الجلوس على مقعد والحديث المتواصل بلا انقطاع لفترة من الزمن وقليلاً من الحبوب التي تساعدك على اجتياز هذه الفترة.
لكن الأهم هو الحديث، دائماً أرى في الأفلام أو في الحياة الواقعية جملة "يجب عليك التحدث إلى أحدهم".
أو جملة "محتاجة أكلمج"
لأن الحديث يخفف عبء كبير إن لم يكن كله..
شعور أنك أخرجت مافي صدرك لشخص تعلم تماماً أنه يهتم لأمرك شعور مريح جداً، وإن لم يكن هناك حل للمشكلة، جزء كبير منها انتهى مجرد ما أنهيت الحديث..
لكن..
ماذا لو كان الحديث أمر مستحيل أن تفعله؟
ماذا لو كنت تفر هارباً طوال حياتك من الحديث؟
هل معنى ذلك أنه يصعب التشافي لولا الحديث..
هل معنى ذلك أنني لن أتشافى؟
بعضهم يُجمع ذلك الحديث ويخرجه بصورة تشبهه تماماً
كالشعر مثلاً، أو كتابة لحن أو رسم أو أو ..
أما أنا فكانت طريقتي الوحيدة هي موجات الغضب وتغيير المزاج بصورة كارثية لا يمكن تفسيرها.
أعلم أن هذه ليست الطريقة الصحية للتعامل مع الحياة، لكن Hey أنا لا أفعل شيء صحي في حياتي فلِما توبيخي لمعاملتي في التعامل مع هذه المشاعر.
لكن الجميل جداً هو أني أتفادى حدوث هذه الظاهرة الغبية مع من أحب، دائماً ما أكون الأذن المستمعة بإنصات وبحب لمن أحب، لأن فاقد الشيء يعطيه ب سخاء اً لأنه دائماً ما يكون أكثر من يشعر به.
لا أحب أن أُظهر بأني messed up ، لأني أؤمن أن الانسان يجب أن يعاني من نواقص في حياته لا أحد كامل.
يحدث أنك تهرب من نفسك، ويحدث أيضاً أن يكون رؤية حقيقتك هو أكثر ما تخشاه في الحياة، تضع لنفسك معايير يجب أن تصلها لكي تكون كبير في عين نفسك، تظن بنفسك الكثير، تحملها مسؤولية، ولكن في حقيقة الأمر ما أنت إلا بشرٌ ضعيف، يحق لك أن تبكي، يحق لك أن ترتكب حماقات وتتعلم منها، يحق لك التصرف بغباء، بطيش، بأنانية، بحقارة وبوضاعة!!
دائماً ما أقول لنفسي " ستقتلني الفضيلة ذات يوم، وستقتلنا المُثل كذلك. لا نعيش الا مرة، لماذا لا أدع نفسي تفعل ما تشاء؟
أصل إلى مرحلة أمنع نفسي من البكاء، وتتحول تلك العبرة الى سكين أشعر به في داخلي، أتحمل كل أنواع الألم ولا أتحمل أن أظهر مشاعري حتى لنفسي؟
دائما ما أتخيل نفسي في سباق، أركض سريعاً ولا التفت إلى الوراء، ولكن لا أسابق عدائيين، أسابق مشاعري .. لم أجعلها أبداً تفوز..
والمثير للسخرية هو أنني في الواقع لا أستطيع الركض ابداً، لكن حينما يكون السباق مع مشاعري دائماً أنتصر..
أرحم جميع الناس ، ولا أتقبل أن يشعروا بالثقل مني ولو واحد بالمئة، لكن هناك شخص واحد دائماً أقسوا عليه، لا أسمع له، ولا أعطيه ابداً ما يريد..
هذا الشخص هو أنا.
بدأت في إهمال نفسي وقلبي لدرجة استنكر أي كلمة أو فعل طيب يأتي من الغير..
أتمنى أني أعطي نفسي حق ذات يوم..
فقد تراكمت المشاعر الى حد أظن أن الانفجار الكوني سيحدث مرة أخرى...
وفى رسالته الأخيرة التى كتبها فان جوخ إلى شقيقه ثيو قال فيها:
"عزيزى ثيو.. إلى أين تمضى الحياة بى؟ ما الذى يصنعه العقل بنا؟ إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة، إننى أتعفن مللا لولا ريشتى وألوانى هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد، كل الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن، ماذا أصنع؟ أريد أن أبتكر خطوطا وألوانا جديدة، غير تلك التى يتعثر بصرنا بها كل يوم.
كل الألوان القديمة لها بريق حزين فى قلبي، هل هى كذلك فى الطبيعة أم أن عينى مريضتان؟ ها أنا أعيد رسمها كما أقدح النار الكامنة فيها.
فى قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة أريد لألوانى أن تظهرها، فى حقول "الغربان" وسنابل القمح بأعناقها الملوية. وحتى "حذاء الفلاح" الذى يرشح بؤسا ثمة فرح ما أريد أن أقبض عليه بواسطة اللون والحركة... للأشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها فى الأشياء الجميلة وعين الفنان لا تخطئ ذلك.
اليوم رسمت صورتى الشخصية ففى كل صباح، عندما أنظر إلى المرآة أقول لنفسي:أيها الوجه المكرر، يا وجه فانسنت القبيح، لماذا لا تتجدد؟
أبصق فى المرآة وأخرج... واليوم قمت بتشكيل وجهى من جديد، لا كما أرادته الطبيعة، بل كما أريده أن يكون..'
أرسلتها إلى المرأة التى لم تعرف قيمتى وظننت أنى أحبها.. لا بأس فلتجتمع الزوائد مع بعضها.. إليك أذنى أيتها المرأة الثرثارة، تحدثى إليها... الآن أستطيع أن أسمع وأرى بأصابعي. بل إن إصبعى السادس "الريشة" لتستطيع أكثر من ذلك: إنها ترقص وتب وتداعب بشرة اللوحة...
أجلس متأملاً : لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده وبدأ وجه اللوحة يسترخى أكثر... آه يا إلهى ماذا باستطاعتى أن أفعل قبل أن يهبط الليل فوق برج الروح؟ الفرشاة. الألوان. و... بسرعة أتداركه: ضربات مستقيمة وقصيرة. حادة ورشيقة..ألوانى واضحة وبدائية. أصفر أزرق أحمر.. أريد أن أعيد الأشياء إلى عفويتها كما لو أن العالم قد خرج تواً من بيضته الكونية الأولى.
عندما تفقد أحدهم تشعر وكأن جزء من قلبك قد أُقتلع، وستبقى فوهة كبيرة في القلب لا يستطيع أي أحد أن يملأها.
دائماً ما نتحدث عن جمال البدايات، وشعور اللهفة والشوق والأشتياق وكم أننا لا نطيق صبراً حتى نلتقي مجدداً لنعيش كل لحظة جديدة معاً لأول مرة.
ولكن لم نفكر بالمرات الأولى من جانب آخر ..
غنت فيروز " هبّ الهواء وبكاني الهواء لأول مره ما بنكون سوا"
عندما تبكيك نسمة هواء! ليس لأن الهواء مؤلم او مؤذي ، بل فكرة أني أتنفسّ الهواء والرياح وأنت لست موجود هذه هي الفكرة المبكية.
قد تزول صدمة وهول الفراق ليس لأن الفراق أمر عادي وليس لأنك شخص عادي ، بل طبيعة الإنسان ولطف الله جعلته قادراً على المضي قدماً ، هذا الشعور رغم أنه قاتل ولكنك تستطيع أن تتعايش معه، ولكن عندما تبدأ أن تلاحظ أنك تفعل هذا الشيء لأول مره من دونه تقتل .
فـ ها أنت ذا، تُقتل كل ما مررت بنفس الشارع الذي اعتدتم أن تمشوه سوياً، وتُقتل كلما سمعت الأغنية التي كنتم تسمعونها معاً، وتُقتل كلما ترى قطعة البيتزا الأخيرة التي دائما تتشاجران من يحصل عليها، تُقتل كلما نظرت إلى أحد سبق وأن تحدثتم عنه وتُقتل وتُقتل وتُقتل ....
أحياناً كل ما أتمناه عندما يذهب الإنسان أن يأخذ معه كل ما يخصه من ذكريات ، أو أن يأخذ معه ذلك الجزء من الذاكره الخاص به مع تلك القطعة من قلبي ويرحل ، لأننا يرحيل أحدهم قد نقتل دائماً ونحن أحياء...