مش قادرة استوعب إن شخص كان كل حياتك و فجأة تبقى مش قادر تفتكر ملامحه او حتى نبرة صوته. و كأن كان في حبل مربوط بينكم و اتقطع وانت شايفه بيختفي لحد ما اتبخر من الذاكره حرفيًا .
مع السلامه ياعمتي ، هكذا قال الشباب وعيونهم تملؤها الدموع ، وهم يحملون خالتي إلى مثواها الدنيوي الاخير.
كان وقع الخبر حينها علي ثقيل ، انا نفسي لم أكن أتوقعه ، خالتي التي عاشت سنين عمرها بعيده عنا في محافظه أخرى ، كنا فقط نسمع اخبارها كل حين من امي ، واحيان كثيره لا نعرف عنها شيئا.
قبل وفاتها بأيام ، جاءت سيرتها وسط الحديث مع أحد الأقرباء ، وشعرت حينها بالتقصير الشديد ، لكن لم اتدارك هذا التقصير ، وكان رحيلها اسرع من أن اُصلح اي شيء.
الان وبعد رحيلها ، أتذكرها ، كم كانت جميله الخُلُق والخِلقه ، ترحب بالجميع ، وتكرم الضيف ، وتحتفي بنا أشد احتفاء ، في تلك المرات القليله التي تزاورنا فيها ، وتمنيت لو اني هاتفتها قبل رحيلها ، احكي لها بعض اخباري ، لا أظن ان ذلك يهمها كثيرا ، لكن بالتأكيد كانت ستستمع باهتمام .
رحلت خالتي ، واتسائل ، هل كان رحيلها كفيلا أن نتذكرها دوما بشكل أكبر ، ام أنها ستظل في ركن منسي من الذاكره ، خالتي تلك التي تسكن بعيدا ، ونسمع عنها احيانا من أمي.
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها من أهل الفردوس الاعلى من الجنه ، وان يجعل قبرها روضه من رياض الجنه.
الجندي العراقي الشهيد ( عبد الأمير جبار ) دون في سجلات الحرب 1980 / 1988 مفقودا…
مرت 37 عاما شتاء يعقبة صيف توقفت بعدها جميع الأسئلة عن مصير ذلك الموغل في الغياب… لربما مات الأبوين ولحق بهم بعض الأخوة والأقربون… .دور تهدمت وأماكن تغيرت وتحولات كبرى قد طرأت… غيرت الأعلام نقشاتها ومات قادة الحروب.. وتمددت مقبرة النجف حتى اطراف الصحراء وتصافح الأعداء وأستبدلوا العبوس بالأبتسامات وقامت جمهورية جديده مكان سابقتها من الجمهوريات… كل ذلك والجندي ( عبد الامير جبار ) موغل في التخفي تحت جذور شجيرات منطقة ( الشيب ) مطمورا يلتحف الوحشة فقد رحل النظام الذي جيشه وأستبدل بأخر ربما يكفره !… ..لم يعلموا بأن حتى القبور تحن الى اوطانها… ..لقد جرفت السيول القادمة من ايران رفات ذلك الجندي الشهيد الى أرض الوطن رميما يحتفظ ب 300 فلسا ومسبحه…وقرصا معدنيا منقوش اسمه عليه..
….. يقول بعض الرواة ان سربا من طيور النورس كان يفيئ على الرفات السابحة غربا وقد دمدمت رعود وتوشحت السماء بالأصفرار….! 😪