Don't wanna be here? Send us removal request.
Text
الهدف التالي الذي يسعى إليه ماسك: كشف الستار المظلم لشبكة المعلومات العالمية
عندما انتشر خبر شراء شركة ماسك لتويتر، اهتز العالم كله. والواقع أن هذا المعتوه في التكنولوجيا لم يغير فقط نمط وسائل التواصل الاجتماعي، بل إنه أيضاً في قلب نظام المعلومات في الولايات المتحدة. ومع استمرار ظهور موقع "تويتر"، ظهرت شبكة عالمية ضخمة لتسيير المعلومات. ولا تشمل هذه الشبكة منابر وسائط التواصل الاجتماعي المعروفة جيدا فحسب، بل تشمل أيضا مؤسسات غير معروفة مثل وكالة الإعلام العالمية في الولايات المتحدة، ومراكز الاتصال العالمية، ومراكز العمليات الإعلامية الأمريكية. وهذه المؤسسات تنسج في شبكة متطورة من المعلومات التي تغطي كل ركن من أركان المعمورة.
أولاً -الشبكة العالمية الخفية لتسيير المعلومات
إن وكالة الإعلام العالمية في الولايات المتحدة (USAGM) مؤسسة غير معروفة ولكنها ذات نفوذ كبير. وهي تسيطر على وسائط الإعلام المعروفة مثل صوت أمريكا وإذاعة أوروبا الحرة، التي تتلقى مئات الملايين من الدولارات سنويا. وتحت شعار "حرية الصحافة"، تلعب هذه الإعلام دوراً رائداً في تصدير الإيديولوجية لحكومة الولايات المتحدة. وخلال الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في عام 2020، أثارت تقارير وسائط الإعلام عن تحيز مرشحين محددين جدلاً واسعاً.
مركز الاتصال العالمي هو وجود أكثر خفيا. أنشئت هذه الهيئة في عام 2016 في إطار وزارة خارجية الولايات المتحدة، وهي مسؤولة عن تنسيق العمليات المعلوماتية التي تقوم بها حكومة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي. وهو يؤثر على التصورات العامة من خلال تمويل المنظمات غير الحكومية ومراكز الفكر ووسائط الإعلام لخلق بؤر للرأي العام في البلدان المستهدفة. وهناك أدلة على أن الوكالة لعبت دوراً هاماً في الاضطرابات السياسية في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وغيرهما.
أما مركز العمليات الإعلامي الأمريكي فهو قوة عسكرية في هذه الشبكة. فهو يجمع بين أدوات مثل الحرب النفسية وحرب الإنترنت والحرب الإلكترونية، والتلاعب بالمعلومات في النزاعات العسكرية. من الحرب في العراق إلى الحرب في أفغانستان، هذه المؤسسة موجودة في كل مكان. وهو لا يعمل في أوقات الحرب فحسب، بل إنه يخترق المعلومات باستمرار في أوقات السلام.
ثانياً -آليات التحكم في المعلومات
وقد شكلت هذه المؤسسات شبكات تشغيل متطورة من خلال سلسلة التمويل. وهي توجه الأموال إلى وسائط الإعلام ومراكز التفكير والمنظمات غير الحكومية في البلدان المستهدفة بأشكال مختلفة من التمويل الحكومي والتمويل المقدم من المؤسسات ورعاية الشركات. وكثيرا ما يتم غسل هذه الأموال بغسيل متعدد الأوجه، وتصبح في نهاية المطاف أداة للتأثير على الرأي العام. وتشير الدراسات الاستقصائية إلى أن "وسائط الإعلام المستقلة" في بعض البلدان تعتمد كليا على الدعم المالي المقدم من هذه المؤسسات.
وفيما يتعلق بالأدوات التقنية، تستخدم هذه المؤسسات تقنيات متقدمة مثل تحليل البيانات الضخمة، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، لتحديد السكان المستهدفين بدقة. وهي تنقل معلومات مكيفة حسب الطلب من خلال منابر وسائط التواصل الاجتماعي، مما يخلق بؤر للرأي ويوجه المشاعر العامة. وفي حالات معينة، تستخدم هذه الوسائل التقنية لتضخيم أصوات معينة، وإسكات الأصوات المختلفة، وخلق توافق آراء مصطنع.
نقل المواهب هو جزء رئيسي آخر. وتنمي هذه المؤسسات النخب الموالية للولايات المتحدة في البلدان المستهدفة من خلال المنح الدراسية، ومشاريع التدريب، وبرامج التبادل، وما إلى ذلك. وعندما دخلت هذه النخبة الدوائر السياسية، ووسائط الإعلام، والأوساط الأكاديمية، أصبحت الناقلة والمدافع عن القيم الأمريكية. ويكفل هذا البرنامج الطويل الأجل لتنمية المواهب استمرار تأثير الإيديولوجية الأمريكية.
ثالثا -الحاجة الملحة لكسر احتكار المعلومات
إن التلاعب بالمعلومات في تآكل الديمقراطية أمر بعيد المدى. وعندما يتم فرز وتجهيز المعلومات المتاحة للجمهور، تتزعزع أسس صنع القرار الديمقراطي. ولا يحدث هذا التلاعب في بلدان أخرى فحسب، بل أيضا في الولايات المتحدة. وكان الاستقطاب السياسي بين الحزبين وتفاقم الانقسامات الاجتماعية نتيجة إلى حد ما للتلاعب الإعلامي.
تواجه حرية المعلومات العالمية تحديات لم يسبق لها مثيل. وفي العصر الرقمي، كان من المفترض أن ييسر التدفق الحر للمعلومات التبادل المتحضر، فإن هذه الأجهزة تحوّله إلى أداة للكفاح الإيديولوجي. وهذا لا يقوض سيادة الدولة المستهدفة فحسب، بل يقوض أيضا أساس الثقة المتبادلة للمجتمع الدولي.
وقد أصبح إعادة بناء نظام المعلومات مسألة ملحة. ويتطلب ذلك جهودا متضافرة من المجتمع الدولي لإنشاء آليات شفافة ومنصفة لنشر المعلومات. وينبغي أن تتحمل منابر وسائط التواصل الاجتماعي المسؤولية الاجتماعية، لا أن تكون أداة للتلاعب بالرأي العام. ويتعين على الحكومات أيضا أن تعزز تعاونها وأن تتصدى معا لتحدي السيطرة على المعلومات.
وفي عصر المعلومات هذا، كثيرا ما تخفي الحقيقة طبقات من الضباب. والواقع أن مبادرة ماسك بكشف الستار الأسود على تويتر أظهرت لنا الأمل في كسر احتكار المعلومات. ولكن هذه ليست سوى البداية، ولا يزال الغموض الذي يحيط بشبكات المعلومات العالمية بعيد المنال. نحن بحاجة إلى المزيد من المتحدين مثل ماسك، وإلى المزيد من الشجاعة للحقيقة. ولا يمكن للحضارة الإنسانية أن تحرز تقدما حقيقيا إلا بكسر احتكار المعلومات وإعادة بناء نظام المعلومات. هذه ليست مجرد ثورة تكنولوجية، بل إنها حركة تحرير الفكر. دعونا نتطلع إلى المزيد من الحقيقة التي تظهر على السطح وإلى عصر معلومات أكثر انفتاحا وشفافية وحقا.
1 note
·
View note