لماذا لا تكتب لي ؟، أعلم أن الرسائل التي تبدأ بسؤال مريرة، لكنني لن أعتذر على حنيني، وأعتذر على هذه الجراءة التي كانت أمرًا واردًا بيننا، إلا أن صمتك الطويل جعلها في نظري ذنبًا، فأنا كما تعرفني كنت وما زلت أفهم حدودي وحدود الآخرين فلا أتعداها ولا يتعدى حدودي أحد، إنما أنت مني وفيّ، وهذا ما كان يزيح عناء التكلف بالأمسّ، لكنه اليوم يؤرقني وأسهر أتساءل ما الذي حال بيننا؟ لماذا لا تأتي؟ هل مات ساعي البريدّ؟ أم مات حنينك إليّ؟ كنت أنتظر منك حتى رسالة فارغة، يكفي أنها تحمل حنّينك، يكفي أن أطمئن، لأنني منذ عدة أيام أحاول ان أكتب لك، أن أخبرك عن هذه العواصف لكنني لا أجد ما أقوله، لقد بدأت أشعر أن الحديث معك باتَ صرخةً في الفراغ، وأن أمري لم يعد يهمك، وهذا ما يجعلني أختنق بكلماتي، أختنق وأعجز عن الحديث تمامًا، حتى هذه الرسالة لم أكتبها، لقد نزفتها نزفًا من دمي .. لم أكن أعلم أن صمتك جارح إلى هذا الحدّ، لو كنت أعلم لما اتخذت من حَديثك ضمادة لرُوحي.
توجعني بدايات الأشياء التي كنّا نؤرخها معا .. أوّل صدْفة .. أوّل خفقة روح .. أوّل محاولة للحديث .. أوّل رسالة .. أوّل محادثة .. أوّل ضحكة .. وأحبّك الأولى .. والأشياء التي منذ رحلت و أنا أؤرخها وحدي أوّل ساعة دونك .. أوّل يوم دونك .. أوّل عام دونك .. و أوّل حياة دونك 💔
للنهاية أشكال عديدة توقعت جميعها من أجلنا، لكن لم أتوقع مرة أن يشعر الحب بيننا بالإنهاك، الحب الذي احتمينا بظله أوقات كثيرة واعتقدته متينًا ثابتًا، شعر بالإنهاك وتلاشى وتركني عالقا بكل هذا العجز إلى الأبد.
تُفني عمرك في بناء ذلك الجدار، ثم يأتي عابرٌ يقف خَلفَه، تهدمه من أجله كَأبلَه، ثم سرعان ما تندم، تندم وأنت ترمِّمُه وحدَكَ من جديدٍ بيدين مُرهَقَتَينِ واهيَتَين.