الجزء الثالث من "سفر المرأة و القرار السامي"
المقال الأول في سلسلة "سفر المرأة" ونشر في صحيفة الوطن بتاريخ ١٣/ ٧/ ٢٠١٨ وهذا رابطه 👇🏻
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=37279
المقال الثاني في سلسلة "سفر المرأة" ونشر في صحيفة الوطن بتاريخ ١٧/ ٧/ ٢٠١٨ وهذا 👇🏻 رابطه
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=37308
وهذا المقال الثالث في "سفر المرأة
...
تحدثنا في الجزء السابق من هذه السلسلة عن اشتراط إذن ولي امر المرأة لسفرها، عن كون هذا الاشتراط بلا اساس حقيقي شرعا او نظاما، كون الحديث الذي استند عليه البعض لتبرير هذا الامر شرعيا، هو حديث يشترط "المحرم" وليس "ولي الأمر" .. وكون الحديث تكلم عن "المرافقة" وليس "مجرد الموافقة والإذن" ، بالتالي لايصح اعتبار هذا الحديث اساسا لهذا الاشتراط من ادارة الجوازات
واليوم سأتحدث عن مسألة المحرَم وسفر المرأة
..
عودة لنص الحديث الشريف الذي أُخذ منه اعتبار ضرورة المحرم لسفر المرأة، نجد أن هناك صيغ عديدة تحمل شرط المحرم وتتفق عليه، وتختلف في مدة السفر اللازم فيها المحرَم للمرأة
والصيغ هي:
{"لايحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها حُرْمة" ـ أي : ذو مَحْرَميَّة ـ " رواه البخاري 1088ومسلم1339
وجاء في بعضها : مسيرة يوم وليلة .
وفي بعضها : سفرا فوق ثلاثة أيام .
وفي بعضها : مسيرة ثلاث ليال .
وفي بعضها: مسيرة بريد}
ونأتي لمناقشة هذا الموضوع عقليا وشرعيا، وهل هناك في السيرة او كتب الشريعة ماعارضه
أ- ملاحظات حول نص حديث "سفر المرأة بمَحرَم"
١/الحديث تكلم عن المرافقة "أثناء طريق السفر"
وليس "موافقة المَحرَم ع سفر المرأة" ولا "البقاء مع المرأة في جهة الذهاب"
٢/حدد الحديث مدة "البقاء في طريق السفر" وهذا واضح من كلمة"مسيرة" ،، وليس مدة"البقاء في جهة الذهاب"
٣/الحديث تكلم بشكل عام عن كل سفر، ولم يحدد سفرا بعينه
٤/الحديث جاء بصيغ مختلفة، بعدة مُدَد للسفر "مرة ثلاثة أيام، مرة ثلاث ليالي، مرة يوم وليلة، مرة مسيرة بريد"
وهذا يدل أن المقصد ليس سفر المرأة بحد ذاته، و إنما مرتبط بالمدة، وما لهذه المدة من تبعات .
...
ب- ملاحظات حول "الأحكام الفقهية" التي أخذت بالحديث، في شأن سفر المرأة:
١/ليس هناك إجماع على حرمة سفر المرأة بغير مَحرَم
٢/الفقهاء الذين أصّلوا بهذا الحديث لـ"حرمة سفر المرأة بغير مَحرَم"، تجدهم تنازلوا عن وجوب المَحرَم في الحج، واستعاضوا عن ذلك بالرفقة الآمنة
رغم أن الحديث "عام" ولم "يرد" عن النبي أنه خصصه!
وهذا يدل ع إدراكهم أن الأمر كان لعلة -رغبة الأمن ع المرأة في زمن كان فيه من الخطر سفرها وحيدة- ، فلما تحققوا حصول الأمن مع الرفقة الآمنة، تنازلوا عن التمسك بحرفية النص!
فالأصل والقاعدة "أن الحكم المعلل، يدور مع علته"
أي: إذا انتفت العلة؛ انتفى الحكم
٣/عندما شُرح الحديث وأصِّل بسببه حرمة سفر المرأة بغير محرم ، كان ذلك في القرون السابقة
في قرون كانت فيها وسائل المواصلات مختلفة من حيث السرعة، و وسائل الأمن
المسافة التي كانت تُقطع سابقا في ثلاثة أيام على الهودج، كمثال "جدة الرياض" ، تُقطع اليوم في ساعة ونصف!
وأطول رحلة طيران اليوم، لن تستغرق أبدا يوم ونصف "أقل مدة ذُكرت في ضرورة وجود المَحرَم" !
إذن الحديث لاينطبق على وضع سفر المرأة اليوم!
....
جـ : هل هناك أحاديث أو أخبار في السيرة، عارضت الحديث السابق؟
نعم،، منها:
١/قول أم المؤمنين عائشة، و اعتراضها ع المفهوم الحرفي للحديث
جاء في مصنف أبي شيبة برقم ١٨٠١٣ "عن الزهري قال: ذكر عن عند عائشة "المرأة لاتسافر إلا مع ذي محرم لها" فقالت عائشة "ليس كل النساء تجد مَحرَما"
٢/فعل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
جاء في كتاب "عمدة القاري" (7/128) : "روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها : أنـها كانت تُسَافر بغير محرم ، فأخذ به جماعة وجَوّزوا سفرها بغير محرم"
٣/خروج أمهات المؤمنين لسفر الحج، بغير محرم
فقد أخرج البخاري في : "صحيحه" (برقم : 1860) من حديث إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أنه قال : " أَذِن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حَجّة حَجَّها ، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف" .
وفيه (اتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك) قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في : "فتح الباري" (4/91)
٤/حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه -وهو في البخاري - لما قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله"
وبلفظ آخر"توشك أن ت��رج الظعينة من الحيرة تؤم البيت بغير جوار"
يعني: بسبب الأمن الذي يضرب بجرانه في هذه الأرض.
(تخرج الظعينة) وهي المرأة في الرحل، من الحيرة ، من الشام ، من العراق .. إلى البيت، ولم يذكر أن معها محرماً.
فقوله صلى الله عليه وسلم: ( تؤم البيت ) دليل على أن المقام المقام ليس مقام ذم للأمر، بل مقام ثناء ومقام نعمة ورحمة أن تكون المرأة تذهب والأمن مستتب لا تحتاج إلى مثل ذلك
.....
د: نأتي لأقوال متفرقة في كتب الشريعة تتجاوز عن نص وجوب المحرم للمرأة عند السفر
- من أقوال العلماء في شرط المَحرَم في الحج و أن المحرم ليس بشرط . قال أبو العباس في : "المفهم" (3/449) : "وذهب عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والأوزاعي ومالك والشافعي إلى أن ذلك ليس بشرط ، ورُوي مثله عن عائشة رضي الله عنها" أ.هـ.
وقال ابن الملقن في : "الإعلام" (6/79) : " فالمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يُشترط المحرم ...وبه قال عطاء وسعيد ابن جبير وابن سيرين ، ومالك والأوزاعي"
وقال ابن مفلح رحمه الله في : "الفروع" (3/236) : " وعند شيخنـا ـ أي : ابن تيمية ـ : تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم . وقال : إن هذا مُتوجِّه في كل سفر طاعة ، كذا قال ـ رحمه الله ـ " أ.هـ . وكذا عنه في : "الإنصاف" (8/79)
وفي : "الاختيارات" (ص/171) للبعلي قوله :
"وتَحُجُّ كل امرأة آمنة مع عدم محرم .
قال أبو العباس : وهذا مُتوجِّه في سفر كل طاعة " أ.هـ.
وجعله جماعة قول الجمهور والأكثر ، قال ابن بطال رحمه الله في : "شرح صحيح البخاري" (4/532) : " هذه الحال ترفع تَحْريج الرسول عن النساء المسافرات بغير ذي مَحْرم .
كذلك قال مالك والأوزاعي والشافعي : تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة ، وإن لم يكن معها محـرم .
وجمهور العلماء على جواز ذلك ، وكان ابن عمر يحج معه نسوة من جيرانه . وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري .
وقال الحسن : المسلم مَحْرَم ـ أي : الصالح التقي كالمحرم الحقيقي في كونه مأموناً على المرأة ـ ، ولعل بعض من ليس بمحرم أوثق من المحرم"
فكلهم اشترط الأمن، و رأى ان ذلك علة المحرم
وقال الموفق ابن قدامة رحمه الله في : "المغني" (5/31) : "قال ابن سيرين : تَخْرج مع رجل من المسلمين لا بأس به .
وقال مالك : تخرج مع جماعة النساء .
وقال الشافعي : تخرج مع حُرَّة مسلمة ثقة.
وقال الأوزاعي : تخرج مع قوم عدول ، تَتَّخذ سُلَّماً تصعد عليه وتنـزل. ولا يقربـها رجل ، إلا أنه يأخذ رأس البعير وتضع رجلها على ذراعه"
وقال النووي رحمه الله في: "شرح مسلم" (9/148) :
"وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه : لا يشترط المحرم، بل يشترط الأمن على نفسها . قال أصحابنا : يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات ، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء ، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها ، لكن يجوز لها الحج معها ، هذا هو الصحيح . وقال بعض أصحابنا : يلزمها بوجود نسوة أو امرأة واحدة ، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد ، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة . والمشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه هو الأول" أ.هـ.
- والمقصود وجود الأمن على المرأة في ذلك كما سبق ، ويكفي ظن وقوعه بلا شَرْط العلم ، كسفر المرأة للحج الواجب مع جَمْعٍ من النساء في (حملة حجٍ) رسميَّة؛ لأنها رفقة مأمونة عادة ، قال ابن الملقن رحمه الله في : "الإعلام" (6/82) : "والذين لم يشترطوه ـ أي : المحرم ـ قالوا : المشترط الأمن على نفسها مع رفقة مأمونين رجالاً أو نساء" أ.هـ. المراد . وكذا أمن الطريق ، وهو ظاهر ، وأشار الحافظ في : "الفتح" (4/91) إليه بقوله : "جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق" أ.هـ.
قال ابن الملقن في : "الإعلام" (6/80،81) :
"قال ابن بزيرة ـ : والذي عليه جمهور أهل العلم أن الرفقة المأمونة من المسلمين تنـزل منـزلة الزوج أو ذي المحرم . وذَكَر عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم ، وقالت : ليس كل النساء تجد محرماً!" أ.هـ.
قال النووي في: "المجموع" (7/70) :
"هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطـوع؟ أو لسفر زيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات ؟ أو امرأة ثقة ؟
فيه وجهان ، وحكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي وآخرون من الأصحاب في : (باب الإحصار) . وحكاهما القاضي حسين والبغوي والرافعي وغيرهم .
أحدهما: يجوز كالحج . والثاني : وهو الصحيح باتفاقهم ، وهو المنصوص في (الأم)" أ.هـ المراد
قال القاضي عياض رحمه الله في : "إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم" (4/446) :
" قال الباجي في "المنتقى" (7/304): وهذا عندي ـ يعني : اشتراط المحرم ـ في الانفراد ـ أي : عندما تسافر المرأة مُنْفردة لوحدها ـ ، والعدد اليسير ، فأما في القوافل العظيمة فهي عندي كالبلاد ، يَصِح فيها سفرها دون نساء وذوي محارم . قال غيره : وهذا في الشابة ، فأما المُتَجَـالَّة ـ وهي الطَّاعِنة في السن ـ فتسافر كيف شائت للفرض والتطوع مع الرجال ودون ذوي المحارم "
...
بعد الاستعراض السابق لأقوال متفرقة حول جواز سفر المرأة بغير مَحرَم ،، نجد أننا أمام ملحوظة جديرة بالانتباه:
"أغلب الأقوال الفقهية الموجودة في كتب الموروث، عن جواز سفر المرأة بغير مَحرَم، كانت تتكلم عن سفرها للحج أو لحاجة "
وهذا التخصيص بالحج أو الحاجة، الذي يتغافل عن المعنى الحرفي للحديث، نجده:
١/نوع من التحكم، لامسوغ له "بمعنى لماذا خصصوا جواز السفر بغير محرم في الحج والحاجة فقط؟ مع ان النص الذي استندوا عليه لم يخصص بحج او حاجة!"
٢/حتى التخصيص بالحاجة: يفتقر لضابط!
فحاجات الناس تختلف، باختلاف الناس نفسهم وأحوالهم، وباختلاف الأزمنة، واختلاف البيئات
والعلة التي تراعى في الحكم الشرعي: لابد أن تكون منضبطة!
٣/هذا التغافل عن حرفية النص يدل أن الفقهاء السابقين أدركوا أن "تحريم سفر المرأة بغير مَحرَم" هو حكم لعلة يدور مع علته، وليس حكم تعبدي باقي أبد الدهر
....
مما سبق نجد أن مسألة لزوم المحرم للمرأة : محصورة، وليست أمرا ثابتا غير قابل للنقاش أو للتبديل
ولايفوتني التنويه بوجود فتوى للشيخ العبيكان عضو هيئة كبار العلماء بجواز سفر المرأة بغير محرم، ويمكن العودة لها للاستيضاح والاستيثاق أكثر
..
ويبقى الجزء الرابع والأخير من سلسلتي حول إذن سفر المرأة والقرار السامي، والذي سيكون فيه النقاش حول: هل أضرّ اشتراط الجوازات إذن ولي أمر المرأة على سفرها، بها؟
1 note
·
View note
كم مرة منع الحج في التاريخ
كم مرة منع الحج في التاريخ، جائحة الكورونا في العالم أدت إلى ايقاف الكثير من التجارات والرحلات والأعمال العالمية الأمر الذي سبب مشاكل كبيرة في كافة الجوانب الحياتية بجميع الدول حول العالم، فيروس الكورونا سبب الخسائر الكبيرة في أرواح البشر حول العالم وعلى إثر انتشاره تم إيقاف كافة أنواع التداولات الإقتصادية والإجتماعية والسياحية وجميع أشكال الحياة المعهودة تقريباً، الحج إحدى شعائر الإسلام التي أمر الله بها كل مقتدر وهو أحد القطاعات التي تتضرر بسبب تفشي الوباء حيث قامت المملكة العربية السعودية بإيقاف كافة تأشيرات العمرة إلى البيت الحرام، الأمر الذي جعل الكثير يُفكر في امكانية إلغاء موسم الحج لهذه السنة بسبب تفشي فيروس كورونا، وقد تم تداول العديد من الأخبار عن إلغاء موسم الحج في بعض المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الإجتماعي، هل ستقوم المملكة بإلغاء الموسم لهذه السنة بسبب تداعيات انتشار الوباء العالمي مرض الكورونا.
إلغاء موسم الحج
وزير الحج والعمرة السعودي محمد بن صالح بنتن أشار إلى أن مستقبل موسم الحج لهذه السنة غير معروف ولابد من انتظار نتائج انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، مما جعل العديد من الأشخاص يعتقد بأنه تلميحاً من سيادته لاحتمالية إلغاء موسم الحج هذا العام، بحيث تكون هذه الحادثة الاولى من نوعها التي يعيشها الجيل المعاصر دون اقامة موسم الحج، إذ من الممكن أن يكون إلغاء تأشيرات العمرة لبيت الله الحرام تمهيداً لإلغاء موسم الحج هذا العام بحسب الظروف التي يعيشها العالم، ويجدر الإشارة إلى أن التاريخ الإسلامي قد سجل تعطيل موسم الحج ل40 مرة سابقة كانت بسبب احداث وكوارث قد لازمت مواسم الحج، بالإضافة إلى الإضطرابات السياسية التي مرت بها البقعة الاسلامية من عدم الإستقرار الأمني والغلاء الشديد والإضطراب السياسي إلى جانب قطاع الطرق من لصوص وغيرهم، حيث صرح العديد من المختصين بأنه لا يجوز تعطيل فريضة الحج إلا لأسباب كبرى تحول دون إتمام الشعيرة الدينية بشكل صحيح وآمن يحفظ سلامة وروح الحجاج مثل انتشار الوباء في الوقت الحالي في مكة المكرمة بشكل خاص والعالم أجمع بشكل عام.
الرأي الشرعي في قضية إلغاء موسم الحج هذا العام
أفتى الأمين العام للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي في يوم الأحد الموافق 1/3/2020 مـ، بجواز منع أداء مناسك الحج والعمرة بشكل مؤقت بسبب انتشار فيروس كورونا إذ يُعتبر مهدداً لحياة المعتمرين والحجيج، كما أصدر فتوى بهذا الأمر وكيفية التعامل مع الفيروس في ظل تهديده للأرواح البشرية، وفيما يتعلق بمنع أداء مناسك العمرة والحج قال:” الراجح أنه إذا انتشر الوباء قطعاً أو تحقق غلبة الظن -من خلال الخبراء المختصين- أن الحُجاج، أو بعضهم، قد يصيبهم هذا الوباء بسبب الازدحام، فيجوز منع العمرة أو الحج مؤقتاً بمقدار ما تدرأ به المفسدة”، مضيفاً إلى قوله:” الفقهاء اتفقوا على جواز ترك الحج عند خوف الطريق، بل إن الاستطاعة (لأداء الحج) لن تتحقق إلا مع الأمن والأمان، ولذلك فإن الأمراض الوبائية تعد من الأعذار المبيحة لترك الحج والعمرة، بشرط أن يكون الخوف قائماً على غلبة الظن بوجود المرض، أو انتشاره بسبب الحج والعمرة”.
ووفقاً للرأي الشرعي بحسب فتوى يعود تاريخها إلى 105 أعوام صادرة من الشيخ محمد بخيث المطيعي مفتي الديار المصرية، أفتى المطيعي بجواز تأجيل الحج بسبب خطر على الحجاج سواءاً كان هذا الخطر بسبب الطريق او هجوم اللصوص وقطاع الطرق أو بسبب الأخطار الصحية مشيراً إلى أن هذه الفتوى تتوقف صلاحيتها حتى تزول الأخطار ويتوفر الأمن للحجاج.
كم مرة منع الحج في التاريخ
سؤال تداول لدى الكثير من الأشخاص حول منع الحج لهذا العام إذ من الممكن أن يتم تعطيل مناسك الحج لهذه السنة كما تم تعطيل مناسك العمرة بسبب انتشار الفيروس، وهذا الموقف لم يمر في عصرنا الحالي على أحد من المسلمين، ولكن يُجدر بالذكر أنه قد تم منع مناسك الحج في التاريخ إلى 40 مرة بسبب أوبئة أو عدم حلول الأمان في طريق الحجيج.
تعطيل موسم الحج عبر التاريخ
تم منع مناسك الحج في التاريخ وفقاً لأحداث كانت كبيرة وأمرها جلل بحيث كانت خطيرة على حياة الحجيج والتي أبرزها ما يلي:
لأول مرة تم منع مناسك الحج في العام 940 م، بسبب هجوم القرامطة وسفكهم لدماء حجاج بيت الله الحرام، وتم اقتلاعهم بعد مذبحة الحجر الأسود وتم نقله إلى مدينة هجر في البحرين.
تم تعطيل الحج بعد حادثة سرقة الحجر الأسود لعدة سنوات، وقيل انها بلغت 10 سنوات لم يتم فيها تأدية فريضة الحج.
في العام 968 م تم تعطيل موسم الحج، حيث قال ابن كثير:” إن هذا الداء انتشر في مكة المكرمة “فمات به خلق كثير، وفيها ماتت جمال الحجيج فى الطريق من العطش ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج“.
في العام 1000 م انقطع المصريون عن الحج وذلك في عهد الفاطميين بسبب شدة الغلاء لتأدية فريضة الحج، وتكرر الأمر في العام 1028م.
في العام 1168م لم يُؤد المصريون فريضة الحج بسبب حرب داخلية.
في العام 1030 م لم يُؤد فريضة الحج إلا مجموعة من العراق وقد انقطع عنه كثير من أهل العراق وخراسان والشام ومصر وكذلك في العام 1039م.
وكانت آخر التواريخ في تعطيل موسم الحج جزئياً أو كلياً يعود إلى 1799م، بحيث توقفت القوافل بسبب الحملة الفرنسية لانعدام الامن على الطرقات.
The post كم مرة منع الحج في التاريخ appeared first on المُحيط.
source https://www.almuheet.net/82246/
0 notes