة الوجود الأولى وكم كنا بريئين وأحياء هناك عندما قرأت " أحب أن ألعب بالطين, أحب ركوب الدراجة, كل ما أحبه بسيط"...الشجرة!! أتذكرها..كتبت عليها أنا .. "آلاء, أشواق, ميعاد" في فناء مدرسة أصبحت شققا الان.. أذهب هناك كثيرا ولكنني لا أجد الشجرة.. ماذا حل بنا وبطفولتنا يا رب؟ أرى ميعاد دائما في أحلامي ولكن ماذا عن البقية؟ .. أظل أمشي ولكن هذه المرة ثقيلا.. عائدا من الطفولة.. أمرُ بكل شيء للمرة الثانية..أحس بكل الأماكن تصغر.. أحس بغرفتي تضيق.. أدركت هذا وأنا أدير عيني بين كتبي وجداول المهام على الجدار وحقائب السفر.. سأذهب الآن.. ذهبت.. ولكن إلى أين هذه المرة؟ ..أعرف عندما أمر من بين كل المسافرين خفيفا.. لا أزعج أحدا في المطار.. لا اخبأ عداوة ولا خبزا ولا انتقام.. من مشيتي يتضح أنه لا داعي لأن ينفضني أحد.. وعندما  يشتمونني ككل مرة بقولهم دعوه فإنه يريد الوصول... يا رب هي أوهامي وأحلامي, كتبي وطفل بداخلي, لا داعي لأن ينفضني أحد.. الثغرة في صدري يا الله ..  الثغرة في صدري التي ينساب منها وإليها الليل لا تدع أحدا يجدها.
92 notes · View notes
nourraaaan · 5 years
Text
يبدو أن ما يحدث الآن كان حتميّ الحدوث.. أن أفتقده من جديد، أن أرتبك عند رؤيته مجددًا، أن أستفزه عن عمد، أن أتدخل في الحديث متجاهلةً نظراته، أن أختلس النظر وهو يعمل وأنسى كل شيء.. أنسى كل شيء فعلًا..
حربٌ نفسية تقتلني.. لست بالقوة التي ظننتها أبدًا.. الحب لا يحتاج كل ذلك العند، لذلك لن أتحمله لأكثر من ذلك.. لازلت أحمل له مكانًا في قلبي لأنني غبية.. لا يجب أن يحدث شيءٌ من هذا لأن الأمر انتهى.. لكنني أحب السذاجة والغباء..
الأمر لا يبدو عاديًا أو طبيعيًا، لا يبدو كذلك أنه بإراداتي ولا يجب أن أتقبّل فكرة أنني إنسان قد تكسوه المشاعر من جديد، لا يمكنني تقبّل كل ذلك وأنا أعلم أنه سبب لي الألم.. لا يمكنني تقبّل كوني إنسان معه بالذات.. لكنني أتقبّل أنني لازلت أحبه وأراه جميلًا..
جزءٌ مني لازال يتقبّل أنني الاحظ تفاصيله.. الاحظ أين يذهب ومتى.. الاحظ أنه يتوتر من استفزازي.. الاحظ أنه فقد وزنًا.. الاحظ كل شيءٍ يخصه.. لازال له مكان لكنه لم يحاول الحصول عليه مجددًا، لذلك أرفض كل ما يحدث رغم تقبلي لبعضه..
أرفضه حبيبًا أو صديقًا أو أي شيء.. أرفضه تمامًا لأن الصواب أن أرفضه..
2 notes · View notes
felmohdar · 7 years
Photo
Tumblr media
🌸🍃 #رجال_حول_الرسول 🌸🍃 #عبدالله_بن_مسعود #أول_صادح_بالقرآن 🍃 قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، كان عبدالله بن مسعود قد آمن به، وأصبح سادس ستة أسلموا واتبعوا الرسول، عليه وعليهم الصلاة والسلام.. 🍃 هو اذن من الأوائل المبكرين.. ولقد تحدث عن أول لقائه برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " كنت غلاما يافعا، أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وأبوبكر فقالا: يا غلام،هل عندك من لبن تسقينا..؟؟ فقلت: اني مؤتمن، ولست ساقيكما.. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: هل عندك من شاة حائل، لم ينز عليها الفحل..؟ قلت: نعم.. فأتيتهما بها، فاعتلفها النبي ومسح الضرع.. ثم اتاه أبو بكر بصخرة متقعرة، فاحتلب فيها، فشرب أبو بكر ثم شربت..ثم قال للضرع: اقلص، فقلص.. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد لك، فقلت: علمني من هذا القول. فقال: انك غلام معلم"... 🍃 لقد انبهر عبدالله بن مسعود حين رأى عبدالله الصالح ورسوله الأمين يدعو ربه، ويمسح ضرعا لا عهد له باللبن بعد، فهذا هو يعطي من خير الله ورزقه لبنا خالصا سائغا للشاربين..!! وما كان يدري يومها، أنه انما يشاهد أهون المعجزات وأقلها شأنا، وأنه عما قريب سيشهد من هذا الرسول الكريم معجزات تهز الدنيا، وتلمؤها هدى ونور.. بل ما كان يدري يومها، أنه وهو ذلك الغلام الفقير الضعيف الأجير الذي يرعى غنم عقبة بن معيط، سيكون احدى هذه المعجزات يوم يخلق الاسلام منه منه مؤمنا بايمانه كبرياء قريش، ويقهر جبروت ساداتها.. فيذهب وهو الذي لم يكن يجرؤ أن يمر بمجلس فيه أحد أشراف مكة الا مطرق الرأس حثيث الخطى.. نقول: يذهب بعد اسلامه الى مجمع الأشراف عند الكعبة، وكل سادات قريش وزعمائها هنالك جالسون فيقف على رؤوسهم. ويرفع صوته الحلو المثير بقرآن الله: (بسم الله الرحمن الرحيم، الرحمن، علّم القرآن، خلق الانسان، علّمه البيان، الشمس والقمر بحسبان، والنجم والشجر يسجدان). ثم يواصل قراءته. وزعماء قريش مشدوهون، لا يصدقون أعينهم التي ترى.. ولا آذانهم التي تسمع.. ولا يتصورون أن هذا الذي يتحدى بأسهم.. وكبريائهم..انما هو أجير واحد منهم، وراعي غنم لشريف من شرفائهم.. عبدالله بن مسعود الفقير المغمور..!! ولندع شاهد عيان يصف لنا ذلك المشهد المثير.. انه الزبير رضي الله عنه يقول: " كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، اذ اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش مثل هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه..؟؟ فقال عبدالله بن مسعود:أنا.. قالوا: ان نخشاهم عليك، انما نريد رجلا له عشيرته يمنعونه من القوم ان أرادوه.. قال: دعوني، فان الله سيمنعني.. فغدا ابن مسعود حتى اتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، فقام عند المقام ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم _رافعا صوته_ الرحمن.. علم القرآن، ثم استقبلهم يقرؤها.. فتأملوه قائلين: ما يقول ابن ام عبد..؟؟ انه ليتلو بعض ما جاء به محمد.. فقاموا اليه وجعلوا يضربون وجهه، وهو ماض في قراءته حتى بلغ منها ما شا الله أن يبلغ.. ثم عاد الى أصحابه مصابا في وجهه وجسده، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك.. فقال: ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غدا.. قالوا: حسبك، فقد أسمعتهم ما يكرهون"..!! 🍃 أجل ما كان ابن مسعود يوم بهره الضرع الحافل باللبن فجأة وقبل أوانه.. ما كان يومها يعلم أنه هو ونظراؤه من الفقراء والبسطاء، سيكونون احدى معجزات الرسول الكبرى يوم يحملون راية الله، ويقهرون بها نور الشمس وضوء النهار..!! ما كان يعلم أن ذلك اليوم قريب.. ولكن سرعان ما جاء اليوم ودقت الساعة، وصار الغلام الأجير الفقير الضائع معجزة من المعجزات..!! 🍃 لم تكن العين لتقع عليه في زحام الحياة.. بل ولا بعيدا عن الزحام..!! فلا مكان له بين الذين أوتوا بسطة من المال، ولا بين الذين أوتوا بسطة في الجسم، ولا بين الذين أوتوا حظا من الجاه.. فهو من المال معدم.. وهو في الجسم ناحل، ضامر.. وهو في الجاه مغمور.. ولكن الاسلام يمنحه مكان الفقر نصيبا رابيا وحظوظا وافية من خزائن كسرى وكنوز قيصر..! ويمنحه مكان ضمور جسمه وضعف بنيانه ارادة تقهر الجبارين، وتسهم في تغيير مصير التاريخ..! ويمنحه مكان انزوائه وضياعه، خلودا، وعلما وشرفا تجعله في الصدارة بين أعلام التاريخ..!! ولقد صدقت فيه نبوءة الرسول عليه الصلاة والسلام يوم قال له: " انك غلام معلّم" فقد علمه ربه، حتى صار فقيه الأمة، وعميد حفظة القرآن جميعا. يقول على نفسه: " أخذت من فم رسول الله صلى الله عليه زسلم سبعين سورة، لا ينازعني فيها أحد".. ولكأنما أراد الله مثوبته حين خاطر بحياته في سبيل ان يجهر بالقرآن ويذيعه في كل مكان بمكة أثناء سنوات الاضطهاد والعذاب فأعطاه سبحانه موهبة الأداء الرائع في تلاوته، والفهم السديد في ادراك معانيه.. 🍃 ولقد كان رسول الله يوصي أصحابه أن يقتدوا بابن مسعود فيقول: " تمسّكوا بعهد ابن أم عبد". ويوصيهم بأن يحاكوا قراءته،ويتعلموا منه كيف يتلو القرآن. يقول عليه السلام: " من أحب أن يسمع القرآن عصّا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد".. " من أحب أن يقرأ القرآن غصا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد"..!! ولطالما كان يطيب لرسول الله عليه السلام أن يستمع للقرآن من فم ابن مسعود.. دعاه يوما الرسول، وقال له: " اقرأ عليّ يا عبد الله".. قال عبد الله: " أقرأ عليك، وعليك أنزل يا رسول الله"؟! فقال له الرسول: "اني أحب أن أسمعه من غيري".. فأخذ ابن مسعود يقرأ من سورة النساء حتى وصل الى قوله تعالى: (فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا.. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض.. ولا يكتمون الله حديثا).. فغلب البكاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاضت عيناه بالدموع، وأشار بيده الى ابن مسعود: أن" حسبك.. حسبك يا ابن مسعود".. 🍃 وتحدث هو بنعمة الله فقال: " والله ما نزل من القرآن شيء الا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحدا تمتطى اليه الابل أعلم مني بكتاب الله لأتيته وما أنا بخيركم"!! 🍃 ولقد شهد له بهذا السبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عنه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: " لقد ملئ فقها".. وقال أبو موسى الأشعري: " لا تسألونا عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم" ولم يكن سبقه في القرآن والفقه موضع الثناء فحسب.. بل كان كذلك أيضا سبقه في الورع والتقى. يقول عنه حذيفة: " ما رأيت أحدا أشبه برسول الله في هديه، ودلّه، وسمته من ابن مسعود... ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن ام عبد لأقربهم الى الله زلفى"..!! واجتمع نفر من الصحابة يوما عند علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه فقالوا له: "يا أمير المؤمنين، ما رأينا رجلا كان أحسن خلقا ولا أرفق تعليما، ولا أحسن مجالسة، ولا أشد ورعا من عبدالله بن مسعود.. قال علي: نشدتكم الله، أهو صدق من قلوبكم..؟؟ قالوا: نعم.. قال: اللهم اني أشهدك.. اللهم اني أقول مثل ما قالواو أو أفضل.. لقد قرأ القرآن فأحلّ حلاله، وحرّم حرامه..فقيه في الدين، عالم بالسنة"..! 🍃 وكان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يتحدثون عن عبدالله بن مسعود فيقولون: " ان كان ليؤذن له اذا حججنا، ويشهد اذا غبنا".. وهم يريدون بهذا، أن عبد الله رضي الله عنه كان يظفر من الرسول صلى الله عليه وسلم بفرص لم يظفر بها سواه، فيدخل عليه بيته أكثر مما يدخل غيرهو ويجالسه أكثر مما يجالس سواه. وكان دون غيره من الصّحب موضع سرّه ونجواه، حتى كان يلقب بـ صاحب السواد أي صاحب السر.. 🍃 يقول أبو موسى الشعري رضي الله عنه: "لقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام، وما أرى الا ابن مسعود من أهله".. ذلك أن النبيب صلى الله عليه وسلم كان يحبّه حبا عظيما، وكان يحب فيه ورعه وفطنته، وعظمة نفسه.. حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه: " لو كنت مؤمّرا أحدا دون شورى المسلمين، لأمّرت ابن أم عبد".. وقد مرّت بنا من قبل، وصية االرسول لأصحابه: " تمسكوا بعهد ابن أم عبد"... 🍃 وهذا الحب، وهذه الثقة أهلاه لأن يكون شديد لبقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطي ما لم يعط أحد غيره حين قال له الرسول عليه الصلاة والسلام:" اذنك عليّ أن ترفع الحجاب".. فكان هذا ايذانا بحقه في أن يطرق باب الرسول عليه أفضل السلام في أي وقت يشاء من ليل أو نهار... وهكذا قال عنه أصحابه: " كان يؤذن له اذا حججنا، ويشهد اذا غبنا".. 🍃 ولقد كان ابن مسعود أهلا لهذه المزيّة.. فعلى الرغم من أن الخلطة الدانية ��لى هذا النحو، من شأنها أن ترفع الكلفة، فان ابن مسعود لم يزدد بها الا خشوعا، واجلالا، وأدبا.. ولعل خير ما يصوّر هذا الخلق عنده، مظهره حين كان يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته... 🍃 فعلى الرغم من ندرة تحدثه عن الرسول عليه السلام، نجده اذا حرّك شفتيه ليقول: سمعت رسول الله يحدث ويقول: سم��ت رسول الله يحدث ويقول... تأخذه الرّعدة الشديدة ويبدو عليه الاضطراب والقلق، خشية أن ينسى فيضع حرفا مكان حرف..!! 🍃 ولنستمع لاخوانه يصفون هذه الظاهرة.. 🍃 يقول عمرو بن ميمون: " اختلفت الى عبدالله بن مسعود سنة، ما سمعه يتحدث فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الا أنه حدّث ذات يوم بحديث فجرى على لسانه: قال رسول الله، فعلاه الكرب حتى رأيت العرق يتحدّر عن جبهته، ثم قال مستدركا قريبا من هذا قال الرسول"..!! 🍃 ويقول علقمة بن قيس: " كان عبدالله بن مسعود يقوم عشيّة كل خميس متحدثا، فما سمعته في عشية منها يقول: قال رسول الله غير مرة واحدة.. فنظرت اليه وهو معتمد على عصا، فاذا عصاه ترتجف، وتتزعزع"..!! 🍃 ويحدثنا مسروق عن عبدالله: " حدّث ابن مسعود يوما حديثا فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ثم أرعد وأرعدت ثيابه.. ثم قال:أو نحو ذا.. أو شبه ذا"..!! الى هذا المدى العظيم بلغ اجلاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ توقيره اياه، وهذه أمارة فطنته قبل أن تكون امارة تقاه..!! فالرجل الذي عاصره رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرمن غيره، كان ادراكه لجلال هذا الرسول العظيم ادراكا سديدا.. ومن ثمّ كان أدبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، ومع ذكراه في مماته، أدبا فريدا..!! 🍃 لم يكن يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، ولا في حضر.. ولقد شهد المشاهد كلها جميعها.. وكان له يوم بدر شأن مذكور مع أب جهل الذي حصدته سيوف المسلمين في ذلك اليوم الجليل.. وعرف خلفاء الرسول وأصحابه له قدره.. فولاه أمير المؤمنين عمر على بيت المال في الكوفة. وقال لأهلها حين أرسله اليهم: " اني والله الذي لا اله الا هو، قد آثرتكم به على نفسي، فخذوا منه وتعلموا". ولقد أحبه أهل الكوفة حبا جما لم يظفر بمثله أحد قبله، ولا أحد مثله.. واجماع أهل الكوفة على حب انسان، أمر يشبه المعجزات.. ذلك أنهم أهل تمرّد ثورة، لا يصبرون على طعام واحد..!! ولا يطيقون الهدوء والسلام.. 🍃 ولقد بلغ من حبهم اياه أن أطاحوا به حين أراد الخليفةعثمان رضي الله عنه عزله عن الكوفة وقالوا له:" أقم معنا ولا تخرج، ونحن نمنعك أن يصل اليك شيء تكرهه منه".. ولكن ابن مسعود أجابهم بكلمات تصوّر عظمة نفسه وتقاه، اذ قال لهم: " ان له عليّ الطاعة، وانها ستكون أمور وفتن، ولا أحب أن يكون أول من يفتح أبوابها"..!! ان هذا الموقف الجليل الورع يصلنا بموقف ابن مسعود من الخلبيفةعثمان.. فلقد حدث بينهما حوار وخلاف تفاقما حتى حجب عن عبدالله راتبه ومعاشه من بيت الامل،، ومع ذلك لم يقل في عثمان رضي الله عنه كلمة سوء واحدة.. بل وقف موقف المدافع والمحذر حين رأى التذمّر في عهد عثمان يتحوّل الى ثورة.. وحين ترامى الى مسمعه محاولات اغتيال عثمان، قال كلمته المأثورة: " لئن قتلوه، لا يستخلفون بعده مثله". ويقولبعض أصحاب ابن مسعود: " ما سمعت ابن مسعود يقول في عثمان سبّة قط".. 🍃 ولقد آتاه الله الحكمة مثلما أعطاه التقوى. وكان يملك القدرة على رؤية الأعماق، والتعبير عنها في أناقة وسداد.. لنستمع له مثلا وهو يلخصحياة عمر العظيمة في تركيزباهر فيقول: " كان اسلامه فتحا.. وكانت هجرته نصرا.. وكانت امارته رحمة..". ويتحدث عما نسميه اليوم نسبية الزمان فيقول: " ان ربكم ليس عنده ليل ولا نهار.. نور السموات والأرض من نور وجهه"..!! ويتحدث عن العمل وأهميته في رفع المستوى الأدبي لصاحبه، فيقول:" اني لأمقت الرجل، اذ أراه فارغا.. ليس في شيء من عمل الدنيا، ولا عمل الآخرة".. ومن كلماته الجامعة: " خير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى، وشر العمى عمى القلب، وأعظم الخطايا الكذب، وشرّ المكاسب الربا، وشرّ المأكل مال اليتيم، ومن يعف الله عنه، ومن يغفر الله له".. 🍃 هذا هو عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه ومضة من حياة عظيمة مستبسلة، عاشها صاحبها في سبيل الله، ورسوله ودينه.. هذا هو الرجل الذي كان جسمه في حجم العصفور..!! نحيف، قصير، يكاد الجالس يوازيه طولا وهو قائم.. له ساقان ناحلتان دقيقتان.. صعد بهما يوما أعلى شجرة يجتني منها أراكا لرسول اله صلى الله عليه وسلم.. فرأى أصحاب النبي دقتهما فضحكوا، فقال عليه الصلاة والسلام: " تضحكون من ساقيْ ابن مسعود، لهما أثقل في الميزان عند الله من جبل أحد"..!! أجل هذا هو الفقير الأجير، الناحل الوهنان.. الذي جعل منه ايمانه ويقينه اماما من أئمة الخير والهدى والنور.. ولقد حظي من توفيق الله ومن نعمته ما جعله أحد العشرة الأوائل بين أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.. أولئك الذين بشروا وهم على ظهر الأرض برضوان الله وجنّته.. 🍃 وخاض المعارك الظافرة مع الرسول عليه الصلاة والسلام، مع خلفائه من بعده.. وشهد أعظم امبراطوريتين في عالمه وعصره تفتحان أبوابهما طائعة خاشعة لرايات الاسلام ومشيئته.. 🍃 ورأى المناصب تبحث عن شاغليها من المسلمين، والأموال الوفيرة تتدحرج بين أيديهم، فما شغله من ذلك شيء عن العهد الذي عاهد الله عليه ورسوله.. ولا صرفه صارف عن اخباته وتواضعه ومنهج حياته.. 🍃 ولم تكن له من أمانيّ الحياة سوى أمنية واحدة كان يأخذه الحنين اليها فيرددها، ويتغنى بها، ويتمنى لو أنه أدركها.. 🍃 ولنصغ اليه يحدثنا بكلماته عنها: " قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك.. فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر فأتبعتها أنظر اليها، فاذا رسول الله، وأبوبكر وعمر، واذا عبدالله ذو البجادين المزني قد مات واذا هم قد حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته، وأبو بكر وعمر يدليانه اليه، والرسول يقول: ادنيا اليّ أخاكما.. فدلياه اليه، فلما هيأه للحده قال: اللهم اني أمسيت عنه راضيا فارض عنه.. فيا ليتني كنت صاحب هذه الحفرة"..!! 🍃 تلك أمنيته الوحيد التي كان يرجوها في دنياه. وهي لا تمت بسبب الى ما يتهافت الناس عليه من مجد وثراء، ومنصب وجاه.. 🍃 ذلك أنها أمنية رجل كبير القلب، عظيم النفس، وثيق اليقين.. رجل هداه الله، وربّاه الرسول، وقاده القرآن..!!
4 notes · View notes