توقف عن العمل ذلك المحرك نظرا لنفاذ الوقود في مكان خالٍ.. واصلت إلى الوجهة لكن ليس للعمل بل بحثا على وقود لأعود و أملأ ذلك العطشان.. أوصلني صاحب حسنة و إلى محطة الوقود خطوت و إذا بالأخيرة مغلقة الابواب.. بسؤالي عرفت أنني مررت على بائع وقود و لم أدرك فلم تكن له إشارة و لا دال.. أخذت غرضي و في العودة سئلت غلاما إيصالي فقال إنها بعيدة فعتذرت و واصلت في حالي.. فها هو تاكسي بالمهمة أجدر و لكن أبى و قال إذهب و أنظر صائد حسنات فواصلت مشواري.. و في الطريق الخالي مر الأول و الثاني، و تلاهم السابع و الثامن، إلى أن أتى من بعيد حسنُ الخلق و أوصلني إلى العطشان..
وجدته في مكانه منتظرا بعد أن وكلت أمره إلى الرحمان.. ملئت الخزان وقودا و بفرحة شغلته و لكن لم يرغب في الإشتغال..حاولت ثانية و ثالثة إلى أن خارت القوى و أبى الإشتغال.. فبين الإستراحة و الأخرى أحاول إلى أن أصبت بدوارٍ..حتى فقدت الأمل و ظننت أن عطبه صعب و قررت تركه في الخلاء و أعود إلى الدار..
و بدأت أنتظر تاكسي أو عابر سبيل يقربني في مشواري.. ربطتُ الدراجة و ناجيت ربي إن سرقت فأكتبها صدقة أستعين بها يوم اللقاء.. مع فقدان الأمل بعد إحكام الربط و إنتظار التاكسي حاولت محاولة اليائس من الحال... فإذا بالمحرك يشتعل و بدأت الأحصنة بالدوران..
و ما رأيت في ما حدث إلا آية من آيات الله في الأفاق.. فالدراجة طلبك و تعطلها إبتلاء، الوقود سعيك تخلله رفق الله بك للوصول إليه و العودة إلى الدراجة، و عدم إشتغالها بعد السعي ذلك صبرك، و إشتغالها بعد اليأس ذلك فرج الله حين ظننت أنها لن تشتغل..
كانت ليلةً مظلمة، و تتالتها ليالٍ أشد سوادًا.. ليُنْتَزَعَ الإِيغُو كسكرات موت حادّة، لتعلم يقينًا أنه كان الله و لم يكن معه شيئًا و لم تكن شيئًا و لن تصبح شيئًا إلا بما شاء لك خيرا، لتشعر بسجْن الدنيا، فيا سجِينها قَرٍّرْ!! مُنعَّمٌ في الآخرة أو مُعذَّبْ، فرُبَّ ضارةٍ نافعَة، و رُبَّ نافعة فِتنة غَامسَة، و ما إسودَّتْ إلا لتُنارْ، فدَعْ أمر سوادها و ظلمتها و لا تقاوم و فكر في أ لم نشرح، فليست تضيق و لا تشتد و لا تُستحْكم حلقاتها الا لتُفرج و ينير لك الله ما تبقى و عِوضُ الله خيرٌ و ابقَى..
و مات كل شي في داخلي وكانني لم أكن يوما، فمع كل سيجارة تحترق ذكرى و فعل و تصرف و ذنب اقترفته، مع كل خلوة يموت شعور و تبرد فكرة و يتحجر ذلك القلب، بقيت اصارع أفكاري حتى استسلم عقلي، لم يبقى سوى القليل حتى يصبح وجودي في خبر كان، نعم لقد مات كل شيء، لكن ستولد روح جديدة قريبا.. ربي، اني اسئلك اني أشهد أنك الله لا الاه الا انت الأحد الصمد، لم تلد و لم تولد، و لم يكن لك كفؤا احد، ربي، اني احبك و إن كنت اعصيك، لست بريئا فاعتذر، و لا قويا فانتصر، فلا حول و لا قوة الا بك.. اغفر لي ذنبي و يسر لي امري و ازرع كرهي لكل شيء لا يرضيك و تقبلني عبدا نقيا بين يديك و اهدني و اقبض روحي و انت راض عني. .