Text
يحيى السنوار.. حراً ومقاوماً وشهيداً (بروفايل)
بجسده النحيل، حمل سلاحه وارتدى سترته العسكرية، عبأ جيوبها بالرصاص ومضى لمواجهة العدو، فوق أرض مروية بدماء رفاق النضال وأبناء الوطن. طارده جنود العدو ودباباته ومسيّراته، لكنّ المقاوم الستيني لم يرفع الراية البيضاء، وظلّ يقاوم حتى الرمَق الأخير، ليرتقي شهيداً، في يوم مشهود من شهر ارتبطت مسارات حياته – من الميلاد إلى الاستشهاد - به أكثر من أي شهر آخر.
"يا عدو الشمس لكن.. لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي.. سأقاوم"
سميح القاسم
في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1962، بدأت الحكاية.. حكاية يحيى السنوار. في ذلك اليوم البعيد، ولد في مخيم خان يونس للاجئين جنوبي قطاع غزة، لأسرة هجّرتها العصابات الصهيونية من مدينة المجدل في عسقلان بعد النكبة، لتعيش ظروفاً قاسية حكى السنوار جانباً منها في روايته "الشوك والقرنفل".
ستمر 5 سنوات، قبل أن يستولي الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة من مصر بعد نكسة 1967. في هذه الأجواء بات الصغير يفتح عيناه على ذاكرة عائلة عايشت أهوال النكبة واغتصاب الأرض، وطرد أهلها عبر المذابح وجرائم التطهير العرقي، ويغلقها على حاضر يذوق فيه الفلسطينيون قسوة العيش في المخيمات، وتقطيع أوصال الحياة تحت وطأة احتلال استيطاني، يوزّع القتل والدمار في كل شبر.
يحكي السنوار في روايته عن قسوة الشتاء وما تفعله باللاجئين وأطفالهم، الأمطار تغرق البيوت البدائية وتفرض ثقلاً على العيش، فيما الانفجارات المدوية، وما يصنعه الاحتلال بأصحاب الأرض، يقض المضاجع ويبثّ الذعر في قلوب الأطفال. يقتحم الاحتلال المنازل ليقتل من يخالف أوامره. يطلق جنوده الرصاص، فتغطي الدماء الأرض.
لم يجد السنوار سوى "طوفان" من الدم الفلسطيني يغطي كل شيء. فأدرك أنه لا خيار إلا المقاومة، وهكذا تشكّل وعيه؛ فالأرض محتلة، والاحتلال – بالتعريف - يولّد مقاومة، وقدر الفسطينيين أن يقاوموا، كي يستعيدوا الأرض ويحفظوا كرامتهم، فلم يفطم السنوار نفسه عن المقاومة منذ شبّ وكبر.
"وغداً..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل.."
أمل دنقل
في شبابه المبكّر، عمل السنوار في مهنة البناء رافضاً العمل في الداخل المحتل، علماً بأنه شارك في بناء عدد من المساجد، متحدياً الاحتلال الذي كان يمنع ترخيص بنائها، على ما ذكر موقع "متراس".
انخرط "السنوار" في صفوف حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وذاع صيته كصائد للجواسيس الذي يتعاونون مع الاحتلال، فطاردته إسرائيل واعتقلته مرات، فيما قضت محكمة إسرائيلية بسجنه مدى الحياة 4 مرات في يناير 1988، فدخل سجون الاحتلال وذاق مرارة الأسر لنحو 23 عاماً. سنوات طويلة ستمر قبل أن ينال حريته – ومعه نحو 1000 أسير فلسطيني آخر - في أكتوبر 2011 ضمن صفقة جلعاد شاليط، التي أشرف من داخل سجنه على مفاوضاتها، على ما ذكر الباحث الفلسطيني محمد عبدربه مطر في كتابه "الطريق إلى صفقة وفاء الأحرار: صفقة شاليط 2006-2011".
بعد تحرره من الأسر، حظي "أبو إبراهيم" بنفوذ كبير وتأثير واسع داخل "حماس" التي سيصبح في عام 2017 زعيماً لها في غزة، ليبدأ فصلاً جديداً من نضاله ضد الاحتلال. ورغم وعيه بالتفاوت في القدرات والإمكانات بين أسلحة المقاومة البسيطة، وترسانة جيش الاحتلال، إلا أن أصرّ على إيلام العدو بالإمكانات المتاحة، مهما كانت: "ندافع عن شعبنا بالوسائل المتاحة لدينا. هل نرفع الراية البيضاء؟! لن نرفعها. ولن نكون الضحية الطيبة حسنة الأخلاق التي تُقتل دون أن يرتفع لها صوت؟ نحن قررنا أن ندافع عن شعبنا بما أوتينا من قوة"، على ما قال في حديث ينبض بالمقاومة مع "فايس" عام 2021.
سنوات قليلة ستمر، قبل أن يطلق في السابع من أكتوبر عام 2023 هجوم "طوفان الأقصى"، الذي كشف الفشل الاستخباراتي الذريع لدى الاحتلال وكبّده خسائر كبيرة، ليشن الاحتلال التي انهارت أسطورته مجدداً، حرباً مدمرة على قطاع غزة، عنوانها المجازر والوحشية والدمار غير المسبوق.
"تقدموا تقدموا
بناقلات جندكم وراجمات حقدكم
وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المُبرم"
سميح القاسم
طوال عام كامل منذ أطلق السنوار "الطوفان"، دوّخ المطلوب الأول لدى إسرائيل قواتها واستخباراتها، ومن وراءها أميركا. فيما رصد جيش الاحتلال مكافأة بـ400 ألف دولار لمن يساعد في الوصول إليه، من دون أن يسفر ذلك عن شيء. وعلى الأرض في غزة، لا تزال المقاومة صامدة رغم قتال دامٍ ومعارك ضارية لأكثر من عام؛ تكبّد العدو خسائر، وتستهدف جنوده وآلياته.
ثم كان في السابع عشر من أكتوبر 2024، أن قتل جنود جيش الاحتلال السنوار في تل السلطان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة. قتلوه "مصادفة"، على ما أعلن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي، أن "الجيش الإسرائيلي لم يكن لديه معلومات استخباراتية مسبقة تفيد بوجود قائد حماس يحيى السنوار في الموقع الذي قتل فيه".
"لأجل هالوطن ضحيت بدمي
كُله لعيونك يا فلسطينا"
نشيد "من سجن عكا"
كان السنوار بين جنوده قائداً مشتبكاً على خط النار، لم يكن تحت الأرض في الأنفاق مختبئاً، أو محاوطاً نفسه برهائن - حسب سردية الاحتلال ورئيس وزرائه التي ثبت كذبها - وإنما كان فوق الأرض بسلاحه في خطوط المواجهة، واقفاً على أرض المعركة، قبل أن يرتقي شهيداً، وهو الذي تمنى الشهادة ونالها، فها هو تقترب منه مسيرة إسرائيلية في منزل دمر القصف جدرانه، فيما هو جالس على أريكة، يريح ذراعه اليمنى المصابة على مسندها، يوجّه نظراته المتحدية نحو المسيّرة، وبذراعه اليسرى ظل يقاوم، ليلقي عصا في وجهها، في مشهد ملحمي يليق برجل ظلّ مُناضلاً ومقاوماً حتى الرمق الأخير "جسّد نضاله بمصرعه.. ومِن سكات.. مات المُناضل المثال".

4 notes
·
View notes
Text
حسن نصر الله.. سماحة الزعيم
بلحيةٍ طويلة شاب أغلبها، ونظارة طبية تليق بالعلماء، يرسم سماحة "السيد" صورته.. بلثغة في حرف الراء، وخاتم فى خنصر يده اليمني، وخصلات شعر هاربة من سطوة عمامته السوداء، تتكون الكاريزما وترتسم صورة الزعيم الشعبي.. صورة السيد حسن نصر الله.
جزء من بروفايل طويل كتبه أحمد رجب عن حسن نصر الله في "المصري اليوم" 2009
http://egyptiancitizen.blogspot.com/2009/06/blog-post.html?m=1

0 notes
Text
إلياس خوري.. مُناضل ومُقاوم حتى الرمَق الأخير
رحيل الأستاذ إلياس خوري خبر حزين. ولد في عام النكبة 1948، ورحل بينما تستمر النكبة الجديدة وحرب الإبادة على قطاع غزة. آخر ما قرأت له مقالاً نشره موقع "صفر" في أكتوبر 2023، بعنوان: "لن تنتهي هذه الحرب"، قال فيه: "حفلة الصيد الإسرائيلية في فلسطين لن تتوقّف، إلّا إذا أوقفها الفلسطينيون بإرادتهم ومقاومتهم وبطولاتهم".

0 notes
Text
والله قعدة القهوة وحجرين الشيشة بعد 2 بالليل، وبعد شيفتات طويلة وشغل كتير، في واحدة من القهاوي القديمة الرايقة بالدنيا. قعدة بتغسلني من جوه حرفياً.

0 notes
Text
محمد الضيف.. "شبح القسّام" وصوت الحرب.
7 محاولات اغتيال إسرائيلية على مدار ربع قرن، وينجو. وأغلب الظنّ أنه سيفعل في الثامنة.

0 notes
Text
لم يقوَ روبوت على احتمال سيوف الرأسمالية المسلولة، والعمل يومياً لنحو 15 ساعة، فانتحَر. يا للهول!
0 notes
Text
صباح الخير على الشقيانين، وغير الشقيانين عادي. صباح الخير على عشّاق النوم، والشاي، والسجاير "إل أم أزرق". صباح الخير على الصادقين، الكذابين لا. صباح الخير على الذين لا يُضمرون عكس ما يُظهرون. صباح الخير على المتسقين مع أنفسهم، المُدعين لا. صباح الخير على الأوفياء، الخاينين لا. صباح الخير على الناجين من أهوال علاقات مؤذية. صباح الخير على عشاق الحقيقة، كارهيها لا.
0 notes
Text
9 ساعات من العبودية تحت سيّف الرأسمالية المَسلول. 9 ساعات كان حلمي فيها أنْ أنام، ولو لساعة واحدةٍ فقط. حلمي بسيط. أن أحارب الرأسمالية بالنّوم.
الآن، انتهى الشيفت اللعين. عدت إلى بيتي، وها أنا ممددٌ على سريري. يستدعيني النوم، أسمع نداءه، ولا أملك إلّا تلبيته. بكل جوارحي. سأخلد إلى النوم. لا مُنبهات، لا إنترنت، لا إشعارات. سأُسكِت أفكاري، ولا وقت لخواطر تموج، أو أسئلة تثور. سألقي بهاتفي بعيداً. وليكن ما يكون. حانَ وقتُ سداد الدين. حان وقت النوم.. العميق، الطويل.
1 note
·
View note
Text
كان «هيكل» يرى الصحافة «فنّ مجازي، فماكيناتها تدور بالأخبار والتحقيقات وما يهمّ القارئ، وفي اليوم التالي تخرج إليه بجديد آخر. الفن ثابت، وفي ثباته مشروع خلوده. والصحافة مُتغيّرة، وفي تغيُّرها موهبة متابعة اهتماماتها». وقد قال لعبد الله السنّاوي في أحاديثهما الممتدة: «لسنا فنّانين ولا روائيين ولا مؤرخين، لكنّ استلهام الفنِّ في روحه، والرواية في دراميتها، والتأريخ في أدواته، يُضفي على الرواية الصحفية جمالاً وحيويةً ودقة.. وهذا أقصى ما يطلبه صحفي».

#الأستاذ في شبابه:

0 notes
Text
«فلنتكاسل في كل شيء، إلا في (السكس) والشراب، والكسل».
ليسينج بتصرف*

0 notes
Text
أثرٌ موسيقيّ لا يَزول.
1 note
·
View note
Text
"أمنيتي المُستحيلة أن أمنح فرصة أخرى للعيش. أن أولد من جديد لكن في ظروف مغايرة. أجيء مزوداً بتلك المعارف التي اكتسبتها من وجودي الأول الموشك على النفاد؛ أولد وأنا أعلم أن تلك النار تلسع، وهذا الماء يغرق فيه مَن لا يُتقن العوم. وتلك النظرة تعني الود، وتلك تعني التحذير، وتلك تُنبئ عن ضغينة. كم من أوقات أنفقتها لأُدرك البديهيات، ومازلت أتهجّى بعض مُفردات الأبجدية".
"تجليّات" جمال الغيطاني

7 notes
·
View notes