كلاب استانبول (قصة قصيرة)
أخيرا، مساءا هادئا بعد أيام بل شهر بل شهرين من الصخب، هذه المدينة تبدو للغريب مدينة وديعة تنام باكرا، تغلق الحوانيت في التاسعة مساءا، وبعضها يغلق في الحادية عشر، لكن في الحقيقة، هذه المدينة لا تنام، وإن نامت فهي تنام فوق براميل متفجرة ذات بارود تالف، لذلك فهي مع كل شرارة تصدر قرقرة مخيفة.
لا يمكن للغريب أن يشم رائحة البارود ولا أن يراه لكنه يرى أثاره لا شك، وإن لم يراه فهو من هؤلاء الحمقى المتفائلين زيادة عن اللازم، أو من هؤلاء الاغنياء الذين يهوون رحلات السافاري طالما كانت سياراتهم العالية مزودة بكل المؤن، وهذه المدينة مكان مناسب جدا للسافاري البشرية، فهي عبارة عن غابات كثيفة من البشر من كل حدب وصوب ورمال واسعة من الافكار والتوجهات والمعتقدات، وهناك المستنقعات والافخاخ والكهوف والصخور، ومئات المسالك والطرق، باختصار هي م��ينة مثالية للتيه أو إذا قررت الضياع في اللازمن.
لكن الان كل ذلك لا يهم، هذه ليلة هادئة بنسمات باردة بعد صيف حارق طويل ومرهق، ليلة للنسيان، للتفكير في اللاشيء، لشرب الشاي المر، أو القهوة الرديئة، خرجت لتنفس بعض نسمات الهواء البارد، ممارسة بعض المشي، ومزاولة الملل كهواية، ومشاهدة شوارع تلك المدينة التي تحسبها كل ليلة تذهب للموت راضية مطمئنة.
كان الهدوء يعم محيط المقهى الذي يطل على ميدان منطقة الصيادين، وهي منطقة قريبة بالفعل من ساحل البحر لكن أهلها على عكس كل صيادين المدن الساحلية لا يجيدون طبخ السمك!
هدوء لم تقطعه إلا كلمات متتالية كأنها زغاريد، وعلى غير العادة، نباح لا ينقطع لم��موعة الكلاب التي تتخذ من الميدان مسكنا.
في الحقيقة لم يبد الامر في البداية مثيرا للريبة، فهذه الكلاب ستراها طوال النهار ملقاة في الطرقات نائمة بشكل يوحي إليك أنها مخدرة، وبالفعل لو دققت النظر ستجد على آذان تلك الكلاب كابسولات ملونة، ربما هذه الكبسولات هي ما تجعلها نائمة طوال النهار، أو هي مجرد علامات، تدل على أن هذا الكلب وهذه الكلبة قد أخذوا جرعتهم الاسبوعية او الشهرية من المخدر.
وفي الليل تنشط تلك الكلاب لكن نشاط عادي ربما تنبح قليلا أو تحاول نكاح بعضها بعضا، أو تبدأ في الشجار مع كلب مار يجره صاحبه ويدلله بالانجليزية التي لا يفهمها أهل المدينة أنفسهم.
لكن المريب هذه الليلة أن الكلاب قد فاق نشاطها ما اعتاد عليه أهل المنطقة.. فهي لا تتوقف عن النباح .. خاصة إذا مر أحدهم بدراجة نارية تصدر قررة مستفزة.. فيتجمع الكلاب حولها ويطاردونها حتى ترحل بعيدا.. في الحقيقة هذه القرقرة و"الفوووفااا" هي صوت مستفز بالفعل.. ولو كنت مكان تلك الكلاب لقفزت فوق راكبها صائحا.. توقف يابن الانسان عن هذا الصوت فهو يجعل رأسي كغطاء وعاء الطبخ حين يسقط على الارض فيتلوى مرارا حتى يخرس.
لكني لست كلبا بل شابا ناضجا.. وحيدا .. مغتربا.. اتسلق الحياة كانها جبل شاهق.. ويتساقط عمري ولا أرى قمة ولا قاعا.. فقط اتشبث كي لا اسقط.. ربما لو تركت نفسي للسقوط وجدت الارض قريبة جدا فارتاح.. لكن هذا الخوف يجعلني أعاني لا استطيع مقاومة رغبتي الجامحة للاستمرار في الصعود.. هل تعلم عندما يكون بداخلك ايمانان متعارضان.. رغبة في الانهيار والسقوط.. ورغبة في التشبث واالصعود.. وأنا بالمنتصف لا أعلم أيهما حق!
هكذا كنت غارقا في شرودي..شاردا في كل تلك الافكار والهموم..حتى انتزعني من نفسي مجددا ذلك النباح.. هذه المرة لم يكن نباحا عاديا.. ولم يكن نباحا فقط فقد تبعته صيحة أو ربما هي صرخة لا اعلم تحديدا فأهل هذه البلاد يتصايحون طوال الوقت.. لهجتهم مليئة بالصياح.. إذا فرحوا يصيحون وإذا غضبوا يصيحون..وإذا حزنوا.. لا اعلم تحديدا ماذا يفعلون وقتها لكنهم من المؤكد يصيحون.
قمت من مقعدي بالميدان..ألقيت سيجارتي التي كانت قد انتهت بالفعل.. سرت بعض خطوات لأتبين ماذا حدث تحديدا.. فوجدت جمعا من الناس وقد تحلقوا حول شاب يبدو في الثلاثينات من عمره مثلي لكنه أصلع بالكامل عكسي طبعا.. لكنه يمسك بذراعه الذي يسيل منه الدماء.. بينما يقوم بعض الناس بالصياح في وجه الكلاب وطردهم.. ويبدو بشكل واضح أن ذلك القطيع الصغير من الكلاب قرر أخيرا أن يحول نباحه إلى أفعال عكس اشخاص عديدين اعرفهم..فكرت أن اذهب للرجل وانصحه بأن يتوجه فورا للمشفى ليأخذ 21 حقنة.. هذا ما يُردد في بلدي عموما..إذا هاجمك كلب فيجب أن تأخذ 21 حقنة كي لا تصاب بالصرع. لكني احجمت متوقعا أن من المؤكد أن ضمن كل هؤلاء البشر من يعرف تلك المعلومة أكيد.. فما الفائدة من إحراج نفسي مع شخص لا اعرفه وربما يرد علي بوقاحة كالمعتاد ..وبذلك اعلنت انتهاء اليوم إلى ذلك الحد..فعلي الان أن أعود لغرفتي وأطفأ المصباح وأنام حتى الصباح..
في الغرب عموما، يعمل عقلك كمقلاة رخيصة يجب أن يلتصق فيها كل شيء، لأن جهاز انذارك الداخلي يجب أن يكون دائما في حالة تهب قصوى، فأنت لا تعلم ماذا يختبئ تحت كل حجر حولك، كل شيء يمكن أن يصبح خطر مميت، ربما تتكلم مع غريب فتتورط في شيء لم تتخيله، ربما يستغل أحدهم أنك غريب ولا تتقن لغة أهل البلد ويتجنى عليك بأي شكل، حينها إذا فكرت في الدفاع عن نفسك بأي ردة فعل قد يتحول المارة إلى وحوش فتاكة، في الغربة كل شيء ممكن، لا يمكنك أبدا ان تستبعد أي نوع من الشرور، وآخر ما أريد ان يحدث لي هو أن يهاجمني قطيع من كلاب الشارع الضالة.
هذا شيء جديد ضمن قائمة ما يجب ان أحذر منه، لكنه في نفس الوقت آثار فضولي، وهو مادفعني في الليلة التالية للخروج والجلوس بمقعد قريب من مكان تواجد ذلك القطيع من الكلاب، في العادة لا أخرج ليلتين متعاقبتين في نفس المكان، ليس لانني اعمل جاسوسا، ولكن لمراوغة الملل وتجنب ان أكون مألوفا أكثر من اللازم لأي شخص كان.
كان مساء آخر هادئ.. إنه الخريف اخيرا.. وقد تطايرت اوراق الشجر.. متمايلة ببطء على أمواج خفية من الهواء.. وامتلئت الارض بثمرة نسميها بمصر "أبو فرو" وهي من الثمار باهظة الثمن هناك، لكن هنا يبدو أنه لا أحد يعطيها أي اهتمام، ومن المؤكد أن تلك الثمار قد فكرت طويلا في الهجرة لبلد تحترمها ويدفع أهلها ما تستحقه، فهو عصر الهجرة إلى أي مكان صحراء كان أو بستان!
حاولت التسلي بالقراءة قليلا حتى تبدأ حفلة الليلة، لكنها لم تبدأ، أين هي تلك الكلاب الضالة، استطيع ان ألمح اثنان منها هناك يجلسان في تفاهم، هناك كلب آخر يتشمم المارة وهم لا يمانعون بالطبع بل يلاطفونه، ومن بعيد لاحظت كلب أسود هو أضخمهم آتي نحو الميدان وانضم إليه عدد من الكلاب.. هاهو القطيع يتجمع، وعندما وصلوا للميدان وكان عددهم 7 كلاب.. تفرقوا مرة اخرى في جميع الانحاء، ما جعلني أعود مرة ثانية للقراءة.. لكن صوتا مألوفا قد ظهر فجأة..نعم هي تلك القرقرة النارية..دراجة نارية تقترب تقودها فتاة تضع خوذة ويتطاير شعرها الاشقر خلفها.. لكنها حين اقتربت.. تجمع حولها الكلاب بنباح مزعج.. جعلها تزيد من السرعة حتى غادرت الميدان.. وتبعتها دراجة نارية أخرى.. يقودها عامل توصيل..عادت الكلاب لتلاحقه نابحة نباح مخيف ومزعج .. فحاول أن يأمرهم بالابتعاد لكنه فشل.. فغادر مسرعا.
كان نفس المشهد يتكرر مرارا امامي..دراجة نارية..يستفز صوتها قطيع الكلاب فتلاحقها بنباح مخيف.. كانت الكلاب في تلك الأثناء قد بدأت تنبح على كل شيء حولها.. ويضطر الناس لتجنبها فيتخذون جانب الطرييق الضيق مسلكا تاركين منتصفه بالكامل لقطيع الكلاب الذي يحتله..حتى أتت تلك الدراجة النارية الكبيرة.. يقودها فتى ومعه فتاة تركب خلفه من الواضح انها حبيبته أو صديقته كل شيء ممكن.
لكنه بدلا من أن يزيد من سرعة دراجته عندما لاحقته الكلاب..قرر التوقف.. فهذه هي الفرصة الذهبية ليثبت لها رجولته وعدم خوفه من الكلاب..فنزل عن دراجته وبدأ بالصياح على الكلاب يأمرهم بالابتعاد..ولما لم يطعه أي كلب بدا عليه الجدية وأصبح وجهه مخيف أكثر من أي كلب لذلك بدأت بعض الكلاب في الانصراف والباقي في الصمت ..وعاد الفتى الضخم لدراجته النارية واستعد للانطلاق وهو يصيح مرة أخرى لتخويف من تببقى من قطيع الكلاب حوله.. هنا تحديدا رأيت مشهد غريب.. فقد كان ذاك الكلب الاسود الذي قد جمع قطيع الكلاب من قبل آتيا يتقافز من مكان ليس ببعيد..وهو يصدر نباح غريب ما أن سمعته بقية الكلاب حتى هاجت وعادت للنباح على دراجة الشاب.. فعاد الشاب بدوره للصياح.. كان المشهد كله بالنسبة للمارة والمشاهدين مثلي مضحك ومسلي.. حتى وقع ما لم يتوقعه أحد.
فقد جاء الكلب الاسود الكبير من الخلف وقفز فجأة على ذراع الشاب..لكنه ابعد ذاعه في آخر لحظة وركل الكلب بعيدا ..ثم صاح وركب دراجته وغادر مسرعا تلاحقه بقية الكلاب.
ورغم أن قفزة الكلب قد أثارت فزع الجميع.. إلا أن الامر مر.. فلابد أنه كلب غاضب ومن حق الكلاب ان تغضب بالتأكيد..من حقها أن تنبح وان تعض وتجرح..فهذه طبيعتها..ولا يمكن لأحد ان يمنع كلب من النباح او طير من الطيران.. البشر فقط هم من يمكن تدجينهم وحبسهم ومصادرة حقوقهم..لكن هذه الكلاب فلها منظمات تدافع عن حقوقها واتفاقيات ومؤتمرات وميزانيات لدعم حقها في النباح والتغوط والنكاح.
لذلك تغاضى أهل المنطقة عن الحادثة والحادثة التي سبقتها والحادثة التي تلتها ومجموعة من الحوادث التي تكررت كل ليلة حتى وقع ما لا يمكن السكوت عليه.
في اليلة السابعة من بداية هياج تلك المجموعة من الكلاب.. كانت سيدة وطفلتها يسيرون في الميدان وقد تركت السيدة طفلتها حرة مع مراقبتها عن قريب.. وكانت الكلاب لاتزال في مرحلة تشمم المارة.. اقتربت الطفلة من كلب منهم تريد ملاعبته.. فسارعت امها إليها..مما استثار الكلب فنبح فجأة ..وقد أفزع الطفلة وأمها فسارعت إليها تحملها .. فهاجم الكلب السيدة..لكنها نجحت في التقاط طفلتها والابتعاد.. غير عابئة بصوت تمزق قميصها في فم الكلب.
وبسرعة تجمع بعض المارة يصيحون بالكلب ويطردونه فابتعد خائفا.. لكنهم ايقنوا بعدها أن تلك الكلاب أصبحت خطرا عليهم وعلى أطفالهم.
وبالاسبوع التالي حضر رجال البلدية وبعض رجال الشرطة، ربما لمعاينة الوضع وزيادة جرعة التخدير لتلك الكلاب التي خرجت عن السيطرة. لكن في المساء لم يزدد الوضع إلا سوءا..تزايدت هجمات الكلاب.. ورأيت بعض الرجال والصبية يحملون الشوم والعصيان ويطردون بها الكلاب التي احتلت الميدان وبدأت تهدد وتهاجم أهل المنطقة.
وأصبح لابد من حضور الشرطة ووضع حد لهذه الكلاب الخطرة.. وبالفعل جاء رجال ببنادق.. يبحثون عن الكلاب فيطلقون عليها طلقات مخدرة ويضعونها في شاحنة كبيرة.. وقد حصلوا على ثلاثة كلاب فقط ويبحثون عن المزيد..توجهو نحو الاشجار يبحثون خلفها..وفي تلك الاثناء ..ومن اللامكان ظهر ذلك الكلب الاسود الذي لا يحضر الا ومعه مصيبة وهاجم الشرطة ومعه مجموعة كبيرة من الكلاب ، وقد زاد عددهم عن الكلاب السبعة الذين كانوا يكونون القطيع.. بدا رجال الشرطة في اطلاق النار دون ان ينجحوا في التأثير على أي كلب من الكلاب المهاجمة التي امتلئت اجسادها بطلقات التخدير بلا جدوى ..وفي النهاية تراجع رجال الشرطة وتحصنوا بسياراتهم، بينما وقفت الكلاب تحاصرهم بنباح لا ينقطع وقد اختبئ المارة، وتجمعوا لمشاهدة هذا الفيلم الدرامي من بعيد.. وبعد عدة دقائق وصلت سيارات آخرى للشرطة لكن هذه المرة مسلحين بأسلحة ناارية حقيقة.
وبمجرد نزولهم من االسيارات.. عادت الكلاب لتهاجمهم..فأطلقوا عليها النار بكثافة فوقع نصف الكلاب على االاقل قتلى تسيل دمائهم..بينما فرت البقية.. ثم نزل الرجال الاخرين..فأزالوا جثث الكلاب عن الشارع وغادروا ..وسط تصفيق المارة وسبابهم.
قسمت هذه المجزرة أهل المنطقة إلى فريقين.. فريق أيد ما فعله رجال الشرطة، فتلك الكلاب أصبحت خطرا على الجميع خاصة الاطفال وحتى النساء الذين يخافهم الجميع، وكان يجب وضع حدا لهم، هكذا سمعت تلك المرأة أم الطفلة والتي هاجمهما الكلب سابقا، تتحدث بصوتها الحاد في منتصف الميدان لامرأة أخرى تفوقها قصرا، وكأنهما قزمتين.
بينما احتج الفريق الاخر وكان اغلبهم من الشباب والشابات ومربي الكلاب على تلك المجزرة، فرأيت شابة أطول قليلا من المرأتين ترتدي قطع من الملابس كأنها كلمات متقاطعة أو مجرد رقع فوق مناطق محددة وتحمل كلبا صغيرا، كانت تصيح، أو تتكلم لا فرق:
- ياللكلاب المسكينة من ظلمكم وجبروتكم أيها الناس، لا عجب أن تذبحوا الكلاب وتقتلوهم، فأنتهم أحفاد الغزاة، أحفاد الارهاب، آكلي الباذنجان والتشكب��ب، ماذا فعلت لكم الكلاب المسكينة غير أنها تنبح كعادتها، لو لم تضايقوها ما كانت لتهاجمكم وهل لأنها أبدت سلوكا غير عادي مرة تضربونها بالنار
ردت عليها السيدة التي هاجمها الكلب وطفلتها:
- تأدبي أيتها الفتاة الوقحة.. هذه الكلاب كادت أن تقتل ابنتي.. ولو كنت أملك بارودة لأطلقت عليها وعلى كل من يحميها
- الفتاة: نعم .. لا عجب.. هذه عادة الارهابيين أحفاد الغزاة
- المرأة: هؤلاء الغزاة أشرف من أبناء الجواري.. وأبناء العبيد واللقطاء الذين وجدناهم أمام أبواب بيوت البغاء.. فجعلنا منهم بشرا مثلنا.. وهم الان يدافعون عن الكلاب الضالة أشقائهم في الوضاعة..
كان المشهد أمامي يتحول رويدا رويدا لعراك.. ولم استبعد أن تقفز إحدهن على الاخرى فتشدها من شعرها وتمسح بها بلاط الميدان.. لكن تدخل بعض كبار السن في اللحظات الاخيرة قبل أن يتحول ذلك الدخان الذي أراه يخرج من رؤوسهن إلى نيران تحرق الجميع.. ومر اليوم بسلام أو هكذا أظن فقد عدت للبيت لأنهي بعض العمل المتأخر استعد لتلقي مزيدا من التعديلات الغبية عليه.
مر أسبوع بدون أي حوادث أخرى.. في الحقيقة اختفت أو اختبئت أكثر تلك الكلاب الضالة بعد موقعة إطلاق النار. وفي عطلة الاسبوع التالي قررت البلدية أن تقيم حفلا وتأتي ببعض الفرق الاستعراضية، ومطربة رديئة الصوت لتخفف من التوتر في المنطقة.
كنت أقف في ركن من بعيد أحاول أن أحظى ببعض المتعة في حضور تلك الحفلة العجيبة، ويبدو أن البلدية قررت أن تفك الكيس، فكانت توزع حلوى ومياة غازية وشاي وبيرة على الحاضرين.
استمعت إلى التنهدات الاخيرة لتلك المغنية التي يبدو أنها مصابة بسرطان الحنجرة، ففي فكها السفلي ارتخاء غريب يتنافر وانفها المدبب لأسفل كأن وجهها محبرة جافة .. وعندما توقفت أخيرا.. صاح الحاضرين.. يقظة وسكارى وصفقوا بعفوية وانطلقت الالعاب النارية.. لكن في لحظة انقلب كل شيء إلى كابوس.. وكأنها كانت اشارة بدء المعركة.
خرجت من الحدائق والظلام عشرات الكلاب تهاجم الحاضرين والمارة.. وأصيب الجميع بالفزع وراحوا يهرولوا هربا يمينا ويسارا وشمالا وجنوبا.. فسقط منهم من سقط فوثبت عليهم الكلاب. وهرع بعض الشباب والرجال فأتوا بالعصيان.. واحضر بعضهم الطبنجات والمسدسات والبنادق.. وبدأت المعركة الحقيقية.
طبعا لأنني كنت أقف بالاساس بمكان منزو.. فقد رأيت من بعيد بداية الحادثة عندما خرجت الكلاب وهاجمت الجميع.. وفي وقتها انسحبت ببطء للخلف وتابعت من بعيد.
حتى سمعت طلقات النار.. وعواء الكلاب الجريحة والمقتولة.. والمضروبة. مشهد سينمائي بحق، لو كنت أملك كاميرا تصوير لصنعت منه فيلما تسجيليا وبعته بملايين الدولارات. لكن الان علي أن أحذر فتلك الكلاب يمكنها الخروج من الجدران نفسها.
بعد دقائق هدأت المعركة.. يبدو أن الكلاب قررت الانسحاب مرة أخرى لمخابئها في الظلام، أو قُضي عليها بالكامل، وبدأ الناس في مساعدة الجرحى، والذين كانوا كثر بحق، كنت أرى على بعد أمتار مني شاب ينزف ذراعه دما وآخر على يده أثار أنياب كلب، جاء أحدهم بقطن وشاش وبدأ في تضميد ذراع الشاب، لكن فجأة حدث شيئا غريبا..
تحولت عيون هذا الشاب للون الاحمر وهجم بفكه على ذراع مسعفه.. الذي صرخ صرخة مدوية دون أن يستطيع أن يخلص ذراعه من فك الفتى..
رباه.. ما هذا الجنون.. هذه المدينة مجنونة..
وفي لحظات تكررت الصرخات.. تبعتها طلقات نار.. على ما يبدو لقد سُعر الجميع وحان الان وقت الفرار.
عدوت بسرعة إلى مسكني.. وخلفي تتكرر الصيحات والصرخات وطلقات الرصاص.. وسمعت صوت سيارات الشرطة تقترب.. هذه الليلة ستحدث مذبحة أخرى لا محالة.. لكنها في هذه المرة مذبحة بشرية.
وصلت لباب البيت فوجدت الجيران كلهم تجمعوا أمام بيوتهم يتحدثون عما جرى بالميدان.. اخبرتهم بأنني كنت هناك وسمعت سيارات الشرطة تقترب.. في تلك اللحظة تحديدا.. سمعنا طلقات رصاص متتابعة كأنها حرب.. ورأيت من بعيد بعض الكلاب تسير في قطعان في الظلام.. فصحت محذرا من حولي.. كلاااب!
واختبأت وراء الباب الخارجي للمبنى .. لكن لم أر أي شخص يحذو حذوي.. رددت:
إنها الكلاب التي تهاجم الناس.
لا أحد اهتم.. وهزت امرأة رأسها وقالت:
هذه الكلاب لا تؤذي احدا..
ورد آخر:
الامر كله من تدبير المهاجرين إنهم ملؤا مدينتنا بالقذارة
في تلك اللحظة رأيت الكلاب تظهر من الظلام وتهاجم ذلك الرجل فأوقعته أرضا.. وهكذا فعلت مع عدة أشخاص آخرين.. فزع الجميع وهرعوا لداخل بيوتهم.. لكني كنت أعلم أن الاسوأ قادم.
وبالفعل.. بعد ربع ساعة على الاكثر من خلف الابواب سمعت الصيحات والصرخات..
بحلول منتصف الليل كانت الشوارع تمتلء بهؤلاء المسعورين.. يهاجمون الجميع.. ومهما جاءت سيارات من الشرطة.. هاجمهم هولاء مثلا الكلاب المسعورة.. والمشكلة أن بعضهم قد حصل على قطع من السلاح سواء من الاهالي أو أفراد الشرطة..
كان الامر ينتشر مثل الوباء في كل أرجاء المدينة..
واستمرت المعارك وأصوات إطلاق النار طوال الليل حتى حل الصباح اخيرا.
في الصباح كان الجيش قد وصل للمدينة وانتشر في كل أرجاءها بالسلاح الثقيل.. يمكنك أن تسمع صوت المروحيات تملء سما�� المدينة..
غير أن صوت المروحيات واهتزاز المباني وصيحات الجنود كانت هي الاصوات الوحيدة التي يمكنك سماعها.. فقد حل بالجميع صمت مطبق.
طافت سيارة عسكرية مثلت عليها مكبر صوت تخبر الناس أن الشوارع آمنة.. يمكن للجميع الخروج مع توخي الحدر من الكلاب.. والابلاغ عن أي كلب ضال.. على أن يعودوا إلى بيوتهم قبل السادسة مساءا فالقوات المسلحة فرضت حذر تجوال..
بعد ساعة مرت سيارة عسكرية أخرى مثبت عليها مكبر صوت تخبر الاهالي أن هناك سيارات تفتيش ستمر على كل البيوت لتأخذ كلابهم.. وهذا اجراء احترازي حتى تنتهي الازمة.. بعدها سيتردون كلابهم بسلام.
بعد ساعتين وصلت لمنطقتنا شاحنة كلاب ومعها مدرعة عسكرية وسيارات جيب.. خرج الجنود ومعهم أفراد شرطة بأقفاص صغيرة. ودخلوا المبنى السكني الاول.. كان جميع الجيران يشاهدون ما يحدث تحت شمس المغيب التي تحجبها بعض الغيوم.. بعد دقائق سمعنا صياح.. يبدو أن هناك من يرفض تسليم كلابهم..لكننا شاهدنا الجنود يخرجون بقفص فيه كلبين لا يتوقفان عن النباح وتتبعهما سيدة تنتحب.. ثم دخل الجنود المبنى الثاني فالثالث فالرابع.. أصبح المشهد مملا .. هذه الكلاب لاذنب لها غير إنها كلاب تصادف وجودها في تلك المدينة المجنونة.
كان المغيب يقترب.. وفي المبنى السابع.. سمعنا صرخات.. في المبنى السكني أولا.. ثم في الشارع.. ثم في كل مكان .. لقد بدأت معركة الليلة.
لكن هذه المرة كانت أعنف بالتأكيد.. فضابط الجيش الاول الذي تلقى عضة الكلب.. أصبح جندي شرس في جيش المسعورين.. ولم يحل منتصف الليل حتى سادت فوضى أكبر في كل شوارع المدينة وحتى داخل البيوت، فقد قررت بعض كلاب البيوت أن تلتحق بجيش المسعورين.
في اليوم الثالث صباحا كان كل شيء هادئ من جديد.. لكن لم يخرج أحد من بيته.. بالشارع بعض الجثث.. وبعض المارة.. لكن التوتر بل الفزع يسيطر على الجميع.. تقول الاخبار أن المدينة محاصرة.. لا أحد يدخل أو يخرج منها.. كل شيء متوقف..
وعلى القنوات الفضائية يتحدثون عن حل عسكري حتى يكتشف الاطباء والخبراء ماذا أصاب الكلاب في المدينة.
يتبع..
1 note
·
View note
أشهر المواقع الأثرية في سوريا
أشهر المواقع الأثرية في سوريا
تُعدّ سوريا واحدة من أجمل الدول العربية التي تقع غرب آسيا ويُطلق عليها {الجمهورية العربية السورية}، فتتعدّد المحافظات بها وتتميز كل محافظة بجمالها وتفاصيلها الطبيعية والأثرية وخاصةً أنها تضمّ 14 محافظة، فتحدّها تركيا من جهة الشمال ولبنان وفلسطين والبحر المتوسط من جهة الغرب ودولة الأردن منَ الجنوب ودولة العراق شرقاً.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ كل دولة لا بدَّ لها من أن تضمّ مواقع أثرية قديمة تشتهر بها وتُعتبر جذباً للسيّاح إليها من كل مكان، فالآثار هيَ ما يُميّز كل دولة عن الأخرى حيثُ تدّل على الحضارات القديمة وطريقة تصميمها والأفكار الإبداعية بها، فكل موقع أثري يحتوي على عدّة دلائلٍ تمّت دراستها والتعمّق بها من قِبَل العلماء المختصين بالآثار ومن ثمَ نشر المعلومات لعامّة الناس عنها، وأثناءَ اكتشاف أي موقعٍ أثري تُسهم الدولة في حمايته منَ التخريب وتتحمّل مسؤوليته بالكامل، ولذلك يتم استقبال السيّاح والزوّار منَ المدينة ذاتها بحدودٍ وقوانين يجب أن يتقيّدوا بها للحفاظ على المكان، ولذلك ما هيَ أشهر المواقع الأثرية في سوريا؟
أشهر المواقع الأثرية في سوريا بالصور
صديقي القارئ،، إذا كنتَ من محبي قراءة المعلومات عن أهم الآثار للدول العربية وخاصةً دولة سوريا،، نُقدّم لكَ في هذا المقال جولة سياحية في أشهر المعالم الأثرية التي تتواجد في سوريا بالصور:
مسرح بصرى الأثري:
إنَ هذا المسرح أو المدرج من أهم الآثار المتواجدة في دولة سوريا، فيقع ضمنَ البصرى التابعة لدرعا، فأثناءَ رؤيتك لهُ ستُذهل من جمال تفاصيله حيثُ تمَ بناؤه منذ عام 106 ميلادي من قِبَل {أبولودورو} وهوَ مهندس يعشق التصاميم المعمارية ودمشقي الأصل، فيُمكنكَ ملاحظة عدّة أقسام للمدرج يُمكن المشي عليها والدخول إلى المسرح من خلالها، وتوجد عدّة أعمدة كانت قد نُحتت بشكلٍ مماثل للطراز الكورنثي، ويوجد في خلف هذا المسرح ممر واسع من أجل انتظار الأفراد عليه للفرقة ولأبطال المسرح، ويُمكن لآلاف المشاهدين أن يتسعوا بهِ من أجل الاستمتاع وعدم التضييق على الآخرين، وأثناءَ ملاحظة الحجر المنحوت عليه مسرح البصرى ستكتشف أنهُ منَ الحجر البازلتي، فهذا البناء الهندسي الضخم يُصنف واحداً من أفضل الآثار التاريخية القديمة.
قلعة حلب:
لا بدَّ أنكَ سمعتَ عن هذه القلعة الضخمة التي تتميز بجمالها وتاريخها العريق؟ إنها تقع في مدينة حلب السورية وتُصنف أنها واحدة من أكبر القِلاع المتواجدة في العالم، فيوجد درج قديم يُمكّنكَ منَ الصعود والدخول إليها وأثناءَ الدخول ستُصادفك بوابة كبيرة الحجم وسور ضخم ومن داخلها وتوجد عدّة مساجد قديمة ومسرح كبير وآثار تعود لحضاراتٍ عريقة، وتوجد قاعة تُسمى بالعرش المزينة بالزخارف والتي تطلّ على مناظرٍ خلّابة من هذه المدينة، ونوّد الإشارة أنهُ تمَ تشييدها عن طريق قوّاد الذي يُعرف بالإسكندر المقدوني، وتتميز بوجود خندق عميق حولها والعديد منَ الدهاليز والأواوين وغرف ومصاطب وحوانيت قديمة وصولاً إلى القصر الملكي ويُمكنكَ ملاحظة الكتابات القديمة والتاريخية على جدران هذه القلعة.
قصر العظم في دمشق:
يا لهُ من مكانٍ سياحي وقصرٍ في غاية الجمال، إذا زرتَ دولة سوريا في يومٍ منَ الأيام فلا تنسَ هذه النصيحة الذهبية في أن تزور قصر العظم المتواجد في العاصمة دمشق، لأنكَ ستتعجب من جمال بنائه وروعة تفاصيله كونهُ مبنىً تاريخي عريق بُنيَ خلالَ الفترة العثمانية ويُعبّر بشكلٍ جميل عن المنازل الدمشقية القديمة وتتغلله رائحة الياسمين الفوّاحة في كلِ مكان.
ومؤخراً تمَ العمل عليه لافتتاحه على هيئة متحف يضمّ العديد منَ الصناعات اليدوية والتقاليد والأزياء القديمة والشعبية، فيوجد بهِ عدّة قاعات وكل قاعة بها حكاية وتفاصيل تجعلكَ تنتقل منَ الواقع إلى الخيال، فيُمكنكَ الدخول إلى قاعة الصدف تليها قاعة الكتابة وقاعة السلاح وقاعة الصناعات النحاسية وقاعة الحج وقاعة مخ��صة بالآلات الموسيقية وقاعة للمقهى، وفي كل قاعة ستجد تفاصيلاً تُعبّر عنها، حتماً ستكون جولة سياحية رائعة ضمنَ الشام القديمة.
{لتتعرّف أكثر على التفاصيل الدمشقية لقصر العظم ومشاهدتها افتراضياً يُمكنكَ الضغط على هذا الفيديو الذي سينقلك في جولةٍ رائعة للتعرّف عليه}.
النواعير في حماة:
لا يوجد أجمل من منظر المياه والنواعير الضخمة التي تشتهر بها مدينة حماة السورية، فكانَ الإنسان في الحضارات القديمة يُفكّر في عدّة حلول للري ومن أبرزها أنهُ قامَ بابتكار هذه الوسيلة التي أصبحت معلماً أثرياً وسياحياً في عصرنا الحالي، فهيَ عبارة عن آلةٍ ضخمة تتحرك باستمرار مهمتها الرئيسية هيَ رفع الماء وصبّه ضمنَ قناة لريّ الحدائق والبساتين والمناطق الأخرى، وتوجد 17 ناعورة على نهر العاصي ويُشير البعض إلى أنها قديمة جداً وأنَ الرومان هم من اخترعوها ولكن هذه المعلومة ليست مؤكدة فالفئة الأخرى تقول أنَ منشأ النواعير هم اليونانيين، ولا تزال تعمل نواعير هذه المدينة إلى اللحظة الحالية وتُعتبر جاذبة للسيّاح للتصوير بجانبها والاستمتاع بهذا المنظر الخلّاب.
سوق الحميدية:
لا يُمكنكَ زيارة سوريا وخاصةً مدينة دمشق إلّا والتوّجه لزيارة هذا السوق العريق والتج��ري الذي يحتوي على أعدادٍ كبيرة منَ الحوانيت، فهوَ عبارة عن شارعٍ واسع يضمّ أعداداً كبيرة منَ المحال التي تضجّ بالملابس والأطعمة والحبوب والأعمال اليدوية وسوق البزورية وسوق العباءات وبعض الصناعات التراثية والذهب وكل ما يحتاجه الإنسان، وفي نهاية الشارع ستصل إلى الجامع الأموي ويعود تاريخه إلى 1780 خلالَ عهد السلطان عبد الحميد، وأجمل ما يُميّز سوق الحميدية هوَ السقف الحديدي الضخم الذي يحميك في الشتاء والصيف ويجعلكَ تستمتع بجولتك بكل أريحية، ولكن في بعض الأحيان لا يُمكنكَ المشي هناك من كثرة الازدحام حيثُ يتسارع الناس إلى رؤيته وشراء احتياجاتهم الخاصة منه.
الجامع الأموي في دمشق:
كما ذكرنا أنكَ في نهاية جولتك داخل سوق الحميدية ستصل إلى المسجد الأموي الدمشقي الذي يُعتبر واحداً من أهم الآثار التاريخية القديمة في دولة سوريا، حيثُ تمَ بناءه في عهد الخلافة الأموية على يدّ حرفيين ومهندسين وعمّال ماهرين أبدعوا في تصميمه وأُنفقَ عليه الكثير منَ الأموال ليظهر بهذه التحفة الأثرية العريقة، فكانَ في البداية معبداً ومن ثمَ تحوّلَ لكنيسة وصولاً إلى المسجد الأموي بعدَ اتفاق الوليد بن عبد الملك بن مروان معَ أصحاب الكنيسة لأخذ الأرض منهم وتعويضه لهم عنها.
وأثناءَ الدخول إليه ستُلاحظ المآذن وهما {المنارة الغربية والمنارة الشرقية} ومئذنة ذهبية اللون يُطلق عليها {بمئذنة العروس}، وتوجد عدّة أبواب لهذا المسجد مثل {باب جيرون، باب الزيادة، باب البريد، باب المحدث، باب خلف الحراب، باب العمارة} وتوجد عدّة محاريب مثل المحراب الغربي والكبير والمالكي والحنفية والحنابلة، ولا يُمكن وصف جمال وروعة صوت الآذان في المسجد الأموي الذي يُسهم في تهدئة الأعصاب وزيادة الراحة النفسية، وبالرغم منَ الصعوبات التي واجهها هذا المسجد من زلازلٍ وحرائق التي أثّرت عليه، إلّا أنهُ بقيَ من أهم المعالم وواحد من أفخم المساجد في العالم من حيث البناء والتصميم المعماري.
تزخر دولة سوريا بمعالمها الأثرية التي لم نذكر منها إلّا القليل، وبطبيعتها الخلّابة التي تجعل منها دولةً عريقة وساحرة بتفاصيلها، فتوجد العديد منَ الأماكن السياحية التي ستجذب انتباهك وتسرق قلبك أثناءَ رؤيتها وزيارتها، ولذلك في رحلتك القادمة إلى سوريا لا تنسَ زيارة هذه الأماكن الأثرية والتصوير بجانبها للذكرى.
.
from فنجان https://funjaan.com/%d8%a3%d8%b4%d9%87%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ab%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7/
2 notes
·
View notes