فور صدمتي لخبر حالة أبي الحرجة بالمشفى..
لم أطق الانتظار لدقيقة واحدة..
تركت كل التزاماتي من يدي..
الدراسة..الاختبارات..المستقبل..
كلها رميتها بعرض الحائط..
..
قطعت تذاكري للعودة واللاحق به..
وحين هبطت الطائرة بالمطار..
وانتهائي من إجراءت الدخول..
لم أكد أصدق أني وصلت..
حتى طلبت من سائق الاجرة..
التحرك فورا إلى المشفى..
...
خطوات متسارعة..
تحمل الغضب من القدر..
والخوف على من فتحت عيناي..
وهو أغدق كل حبه وحنانه وحمايته ورعايته لي..
من كان هو أمي وهو أبي وهو أعز صديق وكان كأبني..
....
وصلت إلى الغرفة التي كان يُعالج بها..
وفتحت الباب لأقف مصدومٌ مذهول بما جرى له..
لقد كان نصفه الأيسر من وجهه وجسده مشلولا بالكامل..
وذلك النصف من الوجه متساقط..
زئرة بغضب على الكون كله وأنا أبكي..
وهو يمد لي يده كأبن لي كان خائف..
ويريد الارتماء بحضني ليشعر أنه بأمانٍ بعدما وصلت..
كان يأني فقط بصوته المجهش بالبكاء..
لأن لسانه كان ايضا قد شُل..
....
ركضت إلي زوجة أبي واخوتي يحتضنوني جميعا..
كان الكل قد عاش لحظات الرعب والخوف مما حصل..
وكان زئير غضبي وبكائي أشعرهم بأن منتقمهم قد وصل..
وانهم بامان الان وكلهم في حمايتي وحضني..
....
دخل الدكتور يسألهم من أنا..
فقالوا له انني أبنه البكر والاكبر من بين أبنائه..
وسألته مما يعاني..!!
فقال لي..
أباگ قد اصابته جلطة قاتلة بعد سماع خبر مُحزن..
ولكنه كان شجاع وتخطى الموقف بشجاعة..
وخرج من الموت المُحدق به ولكنه مصاب الان..
ونحاول ان نعالجه بأقصى ما نستطيع ان نفعل..
....
نظرت إلى زوجة أبي الطيبة وسألتها..
ماذا حصل يا خالة..؟
فأخبرتني..
فور سماعه خبر وفاة..
أعز اهله وحبيبه ابن عمته وأخاه بالرضاعة..
لم يتحمل وقع الخبر وسقط امامنا مغشيً عليه..
وحملناه إلى هنا وظل فاقدا للوعي حتى افاق من غيبوبته..
وهو على هذه الحالة وأمرنا أن نتصل بك فورا وهو يطلبك..
لم أتمالك إمساك دموعي من قهري عليه..
وأن القدر خلف كل ما حصل..
حين عدت إلى أبي لأحتضنه..
تأملته وهو ينظر إلينا بوجهه الذي يستشف مني..
وهو يضحك و يعلوه..
الندبة التي خلفتها امي على وجهه..
....
بعد ناقشٍ مع الطبيب في حالة ابي الصحية..
وتعجبه مني بسبب فهمي لأمور طبية..
لا يفهمها إلا من مارس الطب..
وسألني هل انا طبيب..
فاخبرته انني درست الطب لسنتين ..
ثم توقفت وألتحقت بالهندسة وسافرت لبعثة خارجية..
وقررت أن أنقل أبي على وجه السرعة لمشفى اخر..
اكثر تخصصا واحترافية لمثل حالته..
فالوقت..!!
الوقت يداهمني..
ولم يعد هناك متسع من الوقت..
فالقدر سينفذ ضربته التالية بي..
وستكون أكثر كارثية وأكثر ألما..
.....
كان الجميع يحث المحاولة ونصحي باخذ..
فترة من الراحة وهم ستولون أمر إجراءات..
نقله إلى ذاك المشفى والعناية به..
....
عبثً يحاولون فهم لا زالوا بعد..
لم يفهموا ما الذي بيننا وبين القدر من ثأر..
على بعضنا البعض..
.....
انتهت إجراءات نقل أبي إلى المشفى الذي أخترته..
بعد شوط طويل من السعي به وعيناي لم تفارقهما..
حراسته ومراقبة سلامته و حفه بالأمان من كل الاتجهات..
والتأكد من توفر كل ما يحتاجه من أدوية ومقويات والعناية بوجباته والتأكد من صحتها على جسده وسلامتها..
كان كلما وقعت عيناي عليه لأنتبه من نعاسي بسبب الارهاق..
أراه يحدق إلي ويكسوا وجهه الابتسامة والامان..
وهو يقول لي...
لا تخف يا أبي..
ما دمت بجانبك فأنا بأمان ولن يمسيني مكروه..😔💔
لم تزل هذه الجملة محفورة بذاكرتي مع بقية ما حصل أبد الدهر..
....
بعد شهرين من اجراءات النقل..
والتأكد بأنه في المكان الصحيح..
واختيار الدكتور الاشهر والانسب في بلدي..
كان اسمه الدكتور عبدالله مفتاح..
قال لي..
بعد إنعجابه ببري بأبي..
لا تخف وأعدك وانا لم أفعلها من قبل..
سأعالج أباك بأفضل ما استطيع..
مكافئةً مني لگ..
على برك ومجهودك الجبار بأباگ..
لأول مرة تهداء نبضات قلبي المرتجفة فرقً على ابي..
مذ سماع خبر مرضه..
لِما لا..
وقد ولدتُ على إنهيارا داخليا بي..
حتى قبل أن أشهد إنهيارا وشيکً سيأتي إلي..
وأنا بعد لم أتعافى من ذلك الانهيار الذي عشته سابقً..
....
رغم أعتقاد الجميع أنني صلبً وقويً جدا..
ومُخيف بسبب شدة بأسي..
إلا أنني كنت ليلة..
بداخل حجرتي أعيش فوق سجادة صلاتي..
ضعفي وإنهياري الذي خلفه القدر بي..
.....
وعودة لمرحلة مرض أبي..
..
كان يتعافى تدريجيا كل يوم أكثر فأكثر..
وكنت شديد الحفاظ على مواعيد أدويته وكمياتها..
طوال اليوم..
وبعد متابعاتي الحثيثة مع الدكتور عبدالله..
لسير حالة أبي..
فقد عادت معظم اعضاء جسده ووجهه للعمل..
واصبح يستطيع النطق بالكلمات وفهمي لمخارجها..
وكان فرِحً ومطمئنً وانا وأم اخوتي واخوتي جميعهم..
فرحين معه ومُتحلقين حوله..
كاسوار على المعصم..
وكانت خالتي تدمع عيناها وتبكي..
وهي تقول لي..
أنت مُنقذنا..انت موسى أهلك وأخوتك..
شكرا لانك اعدت الامل والأطمئنينة لي ولأخوتك..
وبعد ان ننتهي واتركهم..
اعود لحجرتي..
وأنكب على سجادة صلاتي كدأبي دائما..
أصلي وأسجد لله وابث له ضعفي وقلة حيلتي..
أُعيذه وأدعوه أنه يتركني وحدي أواجهه وأواجه الكارثة القادمة وانا بدونه..
حتى تسنى عيناي من الأرهاق وأسقط للنوم مغشيً علي..
في تلك السجادة حتى يلوح الصباح في اليوم التالي..
.....
هذا الجزء لم ينتهي بعد..
ولكن سأكمل بوقت لاحق..
لان ذكرى أحداث الكارثة بدت تلوح امامي..
واحتاج ان اهداء الان..
سأكمل غدا لکِ سيدتي..
..!!~🎼🌹
2
5 notes
·
View notes