thereissomethingmissingg

[thereissomethingmissingg]

صباح الخير، إنه نهار جميل، الراديو يبث أخبار الحرب القائمة بين المدانة إيران والمحتلة إسرائيل. هناك قطة مشردة في منتصف الطريق، تنتظر بعضاً من الطعام والماء من المحسنين.

وهناك شاب مجهول الهوية، يتجول في الشارع, يتحدث مع نفسه بإيماءات وحشية، ��يابه متسخة وكما يبدو قد فقد عقله منذ زمنٍ بعيد.

ياه إنه نهار جميل! العصافير تطير، ونحن هنا، في الأسفل، أشياء تتحرك في الأرض وما زلنا في بداية المسير، درجة الحرارة مرتفعة وصداعي لا يهدأ، وزملاء العمل مستمرون بالنميمة، عن انتحار طفلة من الطابق الثالث بلا ضمير.

اللعنة! إنه نهار جميل، وأتوق إليك، بطريقة بي لا تليق، كمريض، كمدمن، كغريق!

رائحتك، وطعم جلدك، اكستاسي منه المتعاطي لا يستفيق.

اه إنه نهار جميل، وأتمنى لو كنت بين ساقيك، بلفتة محترمة، أقدم نفسي، كقربان، كأضحية، كمارد مطيع.

[thereissomethingmissingg]

لا أحد يعلم كيف انتهيت هنا.

ولن تستطيع فهم ما حدث أيضاً،

إنه قدرك.

الطير الأسود يعيش بداخلك، إنه سرك الصغير. وأحد قواعد الكون المهمة: الأسرار لا يجب أن تفشى أبداً.

طير أسود يكبر بداخلك، إنه يأكلك حياً.

غُداف ضخم يخدش قلبك، يحاول إيقافه عن العمل.

لا ينوي شراً. يريد أن يتحرر.

إنه يموت ضجراً.

يتوق لسعة السماء ورياح الصيف وللسماء عندما تهطل مطراً.

إن وحيد ولا يفهم أحداً. ليس ذنبهم، ولا ذنبه أيضاً.

إنه قدره.

يعيش منتظراً. منتظراً. منتظراً.

يوماً ما، ربما يفهمه أحداً.

يوماً ما، ربما يفهم أحداً.

ويوماً ما ربما يتحرر أيضاً.

ويحلق بعيداً، بعيداً جداً.

[thereissomethingmissingg]

كنت أريد أن أحيا مقتاتاً على الحب والسلام

ولكنني في حرب لا تهدأ حتى في المنام

جيوش وأحصنة ورايات ترفرف باحتدام

عندما يحطموني

من سيحمل درعي؟

من سيغني لجروحي

يلعق الألم يطهره حتى الإلتئام؟

عندما أعلن استسلامي

من سيقاتل لأجلي؟

من سيذكرني بأنني إنسان

وكرامتي شيءٌ لا يُسام؟

عندما أحاول الفرار من جلدي

من سيخبرني أنه ليس خطئي

لا ولستُ الملام

أريدك أن تخبرني

بأنه لا بأس في الإنهزام، والإستسلام

وأنه لا يوجد ما يدعو للقلق

هل تستطيع قتل هذه الأوهام؟

[thereissomethingmissingg]

لا أستطيع تذكر متى بدأ الأمر. يبدو وكأنه وُلد معي.

أعلم أن له تاريخ، وظرف محدد، وساعة، وعلى ما يبدو أني نسيت كيف كنت قبل تاريخ البداية.

أجلس على الحافة وأحدق في الأفق، أراقب الشمس تغرب، ببطء تحترق الغيوم وتنطفئ، كما تولد المشاعر بداخلنا وترحل بكل لباقة.

درجة الحرارة تفوق المعدل الطبيعي، استمررت في التحديق، وهناك ذكرى معينة قد ماتت بداخلي وأحاول إيقاظها.

مرحباً، أتحدث إليك من الجانب الآخر.

الأمور سلسة ونحن نتغير، أحلامي ما زالت رمادية، والكوابيس لم تعد تخيفني بعد الآن.

هل ذكرت من قبل بأني وجدت الجواب؟ وحاولت كتابة الحقيقة لأجلك ولكن من قلمي أبت أن تتسرب.

أقرأ كتاباً سريالياً لكاتب قدير اسمه هاروكي موراكامي، يتحدث عن مغادرة العالم المادي الذي نعرفه والعبور إلى عالم آخر، وثمن الرحيل هو عدم العودة للأبد،

وكم يغريني هذا الإفتراض… فكرة مغادرة هذا العالم القذر؟ عن هذا الغباء الفاحش والبلادة الذهنية؟ الإنسلاخ التام عن هذا الواقع الحالي والبدء من جديد في عالم مختلف تماماً؟

هل الموت في حياتنا هو النقطة المفصلية؟

ماذا سيحدث؟ أعطيني تلميحاً، ماذا يحدث هناك؟

توقفت عن الكتابة لفترة طويلة لأنني لم أعد أشعر بالحزن. حقيقةً لم أكن أشعر بشيء، خواء مصمت، يغزو قلبي.

يلهمني الحزن، يلهمني شكل الحزن على تجاعيد شراشف السرير، وفي كأس الحليب الفارغ، وفي السيجارة المنطفئة، وفي خطوات الوحيدين في الشارع. لم أستطع التقاط الحزن، ولم أستطع التعرف على نفسي بدونه.

من أنا بدون هذا البيت المحطم داخلي؟

[thereissomethingmissingg]

عدت من العمل متأخراً، دخلت منزلي الفارغ، الجميع غادر للديار، وبقيت أنا لوحدي، ولأول مرة، شعرتُ بالحرية.

أدركت متأخراً أني الدار، والمنزل الذي ينتظر عودتي دائماً، لم أبدل ملابس العمل، دخلت بحذائي الأسود وجواربي الرمادية، لم أرتدي بجامتي ولكن توجهت إلى المطبخ ببنطال الجينز، لم أغسل الماسكرا ولكن قمت بتشغيل الموسيقا بصوتٍ عالٍ، لم أطهو وجبة صحية ولكن التهمت برقر ابتعته من مطعم رخيص على ناصية الطريق.

شعرت بتحرر لحظي من قواعد حياتي، رقصت على أنغام الموسيقا بروحانية.

وكان الثمن الذي دفعته لأجل الشعور بهذه النشوة يستحق.

أريد أن أعيش لأجل هذه اللحظات، أن أختطفها من الحياة عنوة، حتى وإن لم أصدق بأنني أستحق،. أريد أن أجدني يوماً ما، وأقدم سيجارة لتلك الفتاة الغريبة.

أن نجلس على حافة الحياة ونتحدث.

أريدها أن تخبرني عن أحلامها الرمادية، وأحط رغباتها، سأغسل ذنوبها، وأكفر عن أخطاؤها. سأقدم لها العزاء والكلمات. الكلمات التي لا تعرف تهجئتها عندما تريد أن تتحدث. أريد أن أعرفها وأريدها أن تحفظني.

أريدها أن تعود إلى المنزل. أريد أن أعود إلي.

[thereissomethingmissingg]

جلست على أحد كراسي المنتزه القريب من المطعم، قبل استلام طلبي، وحيداً كالعادة، حدقت في السماء لوقت طويل، كنت أفكر بك.

سماء الليلة ملبدة بالغيوم الرمادية. بدت لي حزينة بكثافة. لم تمطر الليلة، وقلبي ثقيل من العواصف التي لم تهبّ بعد.

أشعر بالوحدة في كل مرة أحكي قصصاً لمن لا آبه إن استمع وفهمني. وأشعر بالوحدة عند قضاء وقتي برفقة من لا يعرفني.

كما أشعر بالوحدة عندما ألفظ اسمك لشخص غريب يحمله.

متى كانت آخر مرة نطقت اسمك وسمعتني؟

اعتدت نطق اسمك بثقة، اليوم لفظته بتأتأة طفل يجهل الأحرف والكلمات، وشعرت بالمرض عندما أجابني "لبِّيه" كانت احدى مفرداتك المفضلة.

كنت أعرف أنني سأحملك معي دائماً، ولكنني لم أعرف أنك بكل هذا الثقل.

[thereissomethingmissingg]

كيف يبدو الإكتئاب؟

إنه صحون الطعام المهملة في حوض المطبخ بلا تنظيف، وخصلات شعرك الملتصقة لأنك لم تستحم لأيام، إنه الأكياس السوداء تحت عينيك، وأنت عندما ترتدي ابتسامتك الصفراء مع سترتك السوداء، إنه استيقاظك كل صباح مع التفكير المستمر بالتوقف وإنهاء الأمور، إنه أنت تتناول كميات كبيرة من الطعام يوماً وأنت عندما تتقيؤه لأيام، إنه أنت عائداً للمنزل بعد العمل متصلاً على أحد أصدقائك ومناقشة بعض الأمور التافهة، محاولتك اليائسة بالإنخراط في الحياة الإنسانية للحظات، إنه أنت عندما تقرأ كثيراً، بلا توقف، وأنت عندما تتعرض لشلل ذهني يجعلك عاجزاً عن فهم جملة لعينة واحدة في كتاب، إنه أنت عندما كنت صغيراً تلعب بدميتك الشقراء في المخزن متناسياً ما يحدث كل صباح، إنه أنت عندما تتحول إلى بركان عاطفي في شهر وجبل جليدي لسنوات، إنه أنت عندما تبقى وأنت عندما تغادر، لأنك ستدفع الثمن في جميع الحالات، إنه أنت، عندما تختار أن تكون أنت، صادق وحقيقي، في عالم قائم على الكراهية والطبقات، إنه لون الغروب عندما ينعكس على جلدك وملاءاتك البيضاء، إنه أنت في الليل وحيداً تحدق بالنجوم، تكتب وتنصت إلى موسيقا موزارت.

[thereissomethingmissingg]

نوبة وجودية.

غادرت مقر العمل جرياً إلى بوابة الخروج محاولاً اللحاق بموعد الرحلة. عند وصولي إلى محطة القطار جلست بانتظار وقت المغادرة. اخترت الجلوس بجانب سيدة مسنة،  بدت ضجرة ووحيدة، على غراري.  

ضجيج البشر اختلط بصوت الرياح العاصفة بالخارج، لافتات الإعلانات معلقة في كل حائط، احتكاك عجلات الحقائب على الرخام المتصدع، وصوت zach bryan يغني pink skies يصدح من سماعة هاتفي، وثم فجأة غمرني الشعور المرعب بثقل الوجود، تجمد جسدي، بغرابة كنت أحدق بلا صوت في هذه الكتل البشرية المتحركة، كل شخص هنا يحمل سراً وقصة، كل شخص يحمل وزناً وجودياً ويحدث تأثيراً مباشراً في حياة شخص آخر، كل شخص هنا يخبئ جرحاً قديماً. 

الجميع يجلس منتظراً، راقبت تشابه تحركاتهم، استراق نظرات خاطفة على الساعة المعلقة على الحائط، فتح الهاتف وتفقده بسرعة وجيزة ثم اغلاقه، تغيير وضعية الجلوس، التثاؤب… 

على متن القطار فكرت في كيف تشبه الحياة ما يحدث لنا في محطات الانتظار، نصل المحطة متعبين بانتظار الرحلة، تبدأ الرحلة خلال ظرف زمني محسوب بدقة، ثم تنتهي في محطة أخرى، نصل إليها مرهقين. وأحياناً متحمسين وربما خائفين؟ 

الوجود. كلمة مروعة. تحمل وزناً كئيباً. 

ما هي غاية الوجود؟ ما هي غاية وجودي؟ 

[thereissomethingmissingg]

“حدثيني عن الحب” نظرت نورا إليه وطوّق الصمت عالمها، كان الحب قريباً منها، ذراعه تلتصق بذراعها، ورأسه يستريح على كتفها، ولكنه بعيد، بعيد جداً للحصول عليه. "الحب هو ملجأٌ موجوداً دائماً لأجلي، هو الظلمة التي تخبئني عندما يعميني ضوء الحياة، هو تلك اليد التي حتى وإن وقعت ستنتشلني" عندما رفع عينيه والتقت نظراته بعيني نورا، كان هنالك بريق حزين يسكنهما، أدرك أنها تعلم؛ أنه قرر الرحيل. ولا شيء يمكنه تغيير ذلك، حتى دموعها لن تنقذه هذه المرة.

[thereissomethingmissingg]

قبل عدة أيام التقيتُ بفتاة جديدة في مقر العمل؛ وفي لقاءنا الثالث، صباحاً، طُرح موضوع الزواج والأطفال مع بقية الزميلات التزمتُ الصمت واحتفظتُ بأفكاري اللاإنجابية لنفسي وأصدقائي وأمي التي تدعي لي بالشفاء منها دوماً. عندما رحلن وبقيتُ أنا وهي لوحدنا أوضحت لي بهدوء أفكارها حيال فكرة الأمومة، صوتها الناعم لم يخفي الفزع في نبرتها من فكرة الإنجاب، لمّحت لي بأنها تعرضت لصدمة في طفولتها وفهمت مباشرة عن أي نوع من الصدمات تتحدث، وكالمعتاد كان المسخ في القصة "رجل"

لم أسأل عن الحدث والتفاصيل ولم تخبرني هي. قالت بشكل عرضي "كانوا عيال جيراننا الكبار" كنت أسمع صوتها البارد وجلدي يحترق. مر على ذلك الصباح عدة أيام وما زلت أعاملها كزهرة، أشعر بضرورة معاملتها برقة، كما أشعر بمسؤولية غبية في حمايتها من قسوة بيئة العمل الإجتماعية.

كيان ناعم وبريء خُدش وكُسر مرة يستحق من أن يعامله العالم برفق كاعتذار.

[thereissomethingmissingg]

مرحباً

سيحل فبراير قريباً.

أكثر شهور السنة شؤماً.

في هذا الشهر تحلق العصافير بلا صوت، وتمطر السماء حزناً، تشرق الشمس بغضب، ويولد الأطفال مشؤومين.

هل أخبرتك يوماً كم يخيفني فبراير؟ توقظني الكوابيس في لياليه، وتخنقني الابتسامات في نهاره.

فبراير ضيف ثقيل ما زلت لا أحب حضوره. فبراير قادم ليذكرني بكل ما فقدته.

أردت أن أخبرك أن كل شيء بخير، الأمور فوضوية والحالة الصحية غير قابلة لل��شخيص. الزمن يمضي، وكل شيء يتغير بتسارع رهيب.

كل الأشياء تغيرت، تبدل ورحلت، لكن الألم ما زال يتجدد، ينمو ويتبرعم. ماذا نفعل؟ أخبرني ماذا يجب أن نفعل؟

[thereissomethingmissingg]

أحمل وقود من التوق لشيء لا أعرف له شكلاً ولا لوناً، حنين مجهول لا يحمل رائحة، هل هو شعور غائب في الذاكرة؟

ربما لم أعشه مسبقاً، أو ربما أكون؟

توق أقرب إلى حاجة مؤلمة استيقظت عندما كبرت وعرفت أن للمشاعر اسماً وللذكريات رموز.

أشعر وكأن هنالك ثقبٌ من الغياب يبتلع حضور الحياة في داخلي.

أنا مشاعر هامشية ووجوه ضاحكة بلا أسماء. أنا صوتٌ لم يستطع إيجاد الكلمات المناسبة للغناء.

أنا نتاج كل تلك الأسئلة التي تجول في ذهني كل ليلة؛ وتحديداً ذلك السؤال الذي تُرك دون جواب.

أنا الجحيم، جائعٌ ومتخم، عندما لا أريد أسأل هل من مزيد؟

أنا الذي يحمل توقاً فقيد، سأحاول إيجاده لربما أستطيع أن أعيش.

[thereissomethingmissingg]

[thereissomethingmissingg]

كان ذنبي هو أني الجاني الوحيد على خرابي الشخصي وعقابي هو أني شاهد العيان الوحيد على ذلك.

أيها العالم! ما أقسطك.

[thereissomethingmissingg]

أبلغ من العمر خمسة وعشرون خريفاً ولا أعرف معنى أن تكون على قيدالحياة، أستسلم.

[thereissomethingmissingg]

I’m sitting here

Like an old, abandoned tree.

Oh, I’m sitting here,

Homesick for who I used to be.

My dear, my dear…

It’s devastating to live with all this grief.

Oh, my dear…

When the light fades away,

Forgive me for what I’ve become,

And don’t remember me,

But please, don’t forget my name.

[thereissomethingmissingg]

It’s everywhere, in my skin, and under my fingernails, like a fog in winter days, like a curse, like an oath I can’t ever break.

I know how it would end. my dear friend, haven’t you heard? You’re here, There is no escape.

-The Black Disease.