وكنتُ أكثر الاستغفار لها بعد موتها، فأُرِيتُها في بعض الليالي وقد دَخَلت عليَّ بهيئتها التي كفنتها بها، فقلتُ لها -وقد تذكّرتُ أنها ميتة- :يا أم محمد، الذي أُرسِله إليكِ يصل؟ أعني استغفاري لها.
فقالت: نعم يا سيدي، في كل يوم تصل هديتك إليَّ،
ثم بكت وقالت: قد علمت يا سيدي أني عاجزة عن مكافأتك فقلتُ لها: لا عليكِ، عمّا قليل نلتقي.
“سؤال طائر: إنني دائم التقلب , فأحياناً أكون فاجراً , وأحياناً زاهداً , وأحياناً ثملاً , وبعض الوقت أكون موجوداً ومعدوماً , وفي وقت آخر أكون معدوماً وموجوداً , وأحياناً ألقي بنفسي في الحانات , وأحياناً أشغل روحي بالمناجاة , وساعة يحيد بي الشيطان عن الطريق , وساعة أخرى ترجع بي الملائكة إلى الطريق , وهكذا أصبحت حائراً وسط هذا التخبط والتذبذب , فماذا أفعل وقت بقيت أسير البئر والسجن ؟ أجابه الهدهد قائلاً: يامن تملكه الحيرة في الطريق , هذا حكم الله بالنسبة لجميع الخلق , إن هذه الخصال موجودة لدى الجميع , و قلما وجد إنسان على صفة واحدة , وإذا كان جميع الخلق أطهار منذ البداية , فلم كان بعث الأنبياء ؟ فإن تكن ولوعاً بالطاعة , يأتيك الإصلاح في يسر وسهولة , ولكن طالما لا تقوم نفسك الجامحة , فلن يجد جسدك الراحة والسعادة.”
أغبياء هم حين يظنون أن الثقة المكسورة قد تتجدد بوعد ملوّن مزيّف منهم
وأنّ كلمة منهم ستُعيدُنا إلى الفصل الأول من الحكاية ، ستعيدنا إلى العمر الأخضر الذي أشعلوا فيه المحرقة ،
أو إلى الطريق الذي أفلتوا فيه أيادينا تحت صقيع البرد ومضوا بعيداً..
زماننا الذي كان ولّى ، زمان أشيائنا البيضاء انتهى وأحلامنا التي رسمناها تلاشت💔
أغبياء هم ، قد يملكون قدرة العودة ، لكنهم أبداً لا يملكون إعادة الزمن ، إعادة التفاصيل السابقة ..لا تعودوا أيها الغائبون فعودتكم ناقصة فرح ، فات أوان الشعور ، فات أوان اللهفة وأوان كل شيء..