يا ســاحـةَ الــبيـتِ الـحــرامِ تألـقـي
فالكــلُ فـيــكِ مــن الغــرامِ متــــيمُ
الـطهــرُ عمَّــكِ والـقـلـوبُ تـألفــت
والنــورُ ظــلَّـكِ فالــضيـاءُ مُخــيِّـمُ
يا ســاحــة البـيــت الـحـرام وإننــا
مـن فَـرطِ أشـواق الـقـلـوب نُتــمتمُ
وإليــك مـن أقصـا القلــوب تحـيــةً
عن حَـمـلهـا يبـقى اللـســان مُلَـعثـمُ
يا ســاحة البيـت الحــرام ألـم تـري
ما خـاطـهُ فــينـا الـصباحُ المـظلمُ؟!
فهناك أختك في المشــارق تشتكـي
فالـقـــدس يُغرقـهـا ويَـخـنـقها الـدمُ
وهناك أختك في المشارق تُزدرى
وهناك أختك في المشـارق تُـظـلـمُ
يا ســاحـة الـبـيـت الحـرام تـكـلمـي
هل غاب عن قدس العروبة ضَيغمُ؟
فــبــلالُ أذَّنَ هَـــا هُــنــا وتــكــلمـت
أرجـــاء مـكــة فــالـنـــداء مُـعـظّــمُ
وهنــاك فـي أرض المـُبارك صرخةٌ
وحـــروف أصـداء الــنـــداء تُـهَـدّمُ
يا نـــاعــي المــوتـى وسكـان الثرى
أقـبــل فــــمـلـيـارُ الــرســالـة نُـيَّــمُ
أرســل عـزائـك فـي البـلاد مُـنـاديـاً
أين الرجـال فكــل قومى استسلموا؟
يا ســاحة البيـت الـحرام استصرخي
فــالـقـدس أخـتــــك والكـتـاب مُـعلـِمُ
فـي أول الإســراء قـصــةُ غـــايـــةٍ
كـبــرى تُــرى لــهـــا مــن يــفـهـمُ
يـا كــل أبـنـاء الـعـــروبـــة إنــنــي
وجــعٌ يُـمــزق مُـهـجـتي ويُـحـطـمُ
يــا كــل أبــنــاء الــديانــةِ أيـــنـكــم
هـل صار صوت الـدين بَعدُ مُكممُ؟!
مــاذا تــبــقـي مـن شـــهــامــةِ أمــةٍ
هل زاغت الأبصار أم ذهـب الـدمُ؟!
القــدس شـريـان الشـهـادة والـتــقـى
والــقـدس تـدعـوكـم : إلـيَّ تــقدمـوا
مـن بــالـفـعـال يـَخــطُّ فـجــراً نـيراً
لا بـالـسلام فقد غـوى مـن سـالمـوا
هي سـاعـة للـحـق يـرجـع بـعـدهــا
للـحـق رونـقــه . . . وحـقـي قــادمُ
9 notes
·
View notes
اصرخ بكل المسلمين يا قدسنا أين البطولة
أرسل بطاقات التعازي في العروبة و الرجولة
وانشد صلاح الدين و الجند في حطين
لا تبتغي منا الحماية قد أصابتنا الكهولة
زيدي على أسماعنا الصراخ و البكاء
وحدثي عن صرخة بكماء للنساء
ولا تمني نصرة فخيلنا غثاء
يا قدسنا كم بكى من جُرحكِ الألمُ
والصمت فينا اشتكى وحراكنا العدمُ
كم من قباب ٍ في المساجد تستغيث و تستجير
تبكي على ذل المآذن في ربى الأقصى الأسير
تبكي على نهر المجاز هادرًا أين النصير
ابكي دموع العين سيلي واستنقذي مسرى الرسول ِ
فالقدس تؤذن بالأفولِ ورجال أمتنا نيام
زيدي مع الآلام زيدي فلقد ألفنا الذل زيدي
بعنا الكرامة كالعبيد والمسجد الأقصى يُضام
يا قدس لا تستنقذينا فلقد ألفنا الذل فينا
والقهر نركبه سفينا ونسير في بحر النيام
كم جاءنا عبر الأثير أن اليهود بلا ضمير
ذبحوا الشيوخ مع الصغير واللاجئون بلا خيام
أيناك يا حمرة الخجل أيناك يا دمعة المقل؟
المسلمون مشردون من كل أرض يطردون
وكم انتظرنا في طوابير الزحام
من أجل كسرات و من أجل الخيام
يا ألف مليون أصابهم السكون
أعداءكم يتجبرون وتحركت بسلاحهم لغة الجنون
ورجالكم يتفرجون وأكاد من هول الدمار
أظنني بين الظنون
قولوا بربكم أفي شريانكم بعض الدماء
أم أنه ثلج و ماء
ما قام منكم واحد يحمي النساء
أو ينقذ الأطفال من جوع و من برد العراء
كم تشجبون! تستنكرون! وتضحكون و تمرحون
وتكتفون برفع أيديكم لإشهاد السماء
أوتلك نصرتكم لنا ونصيبكم من ديننا
بئس الإخاء
اما أنا لا أشتري ذل السلام
ما زلت أرفع هامتي بين الأنام
صوموا كما شئتم عن الفعل السديد
أو فامضغوا شهداءنا في كل عيد
قررت أن أحي الجهاد و أنتمي لابن الوليد
أوبريت العودة
3 notes
·
View notes
سألوني أتعشقها.. قلت بجنون.. قالوا أجميلة هي.. قلت أكثر مما تتصوّرون.. قالوا أين هي.. قلت في القلب و بين الجفون.. قالوا ما اسمها.. قلت: أمي فلسطين.. و من سواها تستحق أن تكون.
إطلالة على أرض فلسطين
تتبادر إلى الذهن أسئلة كثيرة، منها: متى كانت قضية فلسطين قضية شعب بعينه، أليست فلسطين ملكاً للعرب و المسلمين!؟ و لماذا و على الجانب الآخر و في أقصى الدنيا تخرج أصوات المنددين بالاعتداءات على الفلسطينيين و المؤيدين لقضية الأمة الإسلامية؟!.
كتب المفكر المغربي و عالم المستقبليات المهدي المنجرة رحمه الله مقالة حول محورية القضية الفلسطينية عند المغاربة قائلا: “فباعتباري مغربيا و عربيا و مسلما و إفريقيا، بل باعتباري فقط كائنا إنسانيا، لن أعتبر نفسي أبدا حرا ما دامت فلسطين محتلة، و ما دام هؤلاء الناس لم يسترجعوا كرامتهم” .
نعم إن فلسطين في قلوب المسلمين، تضخ دماء العروبة و الإسلام في عروقهم، و تجدد في أراوحهم حنينا خفيا إلى القدس و المسجد الأقصى الذي بارك الله تعالى حوله!
و بسبب ذلك فهي قضية المسلمين من دكار إلى جاكرتا، في الأمس و اليوم و غذا... إلى أن يرث الله سبحانه الأرض و من عليها.
و في خضم الأيام القليلة الماضية التي عشنا فيها أحداث فلسطين؛ قدم مرابطو القدس و حي الشيخ جراح و من ورائهم مقاومو غزة العزة ومنتفضو الداخل الفلسطيني، دروسا عظيمة و بليغة لكل مسلم غيور تنتفض نفسه لتطل على أرض فلسطين و تقترب أكثر من ملحمة: تحرير الأمة من ربقة الفساد و الاحتلال (ليكون الدين كله لله).
فال الله تعالى: { وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَ كَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء:104]، و لقد رأينا المقاومين الفلسطينيين و لسان حالهم يقول: ليس قدرنا أن نتألم لوحدنا، و لكن "قتلانا في الجنة، و قتلاهم في النار"، و مهما شعرنا بآلام المقاومة فإن وراءها نصر من الله أو شهادة في سبيله، قال تعالى: { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [آل عمران:139].
و في أجواء المقاومة المباركة!
وجدنا الأم التي تحمد الله على شهادة أولادها في غزة.
و وجدنا الشيخ الذي يصرخ في وجه قوات الشرطة على أسوار القدس.
و وجدنا الغني الذي فقد كل ماله في هجوم الصهاينة على برجه السكني في غزة فيحمد الله و يسترجع.
و سمعنا الطفلة التي تقول "لن نخضع لأعدائنا حتى لو قتلونا".
بل وجدنا العائلات التي تقف مع أبنائها في اللد و الرملة و صفد وأم الفحم.
ألا تذكرنا ��ذه الصور الرائعة من الجهاد بالتاريخ الإسلامي التليد حيث التحم الإيمان الراسخ و الجهاد الصادق في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل و نصرة الدين القيم؟!.
من الوحدة إلى التشرذم
لقد وحد الإسلام الأمة الإسلامية على خمسة روابط، توحدها و تؤلف بينها و هي العقيدة و الشريعة و الحضارة و الأمة و دار الإسلام.
و عندما كانت وحدة الأمة الإسلامية هي الحاضنة التي جمعت شعوبها و قومياتها و أجناسها و أقطارها، كانت وحدتها جسدا واحدا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى، و كانت صيحة "و إسلاماه!" تجد الاستجابة من أقصى ديار أمة الإسلام.
و في ظل تلك الوحدة الإسلامية فتح المسلمون في ثمانين عاما أكثر مما فتح الرومان في ثمانية قرون، و قهر المسلمون أشرس الغزاة و أخطر التحديات من الصليبيين الذين شنوا حربا عالمية غربية على الإسلام و المسلمين، دامت قرنين من الزمان (489-690 ه) (1096-1291 م)، و التتار الذين كسر المسلمون شوكتهم ثم هداهم الإسلام فأصبحوا قوة ضاربة مدافعة عن ديار المسلمين.
و مع هذه الانتصارات و الفتوحات التي تحققت بوحدة المسلمين، مثل المسلمون في هذه الحضارة العالم الأول على ظهر الأرض لأكثر من عشرة قرون، بينما كان الغرب يغط في سبات الجهالة و الظلام.
فلما جاءت الغزوة الاستعمارية الأروبية الحديثة، التي بدأت بسقوط غرناطة في الأندلس (897ه/1492م،) و الالتفاف حول دار الإسلام، ثم ضرب القلب الإسلامي بحملة بونابرت (1213ه/1798م) و التهام أقاليمه تباعا، إلى ضربة إسقاط الخلافة العثمانية (1342ه/1924م)، فأحل الغزو الغربي التشرذم الوطني و القومي و القطري محل رابطة أمة الإسلام، و اشتغل كل شعب و كل قطر بتحرره الوطني عن قضايا غيره من شعوب أمة الإسلام.
و لتكريس و تأبيد هذا التشرذم القطري، و لإعاقة أية محاولة لنهضة تعيد الحياة و التكامل لجسد أمة الإسلام، قام الاستعمار الغربي بخلق الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، سرطانا غريبا ليقطع كل تفكير في وحدة أرض أمة الإسلام، و يهدد كل مشاريع النهضة و الوحدة للعرب و المسلمين (د. محمد محمد صالح - حقائق و ثوابت في القضية الفلسطينية).
فلسطين من بلفور إلى ترامب
إحتلت بريطانيا فلسطلين ستة 1917، و بعد انتهاء الانتداب البريطاني، في سنة 1948، إحتل الكيان الصهيوني فلسطين تنفيذا لوعد بلفور، ثم أصبحت القضية الفلسطينية عنوانا رئيسيا لدى الفكر القومي العربي في جميع الدول العربية، و كان مادة أساسية في دعاوي الانقلابات جميعها التي جاءت إلى الحكم بدءا من انقلاب جمال عبد الناصر عام 1952، ثم انقلاب عبد الله السلال في اليمن عام 1962، ثم انقلاب البعث في العراق و سوريا عام 1963، ثم انقلاب معمر القذافي في ليبيا عام 1969، ثم انقلاب جعفر النميري في السودان عام 1969 إلخ...
و عندما واجهت القضية الفلسطينية أطماع اليهود الصهاينة في تحويل "نبع الدان" و هو النبع الرئيسي الذي يزود نهر الأردن بأغلب مياهه منه عام 1963، و تبلورت تلك الأطماع بتحويل "نبع الدان" قبل أن يصب في نهر الأردن بأنابيب إلى صحراء النقب من أجل سقايتها، و تحويلها إلى أراض زراعية، اجتمعت القمة العربية في كانون الثاني (يناير) عام 1964 في الإسكندرية بدعوة من جمال عبد الناصر، و أنشأت منظمة التحرير الفلسطينية.
و كان القصد من تلك الخطوة تهرب التيار القومي العربي الذي يقوده جمال عبد الناصر، و معه الدول القومية العربية من مواجهة إسرائيل و التصدي لها في تحويل المياه، بتحويل المسؤولية على الفلسطينيين، و بذلك تحولت القضية الفلسطينية من قضية عربية - صهيونية إلى قضية فلسطينية - صهيونية، يتحمل مسؤوليتها الفلسطينيون وحدهم، و صار الشعار السياسي عند العرب "نرضى يما يرضى به الشعب الفلسطيني"، و ليس من شك بأن هذا الموقف فيه تراجع و انهزام إلى الوراء، و يتحمل مسؤوليته التيار القومي العربي، و القيادات القومية العربية التي كانت تقود معظم الدول العربية آنذاك: مصر و سوريا و العراق و الجزائر و اليمن إلخ...
ثم حدثت نكسة حزيران-يونيو عام 1967، و قد انتصرت إسرائيل على ثلاث دول عربية هي: مصر، سورية، الأردن، فاحتلت إسرائيل سيناء من مصر، و الجولان من سورية، و الضفة الغربية من الأردن، و كانت هزيمة كبرى، و كانت هزيمة صادمة للأمة بشكل فاق التصور، و تتحمل القيادات القومية بشكل خاص على اختلاف تنوعاتها في ذلك الحين، و على رأسها جمال عبد الناصر، و حزب البعث في سورية، و هواري بومدين في الجزائر المسؤولية الكاملة عن هذه الهزيمة.
و دلت على أن الشعارات التي طرحها الفكر القومي العربي من بناء الجيوش القوية القادرة على تحرير فلسطين، و الانتصار على إسرائيل، كانت كلاماً فارغاً لا حقيقة له على الأرض، مع أن الأمة لم تبخل في تقديم الدعم و التأييد و المؤازرة و المعاونة للأنظمة القومية بكل أشكالها، و بخاصة نظام جمال عبد الناصر، فقدمت الأموال و التضحيات و الطاعة له و تنفيذ ما يقوله و ما يأمر به.
لكن وقعت الهزيمة و السبب هو أن الفكر القومي قام على معاداة الدين الإسلامي، و اعتباره عاملا من عوامل التأخر و الانحطاط و السقوط، و اعتبار أن هذه الأمة الموجودة من المحيط إلى الخليج تقوم على عاملين، هما: اللغة و التاريخ.
فمن الواضح أن مقولات الفكر القومي السابقة ليست مقولات موضوعية و ليست علمية لأنها لا تنطلق من الواقع الاجتماعي و الثقافي و الفكري و الاقتصادي و النفسي و العقلي الذي يحيط بنا، بل انطلقت من إسقاط الفكر القومي الألماني على الواقع العربي دون نظر إلى هذا الواقع و تفصيلاته و ألوانه، و انطلقت في محاربة الدين و اقتلاعه من عقول و نفوس و حياة أبناء هذه الأمة، فكانت الكارثة تقع تلو الكارثة، في الاقتصاد، و السياسة، و الزراعة، و الاجتماع، و البناء النفسي و العقلي إلخ...
لكن الجهاد في فلسطين لم يتوقف، فبرزت حركتا الجهاد الإسلامي و حماس، و أشعلتا انتفاضة الحجارة عام 1987، و كانت حدثا عظيما في تاريخ القضية الفلسطينية و كانت حادثا مزلزلاً للمنطقة جميعها، و انتهت هذه الانتفاضة عندما وقع ياسر عرفات "اتفاق أوسلو" في البيت الأبيض عام 1993، و كانت هذه هي السقطة الثانية للتيار القومي الوطني، بعد السقوط الأول الذي قام به السادات عندما زار إسرائيل عام 1977، و وقع معها اتفاق كامب ديفيد عام 1979، و بذلك خرجت مصر أقوى دولة عربية من الصراع مع إسرائيل (موقع عربي).
و رأت الدول العربية في توقيع السادات على كامب ديفيد "سلاما منفردا" و نوعا من الخيانة، و خصوصا حيال الفلسطينيين. و قد قطع العرب علاقاتهم مع مصر التي علقت عضويتها في الجامعة العربية.
في القرن الواحد والعشرين، في زمننا هذا، اشتدّ الصراع و الانقسام بين الأنظمة العربية فتغيرت خارطة التحالفات و المصالح، ليصبح بذلك أعداء الأمس أصدقاء اليوم.
إن الخلاف الذي تعيشه البلدان العربية اليوم هو من بذور الإرث الاستعماري و امتداد لمخططاته، الأمر الذي أدّى إلى تدمير الروابط المشتركة بينها و ضرب إجماعها حول القضايا الكبرى.
و نتيجة لذلك، جاءت سقطة "التطبيع" من بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني، تطبيقا للمقاربة الأمريكية ( صفقة القرن أو بصقة ترامب) التي تطرحها أمريكا للسلام في الشرق الأوسط، و تقدّم فيها إسرائيل حليفاً استراتيجياً وفق مبدأ "السلام مقابل السلام" بعيداً عن المقاربة السابقة "السلام مقابل الأرض".
و وصف أحمد الريسوني رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الهدف من التطبيع قائلا: “الغرض من هذا التطبيع هو إخراج “إسرائيل” من الوضعية الخانقة التي تعيشها داخل محيطها، بسبب الرفض التام الذي تلقاه لدى مجمل شعوب المنطقة، مع أن بقاءها في الأمد البعيد متوقف على قبولها و اندماجها في محيطها العربي"، و اعتبر أن “التطبيع الذي تتبرع به بعض الأطراف العربية هو خدمة لإسرائيل و طوق نجاة لها، و هو دعم و استدامة لاحتلالها، و مكافأة لها على جرائمها و تشجيع لها على الاستمرار فيها. ثم هو فتح لأبواب الاختراق و الهيمنة لهم على جميع الأصعدة” (موقع الوكالة المستقلة للأنباء- 2020/08/30).
و قد أصدر أكثر من 200 عالم إسلامي فتوى تحرم الصلح و التطبيع مع إسرائيل، التي تحتل الأقصى و القدس وفلسطين.
و حملت الفتوى التي نشرها "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" و مقره العاصمة القطرية الدوحة، تواقيع العلماء الذين شاركوا في اجتماع لهم.
و قالت الفتوى: "أجمع العلماء على أن ما تم بين بعض الدول العربية وإسرائيل، التي ما زالت تحتل معظم فلسطين وتريد احتلال بقية الأراضي الفلسطينية، لايُسمّى صلحاً و إنما هو تنازل عن أقدس الأراضي.
إن ما سمي باتفاقيات السلام، أو الصلح، أو التطبيع ، في هذه الحالة، محرم شرعا و باطل، و جريمة كبرى، و خيانة لحقوق الله تعالى و رسوله و حقوق فلسطين أرضاً ، و حق أمتنا الإسلامية و شهدائها عبر تاريخها الطويل". ( موقع الجزيرة مباشر) [ تفاصيل الفتوى تجدها في هذا الرابط https://bit.ly/3x55NZf ].
و رغم كل ذلك ظلت الشعوب الإسلامية على ولائها الفطري لرابطة الأمة الإسلامية، و كانت مركزية القضية الفلسطينية التي تجسدت فيها وحدة دوائر الانتماء: الوطنية الفلسطينية، و القومية العربية، و العقدية الإسلامية، كانت بمثابة الرباط الإسلامي الجامع لأمة الإسلام، على امتداد عالم الإسلام. كما كانت هذه القضية المركزية هي الطاقة المفجرة للمشاعر الإسلامية اتجاه التحديات الصهيونية - الاستعمارية المحدقة بالمسجد الأفصى و القدس الشريف و الوطن الفلسطيني، الذي ربط الله سبحانه بينه و بين الحرم المكي الشريف.
فلسطين قضية الأمة الإسلامية
لأرض فلسطين مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، فهي أرض مقدسة و مباركة بنص القرآن الكريم: قال تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الإسراء:1] هي أرض الإسراء، فإليها أسري بمحمد صلى الله عليه و سلم، و هي أرض الأنبياء، فقد ولد فيها و عاش عليها و دفن فيها الكثير من الأنبياء عليهم السلام.
و هي تعد في المنظور الإسلامي أرض المحشر و المنشر، و عقر دار الإسلام، و المقيم المحتسب فيها كالمجاهد في سبيل الله، و مركز الطائفة المنصورة الثابتة على الحق إلى يوم القيامة.
نحن نؤمن بكليم الله موسى عليه السلام، عندما حمل على عاتقه نشر مبادئ اليهودية الأولى، فالمشكلة الأساسية ليست بيننا و بين اليهودية بوصفها دينا سماوي��، و نحترم كل من يحترم أصولها الشرعية أو يتبناها، و لسنا ضد أية ديانة على وجه الأرض، بل إننا ضد التهويد القائم على التوجه الصهيوني، و طمس الهوية الفلسطينية، و محو الكرامة و الإبادة العرقية.
لقد تعاملت الأمم المتحدة مع قضية فلسطين على أنها قضية لاجئين منذ 1949 و حتى بداية العقد السابع من القرن العشرين. و منذ 1974 أخذت تصدر قرارات كثيرة بأغلبية ساحقة عن الجمعية العامة للامم المتحدة بإعطاء الفلسطينيين حق تقرير المصير، و بشرعية الكفاح الفلسطيني (بما فيه الكفاح المسلح ) لاسترداد الحقوق المغتصبة، و باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال التفرقة العنصرية، و بحق اللاجئين غير القابل للتصرف في العودة إلى أرضهم، لكن الولايات المتحدة و حلفاءها كانوا على استعداد دائم لدعم الكيان الصهيوني في رفض هذه القرارات و تجاهلها و إجهاضها، و استخدام حق النقض "الفيتو" لمنع التنفيذ العملي لأي منها. في الوقت نفسه استخدموا هذه "الشرعية" الدولية لإقامة الدولة الصهيونية على أرض فلسطين و ترسيخ وجودها، مما يكشف عن الوجه القبيح الظالم لهذه الشرعية.
و طوال تاريخ القضية الفلسطينية ظلت إحدى الإشكاليات الكبرى تتمثل في انحياز القوى العظمى الصارخ للمشروع الصهيوني، و خصوصا التسليم بما يسمى "حقه" في إنشاء دولته على الأرض التي اغتصبها سنة 1948، أي 70٪ من أرض فلسطين.
و في زمننا هذا، بعد تنفيذ عمليات مخططة في ضم الأراضي الفلسطينية، يركز الكيان الصهيوني (الذي نشأ طبقا لنظريته الشهيرة " شعب بلا أرض على أرض بلا شعب، و زعم ملكيته لحائط البراق و أنه من بقايا هيكل سليمان) على تهويد مدينة القدس، و سيطروا على 86٪ منها، و ملأوها بالمهاجرين اليهود (515 ألف يهودي مقابل حوالي 300 ألف فلسطيني في شرق القدس و غربها مطلع سنة 2012) و في منطقة شرقي القدس أسكنوا نحو 200 ألف يهودي، و أحاطوها بسوار من المستوطنات اليهودية يعزلها عن محيطها العربي الإسلامي، و أعلنوا أن القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني.
و كانت أول عملية طرد في حي الشيخ الجراح في نوفمبر/تشـرين الثاني 2008، حيث طـردت سـلطات الاحتلال قسـرا أولى الأسر الفلسطينية من الحي و وطنت بها اليهود، و هي أسرة الغاوي التي أجليت بقوة السلاح مـن منازلهـا فـي حـي الشـيخ جـراح التـي سـكنوها منـذ خمسـينيات القـرن الماضـي بعـد أن أصبحـوا لاجئيـن عقب النكبة إذ شردوا بقوة السلاح من ديارهم من منطقة يافا و قرى القدس و منهم من أوصلته دروب التهجير و التشريد من حيفا.
و يتهدد المنطقة التي يوجد بها 28 منزلا خطر الإخلاء و التهجير القسري، و إحلال المستوطنين، في حين صادقت الحكومة الإسرائيلية و بلدية الاحتلال في القدس على إقامة حي استيطاني وسط الشيخ جراح يضم 500 وحدة استيطانية، و توفر الدوائر الحكومية الإسرائيلية للجمعيات الاستيطانية الملفات و المستندات و الوثائق المزيفة التي تدّعي ملكيتها للأرض و العقارات قبل نكبة عام 1948 (محمد محسن وتد - الجزيرة نت).
فأين ذهبت عهود و مواثيق السلام، و الظلم و الغصب و القتل و طمس الهوية الإسلامية للقدس الشريف على قدم و ساق؟! يقول الله تعالى: { الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [البقرة:27].
الإسلام دين السلام، قائم على التسامح و التعايش السلمي، و بالتالي فإن الإسلام ضد "الإرهاب" و قتل الأبرياء، و الإسلام في الوقت نفسه هو دين الحق و العدل و الحرية، يأبى المسلمون أن يُظْلَمُوا و يرفضون أن يعطوا الدنية في دينهم، و يبذلون الغالي و النفيس دفاعا عن كرامتهم و أرضهم و مقدساتهم.
لا يمكن لأي سلام في فلسطين أن يقوم بناء على ظلم أهلها و اغتصاب حقوقهم و إخراجهم من أرضهم. و إن فرض شروط القاهر الغاصب على شعب مستضعف قد يوصل إلى "تسوية" مؤقتة، و لكنه لن يؤدي إلى السلام. و سيظل الجهاد لتحرير فلسطين واجبا و شرفا و وساما على صدر كل شريف، و لا عبرة بالطغيان الإعلامي الصهيوني و الغربي الذي يتلاعب بمصطلحات "الإرهاب" و "السلام".
إن القضية الفلسطينية قضية ذات أبعاد إنسانية كبرى، إذ تمثل صرخة المظلوم في وجه أدعياء حقوق الإنسان، و تكشف المعايير المزدوجة و سوءات النظام الدولي الجديد، و تزري بالنفاق المقيت لحضارة تزهو بالتقدم و المعرفة و التكنولوجيا و ترعى حقوق الحيوان، بينما تتقبل أن يرمى أكثر من 7 ملايين لاجئ فلسطيني في العراء، و أن تحل جماعات يهودية صهيونية من أشتات الأرض وفق دعاوي بالية لا تتوافق مع منطق التاريخ و لا قيم المدنية الحديثة و لا القوانين الدولية، مكان قوم عمروا الأرض منذ 4500 عام، و أن تسفك الدماء في الأرض المقدسة التي يجب أن تكون أرض المحبة و السلام.
إن الحركة الصهيونية هي النموذح المتبقي للاستعمار التقليدي الأروبي الغربي الذي زال عن أرجاء العالم، و سيزول بإذن الله عز و جل عاجلا أم أجلا عن فلسطين.
إن مهمة تحرير فلسطين هي مهمة إنسانية و حضارية يجب أن تشارك فيها شعوب الأرض و أقطارها.
القدس في القرآن
إن المعركة بين المسلمين و اليهود الصهيونيين هي حرب عقائدية و محور هذه الحرب هو المسجد الأقصى أولى القبلتين و ثالث الحرمين. و هذا البعد العقائدي هو الذي يحمي فلسطين و جوهرتها القدس من الضياع كما حماها من الصليبيين، و لذلك فإن محاربة هذا البعد العقائدي أو محاولة إفراغ الصراع مع الكيان الصهيوني منه، إنما هو مؤامرة على فلسطين و جوهرتها القدس، لأن هذا البعد هو الذي سيزيل ما يسمى بإسرائيل من أرضنا المباركة فلسطين كما أزال دولة الصليبيين بعد مائتي عام.
إن اسم " بيت المقدس " يطلق على المدينة المقدسة " القدس الآن " تارة بشكل عام، في إشارة إلى أن البقعة كلها مقدسة، و هذا تأكيد على الآية الكريمة ﴿ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1]؛ و قد يشار إلى المسجد الأقصى بعموم لفظ بيت المقدس في بعض الكتابات، و هذا عائد إلى عدم التفريق في الضبط و التشكيل بين المَقدس و المُقَدَّس، فالأولى تطلق على المدينة " بيت المقدس " و الثانية تطلق على المسجد " البيت المُقَدَّس ".
لا يقتصر التشريف لبيت المقدس على حادثة الإسراء و المعراج فقط، و لا لكونها تحتضن في ربوعها المسجد الأقصى و مسجد الصخرة، بل يتخطاه إلى فضائل أخرى، مرت إشارات عديدة لها في القرآن الكريم.
ففي تفسير قوله تعالى: ﴿ وَ نَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 71] قال مقاتل بن سليمان: هي بيت المقدس. و قوله تعالى لبني إسرائيل ﴿ وَ وَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ ﴾ [طه: 80] يعني بيت المقدس. و في قوله تعالى: ﴿ وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً وَ آوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَ مَعِينٍ ﴾ [المؤمنون: 50] [4] هي: بيت المقدس. و منها قوله تعالى إلى بني إسرائيل: ﴿ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾ [المائدة: 21] فالأرض المقدسة هي بيت المقدس، و أيضا قوله تعالى: ﴿ وَ لَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ﴾ [يونس: 93] قيل بوأهم الشام، و بيت المقدس خاصة.
و رفع الله عيسى بن مريم عليه السلام من بيت المقدس، و فيها مهبطه قبل قيام الساعة. و أول شيء حسر عنه بعد الطوفان هو صخرة بيت المقدس، و فيه ينفخ الصور يوم القيامة، و على صخرته ينادي المنادي يوم القيامة، و منها قوله تعالى: ﴿ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ﴾ [المعارج: 43] قيل النصب هي صخرة بيت المقدس، و أيضا قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ [ق:41] قيل إنه ينادي من صخرة بيت المقدس. و قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ﴾ [النازعات: 14]و الساهرة بجوار بيت المقدس.
و أقرب بقعة في الأرض إلى السماء بيت المقدس، و يمنع الدجال من دخولها، و يهلك يأجوج و مأجوج دونها، و أوصى آدم عليه السلام أن يدفن بها، و كذلك إسحاق و إبراهيم، و حُمِل يعقوب من أرض مصر حتى دفن بها، و أوصى يوسف عليه السلام حين مات بأرض مصر أن يحمل إليها، و هاجر إبراهيم عليه السلام من " كوثي " إليها، و إليها المحشر، و منها المنشر. و قد تاب الله على داوود عليه السلام بها، و صدق إبراهيم الرؤيا بها، و كلّم عيسى الناس في المهد بها، و تقاد الجنة يوم القيامة إليها و منها يتفرق الناس إلى الجنة أو إلى النار. و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "البيت المقدس بنته الأنبياء وسكنته الأنبياء، ما فيه موضع شبر إلا وقد صلّى فيه نبي أو أقام فيه ملك" [العلامة السيوطي - كتاب إتحاف الإخصا بفضائل المسجد الأقصى].
لن ننتصر و نفوسنا فاسدة
لقد أولى بعض الباحثين العرب و المسلمين اهتماما مبالغا فيه بما أسموه “نهاية إسرائيل” في 2022 معتمدين على ما أسموه بالإعجاز الرقمي للقرآن، وبعضهم ذهب يستشهد ببعض النصوص من التوراة، حتى إنهم استطاعوا إقناع الدهماء و حتى بعض العلماء بأن الصراع العربي الإسرائيلي قد أوشك على نهايته بعذابٍ إلهي قاصم يُنهي أسطورة الكيان المغتصِب الذي أرهق العرب و أزهق الدم العربي، و هذا حق أريد به باطل.
فاللهُ الذي لا يعجزه شيء في الأرض و لا في السموات قادرٌ على إزالة إسرائيل و غيرها من الوجود { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [يس:82] و لكنه سبحانه و تعالى أراد أن يختبر إيماننا و صبرنا فابتلانا بسنَّة التدافع، فزوال إسرائيل لا يتحقق و العرب و المسلمون بأسُهم بينهم شديد و بعض حكامهم أشد ضراوة على محكوميهم من إسرائيل.
و هناك حقائق ينبغي أن نقف عندها، و من هذه الحقائق ما ذكره المفكر الإسلا��ي محمد الغزالي رحمه الله، و هو يقدم مقاربة جيوسياسية تنمّ عن فراسة و دراية بالواقع إذ يقول في هذا الصدد: “إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوالُ أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، و دمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم و الوهن، قبل أن يستذلها العم أو الخال، و قبل أن ينال من شرفها غريب. إنه لا شيء ينال من مناعة البلاد، و ينتقص من قدرتها على المقاومة الرائعة، كفساد النفوس و الأوضاع، و ضياع مظاهر العدالة، و اختلال موازين الاقتصاد، و انقسام الشعب إلى طوائف، أكثرها مضيَّع منهوك، و أقلها يمرح في نعيم الملوك” (كتاب الإسلام و الأوضاع الاقتصادية).
دلالات فلسطين في سورة الإسراء
خلدت سورة الإسراء علاقة المسلمين بالمسجد الأقصى، و أن المسجد الأقصى للمسلمين حيث أسري بنبيهم إليه، و تقرر السورة بركة الشام، و منها أرض فلسطين، و تبدأ بعد ذلك في الحديث عن الفساد و العلو لليهود و التدمير الذي سيلحق بهم، و أنهم سينازعون المسلمين أرض الإسراء و المسجد الأقصى.
الإسراء تكريم للرسول
يقول الله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الإسراء:1].
يكرم الله سبحانه و تعالى نبيه على صبره و يرفعه إلى درجة لم يصلها أحد من خلقه و لا حتى الملائكة المقربون، فيسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، و يقدم له أرض الشام، أرض فلسطين، أرض القدس، أرض المسجد الأقصى، هدية إيمان و جائزة رضوان، فيفتح النبي صلى الله عليه و سلم أرض الشام و منها أرض فلسطين فتحا ماديا بجسده الشريف، يعلن للدنيا في ذلك الحين، و للدنيا في كل حين أن المسجد الأقصى أصبح مسجدا للمسلمين، فيصلي فيه النبي الصلاة الإسلامية الأولى إماما للأنبياء المرسلين، حيث أحياهم الله له.
و يصلي الصلاة الثانية بعده عمر و أبو عبيدة و الصحابة رضي الله عنهم، يوم دخل عمر القدس و استلمها من بطريركها صفرونيوس و أعطاه العهدة العمرية التي تنص فيما نصت عليه: « أن لا يسكن إيلياء (القدس) أحد من اللصوص و اليهود » و هذا النص في الوثيقة يدل على مبلغ فهم عمر لخطر اليهود على هذه الأرض المباركة.
قدسية المسجد الأقصى
سورة الإسراء تتحدث عن المسجد الأقصى و إسراء النبي إليه، يقول الله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الإسراء:1]، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: ( قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ. قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ المَسْجِدُ الأقْصَى. قُلتُ: كَمْ كانَ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أَرْبَعُونَ، ثُمَّ قالَ: حَيْثُما أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، و الأرْضُ لكَ مَسْجِدٌ ) [صحيح البخاري].
فعاد للمسجد الأقصى بالإسراء قدسيته و طهره، حيث كان المسجد خرابا يبابا لا يصلي فيه أحد إلى أن جاء الرسول صلى الله عليه و سلم، فتقررت مسجديته في القرآن، و استلمه عمر فكان ينظفه هو و أصحابه من النجاسة، و طهروه و أصبح من يومها منارة علم و دار إيمان و محجة زوار و محراب صلاة.
زوال إسرئيل بعلو و إفسادين و تدميرين
نحن نعيش في مرحلة تاريخية، قبل قيام الساعة، أخبرت عنها آيات من القرآن و أحاديث صحيحة لرسول الله صلى الله عليه و سلم، و هذه سلسلة من العذاب الذي سلطه الله تعالى على اليهود منذ أن غضب الله عليهم حينما قتلوا الأنبياء و عصوا الرسل، و قال الله تعالى فيهم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ} [الأعراف:167].
يقول الله تعالى: { وَ قَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَ كَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا، ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا، إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَ لِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا } [الإسراء:4-7].
تتحدث آيات سورة الإسراء عن علو واحد و إفسادين و عقوبتين قضى الله تعالى بهما على بني إسرائيل في الكتاب، فالقضاء المقصود به الحكم على إفساد اليهود بالعقوبة و ليس بمعنى أن الله أمرهم بالإفساد مرتين.
1- المفسرون القدامى أخذوا يبحثون عن العلو، و الإفسادين في التاريخ الذي سبق نزول القرآن، و اليهود عذبوا قبل الإسلام، و عذبوا بعد الاسلام، و سيستمر العذاب فيهم إلى قيام الساعة بنص الآية، إذن ليس هناك من داع للبحث عن عذاب اليهود الذي أشارت إليه الآيات في التاريخ ما دام السياق في الآيتين يشير إلى المرتين بعد نزول القرآن و ليس قبله، للأسباب التالية:
- يقول الله تعالى: { يقول الله تعالى: { وَ قَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا } [الإسراء:4-5]، فكلمة "إذا" شرطية لما يستقبل من الزمان و لا علاقة لما بعدها بما قبلها، و "اللام" في "لتفسدن" هي لام الاستقبال.
- يقول الله تعالى: { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَ كَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا } [الإسراء:4-5]، و كلمة "عباد" إذا أضيفت إلى لفظ الجلالة فهي في موطن التشريف، و لا يوصف بها إلا المؤمنون، و نبوخذ نصر (أحد أقوى الملوك الذين حكموا بابل وبلاد الرافدين) كان وثنيا فلا يستحق هذا التشريف، و كذلك الرومان كانوا فلا يستحقون هذا التشريف، يقول الله تعالى: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [الحجر:42]، و هذا الوصف ينطبق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، الذين قاتلوا في المدينة و في خيبر و في تيماء، و هذه هي المرة الأولى التي تشير إليها الآية، و أما المرة الثانية، فيقول الله تعالى: { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } [الإسرا:6]، و "الكرة" لغة: الدولة و السلطة، فهل جعل الله سبحانه لليهود سلطة على البابليين أو الأشوريين؟ لم يحدث هذا، هل يمكن أن يحدث الآن أو في المستقبل؟ يستحيل ذلك لأن البابليين و الأشوريين قد انقرضوا، الذي حصل أن الله سبحانه جعل الكرة لليهود على أبناء الصحابة الذين جاسوا خلال الديار بعد أربعة عشر قرنا.
- يقول الله تعالى: { وَ أَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَ بَنِينَ } [الإسراء:6]، لم يحدث أن مد الله تعالى اليهود بأموال و بنين إلا في هذه المرة التي نعيشها، فدولة اليهود تعيش على التبرعات التي تأتيها من الغرب الصليبي و على المهاجرين الذين يأتونها من الغرب الصليبي و من الشرق الشيوعي (السابق).
- يقول الله تعالى: { وَ جَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا } [الإسراء:6]، حيث تمدهم بالعون العسكري أكبر دول الأرض: أمريكا و دول الحلف الأطلسي.
- يهدد الله اليهود بعد أن قامت لهم دولة أنهم إن أحسنوا أحسنوا لإنفسهم و إن أساءوا فعليها، و اليهود لا يمكنوا أن يحسنوا، و إساءتهم متحققة، و لذلك فلا بد أن تزول دولتهم و تدمر.
- فإذا جاء وعد المرة الثانية في تدمير علوهم فسيدخل المسلمون المسجد الأقصى كما دخله المسلمون أول مرة فاتحين، و سيدمر علو اليهود المادي و المعنوي.
- في آخر سورة الإسراء آية تتعلق بقضية علو اليهود و تدمير إفسادهم الثاني، و هي قوله تعالى: { وَ قُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا، وَ بِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ وَ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَ نَذِيرًا } [الإسراء:104-105]، و الآية تشير إلى مجيء اليهود إلى فلسطين جماعات..جماعات، و ذلك بعد أن تفرقوا في الأرض، و قد بدأ إتيانهم إلى أرض فلسطين من أول القرن العشرين ليقوموا بإفسادهم الثاني المصاحب للعلو في الأرض المباركة تمهيدا لتدميرهم، و الآية تشير إلى بشرى للمؤمنين و إنذار للكافرين ( الشيخ أسعد بيوض التميمي رحمه الله - كتاب زوال دولة اسرائيل حتمية قرآنية).
67 notes
·
View notes
أين نحن العرب من العالم حولنا؟! سؤال ملحّ يفرض نفسه علينا في كل آن، يستبد بعقولنا ومشاعرنا وأحاسيسنا وينتظر منا إجابة وافية شافية كافية..فالأمر جد خطير والحال تنذر بشرٍّ مستطير يطال القريب والبعيد ويحرق الحاضر والتليد..
أنى اتجهت ببصرك وجلت بفكرك في العالم العربي تجد ما يحزنك ويبكيك ويملأ نفسك حسرات لا تنتهي.. فتتساءل بحرقة وألم شديدين: ما الأسباب التي جعلت عالمنا العرب على فوهة بركان يغلي ، ويقذف حمماً هنا وهناك حتى اكتوى بنارها الأبرياء قبل الأشقياء ودفع الثمن غاليا القريب والبعيد بلا استثناء إلا من رحم ربي؟!
كل عربي غيور ، مخلص لوطنه وأمته لا شك يؤلمه ما تشهده الساحة العربية من المحيط إلى الخليج من تداعيات الهيجان والثورات والاحتجاجات وأعمال العنف وما تسفر عنه كل يوم بلا توقف من ضحايا أبرياء بلا ذنب جنوه ومن هدم وتدمير لكل مرافق الحياة بلا استثناء طالت المدارس والجامعات والمصانع والمستشفيات التي بناها الشعب بعرق جبينه وبذل فيها الغالي والنفيس ليعيش حراً أبياً سعيداً آمناً وليؤمن لأجيال الأبناء والأحفاد مستقبلاً زاهراً ، وحياة طمأنينة وسلام يتفرغون فيها للبناء والإعمار.
العالم حولنا ينهض ويتطور ، يبني ويعلي البناء ، ويصنع ويزرع .. وتعيش شعوبه في بلهنية وسعادة بعيداً عن كل ما يؤثر سلباً على عجلة التطور نحو الأفضل. لا شيء يعكر صفو الحياة فيه فكل واحد من موقعه يخدم بلده مدركاً أن ذلك يصب في مصلحة الجميع.
نغبط العالم من حولنا ونتمنى أن نحقق بعض ما وصل إليه من نهضة بعيداً عن الحقد والكيد وتربص بعضنا ببعض في دوامة الكل منا فيها خاسر، لكن للأسف كأننا نعيش في عالم آخر في صومعة غير مدركين ما يدور حولنا.. لقد ألهتنا المعارك الدائرة بين أبناء البلد الواحد فأصابت عجلة الحياة بأعطال متتابعة انعكست سلبا على كل شيء.
انظر إلى حال مصر أم الدنيا وما تشهده من حوادث أفقدت أهلها الأمن والأمان وأخرت كل عمل للنهوض والتقدم وأثرت سلباً إلى حد كبير على كل تطلعات الشعب المصري العريق في الوصول بمصر لمصاف العالم الأكثر تقدماً كما كانت مصر عبر التاريخ تعطي بسخاء في كل الميادين.
وانظر إلى سوريا قلب العروبة النابض كيف كانت ؟ وكيف أصبحت؟ إنها تتعرض لهجمة شرسة فتكت بالبشر والحجر والشجر وباتت الشام تنام وتصحو على برك الدماء التي تنزف بلا توقف حتى خضبت الأرض باللون الأحمر واختفت معها الخضرة البهية التي كانت تلون بلاد الشام الحبيبة.
أما العراق وما أدراك ما العراق؟! بلد الرافدين ومهد الحضارات فقد أصابه الخراب والدمار.. دمرته أمريكا وحلفاؤها من العصابات التي جاءت من كل بلاد الدنيا لتقتل وتنهب..!!
وقس على ذلك ليبيا عمر المختار وتونس الخضراء واليمن السعيد والسودان والصومال كلها لم تسلم من عبث العابثين ولم تكن بمنأى عن تطلعات الطامعين وحقد الحاقدين.. ففي كل يوم فيها للإعلام أخبار عاجلة للقتل والتفجير والتدمير .. وهكذا اعتاد الناس على هذه الأخبار فألفوها ، ولم تعد تحرك فيهم ساكناً بعد أن تبلدت الأحاسيس وتجمدت العواطف لهول ما يحدث هنا وهناك.
حتى لغة الشجب والاستنكار التي أبدعنا فيها وأصبحت من سماتنا بعد كل طارئ- لم تعد كما كانت.
حالنا كعرب أوصلتنا إلى نفق مظلم لا نرى فيه بصيص نور يوصلنا إلى الأمان ..أصبحنا دمية يلهو بها أعداؤنا كيفما يشاؤون ووقتما يريدون وفق مخططاتهم وأطماعهم وهي بلا حصر.
إن كل أهدافنا وآمالنا التي عمل من أجلها جيل الآباء والأجداد كالوحدة والسوق العربية المشتركة والأمن القومي والتجارة الحرة وشبكة المواصلات .. كل هذا بات محرماً على العرب بينما العالم من حولنا يمضي قدماً وبخطوات سريعة على طريق التقدم والتطور في كل مجالات الحياة.
فلننظر لما حولنا ولنستفد من أخطائنا ولنستخلص الدروس والعبر من التاريخ كيف كنا ؟ وكيف أصبحنا؟
حقُّنا أن نأخذ مكاننا اللائق بنا تحت الشمس كأمة عريقة أعطت البشرية الكثير الكثير وهي مدعوة الآن لأن تستعيد دورها القيادي ولها من إمكاناتها الوفيرة ما يؤهلها لذلك .
7 notes
·
View notes