عندما تنضج الكلمات بقلم الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي ليلة الجمعة كنت في زيارة لمرقد الامام الكاظم (ع), كان الجو باردا, لكن مع هذا كان المكان مزدحما بالزوار, شاهدت شاب جالس قرب ضريح الامام موسى بن جعفر (ع) وهو يجهش بالبكاء, انصت اليه احاول ان اسمع كلمات القرب, ففي لحظات القرب تكون الكلمات اتم, فكان يقول:" اللهم تحاصرني أعين حاسدة وقلوبا حاقدة وانفس ماكرة وانا لا حيلة لي في رد كل هذا, اللهم بحق الامام الكاظم ابعدهم عني وعن من احب". كانت كلمات صادقة وناضجة عبرت عن حالة اجتماعية لا يمكن تجاهلها, التمزق الاجتماعي, النفاق, الاحقاد, التحاسد, المكر, الخيانة, في مقابل هذا تواجد ايمان روحي يصرخ بوجه النفاق والعولمة والالحاد, ويحارب جيوش الشيطان والصخب الالكتروني. احيانا عندما ننصت بعمق لما يقال حولنا, نكتشف عوالم تغيب عنا في زحمة ولادة الكلمات والحوادث. • لا خسائر السبت الماضي دعانا صديقنا علي الدراجي لوجبة كباب, فلبى كل الاصدقاء لحضور الوليمة, فالكباب لا يقبل اعتذارات, وقد انتبهت لصديقي محمود ويبدو عليه انه متعب ومهزوم نفسيا, بعد فشل مشروعه الاخير في افتتاح مكتبة, حيث لم يجن منها الا التعب واضاعة الجهد والوقت والمال, يلوم نفسه كثيرا على دخول تلك التجربة الفاشلة, ويعاتب اصدقاءه لان لا احد قدم له النصح. في تلك اللحظة المنكسرة التي يعيشها محمود كان من بين الحضور رجلا عجوز, كان يوصل طلبية الكباب لبيت صاحب الوليمة, وكان ينصت لحوار محمود وتعاسته, فالتفت اليه وقال: " يا بني لا تقول ابدا انك خسرت, بل اعتبر تجربتك الفاشلة خطوة اولى للنجاح القادم, اشعر نفسك بالنجاح وستنجح". توقف محمود عن الكلام, شكر العجوز على ما قال, بعدها اصبح محمود شخص ثاني, ما بقي من وقت الوليمة كان محمود يضحك ويحاور ويأكل الكباب بشغف, واخبرنا في النهاية انه يفكر بمشروع جديد.
0 notes
أربعة شعراء من سرور وأعمال شعرية مفقودة ..
د. سيف الرمضاني
سرور تلك القرية الريفية الوادعة الجميلة التي تبدو كحورية تستحم على ضفاف وادي سمائل الخصيب يبدو أن لها نصيباً من اسمها الذي من بين ما يعنيه الفرح والنعمة والبشاشة والطرب والنشوة ؛ فهي قد عرفت بشعرائها وأدبائها وفقهائها الذين كان لهم إسهامهم في الحراك الثقافي والأدبي العماني مثلها مثل العديد من المدن والقرى العمانية التي أسهمت في هذا الجانب.
لقد برز من هذه القرية الصغيرة التي لا تبعد عن مسقط العاصمة سوى أقل من خمسين كيلومتراً العديد من الأسماء التي شكّلت مع أقرانها في مختلف أرجاء الوطن لوحة الفسيفساء الرائعة للأدب العماني على مر العصور.
وبالإضافة للجيل الحالي من هذه الأسماء الأدبية ؛ فإن هناك العديد من الأسماء التي ظلمها التاريخ ، ولم تتح لها الظروف غير المواتية قديماً لجمع مأثوراتها العلمية والأدبية وحفظها من الشتات والعبث والنسيان.
ونتيجة لضياع مخطوطاتهم أو اختفائها بعد وفاتهم فإن ما وصلنا عنهم ليس سوى القليل من نتف الأخبار والأشعار ؛ منها ما هو متداول ضمن كراسات شخصية هنا أو هناك ، ومنها ما هو مخطوط في بعض المكتبات الخاصة ، ومنها ما أوردته بعض الدراسات ، ومنها ما يتناقل على ألسن الرواة والحفّاظ.
وكنا نسمع منذ صغرنا عن بعض هؤلاء الأعلام ونحفظ بعضاً من قصائدهم وأخبارهم المتناقلة التي كانت تجري على الألسن في المجالس العامة والخاصة وجلسات الأدب والطرب ؛ لكننا كذلك كنا – في طفولتنا وريعان شبابنا – لا نعي القيمة المادية والمعنوية لتلك المأثورات فأهملنا تسجيلها وتوثيقها من ألسن الآباء والأجداد حتى انقرض الكثير منها بوفاتهم .
من بين هؤلاء أربعة من الشعراء الذين ظلمهم التاريخ بضياع الكثير من مأثوراتهم الشعرية أو اختفائها نتيجة الإهمال ؛ وهم خالد بن هلال الرحبي ، وعبدالله بن أحمد الحسيني ، وسالم بن ناصر الغافري ، وسيف بن نصير الحسيني.
(١) خالد بن هلال الرحبي :
مما ورد عنه في معجم البابطين بأنه قد لقب بشاعر «سرور»، ولد حوالي عام 1325هـ ، ورحل مع والده في سن مبكرة إلى جزيرة زنجبار ، فاستفاد من علمائها وأدبائها في صقل موهبته الشعرية وكان ينشر إنتاجه الشعري في جريدة الفلق التي كانت تصدر هناك ، لكنه بعد وفاة والده رجع إلى وطنه ، وظل يتنقل بين قريته سرور ومدينة نزوى قبلة طلاب العلم في ذلك الوقت ، فأخذ قسطاً وافراً من العلوم الدينية والعربية.
تولى القضاء عام 1367هـ على ولاية دماء والطائيين ثم نقل إلى ولاية بدبد، وحدثت له ضائقة مالية قرر على إثرها العودة إلى زنجبار ، لكن الموت لم يمهله فتوفي عام 1372هـ الموافق 1953م.
يقال إن له ديوانا مخطوطاً جامعا لأشعاره يسمى «السحر الحلال» لكنه مفقود ، وقد وجدت في مكتبة الشيخ موسى بن عيسى البكري عام ١٩٩٨م كراسة تحوي بعضاً من أشعار الرحبي ، كما توجد له مجموعة من القصائد المخطوطة قالها في حروب الإمام محمد بن عبدالله الخليلي تسمى «الإماميات»، يغلب عليها الجانب الاستنهاضي بإلاضافة إلى أشعار في الرثاء والإخوانيات ومجموعة من القصائد المخمسة، وأسئلة نظمية في الفقه وبعض الأراجيز المتناثرة هنا وهناك.
من شعره :
بارقٌ من جانبِ الغرب سرى
فتجلّى حولَ أرضي سَحَرا
جعلَ الرعد زفيري في الدجى
إذ تَراءى والدموعَ المطرا
يا لهُ من بارقٍ لي باخسٍ
أخذ النومَ وأعطى السَّهرا
كلّما لاح لعيني ضوؤه انْـ
ـفصمتْ من عُقَدِ الصبْر العُرا
ليتَ شعري هل سقَتْ غاديةٌ
ربْعَ أحبابي فأضحى خَضِرا
وله قصيدة طويلة يصف فيها بلده سرور ومنها هذه الأبيات :
دع عنك تذكار المعاهــد والدمن
إن لم تجد كــسرورنا وطنـاً حسن
بلـدٌ غدت للعـين أبهج َ مسرحٍ
وغدت تضاهي العقد في جيـد الزمن
فكأنّــها أفـقَ السماءِ وأهلَها
مثلُ النـجوم بنورهـم يجلى الدّجن
زهرت سرور بهم فأضحت بهجة
في الأرض مثل الخال في الظبي الأغن
وسرور في وادي سمائل أصبحت
روحــاً يعيش بهـا و ذا الوادي بدن
(٢) عبدالله بن أحمد الحسيني :
ولد في قرية سرور وتوفي فيها عام ٢٠٠١م
مما كتب عنه في معجم البابطين للشعراء العرب بأنه اعتمد على القراءة والاطلاع ، ودرس النحو على يد سيف بن نصير الحسيني ومحمد بن سليمان الرمضاني، كما درس الفقه والنحو على حمد بن عبيد السليمي وخلفان بن جميل السيابي.
له ثلاثة دواوين مطبوع منها : «غاية الأمنية في القهوة البنية» تحقيق خالد بن سليمان الكندي وآخرون ، و«المثلثة»، وديوان في عدة أغراض شعرية متنوعة.
– له أرجوزة في الفرائض بعنوان: «غاية البحث في علم الإرث» وردت ضمن كتاب «شقائق النعمان»، وله عدة مؤلفات ورسائل مخطوطة منها: «منحة
الملك الوهاب بشرح ملحة الإعراب» – في جزأين، و«الآجرومية في النحو»، و«غاية التسنيم في إرشاد الشيخ إبراهيم»، و«السيف المصلت والنحس».
ومعظم هذه الأعمال لا يعرف عنها أحد ، وهل هي محفوظة في مكتبة الشاعرالخاصة أم أنها فقدت.
من شعره واصفاً القهوة :
أنا مُغرمٌ بقُهيوةٍ بنِّيّةٍ
قد أتقِنت في القلي بالتَّمهيد
فالبنُّ ينفح مع إجادة قليه
كبخور عودٍ أو كدهن العود
إن كان قُلِّب فوق جمرٍ ليّنٍ
بتلطُّفٍ وترفُّقٍ ووءود
هاتِ اسقني يا من أجاد لصنعها
أُوتيتَ حكمة صنعها المنشود
كتب فيه الشاعر سيف الرحبي وقد كان معلمه في زمن الطفولة هذا النص :
في المسجد والحقل
وعلى أطراف الوادي الخصيب
كنا نراك وحيداً
تحرث أرضَ الله
لأجل البَركة والجمال
الجمال الأكثر عصبيّةً ورِقة
لا يضاهيه إلا قمر الطفولة
كما تجلّى في خطّك المُعْجز
وقتالك ضد الأخطاء التي يمتليء بها العالم
كنتُ صغيراً
حين اصطفيتَني لقراءة ما تكتب
وأنت تصغي الى هسهسة فجر ينبلج من ثنايا الكلام
في مسجد الحارة
المتاخم للمقابر المكشوفة العظام
أي وعل يتنزه منتشيا في بهاء الحروف؟
عشتَ غريباً في قومك
زاهداً بما يقولون ويفعلون
كفنّك المنذور للمستقبل
وربما للنسيان.
(٣) سالم بن ناصر الغافري :
ولد الشاعر بسرور وينتسب لعائلة الإمام محمد بن ناصر الغافري التي استوطنت سرور في القرن الثامن عشر الميلادي ، ومن أحفاده الشاعر العماني زاهر الغافري.
اشتهر ابن رمثه بأنه كان في طليعة شعراء المسبعات ، وكان ينظم أيضاً شعر الميدان ومقاصب فن الرزحة ؛ لكن مما يؤسف له أن الكثير من شعره مفقود ، ولم يصلنا منه إلا القليل عن طريق تواتر الرواة ، لذا نجد ما بقي من أشعاره وأخباره بروايات مختلفة.
اشتهر ابن رمثه بأنه كان في طليعة شعراء المسبعات في السلطنة ، وكان ينظم أيضاً شعر الميدان ومقاصب فن الرزحة ؛ لكن مما يؤسف له أن الكثير من شعره مفقود ، ولم يصلنا منه إلا القليل عن طريق تواتر الرواة ، لذا نجد ما بقي من أشعاره وأخباره بروايات مختلفة بعد أن طال الكثير منها يد التحريف والتصحيف ، كما قام البعض بانتحال بعض مأثوراته الشعرية التي عرفت عنه.
محور أشعار ” ود رمثه ” يدور حول الغزل والغرام والوصف والبكاء على الأطلال والنصائح ، وقيل أنه كان كان لا يتورع عن أن يصرف ما لديه من مال دون حساب للاستمتاع بمباهج الحياة وزينتها وجمالها. ومما يروى عنه أن زائرة له من بلاد بعيدة عندما شاهدت نخلة زبد أمام مدخل بيته طلبت أكل جمارتها أي قلبها الذي إذا أزلته تكون قد قضيت عليها ، ويسمى باللهجة العمانية “حجب” ، فأمر بقطع النخلة لاستخراج الجمارة لتأكل منه زائرته.
وزائرة أخرى بعد أن سمعت عنه طلبت منه عقداً (منضداً) من ذهب على شكل قلب ، فأرسل إلى خال له في الرستاق ليصنع لها ما طلبته منه ، وقد قال في ذلك :
عندي فتى يا الخال تبكي بكا الخلخال
وتريد منضد وتذعن باليدين بخال
قلنا لها : اسكتي عندي حموّة خال
وخوالنا يكتمون السر في الأرضِ
وتريد منضد ما منزول في الأرضِ
منضد حكى قلبها في الطول والعرضِ
ويا الله بخولٍ سـقى الرسـتاق دار الخال
ومن مسبعاته الشهيرة :
النهار ما نجلسه والليل ما نغفيه
والماي ما نشربه من كثرة خيال فيه
وايي على من معذب مهجتي وايي
ووايي على من دعا القلب مشوايي
والعشق شروا القفل مـعـيّــــص وملوايي
والعشق مر وحلو لا بارك الله فيه
(٤) سيف بن نصير الحسيني :
عاصر الشاعر خالد بن هلال الرحبي ، وعرف عنه علمه وتبحره في الفقه والأدب ، ومجالسته للعلماء والأدباء ، ودرس على يديه مجموعة من طلاب العلم.
اشتهر الشاعر بصعلكته في الحياة ؛ ففي نظره أن الاهتمام بالجوهر هو مقدم على الاهتمام بالمظهر ؛ ولذلك تراه هائماً لا يهتم بمن حوله وما حوله قدر اهتمامه بالقراءة وطلب العلم.
ومما يروى عنه أنه توجه لمسقط للسلام على السلطان فيصل بن تركي ضمن جملة المهنئين له بالعيد فلما رأى الحاجب الشاعر بملابسه الرثّة البالية نظر إليه بازدراء ، فقال هذه الأبيات :
لا تنظروا شخصي بعين حقارة
من رث أثوابي وهيئة حــــالي
فلربما تحت الثياب أجل من
غالي الثياب وفاخر الأمــوال
وعندما حاول الحاجب منعه من دخول القصر صرخ فيه قائلاً :
بأي أمر عن السلطان تمنعني ؟
بأي شي على اليوم تفتخر ؟
ان كان غرتك أثوابي التي بليت
فتحتها جملة الآداب تنحصر
فبلغ شعره مسامع السلطان فأمر بدخوله ورحب به وأحسن إليه وأكرم وفادته ، وأمر له بملابس جديدة.
ويروى أن الشاعر سيف بن نصير زار الشاعر راشد بن عزيز الخصيبي أحد وزراء السلطان فيصل في مزرعته بالسيب وقت قيظ المانجو (الأمباء) ، ولم يجده ، ووجد ثمار الأمباء متناثر تحت الأشجار ، فكتب هذه الأبيات على ورقة وأعطاها لأبناء الشيخ راشد بدون أن يكتب عليها اسمه :
أأيتها الأمباةُ جودكِ مسرفٌ
نثرتِ الثمارَ الغضَّ و الريحُ راكدُ
فقالت : و ما لي لا أجودُ وأنني
سُقيتُ بسيبٍ فيضهُ متزائدُ
لقد كنتُ فعلُ الجودِ جاهلةََ بهِ
فعلّّمني إيّاه ذو الفضلِ راشدُ
وعندما حضر الشيخ سلّموه الورقة فقال لأبنائه بأن الكاتب هو سيف بن نصير الحسيني طالباً منهم أن يلحقوا به ليحضروه إليه فوجدوه قد قفل راجعاً لقريته.
وارتجل الشاعر الحسيني في فنون الميدان والرزحة ، ومن ذلك مساجلة دارت بينه وخلفان بن سالم الندابي في الرزحة يشيران إلى مشروع زواج لم ينجح :
قال خلفان :
يا بن نصير سحابكْ فرَّقْ به الهبوب
دوّرْ سحابٍ عنَّهْ واقرأ الفاتحهْ
بستان قلبك يزهي ناسعات قلوب
ما تعود لن عادت عليها البارحه
فرد عليه سيف بن نصير :
لا اله الا الله زدتني همّ وكروب
وجرّحت قلبي بنصلةٍ مصفّحه
صرنا نوازن بين الحسنه والذنوب
رينا ميازين المعاصي راجـحـه
ومن قوله في الميدان :
المعرّس بايت يقسّم نومه
يخدم غزل خوك حَ التَّــلِّ
أنا سألك بجودَهْ يا قشّ منومه
تفضّلْ رطبتين حِــتّللي
ومما يروى عنه أنه مرّ بجوار إحدى المنازل وكان يصدر منها صوت امرأة تستجير بالصراخ ؛ فأنشد في الموقف قائلاً :
نركب على الخيل وعلى بوش
ونوصل على صحار وا يينا
الجويريهْ انتيه ما وابوش
وايي أنا اليوم وايينا
وروى المرحوم الشيخ سيف بن محمد الفارسي أنه عندما كان يتعلم في نزوى ( مدرسة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي) كان يذهب مع زملائه ليغسلوا ملابسهم من فلج الغنتق بنزوى، وبالقرب منهم مسجد فدخل الشيخ سيف ذلك المسجد فوجد رجلًا كبيرًا في السن عليه ثيابٌ رثة ولحية بيضاء وحالته يرثى لها ومن رآه يحتقره!
فقال الرجل للشيخ سيف: ماذا تقرأ يا ولدي؟
فقال له: لامية الأفعال
وأي بيتٍ وصلت؟
قال له: البيت الفلاني
فقام ذلك الرجل بقراءة أبيات من لامية الأفعال، ثم قام بشرح ذلك البيت للشيخ سيف الفارسي
يقول الشيخ سيف : فتعجبتُ من مكنته في اللغة.
فخرجتُ وأخبرتُ زملائي عمَّا حدث معي.
فقالوا له : ألا تعرف ذلك الرجل؟!
إنه الشيخ سيف بن نصير الحسيني، وقد طلبه الإمام الخليلي ليكون معلمًا للغة العربية ولكنه رفض!
وهكذا فإن تاريخ عمان زاخر بمكنوناته الفريدة في مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية ؛ وما على الباحثين والمهتمين إلا البحث عنها والنبش فيها وسبر مدلولاتها ومعانيها لتكوين رؤية موضوعية شاملة غير متحيزة لأحداث التاريخ وشخوصه.
source http://lubannews.com/x-19/
1 note
·
View note
معارك الأدباء والكُتّاب.. الكلمة قد تجرح
لا يمكن للتاريخ أن ينسى الكثير من الخلافات والمساجلات التي حدثت بين أدباء وآخرين وبين نقاد وكتاب بعضهم لبعض، وفي الوقت الذي لا يمكننا أن نحصي عدد تلك الخلافات المشهودة في المشهد الثقافي سواء العربي بصفة عامة أو حتى المحلي بصفة خاصة فإن هناك الكثير من الخلافات التي ظهرت للعيان بين طرفين لكل منهما وزنه في الساحة الفكرية والثقافية فما زلنا نذكر الخلاف الكبير الذي حدث بين الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- وبين الشيخ الدكتور عائض القرني والذي انتهى بسحابة سلام جمعت بينهما، وكذلك الخلاف المشهود والذي كان أحد طرفه الناقد عبدالله الغذامي والكاتب محمد العلي والذي أثار حوله الكثير من النقد والتأمل من الكتاب.. إلا أن تلك الخلافات والاختلافات بين الأدباء والنقاد والكتاب بعضهم لبعض ليست الأخيرة.. وربما ليست الحد الأخير لوجه الاختلافات بين المثقفين والكتاب.. فعلى الرغم من أن الثقافة وجدت حتى تقرب وتبعد بمسافات ومقاسات تحكمها الثقافة نفسها ويقرب بينها الفكر إلا أن هناك الكثير من الخلافات في الساحة الثقافية كانت صادمة وحادة وضيقة جدا تدور حول تقييم الشخص ولم تكن تنظر إلى فكرة الابداع والمنتج سواء كان ذلك المنتج كتابي أو فكري على اعتباره الأساس في الحوار وليس الشجار.. حتى خرج الشجار من حوار إلى مشادة كلامية ربما انتهت بالتقليل من شأن الآخر وانتقاصه.
في الوقت الراهن.. مشاجرات «صفراء» أبطالها كُتّاب
فهل من الطبيعي أن يتشاجر المثقفون والأدباء والنقاد على عتبة مسرح الثقافة التي وجدت من أجل قبول الآخر والإصغاء لرأيه مهما كان ذلك الرأي؟ أم أن المشاجرات الشخصية تكون موضوعية بوصفها منطلقة من الدفاع عن الفكرة التي يؤمن بها الكاتب، وظالمة حينما تقلل من قيمة الآخر كشخص؟ ثم هل يحق لمن يحملون على عاتقهم "هم" الفكر والثقافة أن ينزلوا بالثقافة إلى مستوى التراشق والسباب والتقليل من الآخر مجاهرة وكأنها حلبة عضلات لا فكر؟ وما سر تحامل بعض المثقفين من الكتاب على شخصيات دون أخرى واستهدافها ثم استبعادها في بعض المواضع.
النرجسية:
يقول جبير المليحان -القاص والمؤسس لشبكة القصة العربية- حينما يثار الحديث عن الادب والإبداع وربطه بأسماء مبدعه فإننا نجد بأن البعض يميل بالحديث عن الشخص نفسه وليس عن الأدب أو عن إبداعه، فحينما يكتب البعض عن بعض الادباء فأننا نجد بأنه يركز كثيرا عن الحديث عن شخصه وليس عن ما كتب وهذا يتنافى مع موضوعية القراءة والنقد، فالنقد الأدبي يبحث في الإبداع نفسه فيتناوله بالنقد دون أن يتأثر ذلك النقد بانطباعات الناقد الشخصية عن الأديب، فنلاحظ بأن الكثير من الحوار بين أديبين أو مبدعين في بعض الحالات يخرج عن قيمة ما هو مكتوب فالكتابة التي يكتبها الأديب أنواع فهناك من يعبر فيما يكتب عن ذاته ويعبر عن الآخر كشخص إلا أن جوهر العلاقة بين بعض الادباء بعضهم لبعض في مسألة ثقافية ما كما لو كانت مواجهة مع الشخص بذاته حتى يتحول من طابع الحوار إلى شجار وهنا تكمن المشكلة، فالحديث عن أي مسألة في الثقافة لابد أن تخرج عن الطابع الشخصي وتقييم شخص الآخر إلى تقييم أدبه أو الابداع بشكل أو بآخر ولذلك فإن القليل من النقاد -للأسف- من يأخذ المسألة بشكلها الموضوعي فالكثير من الكتابات عن بعض ما يكتبه الأدباء تأخذ طابع النرجسي وهنا الاشكالية الكبرى والخلل في البعد عن تقيم الإنتاج بعيدا عن رأيي الشخصي تجاه الشخص، وهذا جانب مرضٍ موجود في علاقات الأدباء بعضهم لبعض، ويحدد ذلك قربه من فلان وبعده من فلان وربما تدخل المصلحة في العلاقات فتكون هناك مجاملة لشخص مسؤول في ناد أدبي أو في جمعية أو صحيفة وهي وسيلة للتقرب ومن هنا يأتي إبعاد بعض المثقفين والمبدعين عن مناسبة معينة دون أخرى فتأخذ الامور بشكل اعتيادي في حين أن هناك من استبعد أديبا لطابعه الشخصي المسبق عنه، حتى إن كان هذا المبدع لديه انتاجا رائعا ومؤثرا وهنا يختلط الجانب الموضوعي مع الشخصي.
وأشار المليحان قائلا "قد يتأثر شيوع وانتشار منتج ما لكاتب ما بتلك التقييمات الشخصية فهناك من يقيم إنتاج ما من خلال انطباعه الشخصي عن صاحب الكتاب وربما استبعد ذلك المنتج من الكتابة عنه في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، إلا أن المنتج الجيد يفرض نفسه في النهاية فالناقد الذي ينتقد المنتج الجيد لانطباعاته الشخصية وبعده عن الموضوعية سيأتي ناقد آخر محايد ويتحدث عن ذلك المنتج بحيادية في حال فرض ذلك المنتج نفسه من حيث جودة العمل سواء كان شعر أو قصة أو رواية، فالتجاوز في تلك الآراء التي تنبثق من انطباعات شخصية غير مؤثرة كثيرا إذا ما كان المنتج ناجح فالقراء هم النقاد المخفيون والحقيقيون.
مخاض المجتمع
ويقول الدكتور فالح شبيب العجمي الاكاديمي والكاتب: الأديب شخص اعتباري، لكنه مثل كل الناس في مجتمعه؛ تحيط به ظروف المجتمع المؤثرة في الناس إيجاباً وسلباً. فعندما يكون المجتمع راقياً ويتوافر على ظروف معرفية وشروط اجتماعية سلسة في التعاملات، فإنه يكون كذلك؛ وإن كان المجتمع مأزوماً، أو ت��يط به مسببات القلق النفسي للأفراد، مما ينعكس بدوره على التعاملات، فإن الأديب أو المثقف يصبح بليداً وانتقامياً في علاقاته، وكذلك انتقائياً في أحكامه ومواقفه.
بل إنه حتى في المجتمع الواحد يختلف الوضع صعوداً وهبوطاً حسب الحقب والظروف، التي يمر بها المجتمع، والمخاضات التي تنتج عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ فكلها تؤدي إلى هزات في الساحة الثقافية ينتج عنها كثير من التغيرات في نوع الأدب والفكر من جهة، وفي العلاقات بين الأطراف المتعاملة معه من جهة أخرى.
فإذا نظرنا إلى الأدب العربي الحديث، سنجد على سبيل المثال، أن تنوعه وازدهاره يرتبط دائماً بفترات استرخاء اقتصادي وسياسي واجتماعي؛ حدث ذلك في النصف الأول من القرن العشرين في مصر ولبنان، ثم في الستينات والسبعينات في العراق وبعض بلدان الخليج العربي. لكنه لم يعد مزدهراً، بعد أن طوقته الأيديولوجيات بدءاً من ثمانينات القرن الماضي. وأخيراً حاصرته الأزمات الاقتصادية والسياسية في هذا القرن، إضافة إلى سيطرة التكنولوجيا والتواصل السريع على الساحة الثقافية، وبين شرائح الشباب على وجه الخصوص.
أما التجرد والموضوعية، فهما من الأدوات، التي لا يجيدها كثير من الناس، ولا تتيحها أيضاً إلا البيئات التي نضجت فيها قيم التعايش والتسامح بين الفئات الاجتماعية المختلفة، لأن الأدب في النهاية هو تعبير عن تفكير المجتمعات، ولا يمكن أن ينتعش في بيئة إلا إذا كان يعبر عن قيمها.
الخلافات الشخصية بين الأدباء طبيعية، لكنها تأخذ صورة الاتجاه الشعبي عندما تكون التحيزات الجماهيرية ليست للأفكار والقيم المطروحة، بل للأشخاص أنفسهم؛ فيكون التحزب لصاحب القول أو الفكرة، وليس لمضمونهما ومدى اقتناع الناس بذلك. ظهرت تلك الخلافات مثلاً بين رموز الدواوين الأدبية في مصر، ولدى أدباء الأحزاب السياسية والدينية خلال فترات المد القومي والديني، الذي اكتسح البلدان العربية خلال ستة عقود مضت. وأخيراً شاعت هذه الظاهرة بين رموز أدبية وضعت نفسها قائمة على "الحداثة"، ثم ناقمة عليها، ومستهترة بقيمها وقيم الليبرالية المتصلة بها. وما كان ذلك ليحدث لو أن الجماهير كانت أكثر وعياً من أن تصنع تلك الرموز، التي لا تجيد إلا صف الكلام شبه الخالي من الأفكار.
صراع الكبار
وتقول الدكتورة انتصار العقيل الكاتبة والروائية: "من يمتهن الأدب عليه قبل أن يؤدب الآخرين ويوجههم للمثل والقيم عليه أن يبدأ بنفسه فيهذبها ويصلحها ليكون هو قدوة يعكس ما يدعوا له من قيم ومبادئ، فمن المؤسف أن نصدم بالكثير من أهل الفكر والثقافة والأدب فنجد بأنه لا علاقة لهم بكل ما يدعون إليه من فكر والعكس تماما. فأهوائهم الشخصية ومصالحهم وأغراضهم هي التي تحركهم، أما عن معارك الأدباء الكبار النبلاء فيكون هدفها الصالح العام وتدور حول نقاط تنويرية جوهرية. مثلما المعارك الفكرية التي نشبت ما بين العقاد وشوقي وطه حسين. والرافعي مع طه حسين والعقاد وسلامة موسى وزكي مبارك، فكانت تلك المعارك شرسة لكن ليس بين شخصين بل بين تيارين من أجل منهج فكري أو علمي فكان ذلك الاختلاف يصدر في كتب وليس في مقالات.. فالاختلاف كان اختلافا أدبيا فربما يكون في بعض الحالات قاسيا شرسا لكنه كان قيما يثري الساحة الأدبية بدليل أننا إلى يومنا هذا نقرأه ونعجب بأولئك المبدعين وبعلمهم وبإنتاجهم.
في العصر الحالي ذهب الكبار وبقي الصغار. لذا لا يوجد معارك أدبية بل خلافات شخصية لها أهداف مخفية، ولكن رغم كل محاولات مافيا الفكر نجاح أي منتج أدبي لا تستطيع هذه التحفيزات أن توقفه، فالقارئ هو وحده الذي يحدد أهمية أي عمل أدبي، ولي تجربة في ذلك فقد أصدرت كتاب "قد نختلف" وقد جمعت فيه رأيي حول الزواج المسيار والأدب الفاضح وبجانبه الرأي المضاد، ومع الأيام أعلن الأستاذ الفاضل عبدالله خياط في ليلة تكريمي في اثنينية الخوجة أنه في تلك الفترة حرض ضدي وذكر أسماء من حرضوه، ومن تجربتي استطيع أن أقول هذا لا معارك أدبية ولا اختلاف في الرأي.. فما يحدث لا يبعد عن كونه أهوارا وأغراضا شخصية ولا يصح سوى الصحيح، فخصومات اليوم تسقط الأقنعة وتظهر الكاتب والمثقف والإنسان والكاتب والمثقف البهلوان، المهم قيمة الكاتب والمثقف تعادل قيمة القضايا التي يتبناها.
حمد الجاسر
عبدالقدوس الأنصاري
انتصار العقيل: الخلافات الشخصية تسيطر على المشهد الأدبي
جبير المليحان: الشخصنة تنافي موضوعية القراءة والنقد
د فالح العجمي: المثقف انعكاساً لمجتمعه فقد يكون بليداً وانتقامياً
عبدالله بن خميس
محمد العلي
د. طه حسين
عبدالله بن إدريس
عبدالله خياط
أحمد شوقي
د. غازي القصيبي
عباس العقاد
د. زكي مبارك
from الرئيسية http://ift.tt/2lt8NgB http://ift.tt/2m5mXBk
from Blogger http://ift.tt/2lsrS27
0 notes