الإنسان قضية .. كم من الأحداث البسيطة تغير مجرى حياة الإنسان و تحدد مستقبله، فعقدة السبحة رغم أنها اصغر من أي حبة من حباتها، لكن إذا ما فلتت تكرالسبحة بكاملها، و أحيانا يخرج ماعز من اجل قشرة فاكهة فيجر القطيع خلفه.
قد يكون الخوف من الغد أكثر المشاعر قدرةً على فصل الإنسان عن واقعه وحاضره ودفعه نحو المستقبل. إنه إقامة جبرية في مستقبل كلُّ ما فيه متخيّل.. كلُّ ما فيه من صنع مخيلتنا.
الخوف يلغي الغد وإن أتى، ويجعل الغد مشكوكًا بأمره إلى أن يصير "أمس".
تخطى عمري أربعة وعشرين عامًا ومازلت تائه وخائف، منذ ثمان سنوات كان لدي حلم بأن أصبح كاتبٌ وروائي عظيم وكان العديد يثني على كتاباتي وكدت أقتنع، بعد ذلك بعامين كان وقت تحديد مجال دراستي الجامعية وكنت قد اقتنعت بمجال العمارة ولكن عند إتخاذ القرار سألت نفسي ما إذا كان اختياري نابع عن تفكير صحيح أم مجرد هواء؟ وظللت نادمًا طيلة ٥ سنوات بعد إختياري مجالًا اخر للدراسة -وإن لم يكن قراري شخصيًا- في نهاية مسيرة التعليم الجامعي واثناء آخر امتحاناتي في الجامعة أِشير لي بمجال لم يكن في بالي من قبل وذلك كان بطريقة ظننتها انا إشارة من الله لتصحيح مسار مستقبلي. مشيت في هذا الطريق مدة شهر من التجهيزات والتعلم للتقديم في منحة تقدمها الحكومة لمن يريد أن يسلك ذلك المسار، ولكن في تلك الاثناء وقبل تقديمي علي إختبارات القبول في تلك المنحة، حصلت على فرصة التقدم للعمل في شركة تعمل في مجال دراستي الجامعية ف نظرت للموضوع من منظور مختلف، هل تركت لنفسي فرصة التفكير والتمعن في قرار مثل هذا؟ تغيير مجالي الذي درست فيه وهذا التحول الجذري الذي أخذت قراره في أقل من شهر؟ ف وجدت نفسي ذاهب لاداء اختبار تلك الشركة وتأجيل التقدم للمنحة بحجة أن أترك لنفسي فرصة للتفكير -وفي الحقيقة كان خوفًا من تضيع الفرصة والندم عليها-. لم اتوفق للقبول في الشركة وقررت إكمال الطريق والتقديم على المنحة في معادها القادم بعد شهرين وفي ذلك المعاد لم تتاح لي الفرصة للتقديم في المنحة حيث لم يتم فتح باب التقديم. وفي نفس تلك الأثناء حصلت على فرصة تعيين في شركة اخرى تعمل ايضا في نفس مجال دراستي وشعرت بارتياح لذلك وقبلت الوظيفة ونسيت لوقت قصير الحلم الصغير الذي لم يكمل شهره الرابع. بعد مرور شهرين في العمل كانا بالنسبة لي راحة نفسية، والذي اكتشفت فيما بعد أن ذلك فقط بسبب الوضع الجديد من الذهاب إلى مقر العمل يوميًا والإطلاع على العديد من الأمور الجديدة كليًا علي. وها انا ذا أعود للتفكير. هل انا في المكان الصحيح؟ هل ما فعلته من ترك ذلك الحلم الصغير وعدم التقدم للمنحة كان صحيحًا؟ لا أعرف
كل ما أعرفه عن أحلامي القديمة من الكتابة ومجال العمارة أن حلم العمارة أظن حاليا انني لا أشتاق إليه بل وأحيانًا اقول لنفسي أنه من الممكن لو كان قد تحقق لما كنت سأصبح سعيدًا به، أما عن الكتابة ففي كل حين أسترجع الحلم وأتمنى أن يتحقق يومًا رغم عدم السعي إلى ذلك.
كل ما يحرك ذلك التفكير المستمر لدي هو خوفي من المستقبل. هل سأكون في مكان ووضع أسعد به بعد عشرة اعوام من الآن؟ كل ما أتخيله وأتمناه لنفسي أن أكون شخص مهم في مجاله متميز فيما يفعل، لا يمكن الاستغناء عنه في عمله، يعيش في شقة تطل على النيل واجهتها من الزجاج تدخلها أشعة الشمس من كل مكان، لدي زوجة وأولاد يحبونني وأحبهم، وأصدقاء كثيرون نجتمع معهم من الحين إلى الآخر.
لا أتخيل تحقق تلك الأحلام في عملي الحالي ولكن من يعلم؟ هل سيتغير شئ بعد عام أو عامين من الآن؟ أتمنى ذلك ولو كان التغيير في معتقداتي وأحلامي ولكن المهم ان أرتاح.