أَيْنَ أَيَّامُ لَذَّتِي وَشَبَابِي
أَتُراهَا تَعُودُ بَعْدَ الذَّهابِ
ذَاكَ عَهْدٌ مَضَى وَأَبْعَدُ شَيْءٍ
أَنْ يَرُدَّ الزَّمانُ عَهْدَ التَّصَابِي
فَأَدِيرَا عَلَيَّ ذِكْراهُ إِنِّي
مُنْذُ فارَقْتُهُ شَدِيدُ المُصَابِ
كُلُّ شَيءٍ يَسْلُوهُ ذُو اللُّبِّ إِلَّا
ماضِيَ اللَّهْوِ فِي زَمانِ الشَّبابِ
لَيْتَ شِعْرِي مَتَى أَرَى رَوْضَةَ الْمَنـ
ـيَلِ ذَاتَ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ
حَيْثُ تَجْرِي السَّفِينُ مُسْتَبِقَاتٍ
فَوْقَ نَهْرٍ مِثْل اللُّجَيْنِ الْمُذابِ
قَدْ أَحَاطَتْ بِشَاطِئَيْهِ قُصُورٌ
مُشْرِقَاتٌ يَلُحْنَ مِثْلَ الْقِبابِ
مَلْعَبٌ تَسْرَحُ النَّوَاظِرُ مِنْهُ
بَيْنَ أَفْنانِ جَنَّةٍ وَشعابِ
كُلَّما شَافَهَ النَّسِيمُ ثَراهُ
عَادَ مِنْهُ بِنَفْحَةٍ كَالْمَلابِ
ذَاكَ مَرْعَى أُنْسِي وَمَلْعَبُ لَهْوِي
وَجَنَى صَبْوَتِي وَمَغْنَى صِحابِي
لَسْتُ أَنْسَاهُ ما حَيِيتُ وَحاشَا
أَنْ تَرانِي لِعَهْدِهِ غَيْرَ صَابِي
لَيْسَ يَرْعَى حَقَّ الْودادِ وَلا يَذْ
كُرُ عَهْداً إِلَّا كَريمُ النِّصَابِ
فَلَئِنْ زالَ فَاشْتِيَاقِي إِلَيْهِ
مِثْلُ قَوْلِي باقٍ عَلَى الأَحْقَابِ
يا نَدِيمَيَّ مِنْ سَرَنْدِيبَ كُفَّا
عَنْ مَلامِي وَخَلِّياني لِمَا بِي
كَيْفَ لا أَنْدُبُ الشَّبابَ وَقَدْ أَصْ
بَحْتُ كَهْلاً في مِحْنَةٍ وَاغْتِرابِ
أَخْلَقَ الشَّيْبُ جِدَّتِي وَكَسَانِي
خِلْعَةً مِنْهُ رَثَّةَ الْجِلْبَابِ
وَلَوَى شَعْرَ حاجِبَيَّ عَلَى عَيْ
نَيَّ حَتَّى أَطَلَّ كَالْهُدَّابِ
لا أَرَى الشَيءَ حِينَ يَسْنَحُ إِلَّا
كَخَيالٍ كَأَنَّنِي في ضَبابِ
وَإِذَا مَا دُعِيتُ حِرْتُ كَأَنِّي
أَسْمَعُ الصَّوْتَ مِنْ وَرَاءِ حِجابِ
كُلَّمَا رُمْتُ نَهْضَةً أَقْعَدَتْنِي
وَنْيَةٌ لا تُقِلُّها أَعْصابِي
لَم تَدَعْ صَوْلَةُ الحَوَادِثِ مِنِّي
غَيْرَ أَشْلاءِ هِمَّةٍ فِي ثِيَابِ
فَجَعَتْنِي بِوالِدَيَّ وَأَهْلِي
ثُمَّ أَنْحَتْ تَكُرُّ فِي أَتْرَابِي
كُلَّ يَوْمٍ يَزُولُ عَنِّي حَبِيبٌ
يا لِقَلْبِي مِنْ فُرْقَةِ الأَحْبَابِ
أَيْنَ مِنِّي حُسَيْنُ بَلْ أَيْنَ عَبْدُ اللَّـ
ـه رَبُّ الْكَمالِ وَالآدَابِ
مَضَيَا غَيْرَ ذُكْرَةٍ وَبَقَاءُ الذ
ذِكْرِ فَخْرٌ يَدُومُ لِلأَعْقَابِ
لَمْ أَجِدْ مِنْهُما بَدِيلاً لِنَفْسِي
غَيْرَ حُزْنِي عَلَيْهِما وَاكْتِئَابِي
قَدْ لَعَمْرِي عَرَفْتُ دَهْرِي فَأَنْكَرْ
تُ أُمُوراً مَا كُنَّ لي في حِسابِ
وَتَجَنَّبْتُ صُحْبَةَ النَّاسِ حَتَّى
كَانَ عَوْناً عَلَى التُّقاةِ اجْتِنابِي
لا أُبالِي بِما يُقالُ وَإِنْ كُنْـ
ـتُ مَلِيئاً بِرَدِّ كُلِّ جَوابِ
قَدْ كَفَاني بُعْدِي عَنِ النَّاسِ أَنِّي
في أَمانٍ مِنْ غِيبَةِ الْمُغْتَابِ
فَلْيَقُلْ حَاسِدِي عَلَيَّ كَمَا شَا
ءَ فَسَمْعِي عَنِ الْخَنَا في احْتِجَابِ
لَيْسَ يَخْفَى عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَكِنْ
أَتَغابَى والْحَزْمُ إِلْفُ التَّغَابِي
وَكَفَى بِالْمَشِيبِ وَهْوَ أَخُو الحَزْ
مِ دَلِيلاً إِلى طَرِيقِ الصَّوابِ
إِنَّما الْمَرْءُ صُورَةٌ سَوْفَ تَبْلَى
وَانْتِهاءُ الْعُمْرانِ بِدْءُ الخَرابِ
0 notes
محمود سامى البارودى ينشد : أبابل رأى العين أم هذه مصر
محمود سامى البارودى ينشد : أبابل رأى العين أم هذه مصر
تمر اليوم ذكرى رحيل رب السيف والقلم الشاعر المصرى محمود سامى البارودى، أبرز المجددين فى الشعر العربى والرجل الوطنى الذى دفع الثمن غاليا، فقد رحل أحباؤه وضعفت صحته جراء المعاناة والنفى.
ولد محمود سامى البارودى عام 1839 فى مدينة دمنهور، بمحافظة البحيرة، لأبوين من أصل شركسى فى أسرة ذات ثراء ونفوذ وسلطان، فقد كان والده ضابطا فى الجيش المصرى برتبة لواء، وعين مديرا لمدينتى "بربر" و"دنقلة" فى السودان ومات هناك ومحمود فى السابعة من عمره.
التحق وهو فى الـ12 من عمره بالمدرسة الحربية سنة 1852، وتخرج عام 1855 والتحق بالجيش السلطانى، وكانت له تجربة مهمة فى العمل بالخارجية التركية وذلك بسبب إجادته للغات العربية والتركية والفارسية.
يحتفظ التاريخ المنصف لمحمود سامى البارودى بأنه أحد أبطال ثورة 1881 الشهيرة ضد الخديوى توفيق بالاشتراك مع أحمد عرابى، و��ررت السلطات الحاكمة بعد فشل الثورة نفيه مع زعماء الثورة العرابية فى 3 ديسمبر 1882 إلى جزيرة سرنديب.
وعندما بلغ الستين من عمره واشتد عليه المرض وضعف البصر، عاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر 1899 للعلاج وكانت فرحته بالعودة إلى الوطن غامرة، وأنشد يقول:
أبابلُ رأى العين أم هذه مصرُ/ فإنى أرى فيها عيوناً هى السحرُ
وقضى محمود سامى البارودى السنوات الأخيرة من حياته مشغولا بالشعر والثقافة حتى توفى فى 12 من ديسمبر عام 1904.
https://ift.tt/2YIQJQZ مقالات عامه December 13, 2019 at 02:24PM
0 notes
جُدْ بِالنَّوَالِ فَرِزْقُ اللَّهِ مُتَّصِلٌ
وَلا تَكُنْ عَنْ صَنِيعِ الْخَيْرِ بِاللاهِي
فَالْبُخْلُ وَالْجُبْنُ فِي الإِنْسَانِ مَنْقَصَةٌ
لَمْ يَجْنِهَا غَيْرُ سُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ
"محمود سامى البارودى"
2 notes
·
View notes
زى النهاردة عام 1881.. بدء الثورة العرابية فى مصر بقيادة أحمد عرابى
]
تقدم الزعيم أحمد عرابى فى مثل هذا اليوم 9 سبتمبر عام 1881، بعدة مطالب شعبية إلى الخديو توفيق، فى ميدان عابدين، تشمل عزل رياض باشا من رئاسة الوزارة.
وبدءت الثورة العرابية فى مصر بقيادة أحمد عرابى عندما توجه فى موكب مع قادة الجيش المصرى إلى قصر عابدين مقر إقامة الخديوى توفيق لعرض مطالب الأمة فى الحكم الرشيد.
فظهرت بوادر الثورة فى فبراير 1881 أثر سجن أحمد عرابي، وعبد العال حلمي، وعلى فهمى ، وقد قام الجيش بها لتنفيذ مطالبه، وشارك الشعب المصرى بكامل طوائفه مع الجيش بقيادة عرابى فى الثوارة.
كما ساندوا عرابى أو قاتلوا معه أو حرضوا الجماهير على القتال من العلماء ” مثل الشيخ محمد عبده” . والعمد والأعيان فقد كان الحكم أولًا بقتل من اسموهم برؤس الفتنة من هؤلاء وعزل الباقين ثم خفف لعزل الجميع فعزلوا من مناصبهم وجردوا من نياشينهم وأوسمتهم.
وعاد احمد عرابى بعد 20 عام من نفيه و محمود سامى البارودى بعد 18 عام ، وعاد عرابى بسبب شدة مرضه أما البارودى فعاد لاقتراب وفاته ، واصابته بالعمى من شده التعذيب.
The post زى النهاردة عام 1881.. بدء الثورة العرابية فى مصر بقيادة أحمد عرابى appeared first on neroonews.
from WordPress https://ift.tt/2ZKXmWK
via IFTTT
0 notes