Text
التقاطع بين طرقة أيامك والطريق إلى الفراشات
تصحو من قيلولة رمادية ولوهلة تبدو الغرفة مثل بيت وتفكر أن هذا يحدث لأن إيقاع الوردية لم يستقر في جوفك بعد وتفكر أيضا أن هذا الاستقرار سيتأخر بفضل أيام العيد وتفكر أن أمامك الساعات الطويلة من البقاء على هذا السرير والدوران في أنحاء الشقة وتحس بطمأنينة هذا الدوران وأن لا شيء في جدول المساء ولا خوف من التأخر وفجأة تتذكر زميلك في السكن فتوقظه لوردية الليل ويشكرك بلغة العمل الرسمية لأنك لو كنت قد تأخرت قليلا لكان ضيّع اليوم وتعلق أنت في هذه الجملة وتفكر أنه ليس بمقبل على اليوم بل الليل وأن اليوم ضاع بالفعل وتشعر بالحزن على هذه الحياة التي هي حياتك أيضا برمتها لكنك لا تقول له شيئا وتتفحص هاتفك بينما يدور في الشقة يسلق البيض ويصنع طعاما ويجهز حقيبته بينما تخبر الاصدقاء على الشاشة أنك سترخي ستائرك وربما تكتب شيئا مع أن رأسك فارغ بسبب الهزائم اليومية المعتادة من كل شيء غير ملاحظات لا تهم عن مرايا نجيب محفوظ وكتابات هاني درويش والمشطور من أفكار تنكفئ على نفسها وتعتقد أنها غير مهمة لأنها تأتي وتروح ولا تمكث وهكذا يضيع الشهر في الشهر والسنة في السنة وهكذا تعيش في طرقة أيامك وتتصل بصديق على الهاتف ويخبرك أنه في الثلاثيني ويعرض عليك أن تأتي فتقوم وتلبس سروالا قصير وتيشيرت واسع وحذاء أبيض وتخرج إلى محمد على والنهار في آخره كرجل بلا ماضي وعلى عكس ما يحدث في يوم عادي يكون سهلا أن تعبر الطريق أكثر من مرة وفي شارع الشقة القديمة أول شقة سكنتها في بورسعيد تجد الذبائح معلقة بعرض السكة وتضحك في نفسك وتعترف أنك تحمل في قلبك حنينا لهذه الشقة بالذات رغم مساوئها التي لا تحصي وأنها بعكس الشقق الأخرى التي ساحت تفاصيلها وقصصها وأناسها لا زالت كالطفولة مكان تعود إليه كاملا ويعود إليك كاملا بألوانه وصرخاته ولياليه المليئة بالقصص وتتذكر صديقك الذي أنت ذاهب إليه وأنه شاركك أول ما شاركت الغرفة في هذه الشقة وتتصل به فيخبرك أنه غادر الثلاثيني الفارغ كبطون الذبائح المعلقة إلى طرح البحر وتخبره أنك ستمشي إلى طرح البحر ويقول اركب تاكسي فتقول لا وتأخذ امتداد الثلاثيني في مبانٍ تشبه المباني في وسط البلد أو هذا تتهيأ لك وتنعطف في شوارع فارغة وتنظر إلى يمينك مرة فتجد حبيب يلتقط صورة لحبيبه وتنظر إلى يسارك مرة فتجد الشمس تغرب على المسلة العالية في آخره وتسعد لأن تمثال جمال عبد الناصر البطش لا يظهر من هنا وتضحك إذ تجد اسمه وصلاح سالم سابقا على لافتة الشارع الذي تسير فيه ثملا قليلا مفكرا أن مشيًا مثل هذا على فترات قد يفتح قلبك أمام المدينة وتقطع شارع ثلاثة وعشرين وأنت تلعب أغنية تقول أن الأمر يلزم وقتا ويلزم وقتا ويلزم وقتا وأن الأمر يلزم وقتا ويلزم وقتا ويلزم وقتا وتقابل صديقك وتجلسان في بلكون واطئ لكافيه أغانيه همسات زائريه وتتحدثان ��كالعادة تنقر موضوعا من الشرق على موضوع من الغرب وتعتذر لأن الأفكار في رأسك ليست بهذا الوضوح فيضحك ويقول أنها لم تكن أبدا ويقوم صديقك ويأتي بضربتي الاسبرسو ويشرب ويقول إنها سيئة لكنك تخبره أنك رغم الحر سعيد بالجلوس في هذا البلكون القريب من البحر وعلى غير عادتك تفتح قلبك وتحدثه عن المساحات الشخصية وعن احتلالها دائم الحدوث وعن الاستحقاقية النجسة التي ينتعها أولاد الكلب لتبرير احتلالات لا تنتهي لك وله ولجميعنا وعن المقاومة التي تجعلك وترا مشدودا وتنفعل أنك لا تريد معاناة ولا ألم ولا أي حاجة وتسأله فجأة إن كان يعرف شعور أن يكون الواحد مكسوف من وجوده في الدنيا وتخبره أنك لوقت طويل كنت هكذا تخاف أن تخدش بظهورك طلاء الحياة ووجه الآخر وتعتذر أن الأفكار في رأسك ليست بهذا الوضوح فيضحك لكنه لا يقول شيئا وتقومان وتتمشيان قليلا ويشاور صديقك إلى تاكسي فيتوقف لكن السائق يرفضه لصالح ركاب آخرين ثم يرفض الركاب الآخرين لبعد المسافة ويعود لصديقك فيرفضه ويشاور لتاكسي آخر فيركب في المقعد الأمامي ويودعك إلى الغد وتتمشى قليلا سارحا ويتروشن عليك عيال صغار بسبب سرحانك ولا تغضب ولا تفكر في ما قلته على الكافيه بخصوص المساحات وتقطع الشوارع المظلمة وتعود لجمال عبد الناصر صلاح سالم سابقا ومبانيه بواجهاتها المهدمة وفي الظلام يوقفك صغار آخرون وتظن أنهم يسخرون في البداية لكنك تدقق وتجد أنهم بشكل غريب يشبهونك وأصحابك في أيام العيد في صغرك ويتحدثون بطريقة مكسوفة مشابهة لطريقتك فتطلب أن يعيدوا كلامهم الطالع كحضن فيسألونك بلهجتهم عن الطريق إلى الجراچات فتسمعه الطريق إلى الفراشات وهكذا تشرح لهم بالضبط الطريق إلى الفراشات وبينما يرحلون تقول كل سنة وأنتم طيبين يا ولاد افرحوا فيجيبوك بعد استغراب خجل وأنت طيب وتمشي بنصف ابتسامة وتفكر أنه إن كانت لك أمنية واحدة في هذه اللحظة إن كانت لك أمنية واحدة في حياتك كلها فستكون أن يجد هؤلاء الأولاد الفرحة كاملة غير منقوصة ولا مكسوفة حين يصلون إلى الفراشات
12 notes
·
View notes
Text
محمد علي آخر الليل
بينما تنتظر أمام مدخل العمارة المغلق ليفتح لك الباب عائد متأخر أو متسلل ليلي إلى جوف المدينة وتتساءل وأنت تقترب من السنة ساكنا في هذه العمارة لماذا لم تطلب من الحارس كما طلب شركاؤك في الشقة مفتاحا للبوابة التي تُفتح بموعد وتغلق بموعد ولا تجد جوابا مقنعا غير أنك لا تحب عامة أن تتخذ خطوات تبتعد بك عن الوضع المؤقت وأنت تعلم أن هذا لا يعني شيئا لكنك تفعله بكل حال وأنت تتعب وتنقل كل أغراضك سفرا جنوبا كل أسبوعين ولا تترك منك أي شيء في الغرفة تظن أنك لو فعلت تقبل أنك تغلق الباب في وجه الرحيل وتحاول أن تبعد عن رأسك أنك طالما فعلت ذلك ولكن لمّا كانت تأتي ساعة الرحيل فعلا تركت مذعورا الكثير منك مكدسا في الدواليب وفي خزانات المطابخ وعلى الجدران وفي الأدراج وأنت جئت من مسافة طويلة تاركا خلفك أصدقاء أرادوا أن تطيل معهم اللعب وتبيت وطمأنوك بأن ثمة سرير فارغ وكلام لا ينتهي لكنك اعتذرت متحججا بعثرة ليست هناك أو هي هناك لكنها غير فارقة وهم صدقوك لأنهم رأوا في عينيك أنك تريد الوحدة وعابرا شارع محمد على بأطيافه النائمة وبأشباح الفواعلية ومعاولهم المربوطة تشبه أرجلا مضمدة والبنايات بأطراف طويلة ككلاب باسطة الأذرع تحتضن المجاذيب والمشردين القادمين من أماكن بعيدة تثق فيهم قطط المدينة أكثر من أي أحد آخر ثم وأنت تتركهم وتنعطف إلى شارع النصر فكرت أنه لا ضير في إطالة الليل والبيّات عند الأصدقاء وأن الوردية التي تستيقظ لها في الخامسة والنصف صباحا ستسير على ما يرام سواء نمت الليل كله أو نمت ساعة واحدة وأن البوابة بحسب مواعيدها ستكون مغلقة فلا يهم أن تسرع في العودة وأن الوحدة معك أصلا تغبش عينيك طيلة الوقت ولا تترك لك فرصة أن ترى يد الآخر ومع ذلك وأنت تنعطف داعبك الأمل أن تكون البوابة مفتوحة وأن تصعد وتنام هكذا بملابسك غير نادم على الخروج إلى الليل وغير مشتاق إلى الذي كنت تفعله كل ليلة وأنت ترفض دعوات الأصدقاء وتقرأ بعد اثنتي عشرة ساعة عمل في كتاب تنساه بمجرد انتهائك منه أو تقف في البلكونة العالية السور لساعة أو أقل تفكر لماذا جعلوا السور عاليا إلى هذه الدرجة وربما في هذه اللحظة أمام البوّابة خمنت أخيرا إجابة ترضيك بينما تهادى على الرصيف رجل في منتصف العمر بسيجارة بين شفتيه يفتح البوابة وتنسل وراءه ويسألك في المصعد عن دورك وتقول الثامن ويتركك هو في دور أدنى ويقول سلام عليكم وبينما تعبث بحثا في جيوبك عن مفتاح شقتك وتمسح أقدامك على عتبتها تفكر أنه كان يمكنك أن تخرج إلى محمد على مرة أخرى وتعود إلى أصدقائك في الشقة والسرير الفارغ وأنه كان يمكنك أن تتصل بالحارس أو تتصل بشريكك في الشقة وتوقظه ليفتح لك لكنك فضلت أن تقف وتنتظر غريبا لا تعرفه ولا تعرف متى سيأتي لكنك تؤمن إيمانا تاما أنه سيأتي سيأتي أجل سيأتي
11 notes
·
View notes
Text
سألتني مرة عن اعتذاراتي الباهتة كحلت بها عيني كل صباح، ربما قلت: لأنه أن توجد في العالم يعني التوقف أمام وردة أو عثرة طفل صغير، أو أمام ابتسامتك، وهذه الأخيرة بالتحديد ما كنت أقصد، يفضحني عري عاديتي، أو ربما لأني كنت أحدس النهاية من الأبد، سكتُ، كما أفعل الآن، وضل الطريق ما كنت أقصد.
أكاد أراك تسخرين من استهلاكي لكلمات مثل البحر، والعالم، والشعر، أقول النصل الذي كحت وجه البراءة، الذي لا يمكن أن يكون سوى وجهك، مر عميقا في قلبي أولا، وأسمعك تقولين: ما الفارق؟ أجل، ما الفارق؟
6 notes
·
View notes
Text
أبي الذي أصلح حقيبة سفري ولم يخبرني
فهمت مُبكرا أن الرب حين خلقنا في العائلة خلقنا بنّائين، بأكتاف معضّلة تلائم حطة القصعة ورقاب تميل لصفوف الطوب الأحمر، أقدامنا لحيمة وثابتة ووجوهنا الصابحة عفرتها الأحلام، أحببنا المساحات الفارغة كما أحببنا الصفحات البيضاء وحلينا مجالس قهوتنا بتخيّل بدايات جديدة.
لحكمته لم يضع فينّا ملكة الإصلاح، أمطرنا جدّي بالأعمام كي يمحو عضة ابن ضال، وفشل أخي في اختبارات الهندسة لأنه كان، لخطأ بسيط، يهد المسألة كلها، أمي أمضت شبابها تلف بإصبعها شريط الكاسيت وتدعو على الغراب الذي خرّب عليها الأغنية، وأبي على المعاش صادقَ الصنايعية صداقة حقيقية، أفطروا كل يوم أمام البيت وانتظروا انهياره، حتى أنا وأنا أكتُب هذا الكلام، أقول لك أن الواحد منّا كان يترك العثرة الصغيرة كحصاة تلتهم اليوم في انتظار الغد وحياته كلها في انتظار آخرة، ليتحرر ويبدأ، بطريقة ما، من جديد، حتى أنا، كنت أتكعبل في حرف غافٍ فأمزق بعنف الصفحة كلها.
إنه إرثنا لمن نتركه، يحدث أحيانا أن نتمرد عليه ونقدم القرابين لنصبح آخرا، نصلح يوما، بمجهود خرافي يليق بأبطال الملاحم، عجلات حقائبنا ليسهل جرّها في الطريق الوعر وفي اليوم التالي ننسى فنحملها على أكتافنا.
19 notes
·
View notes
Text
"فاكر أول ما جئنا إلى الشغل، وفي تثاؤبات الصباح الباكر، بينما كنت أحاول إيجاد طريقة للجلوس على كرسي جنب الشباك في الباص كي أرى البحر، كان كارلو يعيش لحظته الحميمية في العمل. أخبرني أنه بينما تتوالى علينا المش��هد من النوافذ، نحن الشغالين في ملابسنا الموحّدة الأقرب لمنامات لم تغادر الحلم بعد، نقول بنعاس جبّار صباح الخير يا ريّس، صباح الخير يا هندسة، ونفسح الأماكن لبعضنا دون إرادة. تتداخل حيواتنا التي تطوف فوق رؤوسنا بإدريسية بريئة، ضحكنا واحد وخازوقنا واحد، والطمأنينة غير المبررة؟ ما غيرها الذي يفتح باب النوم لنا جميعا، حتى لكارلو، الذي انتقل أرقه، لتشارُكنا السكن، إلى عينيّ. كارلو، الذي قلّبته الليالي كالشاورما على السيخ دون نوم، كان يلعب أغنية طلع الصباح في سماعاته أون ريبيت وعلى ضربات الشيخ إمام على العود، ينام ولا يصحو إلا عند البوابة. وأنا أيضا؛ فشلت محاولاتي الحثيثة في جوار البحر، ووخزتني المباني المهدمة ودمامل المدينة على الناحية الأخرى من الطريق، أنا أيضا كنت أنام.
هذه، هذه كانت لحظتنا الحميمة في العمل. ولم تستمر سوى أيام، مخلفةً وراءها ذكرى ساذجة. لم نعرف سبب رحيلها، وسيمر وقت لا بأس به قبل أن نصل إلى هذا السبب سوية: أنا عن طريق فقرة عن الأحلام قرأتها في كتاب بحجم راحة يدي، وكارلو عن طريق الحدس العفي. إنه الجوع يا صاحبي. بمجرد أن ندفس الطعام في أفواهنا ينتهي كل شيء، الجوووووع، قال كارلو، افتكر دايما الجسد يعرف أكتر منك، الجسد يقول لك اللي انت عاوز تعرفه. هكذا، حافظنا على ثلاجتنا الصغيرة ممتلئة ببسكويت الدقيق والشوفان، نزدرده كالسحالي في طريقنا إلى الباص، لأنه، مهما حدث، علينا ألا نقع في الفخ، علينا ألا ننضم إلى أخوية الضنك هذه، التي، مثلها مثل أي أخوية ضنك أخرى عدّينا منها، تحوّل أقذر حمامات المدينة إلى مجال للحنين الجاف والمنيكة الفارغة. كنّا منفصلين عنهم، في هذه اللحظة في الكافيتريا، قبل أي شيء، بحكم المعدة."
كارلو أو مدخل إلى آخر أيام العمل، موجود على مجلة فم.
5 notes
·
View notes
Text
ربما السبب في دراماتيكيتي الفاقعة هو أني وُلِدت وأخفتني أمي عن العالم؛ إذا مد أصابعه بالزائرين خبأت وجهي تحت طرحتها، وإذا خرجت هي إلى الشارع لفتني في خمارها. أخبرتني أنها دائمًا كانت تغني لي، ولما مرضت، وضعت لمبة جوار السرير لأيام لم تُطفَأ. وما زالت تتذكر كيف كان الولد يخاف الظلمة. كانت تتحين انقطاع الكهرباء لتقول: «فاكر؟ لو رجعنا بالزمن كان زمانك بتجري على الكشَّاف.» أو تستند بكوعيها إلى طاولة المطبخ وتشير إلى النافذة المفتوحة: «فاكر قُعادك في الشبَّاك في البرد مستني الصبح يطلع والضلمة تروح؟ فاكر قلة نومنا وراحتنا طول الليل؟» ومهما أوضحت لها أن الذي كنت أخافه حقًّا هو العمى، أن أفتح عينيَّ فلا أجد شيئًا، تفاجأتْ، مثلما تتفاجأ أني لا أحب طبق الفاصولياء من يدها. وذكَّرتني ضاحكة أني مرة كدت أحرق البيت بعلبة الثقاب فزعًا أبحث عن النور، ما يثبت وجهة نظرها، وأيضًا وجهة نظري.
3 notes
·
View notes
Text
بيت الولد موجود دلوقتي على أبجد، قراءة ممتعة يا أصحاب.
15 notes
·
View notes
Text
عزيزتي ياسمين،
أكتب إليك من نهاية أسبوع. نهاية أسبوع استمرت ثلاث سنوات، أراها تتكسر على مصدّات أيام العمل، حتى قبل أن أضع قدمي في الماء. ليس عندي كثير من الكلام، بخصوص هذا أو غيره، وإن يبدو عكس ذلك، فإني أعد الجميع أن أصلح وجهي، حتى يظهر غفلًا من الخطيئة، ويتماهى بسهولة مع ورق الحائط.
كم شيئًا حقًا مر من الأشياء التي قلتِ أنها ستمر؟ في يدي ساعة تحمل رقمين فقط (9-5)، وفي رأسي خطاب بكاوسكي الذي يلعن فيه عبودية إنسان العصر الحديث، لماذا حفظته عن ظهر قلب؟ لماذا يأبى النسيان أن يقبله كهدية، فلا يفلت منه سطر رغما عنّي، يطفو في الأرجاء ويسبب لي تعاسة صغيرة، تزوم في أوقات الراحة؟
أتعرفين ما الذي ينبغي علينا جميعًا أن نفعله بعد أشياء ��ثيرة جدًا علينا جميعًا أن نفعلها؟ ربما إن تشاركنا في كتابة هايكو استراحة منتصف اليوم، بينما نأكل سلطة التونة ونشرب بيبسي دايت، بينما نتابع الإشعارات في الهواتف بحثا عن تحديثات للحياة في الخارج ومشاعر سريعة معلبة، وبينما ننعس أمام كاميرات في غرف للمرء وحده لكن ينقصها شعار المؤسسة، أجل علينا أن نكتب شيئًا ولو حتى كلمة آه، نلصقها على صناديق الغداء وقارورات المياه النصف ممتلئة، على أبواب الحمامات التي لم يوقّع عليها المشرفون وفوق سطح المكتب المنتدب في المنزل، ربما إن فعلنا هذا قد تستطيع أشباحنا، التي نتركها وراءنا حين نغادر، أن تتحرر في حياتها الأخرى.
ليس هذا كرم المهزومين، الذين خسروا في آخر شوط متكافيء ثم صفقوا للعبة الحلوة. اللعبة أبدًا لم تكن حلوة، وهذا الذي يظهر عليّ إنما هي دهشة المبتديء، الذي لم يعتقد قط، ولو في أعتى تخيلاته جموحًا، أن يظل واقفًا على قدميه طيلة هذا الوقت، لكن هذا ما حدث، ولن أدع أحدًا ينتزع هذه الدهشة مني، لربما في وقت لاحق أدبر عصيانًا تكون هي وقوده.
العودة إلى المربع رقم واحد تفرض خلطًا يستدعي التوضيح بين المسافة والإزاحة، أن تصدّق في لا-شيء الآخر الذي هو الرحلة وأن تنكر الرحلة التي هي لا-شيء الآخر، أن نقبل حقيقة أننا تكلمنا كثيرًا عن القصص دون أن نخلق واحدة، وننسى أننا، بينما لم نخلق أيًا مما تكلمنا عنه، خلقنا قصصًا أخرى، استحقت بدورها كل الوقت والجهد. وكانت كل شيء. هذا هو المؤلم في الأمر.
لا أقصد الزرقة، غير أن الأشياء تحدث.
ملاحظة: أفتقد الأحلام، لكن هناك فرصة أن أحظى بالقليل، فقبل كل شيء، أكتب إليك من نهاية أسبوع.
مالك.
28 notes
·
View notes
Text
يقلقني كثيرا
أنك مغرمة
بمد إصبعك في الجرح الذي
يحمل ذقني
وتخيّل ليل عاتم
وموقعة زاردة
وحكاية
يدفعك أني مولع
بالفؤوس الصغيرة
والشتائم المركبة
وأني غاضب طوال الوقت
وأبقي الثأر على مقربة
الأولى أن تعرفين
أن انتفاضاتي في الليل إرث عائلي
وأن الخنجر تحت الوسادة
ليس للّصوص وليس للبوليس
لكن أحفظه للمرايا في أحلامي
وأن سيزيف
هذا الذي نزل البلد
ليشرب الشاي مع فلاحي الغيطان
لم يترك للأسطورة ولو ثقل قدميه
بل تعثر في حصاة جافة
ولم يلحقه الطبيب المناوب.
9 notes
·
View notes
Text
والرياح حنينة
سأبني بيتا بأكمام قصيرة
ونوافذ عوضا عن الطفولة
تطل على حيوانات غروبي
وسوف أحرص أن جميعها
تعرف الرقص على قدم واحدة
/
سأرسم حفرة في قلبي وأسميها سرة العالم
وبينما أقذف فيها أثاث الجيران
سوف أهدي الجنة في أول طبعة لها
إلى أصدقاء البرنامج الصغار في المنزل
يشاهدون المطر في جوف الميكرو-ويف
جرس الأبدية ضحكات مسجلة
تقزّمه الأصابع المعقودة بالأماني
(واحد)
أصدقاء يلعبون بنك الحظ
(اثنان)
ساعات لا نهائية من الأتاري
أو فقط ألا يُضربوا في يوم عيد
كيلا يخرجوا للقلق بأعين سوداء
وكذب أبيض
/
والرياح حنينة
سأفكر في طريقة أخرى للتصرّف في حبسة البرد
أعلق قمصاني أمام النوافذ
وأترك أولئك الذين يتسوّلون الحب
يلقون بقطعهم المعدنية في سرتي،
ثم أرشدهم إلى شارع آخر
تفوح في أرجائه رائحة البسكويت
ولم أفكر فيه بعد
/
بقدم معلقة في الهواء
يصعب أن ألوّح وداعا أو أن أكحت الأرض شغفا
لكني أحرث رأسي بمعول محايد للحديقة الآتية،
أحرث رأسي بمعول محايد للحديقة الآتية.
8 notes
·
View notes
Text
those who tried and were killed for trying
those who died young, angry or old, and never saw the dawn
innocents and children and the tiny bodies that laughed and will remain asleep forever
and never saw the beauty of the dawn
6 notes
·
View notes
Text
حفلة وداع
كانت الليلة الأخيرة في حضن المتسكعين الواسع، الليلة الأخيرة في حياة قصيرة بعيدا عن دفتر الحضور، الليلة الأخيرة قبل ارتداء الزي الموحد والاستيقاظ مبكرا، قبل الذهاب إلى العمل. حاولت الوصول بهيامي عن الخط المستقيم إلى أبعد نقطة، و��لدهشة من نصيبي، إلى اليوم، كيف استطعت أن أطيل تجوالي ليبلع تلك الأيام المعدودة واللا نهائية، التي لن أجرح لوحتها بمحاولة فاشلة لتفسيرها (حدثت لأنها حدثت). الثانية صباحا، السادسة والنصف أغادر، ينبغي علي النوم، لكنّي، وبحقيبة لم تُهيأ، خرجت لأجري. ثلاثة عشر كيلومتر، أربعة عشر كيلومتر، أقمت حساباتي على خمسة، وما لحق كان تقليب صفحات في كتاب رائع، صفحة واحدة وأنام، كيلومتر واحد وأتوقف، لفة كمان وأتمدد على العشب، لكني كنت أجري. الكيلومترات الأخيرة هي ما أتذكر بالتحديد، الكشافات أُطفئت في مركز الشباب، وأضيء المسار بالجهود الذاتية للمصابيح والأفرع الطويلة المدلاة من البلكونات المطلة على الملعب الكبير، كنت وحدي تحت هذا الضوء الأزرق وشلة من الأولاد يدخنون في ركن مظلم، الحارس وارب الباب الحديدي وقال براحتك، جريت بأقصى سرعتي، طرفا قدمي بالكاد لمسا العشب، والهواء كان يلعق وجهي في خفة، رأسي فارغ كأني في نهاية جلسة تأمل طويلة، وبدا لي أني لن أتعب قط وسأظل أجري هكذا، كنت حاضرا بالكامل في اللحظة، أبتسم كأكبر أبله في القرية، وأغرس الذكرى كاملة في لحم نسياني. تحت ركام الحيل والضلالات التي نبلعها لكي نقبل، التبريرات المفصلة لقلة الحيلة والرضا المسلوق، الوهم بأنه لن يتغير شيء في التجربة، ينام العقل عن ملاحظة التغير في حينه، هكذا تخمد معركته قبل أن تقوم تحت أُطر وبراويز، أنيابه تنهش بأثر رجعي فتفقد تأثيرها، تنعس المجهود فيما تهم بالقيام، بينما الجسد يحدس صحيحا، ألمه ظاهر للعيان كبلطة، أول ما يعترف بالسقوط، أول ما ينعق بالتغيير ويزعق بالتمرد، أول ما يصرخ بالانحدار وضآلة المحط. هكذا كان الجري هناك حفلة وداع لم تنتهي إلى الآن لعالم عريض، وكلما نظرت إلى الخلف أجد أنني لا زلت أجري.
29 notes
·
View notes
Text
الثالث عشر من ديسمبر وحماقات أقدم
لا زلتُ أحلم بالصعود إلى جبل وليتغيّر فيّ شيء بالأعالي. ومهما يكن هذا الشيء –ربما يقع جدار (لا يخفي كنزا) تركه أبي غير مكتمل، أو هي الرياح تفرغ جيوبي من تمائم كدستها أمي، هذه يدي قد تصير جسرا من الخشب لخرافات أروع أو أخيرا يخفت خفقان مائدة صغيرة، أراحت ياسمين رأسها عليها بينما ننتظر العيش المقدس، في مطعم الأبدية الحذرة لمنتصف الليل،
ربما يكون أفضل لو لم يمّر ببالي، لكن أعرفه حين أراه، ولما أنزل لا أخبر به أحدا أبدا.
لو وجد جبل مثل هذا ليقع في أقصى نقطة ممكنة؛ يطلع الواحد من القبو كثيرا لكنه لا يصعد الجبل غير مرة، بحمولة غائمة وتطلعات ثقيلة،
صادقا أقول ليس عندي شيء واضح، كنت هنا مثلكم ولم أبحث عن أشياء ذات قيمة،
ما وجدته كان يفرش روحي للمساء ولم أعوّل كثيرا على الرحلة،
لسنوات أصعد إلى سطح البيت آخر النهار، ألتقط من عُب الأمل البعيد كسرات العيش الساكت وأنزل أحلم بالصعود إلى جبل.
لأجل هذا يا رب عندما تنقلب حياتي بلا رجعة، امنحني بسطة الجهلاء ولا تجعل لي من الوقت متسع لأحكي للناس كم تغيرت.
14 notes
·
View notes
Text

Javier Mayoral, Spanish-American, 1961
Bon dia, Kind of blue, 2022
Oil painting
244 notes
·
View notes
Text
لا يوجد من يستحق الشفقة أكثر من حراس الأبواب
مساكين لا يذوقون طعم النوم، الليل بطوله خبط ورزع
وأوامر كي يبقى ورثتهم على بعد مناسب
كل هذا الجلبة من أجل أرض مفتّحة الجهات
وحقيبة العالم قد عبرت من فم الحلم غير مسوّرة
لندع الحمقى يبنون عذرية خيالهم كما يحبّون
بينما ندخل مراعي الرب الرائعة نغني الفرح الذي لنا بالميلاد.
12 notes
·
View notes
Text
ليس عدلا أن يبدو أولئك العالقون في لحظة ما في الزمن واحدا أمام أعيننا، وأن يكون نصيبهم منا الحكم نفسه، ليس إنصافا على الإطلاق أن يوضع في الكفة نفسها من يحاول الهرب من اللحظة مع هذا الذي يترك نفسه تنسحق تحت ثقلها، أن يتساوى من يريد أن يتخطى مع الذي لا يرغب في المغادرة؛ فقط لأن كليهما، في سعيهما إلى الدفاع، الواحد بطريقته، عن ما يهم حقا، يبدآن من المكان نفسه: مسرح الجريمة، ويستخدمان التكنيك نفسه: العودة، مرة بعد مرة وحكي ما جري.
كلاهما ينطلق في تكراره من فشل الحكاية الكاملة، لكن واحدا فقط لديه فرصة عرض أخير بينما الآخر ملازم للبروڨات. كلاهما خبير بالطرق على الأبواب، من في الداخل يطرق على جلده لا يدري ماذا ينتظره وآخر بالخارج دون مرآة يعرف حتى أطباق مائدة الطعام. كلاهما فنان جلس وقرر أن يرسم المنظر نفسه، والذي يبحث منهما عن شيء فاته في وقتها هو وحده لا يهتم أن يكون عمله معلّقا. كلاهما يؤمن بكبر حيطان اللحظة العالية لكن واحدا فقط يحاول تهشيمها بإزميل كي تصير مثل غيرها. كلاهما سجين، يجب أن أقول أخيرا، سواء بصورة شخصية أو تاريخية، لكن أحدهما مؤقت، والآخر أبدي.
22 notes
·
View notes