حاولت ان ادخر حزني و غضبي في نصاً يليق بكِ تملؤه المزيكا و الألوان، قدر المستطاع.
اليوم التالي لرحيلك
اخبرت صديق ان هذا هو الوقت المناسب لمشوار مؤجل،
ذهبنا. و كان التوقيت المناسب بالفعل، المكان اعلاه السماء صافية ، يملؤه الزرع الاخضر و الورود الملونه و نباتات في طريقها للحياة. و عمال تشققت ايديهم لتشبه التربة الخاصة بالنباتات. ادري جيدا انني لو سألت احدهم عن عمره في هذا المكان سيخبرني عمرا اكثر من عمري شخصيا. و رغم ذلك لا يمل اي منهم بأيمانهم بالنباتات بالحياة و الروائح و الحب و الالوان و الهدوء. و راحة النفس حين تسلكي هذا المكان في الغالب هم منبعها . - ( يا نعيش هوانا حلم ليلة صيف ، يا تموت خُطانا في ليل شتانا المُر)
لو كنت اعلم شكل الجنة كنت اخبرت الجميع بكل الثقة ان هذا المكان هو الجنه او صورة مصغره منها.
غير مهتمه بالمسميات يكفيني المضمون الذي لا يجلب في بالي الاكِي.
تخيلت ان قدامي تأخذني لهذا المكان في هذا الوقت لكي يضمد القدر تفكيري بأنك الأن في جمال مثل هذا الجمال او اكثر بكثير .. - ( هل رأيتم صورتي؟ اقصد تلك التي قبل ان افقد وسامتي)
اتذكر جيدا ادائك و صوتك و حركة يديكي العفوية في فيديو تقولين فيه
"اخواتي و اصحابي هم ارثي الوحيد و هما في مصر. و اه طبعا مفتقده مصر ..
و لما بفكر مش ممكن لو مكنتش عملت كذا - عن رفع علم في حفلة حول مسار حياتك - و برجع اقول لا انا فخورة بحالي " .. - ( يا مدينة ، مهما تعصري في قلبنا مش هيكدب صدقنا )
حين خروجك من تجربة السجن الكاسحة لأي مشاعر انسانية, لن تمر ايام و اتلقي رسالة منك للتعزية في صديقنا الراحل "مؤمن عصام" و اخبرك حينها اني رددت في سري حين سماع خبر خروجك " سارة حجازي برا يا مؤمن" . ف تفيضي مشاعر تغلق حديثنا بحب وافر و مزيكا.
يشاركنا صديق بأغنية مرسله له منك مع تعليقك انها مناسبة لرثائك/جنازتك.
فأوجه راسي لتتذكرك بالمزيكا و الأغاني التي استطعنا ان نخلق حولها نقاش سريع جميل هادئ. - ( و نصبح غنوة حلوة من ضمن الأغنيات )
حين اقرا كل القساوة هنا و هناك تعقيبا علي رحيلك. لا افكر الا ثواني معدودة ثم اردد لهذا تحديدا رحلت سارة. رغما عن ذلك اخبرتي العالم انك تساميحه. - ( ارفعوا العصبة عن عيون سارة حتي تري وجه قاتلها )
و حين اري اخت صديقتي التي لا تبلغ العشرين من عمرها بعد, و هي تتصدي لكل هذة الاراء القاسية في دوائرها , اشعر بالامل الذي جئنا دوما لنبحث عنه. و علي المرء للأسف ان يقاتل في هذا العالم للدفاع عن مبادئه التي يؤمن بها و لكي يحيا كيفما يشاء. - (فينا نزعزع لينهار القفص يللي صرناه , فينا نفتح عينينا لما يرموا فيها تراب .. نقلن لسه شايفين )
عملي هو طرح الاسئلة ، تصميم استبيانات لقياس الاثر، اثر المشاريع علي الأفراد المستفيدين، عادة امشي طارحة الاسئلة ، في احدي الصباحات ممكن ان تسيطر عليّ فكرة ما ، او مصطلح او شعور، كيف يفسره من حولي ، ف اطرح الاسئلة. في وسط اجتماع أسال زميل/ة ايه اللي بيخليكم تصحوا من النوم الصبح؟ ، يمر اسبوع كامل و يسيطر عليّ مثلا سؤال ايه تعريفك للحُب ف اطرحه علي الأصدقاء و الزملاء و عم عبد الستار حارس العقار،و نتبادل اطراف النقاش.
في آخر جلساتنا طرحت سؤالاً عن الجحود ، معني الجحود، قدم كل شخص إجابته و تعريفه، و أجابت صديقة لصديق كانت اول مرة ترانا ، بصوت متردد و مبحوح، "ان ارسل له احساس حزني الشديد تجاه شئ ما في يومي ، ارسل له هذا الاحساس مفصل في سطور عده، و مقاطع صوتية فيها صوتي مبحوح، ف يري رسائلي و يرد بكلمة. كلمة واحدة فقط، ضاحكة " و كأن الكلام بفلوس"
بعد مرور اليوم ، اسرح ف مصطلح "كأني الكلام بفلوس" و أوصل لعقيدة اني البخل الاوقح بالنسبة لي ، هو بخل المشاعر
و اتذكر جدتي تمصمص شفايفها و تردد مثلها المفضل و الشهير "قالتله؛ حبني و خد ريال، قالها؛ المحبة مش بالحيّال"
شكراً للي علمنا ان القلب الخايف، محتاج نسيب اللي ف ايدينا و نجري عليه
و ان الكلام حتي لو ضعيف بيقلل تقل قلوب حبايبنا من ان احنا نسيبهم ياكلهم الآسي
و ضمه الايد بتقلل رعشتها ، و الحُب بيطرد الخوف
و التضامن بيخلينا نبني حيطة سد في وش الاحزان اللي زي الأسلحة رايحة تفرتك قلب صاحبها ، جايز الحيطة متكونش اقوي من الرصاصة بس هتعميها عن الهدف المباشر و تقلل آذاها، او هتخاف تنطلق لان هدفها المباشر تشدّد.
و ان صدق القلوب اهم من الذكاء
و ان قلوبنا حتي لو هّشه تقدر تسند ناس، و ان رجلينا حتي لو مش شايلانا جايز لسة قادرة تجري تشيل تانيين
لا أريد لحبك أن يضيف إلى حياتي أي معنى. لا أريد معاني، لا أرغب في المزيد، المعاني أسلحة، وأنا لا أحد، لأواجه أي أحد، المعاني هتاف، وصوتي حاد ومبحوح، المعاني نواقيس، وأنا أكره أذنيّ، المعاني وقوف، وأنا راغب فقط في التمدد طوال اليوم ع الأريكة التي اشتريناها معا.
اسرح في شئ ما عند اعدادي القهوة، و اخبر صديقتي ان هذة الزرعة "في إشارة اليها " عجيبة جداً، لا راضية تعيش ولا راضية تموت تماماً. تذكرني بحديث عن صديقة مشتركة "الاشياء لا تموت مرة واحدة" ،، تقتنع صديقتنا المشتركة ان عند بداية موت الأشياء نستطيع ان نساعدها ان لا تموت، إذا كانت لديها حبة مقاومة.