#أحوال النفس
Explore tagged Tumblr posts
mahmoud-r-nour · 10 days ago
Note
كيف نصل لحالة القناعة والرضي بما لدينا في مجتمعات وضعت معايير لكل شيء من تعليم وعمل وجمال ومستوي الدخل وغيره كيف نقنع بما لدينا ولا نتءثر ؟
بتمام اليقين في الله وبالعلم أن معايير الدين أهم من معايير المجتمع ،
القناعة هي الرضا باليسير من العطاء، هي الرضا بما أعطى الله، وقال السيوطي: "القناعة: الرضا بما دون الكفاية والاستغناء بالموجود"، وقال المناوي: "هي السكون عند عدم المألوفات، وقيل: الوقوف عند الكفاية"، القناعة تحقق الرخاء النفسي والراحة الجسدية، وتحرِّر الإنسان من عبودية المادة، وتفتح باب العزة والكرامة، والإباء والعِفَّة، والترفُّع عن صغائر الأمور، إن العبدَ القانع عفيفَ النفس هو أسعد حياةً، وأرخى بالًا، وأكثر استقرارًا،
القانع أغنى الناس؛ لأن حقيقة الغِنى هي غِنى النفس، والقانع راضٍ ومكتفٍ بما رزقه الله تعالى، وهو لا يحتاج أحدًا، ولا يسأل سوى الله تعالى،
ومن الأسباب المؤدية للقناعة:
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُو��َ ﴾ [التوبة: 55].
وقال عز وجل أيضًا: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131]
• تقوية الإيمان بالله تعالى، وترويض القلب على القناعة، والرضا بما قسمه الله تعالى، مع العلم بأنه ما كان ليُخطئني ما أصابني، وما كان يُصيبني ما أخطأني، والاستعانة بالله والتوكل عليه والتسليم لقضائه وقدره.
• النظر في حال الصالحين وزهدهم وكَفافهم وإعراضهم عن الدنيا وملذاتها.
• تأمل أحوال من هم أقل منا.
• معرفة نِعَمِ الله تعالى والتفكُّر فيها، وأن يعلم أن في القناعة راحةَ النفس، وسلامة الصدر، واطمئنان القلب.
• معرفة حكمة الله تعالى في تفاوت الأرزاق والمراتب بين العباد.
• العلم بأن الرزق لا يخضع لمقاييس البشر من قوة الذكاء، وكثرة الحركة، وسَعَةِ المعارف، واليقين بأن الرزق مكتوب والإنسان في رحم أمه.
خذ القناعة من الدنيا وارضَ بها
واجعل نصيبك منها راحة البدنِ
وانظر لمن مَلَكَ الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير القطن والكَفَنِ
للإستزادة من هنا
17 notes · View notes
abdu-allah3 · 8 months ago
Text
"الصبيان إذا ارتاضت نفوسهم بالعلوم والمعارف ارتفعت عن حبِّ الذواتِ ذوات اللحم والدم إلى ما هو أشــرف منها.
وأتم أحوال النفس الشهوانيــــة
وجودها مع شهواتها من غير منغص،
وأتم أحوال النفس الحيوانيــــة
وجود غرضها من القهر والرياسة،
وأتم أحوال النفس الناطقــــــــة
وجودها مدركة لحقائق الأشياء بالعلم والمعرفة، وهذه النفس لا يستأسرها الهوى، فإن أمالها طبعها أقامهــــا فكرها، وانتاشَهَا من يده عقلها وفهمها، لأنها تتفكَّرُ فيما قد نابها، فتتلمَّحُ منتهاه وترى غايته، وليس من شأنها الوقوف لأنها في السَّيْرِ أبدًا تترقى من عِلْمٍ إِلى عِلْمٍ..."
14 notes · View notes
zad-alrahiel · 2 years ago
Text
"التفكر في أحوال النفس يبصّر بسعة ربنا سبحانه ويجدد الإيمان في القلب؛ فلا يبخلنّ امرؤ بساعة يتعرف فيها إلى ربه من هذا الباب.."
60 notes · View notes
the-heavenly-whispers-world · 2 months ago
Text
** عزة الروح: الحب كسبيل لاستعادة الذات **
في صميم الوجود الإنساني تكمن الرغبة العميقة في البحث عن العزة، تلك الحالة الأخرى من الحياة التي تجعل الروح تسطع كنجمة في سماء مظلمة. قال الله تعالى: "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا"، وهي عبارة تحمل في طياتها فلسفة عظيمة تتجاوز الألفاظ، تجسد دعوة كونية للتوجه نحو المعنى الأسمى. إن العزة التي نشتهيها ليست مجرد هالة زائفة تُبنى على الجاه أو المال، بل هي عزة الروح، العزة المتجسدة في قيم العطاء والكرامة.
إن رحلة البحث عن العزة تبدأ من داخل النفس، حيث يتقاطع الفكر مع العاطفة، والروح مع الجسد. كل إنسان يبدأ بصمت التأمل، يبحر في أعماق ذاته ليكتشف المعاني الحقيقية التي تحدد وجوده. حين يصرح الله بأن العزة له، يذكرنا بأن كل ما نسعى إليه من هيبة ومكانة يجب أن يغذيه الإيمان والعمل الصالح. هنا، يتجلى الارتباط العميق بين الوجود الإنساني وبين الخالق، حيث يتعانق السعي الإنساني مع الإرادة الإلهية.
وعلى الرغم من العجرفة التي قد تتجلى في البشر، فإن الإخلاص هو الطريق الوحيد للارتقاء. كلمات طيبة تتصاعد من القلب كالدعاء، وأعمال صالحة تنبع من نوايا صافية، كل ذلك يشكل جسرًا يربط الإنسان بالأفق الأعلى. إن الكلمات الطيبة ليست مجرد تعبيرات مجازية، بل هي تعويذة تخلق حبلاً روحياً يغذي العزة الحقيقية.
لكن تظل التحديات قائمة، فعالمنا مليء بالأشواك والسواد. أولئك الذين "يمكرون السيئات" هم في حقيقتهم يعكسون فكرة الفراغ الروحي، حيث يرون النصر في الخداع والمكر. لكنهم لا يرون، أو بمعنى أدق، يختارون عدم رؤية العواقب؛ فالمكر الذي يمارسونه كالفخ الذي يورطهم في شباكهم. إن "مكر أولئك هو يبُور"، تعني أن من يُعتمد على المكر لا يفهم عمق قيم الحب والعطاء، بل يكون مصيره العزلة، فيصفه الشاعر بالظل الذي يسعى خلفه لكنه يظل بلا جدوى.
إن الفلسفة الصوفية تلقي بظلالها على هذه الفكرة، حيث تتجاوز حدود الكلمة لتجعل من العزة تجربة روحية يكتسبها الفرد بتعمق ذاته. فعندما تتصل الروح بالمطلق، تبدأ برؤية الوجود بشكل مختلف. تصبح العواطف أكثر صفاءً، والنوايا أقوى، ويحصل المرء على الحكمة التي باتساع السماء. إنها عزة مستمدة من الوعي والتحرر من القيود العدمية.
ولأن العزة ليست قرارًا بل شعور، فتبدأ الرحلة في قلب كل منا، كرحلة رومانسية حقيقية. فلا يمكن للإنسان أن يعرف العزة حتى يقبل نفسه، بكل تناقضاتها وخفاياها. يجب أن يتحلى بالشجاعة للنظر إلى أعماقه، ليسلط الضوء على زوايا النقص ويحولها إلى فرصة للنمو. لهذا تأتي المغامرة في الحب، حب الله، حب الذات، وحب الآخرين، حيث تتفاعل الأرواح وتتجاوب مع بعضها البعض بما يتجاوز الكلمة.
فدعنا نتأمل: هل من الممكن أن يجد الإنسان عزة حقيقية بدون أن يعرف نفسه أولًا؟ إن الجواب هو بالتأكيد لا. لذا، فليكن الحديث عن العزة بداية جديدة، تسعى نحو الارتقاء الروحي، ولنجعل من الكلمات الطيبة وأعمال الخير سلسلة من النور الذي يُضيء دروبنا. فالعالم يتطلب منا شجاعة لرسم مسارات تقديس الحياة، حيث تتداخل النوايا النقية مع المفاهيم السامية، فتتجلى العزة كجوهرة ثمينة في سماء الروح.
إن العزة ليست مجرد فكرة نحملها في أذهاننا، بل هي خبرة شخصية تنبع من الوجود في لحظات حقيقية. إنها تتطلب منا أن نكون صادقين أمام أنفسنا، وأن نجرؤ على مواجهة الشدائد والمواقف الصعبة. فعندما نجد أنفسنا محاطين بالخيبة أو الفشل، يأتي دور الإحساس بالعزة كقوة دافعة لإعادة البناء. إن العزيمة التي نحتاجها لا تأتي من الخارج، بل تنبع من عمق النفس، من قدرة المرء على مواجهة أحزانه والألم الذي يعتريه.
في سياق البحث عن العزة، نجد أنه من الضروري إدراك كيف أن الحب، بكل أشكاله، يمكن أن يكون مرآة تعكس أحوال الروح. حب الذات، الحب الرومانسي، وحتى الحب للأصدقاء، جميعها تعكس كيف نقدر ونعبر عن الذات بطريقة تمنحنا القوة. في تلك اللحظات التي نحب فيها بحرارة، يُفتح أمامنا باب العزة؛ حيث نشعر بأننا جزء من شيء أكبر، شيء يعانق روحي ويذكرني بوجودي.
ومع ذلك، قد يشعر البعض بالرهبة من فكرة الوقوع في الحب. الخوف من الألم، من فقدان الحب أو التعرض للخذلان، يشكل حاجزًا يمنع البعض من الانغماس في التجربة. كيف يمكننا تجاوز هذا الخوف؟ هنا تأتي الفلسفة الصوفية ثانيةً لتخبرنا بأن الحب ليس مجرد رابطة تُبنى على دوافع مادية، بل هو تجلٍ للحالة السامية التي يشعر بها القلب، حيث يتحول كل انكسار إلى فرصة للتجديد.
من خلال دمج المشاعر والرومانسية، يمكن لمفهوم العزة أن يتغذى على تلك اللحظات الأكثر صدقًا. كلما اندمجنا في حياتنا العاطفية بوضوح، كلما أمكننا تجسيد العزة في أبسط تفاصيلنا اليومية. فالحب يحتاج إلى الشجاعة والرغبة في استكشاف الأعماق، بينما نكتشف أن العزة ليست مجرد شعور بالعلو، بل هي نقطة الالتقاء بين الروح والعالم.
إن التوحد مع المحبوب مهما كانت علاقة الحب، يساعد في هدم الحواجز التي تضعها العوائق النفسية. لذا، يجب علينا العيش بشغف وإيمان، دون أن ننسى أهمية كل لحظة تجمعنا بالآخرين. في تلك اللحظات، تجد العزة مكانها بين صداقة حقيقية أو حب نابض. إذ تصير مشاعر الحب نوراً يضيء العتمة، ويقودنا إلى فهم أكبر للحياة.
وفي ختام هذا السرد العميق، نتساءل: كيف يمكن للإنسان أن يعيش بدون عزة؟ إن دعوة العزة تدعونا للتجديد، تذكرنا أنه رغم الألم والفقد، تبقى هناك قوى خفية تدعونا لإعادة البناء من جديد. في هذا السياق، يتحول الحب إلى مزيج غريب من الفخر، والامتنان، والمعرفة، حيث نكتسب من خلاله العبرة والدروس.
لذا، فلنستمر في البحث عن ذواتنا، ولنمارس الحب بكل شجاعة وصدق، حتى نجد في كل تجربة سر العزة الذي يربطنا بالحياة وبالكون من حولنا. إن العزة ليست فقط للإنسان، بل هي شأن روحي شامل يحتوي على كل ما هو موجود. هكذا، تظل العبرة، أن نعانق الحب، ونهزم الخوف، ونست��بل العزة التي لا تُقدر بثمن.
4 notes · View notes
floraducoast · 3 months ago
Text
الحمد لله .. وبعد،
من أعظم الكلمات التي سمعتها ذات مساء في أحوال المبتلين بمجاهدة ذنوب أحاطت بهم؛ أولئك الذين لا تزال قلوبهم تُدمى إثر الإخفاقات المتتابعة ولا يشعر بهم أحد= كلمة سمعتها من الشيخ محمد المختار الشنقيطي قال فيها واصفًا حال هؤلاء: ولا يزال العبد يستصرخ ربه ويدعوه.
كلمة "يستصرخ" نعم والله وكأنه صراخ صامت بل صرخات لا يسمعها أحد، تقوم  في قلب العبد العاجز عن التغلب على النفس والهوى والشيطان؛ فتباغته السقطات تتبعها الأحزان وهموم العجز عن الاستقامة ..  مشاعر لا يعلمها إلا الله تخامر تلك القلوب المنهكة من وراء ليل الإخفاقات الدامس.
لا يزال المرء يستصرخ ربه أن يا رب هذا قلبي سكنته الأمراض واستحكمت منه العادات فأودى بي إلى أودية الخذلان والأحزان، فاللهم هب لي قلبًا أعبدك به.
🖋أحمد سيف
5 notes · View notes
dr-hss · 10 months ago
Text
Tumblr media
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ. إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ. بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ. وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ. فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ، هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ
[ سورة النجم : 32 ]
. مَن جعل دأبَه كفَّ نفسه عن الفواحش والمنكرات، واجتنابَ الكبائر والموبقات، كان من الصالحين المحسنين، المستحقِّين لجليل المَكرُمات.
. إن الله أعلمُ بعباده، فلا حاجةَ إلى أن تُعلنَ بعملك وتجهرَ بفضلك، فالزكيُّ مَن زكَّاه ربُّه لا من زكَّى نفسَه.
. قال الحسن: علمَ الله من كلِّ نفسٍ ما هي عاملة، وما هي صانعة، وما هي إليه صائرة
. إن وجدتَّ نفسَك على خير وطاعة فإيَّاكَ أن تغترَّ فيُصيبَك العُجب بعملك، ولكن ازدَد لله تواضعًا وشكرًا، واسأله دوامَ الثبات.
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ
كبائر الإثم: المراد به الآثام الكبيرة، والجرائم الشديدة، التي يعظم العقاب عليها. كقتل النفس بغير حق، وأكل أموال الناس بالباطل
والفواحش: جمع فاحشة، وهي ما قبح من الأقوال والأفعال كالزنا، وشرب الخمر
واللمم: ما صغر من الذنوب، وأصله: ما قل قدره من كل شيء. يقال: ألم فلان بالمكان، إذا قل مكثه فيه. وألم بالطعام: إذا قل أكله منه.. وقيل: اللمم، مقاربة الذنب دون الوقوع فيه، من قولهم: ألم فلان بالشيء، إذا قاربه ولم يخالطه.. وجمهور العلماء على أن الاستثناء هنا منقطع، وأن اللمم هو الذنوب الصغيرة، كالنظرة الخائنة ولكن بدون مداومة، والإكثار من الممازحة.
إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ تعليل لاستثناء اللمم، وتنبيه على أن إخراجه عن حكم المؤاخذة، ليس لخلوه عن الذنب في ذاته، بل لسعة رحمة الله ومغفرته.
أى: إن ربك أيها الرسول الكريم واسع المغفرة والرحمة، لعباده الذين وقعوا فيما نهاهم عنه سبحانه ثم تابوا إليه توبة صادقة نصوحا.
هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ، إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ أى: هو سبحانه أعلم بكم من وقت إنشائه إياكم من الأرض، ضمن خلقه لأبيكم آدم، ومن وقت أن كنتم أجنة في بطون أمهاتكم، يعلم أطواركم فيها، ويرعاكم برحمته، إلى أن تنفصلوا عنها.
فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى تحذير من التفاخر بالأعمال والأحساب والأنساب، لأنه- سبحانه- لا يخفى عليه شيء من أحوال الناس، والفاء للتفريع على ما تقدم.
أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من عدم مؤاخذتى إياكم على اللمم، فإن ذلك بسبب سعة رحمتي، فلا تمدحوا أنفسكم بأنكم فعلتم كذا وكذا من الأفعال الحسنة، بل اشكروني على سعة رحمتي ومغفرتي، فإنى أنا العليم بسائر أحوالكم، الخبير بالظواهر والبواطن للأتقياء والأشقياء.
..lun1juill24/1090
2 notes · View notes
abualmaaref · 1 year ago
Text
بماذا أبدأ؟
أشعر أنني لا أعرف. لا أعرف ماذا أكتب أو بم أشعر، أو لم أنا وحدي هذه الليلة. تمضي الأيام سراعًا وأحيانًا أتعجب أنها أيامًا وليست يومًا واحدًا طويلًا. طال اغترابي، ولكنه لا يبدو اغترابًا عن الزمن فحسب، وإنما عن الأحداث والأفراد. كلما ضربت في الأرض وواجهت أناسًا جددًا كلما شعرت بأني لا أعرفني، وكلما غمرتني وحشة جديدة. أتساءل كيف يمكن لإنسان لا يعرف نفسه أن يعرف أي أحد ..
أنظر في المرآة، فأرى خيالًا شاخصًا، بالكاد يجفل، يتفحصني وهو خالي من التعابير، فهو لا يعرف كيف يشعر، أو بماذا، أيشعر بسعادة أم بغمٍ، بحماسة أم إحباط، بخوف كبير أو شجاعة تطغي ..
لكنه على أي حال ينظر، وهذا جل ما يفعله الخيال. ولا بأس.
تختلجني غمرة من الحيرة، لست أدري ما أنا بصانع، ولكن مجددًا كيف يبلغ من لا يعرف إلى أين هو ذاهب؟ لكنه يتبلغ بكل راحة يجدها على مر الطريق.
نعم العالم لا يمنحك الكثير من الأضواء ولكنه زاخر بالأنفاق لا شك، أو لنقل الظلمة، فحتى النفق له حدود، بينما تبدل أحوال الحياة يبدو أحيانًا أنه بلا هيئة أو نمط.
البارحة لم أعرف ماذا سأصنع اليوم، واليوم لا أدري ماذا سيقع الغد. ولا مخرج حقيقي من الجهل.
إذن دعني أنظر للداخل لأنَّ الخارج لا يملك الكثير من الإجابات.
دعني أنظر للظلمة التي تتخللني وأحاول بمنظور إغريقي قديم، أن أرى بنور عيني، لا بنور الشمس. فهذه المناطق لم يبلغها ضوء منذ الميلاد. إلا النذر القليل.
من أنا..؟ محاصر، بين ماضٍ يلاحقني وأنجح بالكاد في الفلات من بين أصابعه، كل مرة. أبني حوله الجدران وفي كل مرة يتسلق ويحاول المرور أجاوزه وأكمل البناء، لأعلى .. أو لأسفل.
وبين حاضرٍ يتضح أن لا سلطة لي عليه، وكل محاولةً مني لإصلاح الأمور فيه تملك القدرة على إنهاء كل شئ .. ولذلك أظل أسعى خائفًا، محاطًا بعشرة أسباب للخوف في كل لحظة. ولا أملك سوى تجاهلها والمضي ..
لكن إلى أين؟ المستقبل هو الحيز الثالث في هذا الحجز الإجباري ..
أحيانًا يبدو لي أني أفهم أين أنا وإلام أصير، ولكن المفاجآت لا ��كف عن الحلول، المستقبل يأبى إلا أن يكون غامضًا. وكل التصورات تثبت خطئها بشكل أو بآخر ..
أما الحيز الرابع، النفس .. فحين أنظر لا أرى .. إنما أقدر على تحسس الطريق.
أشعر بالتكلف كل حين، فقلما توفرت فرصة لأسكب خلالها روحي أمام أحد أو أمام نفسي. أن أنظر في المرآة فأرى سوى هذا الخيال المترائي، وأصدق ولو مرةً واحدة أن هذا أنا.
ولكن أليست هذه المعضلة أساسًا؟
الصدق؟ الحقيقة؟ الفهم؟
يمكنني التفلسف لساعات وسرد نظريات وافتراضات واحتمالات.. لكني أعجز عن أن أجزم بحقيقة واحدة في لحظة الشك، وأن أقول: هذا صدق.
وهذا التردد في ذاته، قد يكون مشكلة حديثة كما يقول البعض، وقد يكون مشكلة أزلية لم ندركها إلا حديثًا ..
وأظن أن أصعب أنواع الحقائق هي تلك التي تقولها عن نفسك، وتعرِّف عن نفسك من خلالها.. لأنك ببساطة أعقد كثيرًا من أن تكون صفة واحدة أو شخصية واحدة .. أو فعلٍ واحد.
وبعيدًا عن عالم النظرية، دخولًا إلى عالم الشعور، فحسبي أن هذه المشاعر اللحظية بالتردد قد لا تكون هي كل شئ، فاليوم شعرت بالسعادة، والحنين، ورأيت أن أصحاب الأمس هم أغراب اليوم، وأغراب اليوم صاروا أصحاب الغد .. ووجدت أيضًا أن الآخرين لا يمكن أن يفهموا إلا ذلك الجزء السطحي الذي يظهر منك عرضًا في هذا الموقف أو ذاك .. ولا عجب.
واليوم شعرت بالعجز عن التعبير.
بداخلي شئٌ يتحرك ويغلي منذ مدة لكني لا أفهمه. لا أفهم ما هو حتى أسمح له بالحركة او أقاومه .. لكن لماذا أخشاه؟ هل هو الشيطان؟
أظن أن المعرفة الحقيقية للشيطان هي ما يمكن أن يجعلنا ملائكة وأفضل.
فلا ضوء بدون ظلمة، والعكس.
ولكني في مراحل الارتباك غالبًا ما أغلق على نفسي وأبتعثها في زيارة لكهفي الداخلي .. ربما لا تكون زيارة كاملة .. ولا مجدية، لكنها بالتأكيد تنجح في تهدءة بعض الاضطراب.
فمجددًا؛ الوعي سراب، لا تكاد تصافح يده حتى تتبخر. فتدرك أن عليك الإغراق في المزيد من اللاوعي.
فقط على أمل. أن كل هذا ليس بلا قيمة.
وربما تكون القيمة الأكبر في النهاية ليست في الرحلة أو الوصول أو الصحبة ..
إنما فيك أنت.
ولعل هذا هو مفتاح الأمر.
وأوَّله.
#journal
#freethoughts
Tumblr media Tumblr media
4 notes · View notes
mylife427 · 1 year ago
Text
‏عن الصورة الشهيرة لمفتي القدس أمين الحسيني مع هتلر، والتي نشرها مندوب إسرائيل في مجلس الأمن ليثبت أن الفلسطينيين كانوا داعمين للمحرقة ضد اليهود..
والرد على ذلك أن الصورة لها سياق تاريخي يجب فهمه
1- فلسطين ومعظم العرب والمسلمين كانوا محتلين من بريطانيا وفرنسا، في الصورة دعم المفتي لهتلر كان من باب "عدو عدوي صديقي" ليس حبا في النازية ومثيل ذلك لما تحالف النبي مع قبيلة خزاعة ضد قريش..
2- الألمان آنذاك كانوا يقدمون أنفسهم كمحررين من الاحتلال الأوروبي للعالم حتى لو ظهروا بعد ذلك كمحتلين، ونظرة واحدة للصورة تستذكر بها صورة المقوقس عظيم القبط في مصر لما وافق على دخول العرب لبلده كراهية أو كيدا في كنيسة بيزنطة..
3- تاريخ الصور واللقاءات مع هتلر كان قبل مجازر الهولوكوست سنة 41 وحدثت بمعزل عن سلوكيات هتلر أصلا، وقتها الإعلام لم ينقل أخبار المجازر سوى بعد حدوثها بسن��ات..
والهولوكوست عموما لم يُكشف أمره سوى بعد انتحار هتلر سنة 1945م..
4- منصب مفتي القدس كان بالوراثة مش بالتزكية العلمية، يعني الحج أمين الحسيني لم يكن عالما في الحقيقة بل (ملك الفتوى) بالقوة، يعني لا يُسأل عما يفعل ولا إمكانية لمحاسبته أو لمجرد الاعتراض..بالتالي اللي عمله غير معبر عن شعب فلسطين..
5- أمين الحسيني وعز الدين القسام كانوا تلاميذ للشيخ رشيد رضا ، وزملاء للشيخ حسن البنا..وتناول هؤلاء لفلسطين كان مختلطا ما بين القومية والدين بأسلوب شعارا��ي إنشائي سائد وقتها في العالم كله، وبعد استشهاد عز الدين القسام سنة 36 حدثت ثورة فلسطينية نتج عنها هروب أمين الحسيني وبدء جولات لحشد الدعم العالمي لعرب فلسطين على طريقة مصطفى كامل..وكان من ضمن هذه الجولات لقائه بهتلر وموسوليني الذين وعدوه بتحرير فلسطين.
هذا ليس تبريرا للقاء هتلر ..مفتي القدس أخطأ بالفعل ،فحتى لو كان تشرشل محتلا قاتلا فهتلر قاتل ملعون، ولو كان الحج أمين مُطّلعا على أحوال شعب البلقان وكيف كان يتم تجنيدهم في الجيش النازي بالقوة مكانش وثق في هتلر، لكنه القصور العقلي الذي ميّز العرب في القرن العشرين...!
لكن أن يتم تسويق الصورة على أنها دعم الفلسطينيين للهولوكوست لهو التزوير بعينه، وعرضها في سياق مجازر غزة هدفه تبرير تلك المجازر وتصويرها بصورة منطقية على أنها رد فعل ودفاع عن النفس..
٣٠ نوفمبر ٢٠٢٣م
‎#خمسة_تاريخ
Tumblr media
2 notes · View notes
mysteriouslyclearenemy · 2 years ago
Text
اكتئاب الفقد !!
كثير منا يشعر بشعور من الانقباض النفسي... أو عدم الراحة... أو عدم الرضى...
وفي الغالب لا يستطيع تفسير سبب هذا... لا يستطيع وضع تصوير دقيق لما يشعر به... ولا لماذا يشعر به.
لكن في كثير من الأحيان يكون هذا الشعور الغامض هو محض جرح نفسي عميق، حدث للمرء في ثنايا تفاصيل يومه و هو لا يشعر...
جرح نشأ عن التطلع لحياة بعض ممن حوله... أو مشاهدة بعض ما يعرض عليه.
النفس تلقائياً تنظر للآخرين نظرة مقارنة... هناك نوع من العمليات النفسية المعقدة التي تحدث في الخلفية وهو لا يدري.
هي ليست مجرد عملية مقارنة فقط، بل هي أعقد فعلاً.
عندما تتطلع النفس إلى ما عند الآخرين، فإنها أولاً تقوم بعملية وضع المعيار... فتعتبر ما لدى الآخر هو المعيار الذي يجب أن يقاس عليه الحال.
ثم بعد ذلك تأتي عملية القياس على هذا المعيار.
وفي الغالب ... يكون حال الإنسان أقل من هذا المعيار... دائماً هناك ما هو مفقود... دائماً هناك ما هو عند الآخر و ليس عندك...
ثم تأتي عملية الجرح...!!
عندما تشعر النفس بالفقد... والحرمان...يحدث تلقائياً خدوش... والخدوش قد تتطور إلى جروح... والجروح قد تتطور إلى شروخ...
كل هذا يحدث بلا وعي من المرء لما يعتلج في قرارة نفسه.
وطبعاً في عصر السوشيال ميديا صار الأمر أعقد... وأعقد.
قديماً كان اطلاع الناس على غيرهم محدوداً جداً... والحياة تتسم بطبع عام من الستر، وعدم الظهور.
أما الآن فلقد انقلبت المعايير ... وصار عرض أحوال الحياة... بل وتفاصيل الحياة ... أمراً غير مستهجن.
هناك نوع من التقبل لهذا التعري أمام الآخرين!!!
وبالطبع هذا أدى لوجود حالة جديدة غير مسبوقة من المعيارية و القياس والمقارنة الدائمة.
��ل هذا أدى لمزيد من الضغط المتوالي...
ويدخل المرء بالتدريج في حالة لا تنتهي من الحسرة و الألم... دائماً هناك من هو أنجح مني... دائماً هناك من وضعه أفضل مني... دائماً هناك من عنده ما ينقصني...
ودائماً هناك ألم... وكل هذا يدخل المرء في حالة من الكآبة ... الذي قد يتطور إلى اكتئاب حقيقي.
في أيريكا رصدت عدة حالات من الانتحار بين المراهقات... أتدرون ماذا كان السبب؟!
عدم الرضى عن الشكل!!
المقارنة الدائمة بين النفس وبين صور الفاتنات التي تعرض الانستجرام... هذا وحده كان كفيلاً بإدخال فتاة في حالة من الاكتئاب الحاد الذي يؤدي إلى الانتحار فعلياً.
والحل؟
الحل ببساطة هو قطع هذه الدائرة من بدايتها... عدم الاسترسال في التطلع و المقارنة...
أغلب ما يعرض علينا هو غير حقيقي أصلاً...
والحقيقي منه هو صورة مختزلة من مشهد كبير لا يعرض علينا... فكل إنسان لديه قدر من النعمة.. ولديه أيضاً ما يفقده.
لديه ما يرضيه و يسعده... ولديه ما ينغصه.
هذه حقيقة بدهية... لكن النفس لا تريد رؤية هذا...
بل تحترف الشكوى و المظلومية...
إن الإحساس بالغبن، والمظلمة تنتعش معها النفس أيما انتعاش.
وسيظل العلاج الأكبر في الإيمان الصادق و الرضى بما قسمه الله.
بغير ذلك ليس إلا العذاب المتواصل بلهيب الحياة!!
6 notes · View notes
ihsanwahaq · 2 years ago
Text
تعجبني عِزة نفس الإمام الشافعي.. تأمل ما روي عنه: "أظلمُ الظالمين لنفسه؛ من تواضع لمن لا ي��كرمه، ورغِب في مودةِ من لا ينفعه، وقبِل مدح من لا يعرفه"!
أو حين دخل "سامراء" فلم يُعرف وكان رثًّا عليه ثياب بالية، فاستخف الناس به فقال:
عليَّ ثيابٌ لَو تُباعُ جميعُها .. بفلسٍ لكان الفلسُ منهنَّ أكثرا
وفيهن نفسٌ لو تُقاسُ ببعضها؛ .. نفوسُ الورى كانت أجلَّ وأكبرا
أحد انعكاسات "العبودية لله" وأسرارها الجليلة؛ ألا تنحني لأحد، وألا تكسرك مشاعر، ولا تغتم لتقلُّب الزمن، أو تأسى على انقطاع الخلق عنك..
إذا كان الله عز وجل أمر المؤمنين ألا يهِنُوا ولا يحزَنوا لما أصابهم يوم أُحد وما أدراك ما أُحد؟! وقَرنَ ذلك بكونهم "الأَعْلوْن" ما داموا مؤمنين؛ فكيف بما هو دونها من مشاعر مهما كان قدرها في القلب، أو أحوال الحياة وأحداثها مهما كان أثرها في النفس؟!
وتأمل اختيار الآية للوَهَن (الضعف) والحزن، قال بعض المفسرين: لأن الوَهَن مصدر الكآبة والانكسار، والحزن مصدر الاستسلام واعتقاد الخيبة!
المسلم الذي يعلم عظمة الله ويَقنع بأقداره ويضعُ مشاعره كله فيه تعالى؛ كما لا يُهينُ نفسه الكريمة بتودد مهين؛ لنيل قُربة أو محبة أو منفعة؛ لا يُهينها بتكلُّفٍ في المشاعر مذل؛ لفوات شيء من ذلك..
صنْ نفسك..
محمد وفيق زين العابدين
4 notes · View notes
dr-hass · 2 years ago
Text
Tumblr media
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
[ سورة هود : 106 ]
ثم فصل- سبحانه- أحوال الأشقياء والسعداء فقال:
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ.
الزفير: ترديد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه مأخوذ من زفر فلان إذا حمل حملا بمشقة فتردد فيه نفسه،
الشهيق: رد النفس إلى الصدر بصعوبة وعناء. والمراد بهما: الدلالة على شدة كربهم وغمهم، وتشبيه حالهم بحال من استولت على قلبه الحرارة، واستبد به الضيق حتى صار في كرب شديد.
والمعنى: فأما الذين كان نصيبهم الشقاء في الآخرة، بسبب كفرهم واقترافهم للمعاصي في الدنيا، فمصيرهم إلى الاستقرار في النار، لهم فيها من ضيق الأنفاس. وحرج الصدور، وشدة الكروب ما يجعلهم يفضلون الموت على ما هم فيه من هم وغم. وخص- سبحانه- من بين أحوالهم الأليمة حالة الزفير والشهيق تنفيرا من الأسباب التي توصل إلى النار، وتبشيعا لتلك الحالة التي فيها ما فيها من سوء المنظر، وتعاسة الحال
اللهم اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما
..
3 notes · View notes
quran--kareem · 2 years ago
Text
فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا
Tumblr media
من السنن الاجتماعية التي قررها القرآن الكريم سنة إهلاك الظالمين بسبب ظلمهم، وسنة الله لا تتبدل ولا تتحول عبر الزمان والمكان، وقد قال تعالى: {ولن تجد لسنة الله تبديلا} (الأحزاب:62).
وفي سياق حديث القرآن عن قوم صالح عليه السلام، وتكذيبهم لما جاءهم به، يخبرنا سبحانه عن عاقبة أمرهم فيقول: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} (النمل:52) نقف مع هذه الآية الوقفات الآتية:
الوقفة الأولى: (الخاوية) الخالية، ومصدره الخواء، أي: فالبيوت باق بعضها في الجبال لا ساكن بها. وقد يكون المراد من {خاوية} أنها ساقطة متهدمة، من خوى النجم: إذا سقط، فكلا المعنيين يحتملهما اللفظ.
الوقفة الثانية: (الباء) في قوله سبحانه: {بما ظلموا} للسببية، و(ما) مصدرية، أي كان خواؤها بسبب ظلمهم. قال ابن عاشور: "لما خص الله عملهم بوصف الظلم من بين عدة أحوال يشتمل عليها كفرهم، كالفساد، كان ذلك إشارة إلى أن للظلم أثراً في خراب بلادهم. وهذا معنى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أجد في كتاب الله أن الظلم يخرب البيوت، وتلا: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا}". وهذه البيوت المشار إليها هي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم) متفق عليه.
الوقفة الثالثة: قال ابن عطية: "(إخواء البيوت) وخرابها مما أخبر الله تعالى به في كل الشرائع أنه مما يعاقب به الظلمة، وفي التوراة: (ابن آدم لا تظلم يخرب بيتك)". وسُنَّة إهلاك الظالمين أخبر عنها سبحانه في مواضع عديدة من القرآن الكريم، من ذلك غير الآية موضوع الحديث قوله تعالى: {فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد} (الحج:45) وقوله عز وجل: {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا} (الكهف:59) وقوله سبحانه: {وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} (القصص:59) وغير ذلك من الآيات الدالة على أن عاقبة الظلم بأنواعه وأشكاله الهلاك والبوار والدمار، سواء كان ظلماً فرديًّا أو ظلماً اجتماعيًّا.
الوقفة الرابعة: الظلم في الآية يشمل الظلم في حق الله سبحانه، والظلم في حق العباد، والظلم في حق الإنسان نفسه؛ فالظلم في حقه سبحانه تعدي حدوده التي شرعها لعباده، وعدم الالتزام بما أمر به ونهى عنه، والشرك وتكذيب الرسل، ظلم في جانب الله؛ لأنه اعتداء على حق وحدانيته، وظلم للرسل بتكذيبهم وهم الصادقون. والظلم في حق العباد في التعدي عليهم بأخذ حقوقهم المادية والمعنوية، والظلم في حق النفس الأخذ بها إلى غير ما شرع الله سبحانه. يقول القشيري: "فالنفوس إذا ظلمت بزلاتها خربت بلحوقها شؤم الذلة حتى يتعود صاحبها الكسل، ويستوطن مركب الفشل، ويحرم التوفيق، ويتوالى عليه الخذلان وقسوة القلب وجحود العين، وانتفاء تعظيم الشريعة من القلب. وأصحاب القلوب إذا ظلموها بالغفلة، ولم يحاولوا طردها عن قلوبهم، خربت قلوبهم حتى تقسو بعد الرأفة، وتجف بعد الصفوة".
الوقفة الخامسة: أشار ابن عاشور إلى لفتة مهمة في هذه الآية، وهي أن الحقائق العقلية لما كان قوام ماهياتها حاصلاً في الوجود الذهني، كان بين كثير منها انتساب وتقارب، يرد بعضها إلى بعض باختلاف الاعتبار؛ فالشرك مثلاً حقيقة معروفة يكون بها جنساً عقليًّا، وهو بالنظر إلى ما يبعث عليه وما ينشأ عنه، ينتسب إلى حقائق أخرى مثل الظلم، أي: الاعتداء على الناس بأخذ حقوقهم، فإنه من أسبابه، ومثل الفسق فإنه من آثاره، وكذلك التكذيب فإنه من آثاره أيضاً: {وذرني والمكذبين} (المزمل:11)، ومثل الكبر ومثل الإسراف فإنهما من آثاره أيضاً. فمن أساليب القرآن أن يعبر عن الشرك بألفاظ هذه الحقائق؛ للإشارة إلى أنه جامع عدة فظائع، وللتنبيه على انتسابه إلى هذه الأجناس، وليعلم المؤمنون فساد هذه الحقائق من حيث هي، فيعبر عنه هنا بالظلم، وهو كثير، ليعلم السامع أن جنس الظلم قبيح مذموم، ناهيك أن الشرك من أنواعه.
الوقفة السادسة: ختم سبحانه الآية الكريمة بقوله: {إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} أي: في ما ذُكر من التدمير العجيب لآية لقوم يعلمون قدرتنا، فيتعظون بعاقبة الظالمين ودمارهم وما حل بهم بسبب تكذيبهم الرسل، ونجاة من آمن بهم، ففي كل ذلك آيات وعِبَرٌ ومواعظُ ودلائلُ متظاهرة؛ إذ المقصد الأساس من تلك القصص الاعتبار والاتعاظ، وهذا ما يرمي إليه القرآن. فـ (العلم) هو الذي عليه التركيز في السورة وتعقيباتها على القصص والأحداث، وبعد مشهد المباغتة يجيء ذكر نجاة المؤمنين الذين يخافون الله ويتقونه {وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} (النمل:53) فمن شأن القرآن دوماً وابداً أن يقابل بين عاقبة المتقين وعاقبة الظالمين، {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} (الأنفال:42).
3 notes · View notes
tourmaline97 · 2 months ago
Text
''من مي إلى جُبران ''
‏في 12 سنة 1912 أيار ، كتبت مي إلى جبران ..
‏تطري بنهجها الطريف ولهجتها الصادقة ، وتناقشه في موضوع الزوا��، فتقول إننا لا نتفق في موضوع الزواج يا جبران. أنا أحترم أفكارك ، وأجلّ مبادئك ، لأنني أعرفك صادقاً في تعزيزها مخلصاً في الدفاع عنها ، حتّى إذا ما انتخبت شريكاً لها، تقيدت بواجبات تلك الشركة العمرانية تقيّداً تاماً. أنت تسمي هذه سلاسل ثقيلة حَبَكَتْها الأجيال، وأنا أقول إنّها سلاسل ثقيلة، نعم، ولكن حبكتها الطبيعة التي جعلت المرأة كما هي. فإنْ توصّل الفكر إلى كسر قيود الاصطلاحات والتقاليد، فلن يتوصل إلى كسر القيود الطبيعية، لأنّ أحكام الطبيعة فوق كلّ شيء. لمَ لا تستطيع المرأة الاجتماع بحبيبها على غير علم من زوجها؟ لأنّ باجتماعها هذا السري، مهما كان طاهراً، تخون زوجها وتخون الاسم الذي قبلته بملء إرادتها وتخون الهيأة الاجتماعيّة التي هي عضو عامل فيها ‏عند الزواج تَعِد المرأة بالأمانة، والأمانة المعنوية تضاهي الأمانة الجسدية أهمية وشأناً. عند الزواج تتكفل المرأة بإسعاد زوجها، وعندما تجتمع سراً برجل آخر تُعدّ مذنبة إزاء المجتمع والعائلة والواجب. ربما اعترضتَ على هذا بقولك: إنّ الواجب كلمة مبهمة يعسر تحديدها في أحوال كثيرة، فليس لنا إلّا أن نعلم «ما هي العائلة» لنجد الواجبات التي يفرضها {الواجب} على أفرادها. ودور المرأة العائلي هو أصعب الأدوار وأوضعها وأمرّها.
إني أشعر شعوراً شديداً بالقيود المقيدة بها المرأة، تلك القيود الحريرية الدقيقة كنسيج العنكبوت المتينة متانة أسلاك الذهب. ولكن إذا جوّزنا لسلمى {سلمى كرامة بطلة الرواية} ولكلّ واحدة تماثل سلمى عواطفَ وسمواً وذكاءً الاجتماعَ بصديق شريف النفس عزيزِها، فهل يصح لكل امرأة لم تجد في الزواج السعادة التي حلمت بها وهي فتاة أن تختار لها صديقاً غير زوجها، وأن تجتمع بذلك على غير معرفة من هذا، حتّى وإن كان القصد من اجتماعهما الصلاة عند فتى الأجيال المصلوب؟
0 notes
aaaalsafar · 3 months ago
Text
Tumblr media
#تأملات_قرآنية *
يقول تعالى في الآية 53 من سورة الأنفال: "ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ".
هذه الآية هي من الآيات التي تبين سنن الله الكونية في تصريف أحوال البشر، وهي سنة عامة تطال المجتمعات المؤمنة والكافرة، ومحددة في تبيان أسباب زوال النعمة التي كان يرفل فيها ذلك القوم، وهي تخصيص للسنة العامة الرئيسة التي جاءت في الآية 11 من سورة الرعد: "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ" التي تبين عموم التغيير في حال قوم، في كلتي الحالتين، سواء من الحال الأفضل الى الأسوأ ام العكس، ولكن الله تعالى أراد أن يبين لنا ان الأصل هو استتباب النعمة، والاستثناء هو في زوالها، لذا يكمل في الآية ذاتها: "وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ".
من فهم هاتين السنتين العامة والتخصيصية، يمكننا فهم لماذا كانت أحوال أمتنا تتغير بين صعود وهبوط عبر العصور المنصرمة، لكن الأمر أعقد من هذا التبسيط، فتتداخل مع هاتين السنتين سنن أخرى خاصة: منها سنتان خاصتان بالمجتمع المؤمن، وأخريان خاصة بالمجتمعات غير المؤمنة.
بداية من المهم ملاحظة أمرين: الأول أن الله تعالى يتعامل مع المجتمعات كوحدة واحدة، ويصنفها بالصلاح أو الفساد بحسب الصفة الغالبة عليه، والتي تحددها السياسة أو المنهج الذي يتبعه النظام الحاكم، فقد حكم على قوم فرعون جميعهم بدخول جهنم رغم أنه قد يكون منهم صالحون، لكن تقبلهم لأفعاله وطاعتهم له شملتهم معه المعصية، وكذلك قوم لوط أهلكهم جميعا مع أنه قد يكون بينهم كثيرون لم يكونوا يمارسون الفاحشة، لكنهم شملوا معهم بالعذاب لأنهم سكتوا عنهم ولم يتدخلوا بإصلاحهم، ولذلك فرض الله على المجتمعات المؤمنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو فرض كفاية على العموم ولكنه فرض عين على المصلحين، ان اضطلعوا به أجزؤوا عن العموم.
والأمر الثاني: في استخدام صيغة المفرد لوصف المجتمع المؤمن، لأن الله تعالى يعتبر المؤمنين مجتمعا واحدا في العصر الواحد، مهما تباعدت أمصارهم وتعددت قومياتهم واختلفت ألسنتهم: "إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" [الأنبياء:92]، وأما غير المؤمنة فمتعددة متباينة، بحسب درجة ظلمها وفسوقها.
السنتان الخاصتان بالمجتمع المؤمن :
الأولى سنة الابتلاء والتمحيص، فبالشدائد تبتلى النفوس، وتنكشف الهمم العالية من الضعيفة، ويفر�� المؤمن الحقيقي من المنافق.
لذلك أوجد الله سنة التدافع بين أهل الحق وأهل الباطل، دائمة باقية، ويوجد الأسباب المغرية بذلك: "وَإِذۡ يُرِيكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَيۡتُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِكُمۡ قَلِيلٗا وَيُقَلِّلُكُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِهِمۡ لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا" [الأنفال:44].
الثانية ان الله مع المؤمنين، يدافع عنهم وينصرهم إن صدقوه وأطاعوه، لأنه تعالى يعلم أن قوة الباطل ستبقى متفوقة عبر العصور، ولو ترك الأمر للسنة العامة لتحقق النصر لمن يمتلك القوة الأعظم، لانقرضت الفئة المؤمنة، لكنه لن يسمح بذلك، فما أنزل هديه على البشر ليطفئه الظالمون.
أما السنتان الخاصتان بغير المؤمنين:
فالأولى هي سنة الاستدراج وهي الإمداد لهم زمنيا حتى تبقى سنة التدافع قائمة، وماديا بجعلهم أكثر أموالا ونفيرا وامتلاكا للقوة، وهذا ليس إنعاما من الله عليهم، بل عقوبة، ولأنهم لا يعقلون فهم لن يفهموها أنها لكي يتمادوا في غيهم الى حين فوات أوان التوبة، فلا ينالوا رحمته بل عذابه: "والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ" [الأعراف:182].
أما الثانية فهي معيشة الضنك: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا" [طه:124]، فالمجتمع الكافر رغم توفر كل وسائل الرفاهية ومقومات المعيشة الرغيدة، إلا ان معيشتهم ضنكا، فتجد أفراده يعيشون بلا هدف ولا رسالة، يلهثون وراء متعهم كما الأنعام، لتعويض فقدانهم سكينة النفس بسبب الفراغ الروحي، وقلقين من الكهولة بسبب غياب التراحم والتكافل الأسري، الذي يميز المجتمع المؤمن.
نستخلص مما سبق سبب تغير نعمة الله علينا الى أن أصبحنا في ذيل الأمم، فالله لا ينظر الى ضخامة المساجد وكثرة الغادين إليها، بل الى المجتمع بمحصلة أعماله، ، فيتبع منهجه أو يتنكبه.
لذلك لن تقوم لنا قائمة إلا بوحدة اسلامية تقيم منهج الله.
0 notes
my-yasiuae · 1 year ago
Text
دبي: «الخليج» تحت رعاية الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، انطلقت الاثنين، في المدينة التدريبية بالروّية منافسات «تحدي الإمارات لفرق الإنقاذ» 2024 بالتعاون مع المنظمة العالمية للإنقاذ «WRO»، بتنظيم الإدارة العامة للنقل والإنقاذ بشرطة دبي. تستمر المُنافسات حتى 14 فبراير، بمشاركة 9 فرق، منها 7 من داخل الدولة و2 من خارج الدولة. وشهد افتتاح فعاليات اليوم الأول، اللواء الدكتور محمد ناصر الرزوقي، مساعد القائد العام لشؤون العمليات بالوكالة، واللواء علي عتيق بن لاحج، مساعد القائد العام لشؤون المنافذ بالوكالة، واللواء الدكتور صالح عبدالله مراد، مدير الإدارة العامة للموارد البشرية، واللواء راشد خليفة الفلاسي، مدير الإدارة العامة لأمن الهيئات والمنشآت والطوارئ، والعميد الخبير جمعة الفلاسي، مدير الإدارة العامة للنقل والإنقاذ بالوكالة. وأكد اللواء الرزوقي، المنافسات التي نظمت تهدف إلى الاطّلاع على أفضل الممارسات والجهود في الإنقاذ، وتبادل الخبرات. وقال العميد الفلاسي: تنطلق اليوم فعاليات التحدي بمشاركة 9 فرق منها 7 من داخل الدولة و2 من المملكة العربية السعودية، ومن جمهورية سنغافورة. وتسعى شرطة دبي عبر التحدي إلى الارتقاء بمستوى جاهزية فرق الإنقاذ والإسعاف إلى مستويات متقدمة. وعن اليوم الأول من التحدي قال العقيد خالد الحمادي، مدير إدارة البحث والإنقاذ: شكّلت أحوال الطقس وسقوط الأمطار عوامل إضافية لرفع روح المُنافسة بين الفرق، ومحاكاة التعامل مع مهام الإنقاذ، فقد شهد اليوم الأول 7 خطط تحاكي حوادث معقدة جداً. وعلى هامش التحدي التقى اللواء علي عتيق بن لاحج، عدداً من المشاركين في التحدي، حيث وجّه لهم كلمه تحفيزية قال فيها: إن تحدي النفس يأتي قبل أي تحدٍّ، وبالسعي الدؤوب للتطوير الذاتي تتشكل شخصية المُنقذ، ليأتي التدريب والتأهيل والمشاركة في البطولات فرصة لرفع مستوى الأداء، فعليكم التحلي بروح المنافسة الإيجابي. المصدر: صحيفة الخليج
0 notes
tarekmurad6 · 2 years ago
Text
"بن مسكويه ، كتاب تهذيب الأخلاق "
[فصل في تأديب الأحداث والصبيان خاصة نقلت أكثره من كتاب بروسنس]
قد قلنا فيما تقدم أن أول قوة تظهر في الإنسان وأول ما يتكون هي القوة التي يشتاق بها إلى الغذاء الذي هو سبب كونه حيا فيتحرك بالطبع إلى اللبن يلتمسه من الثدي الذي هو معدنه من غير تعليم ولا توقيف أو يحدث له مع ذلك قوة على التماسه بالصوت الذي هو مادته ودليله الذي يدل به على اللذة والأذى. ثم تتزايد فيه هذه القوة ويتشوق بها أبدا إلى الإزدياد والتصرف بها في أنواع الشهوات. ثم تحدث فيه قوة على التحرك نحوها بالآلات التي تخلق له الشوق إلى الأفعال التي تحصل له هذه. ثم يحدث له من الحواس قوة على تخيل الأمور ويرتسم في قوته الخيالية مثالات فيتشوق إليها ثم تظهر فيه قوة الغضب التي يشتاق بها إلى دفع ما يؤذيه ومقاومة ما يمنعه من منافعه. فإن أطاق بنفسه أن ينتقم من مؤذياته انتقم منها وإلا التمس معونة غيره وانتصر بوالديه بالتصويت والبكاء.
ثم يحدث له الشوق إلى تمييز الأفعال الإنسانية خاصة أولا أولا حتى يصير إلى كماله في هذا التمييز فيسمى حينئذ عاقلا. وهذه القوى كثيرة وبعضها ضروري في وجود الأخرى إلى أن ينتهي إلى الغاية الأخيرة. وهي التي لا تراد لغاية أخرى وهو الخير المطلق الذي يتشوقه الإنسان من حيث هو إنسان. فأول ما يحدث فيه من هذه القوة الحياء وهو الخوف من ظهور شيء قبيح منه. ولذلك قلنا أول ما ينبغي أن يتفرس فيالصبي ويستدل به على عقله. الحياء فإنه يدل على أنه قد أحس بالقبيح ومع إحساسه به يحذره ويتجنبه ويخاف أن يظهر منه أو فيه. فإذا نظرت إلى الصبي فوجدته مستحيينا مطرقا بطرفه إلى الأرض غير وقاح الوجه ولا محدق اليك فهو أول دليل نجابته والشاهد لك على أن نفسه قد أحست بالجميل والقبيح. وأن حياءه هو انحصار نفسه خوفا من قبيح يظهر منه وهذا ليس بشيء أكثر من إيثار الجميل والهرب من القبيح بالتمييز والعقل. وهذه النفس مستعدة للتأديب صالحة للعناية لا يجب أن تهمل ولا تترك ومخالطة الأضداد ال��ين يفسدون بالمقارنة والمداخلة. وإن كانت بهذه الحال من الإستعداد لقبول الفضيلة فإن نفس الصبي ساذجة لم تنتقش بعد بصرة وليس لها رأي ولا عزيمة تميلها من شيء إلى شيء فإذا نقشت بصورة وقبلتها نشأ عليها وأعتادها. فالأولى بمثل هذه النفس أن تنبه أبدا على حب الكرامة ولا سيما ما يحصل له منها بالدين دون المال وبلزوم سننه ووظائفه. ثم يمدح الأخيار عنده ويمدح هو في نفسه إذا ظهر شيء جميل منه ويخوف من المذمة على أدنى قبيح يظهر منه
ويؤاخذ باشتهائه للمآكل والمشارب والملابس الفاخرة ويزين عنده خلق النفس والترفع عن الحرص في المآكل خاصة وفي اللذات عامة. ويجب إليه إيثار غيره على نفسه بالغذاء والإقتصار على لاشيء المعتدل والإقتصاد في التماسه.
[الملابس]
ويعلم أن أولى الناس بالملابس الملونة والمنقوشة النساء اللاتي يتزين للرجال ثم العبيد والخول. وأن الأحسن بأهل النبل والشرف من اللباس البياض وما أشبهه حتى يتربى على ذلك ويسمعه كل من يقرب منه ويتكرر عليه ولم يترك مخالطة من يسمع منه ضد ما ذكرته لا سيما من أترابه ومن كان في مثل سنه ممن يعاشره ويلاعبه.
وذلك أن الصبي في ابتداء نشوه يكون على الأكثر قبيح الأفعال إما كلها وإما اكثرها فإنه يكون كذوبا ويخبر ويحكي ما لم يسمعه ولم يره ويكون حسودا سروقا نماما لجوجا ذا فضول أضر شيء بنفسه وبكل أمر يلابسه. ثم لا يزال به التأديب والسنن والتجار حتى ينتقل في أحوال بعد أحوال. فلذلك ينبغي أن يؤخذ ما دام طفلا بما ذكرناه وبذكره. ثم يطالب بحفظ محاسن الأخبار والأشعار التي تجري مجرى ما تعوده بالأدب حتى يتأكد عنده بروايتها وحفظها والمذاكرة بها جميع ما قدمناه
ويحذر النظر في الأشعار السخيفة وما فيها من ذكر العشق وأهله وما يوهمه أصحابها، إنه ضرب من الظرف ورقة الطبع. فإن هذا الباب مفسدة للأحداث جدا. ثم يمدح بكل ما يظهر منه من خلق جميل وفعل حسن ويكرم عليه. فإن خالف في بعض الأوقات ما ذكرته فالأولى أن لا يوبخ عليه ولا يكاشف بأنه أقدم عليه بل يتغافل عنه تغافل من لا يخطر بباله أنه قد تجاسر على مثله ولا هم به لا سيما أن ستره الصبي واجتهد في أن يخفى ما فعله عن الناس فإن عاد فليوبخ عليه سرا وليعظم عنده ما أتاه. ويحذر من معاودته فإنك إن عودته التوبيخ والمكاشفة حملته على الوقاحة وحرضته على معاودة ما كان استقبحه وهان عليه سماع الملامة في ركوب قبائح اللذات التي تدعو إليها نفسه وهذه اللذات كثيرة جدا.
آداب المطاعم]
والذي ينبغي أن يبدأ به في تقويمها آداب المطاعم فيفهم أولا انها إنما تراد للصحة لا لل��ةز وأن الأغذية كلها إنما خلقت وأعدت لنا لتصح بها أبداننا وتصير مادة حياتنا. فهي تجري مجرى الأدوية ليتداوي بها الجوع والألم الحادث منه. فكما أن الدواء لا يرام للذة ولا يستكثر منه للشهوة فكذلك الأطعمة لا ينبغي أن يتناول منها إلا ما يحفظ صحة البدن ويدفع ألم الجوع ويمنع من المرض. فيحفر عنده قدر الطعام الذي يستعظمه أهل الشره ويقبح عنده صورة من شره غليه وينال منه فوق حاجة بدنه أو مالا يوافقه حتى يقتصر على لون واحد. ولا يرغب في الألوان الكثيرة. وإذا جلس مع غيره لا يبادر إلى الطعام ولا يديم النظر إلى ألوانه ولا يحدق إليه شديدا. ويقتصر على ما يليه ولا يسرع في الأكل ولا يوالي بين اللقم بسرعة. ولا يعظم اللقمة ولا يبتلعها حتى يجيد مضغها. ولا يلطخ يده ولا ثوبه ولا يلحظ من يؤاكله ولا يتبع بنظره مواقع يده من الطعام. ويعود أن يؤثر غيره بما يليه إن كان أفضل ما عنده ثم يضبط شهوته حتى يقتصر على أدنى الطعام وأدونه. ويأكل الخبز القفار الذي لا أدم معه في بعض الأوقات وهذه الآداب وإن كانت جميلة بالفقراء فهي بالأغنياء أفضل وأجمل. وينبغي أن يستوفي غذاه بالعشي فإن استوفاه بالنهار كسل واحتاج إلى النوم وتبلد فهمه مع ذلك. وإن منع اللحم في أوقاته كان أنفع له وقعا في الحركة والتيقظ وقلة البلادة وبعثه على النشاط والخفة. وأما الحلواء والفاكهة فينبغي أن يمتنع منها ألبتة إن أمكن. وإلا فليتناول أقل ما يمكن فإنها تستحيل في بدنه فتكثر إنحلاله وتعوده مع ذلك على الشره ومحبة الإستكثار من المآكل. ويعود أن لا يشرب في خلال طعامه الماء. فإما النبيذ وأصناف الأشربة المسكرة فإياها وإياها فإنها تضره في بدنه ونفسه وتحمله على سرعة الغضب والتهور والإقدام على القبائح والقحة وسائر اخلال المذمومة.
آداب متنوعة]
ولا ينبغي أن يحضر مجالس أهل الشرب إلا أن يكون أهل المجلس أدباء فضلاء. وأما غيرهم فلا لئلا يسمع الكلام القبيح والسخافات التي تجري فيه.
وينبغي أن لا يأكل حتى يفرغ من وظئاف الأدب التي يتعملها ويتعب تعبا كافيا. وينبغي أن يمنع من كل فعل يستره. ويخنفيه فإنه ليس يخفى شيئا إلا وهو يظن أو يعلم أنه قبيح. يومنع من النوم الكثير فإنه يقبحه ويغلظ ذهنه ويميت خاطره. هذا بالليل فأما بالنهار فلا ينبغي أن يتعوده ألبتة. ويمنع أيضا من الفراش الوطيء وميع أنواع الترفه حتى يصلب بدنه ويتعود الخشونة ولا يتعود الخيش والأسراب في الصيف ولا الأوبار والنيران في الشتاء للأسباب التي ذكرناها. ويعود المشي والحركة والركوب والرياضة حتى لا يتعود أضدادها.
ويعود أن لا يكشف أطرافه ولا يسرع في المشي ولا يرخي يديه بل يضمهما إلى صدره ولا يربي شعره. ولا يزين بملابس النساء ولا يلبس خاتما إلا وقت حاجته إليه. ولا يفتخر على أقرانه بشيء مما يملكه والداه من مآكله وملابسه وما يجري مجراه ولا يشين بل يتواضع لكل أحد ويكرم كل من عاشره.
ولا يتوصل بشرف إن كان له أو سلطان من أهله إن اتفق إلى غضب من هو دونه أو استهداء من لا يمكنه أن يرده عن هواه أو تطاوله عليه. كمن اتفق له إن كان خاله وزيرا أو عمه سلطانا فتطرق به إلى هضيمة أقرانه وثلم أخوانه ولا يتمخط ولا يتثاءب بحضرة غيره. ولا يضع رجلا على رجل ولا يضرب تحت ذقنه بساعده ولا يعمد رأسه بيده. فإن هذا دليل الكسل وأنه قد بلغ به القبيح إلى أن لا يحمل رأسه حتى يستعين بيده. ويعود أن لا يكذب ولا يحلف البتة لا صادقا ولا كاذبا. فإن هذا قبيح بالرجال مع الحاجة إليه في بعض الأوقات فأما الصبي فلا حاجة به إلى اليمين. ويعود أيضا قلة الكلام فلا يتكلم إلا جوابا. وإذا حضر من هو أكبر منه اشتغل بالاستماع منه والصمت له. ويمنع من خبيث الكلام وهجينه ومن السب واللعن ولغو القول. ويعود حسن الكلام وظريفه وجميل اللقاء وكريمه ولا يرخص له أن يستمع لاضدادها من غيره.
ويعود خدمة نفسه ومعلمه وكل من كان أكبر منه.
وأحوج الصبيان إلى هذا الأدب أولاد الأغنياء والمترفين. وينبغي إذا ضربه المعلم أن لا يصرخ ولا يستشفع بأحد فإن هذا فعل المماليك ومن هو خوار ضعيف. ولا يعير أحدا إلا بالقبيح والسيء من الأدب. ويعود أن لا يوحش الصبيان. بل يبرهم ويكافئهم على الجميل بأكثر منه لئلا يتعود الريح على الصبيان وعلى الصديق. ويبغض إليه الفضة والذهب ويحذر منهما أكثر من تحذير السباع والحيات والعقارب والأفاعي. فإن حب الفضة والذهب آفته أكثر من آفات السموم. وينبغي أن يؤذن له في بعض الأوقات أن يلعب لعبا جميلا ليستريح إليه من تعب الأدب ولا يكون في لعبه ألم ولا تعب شديد.
ويعود طاعة والديه ومعلميه ومؤديه وإن ينظر اليهم بعين الجلالة والتعظيم ويهلبهم. وهذه الآداب النافعة للصبيان هي للكبار من الناس أيضا نافعة ولكنها للأحداث أنفع لأنها تعودهم محبة الفضائل وينشأون عليها فلا يثقل عليهم تجنب الرذائل ويسهل عليهم بعد ذلك جمثيع ما ترسمه الحكمة وتحده الشريعة والسنة. ويعتادون ضبط النفس عما تدعوهم إليه من الذات القبيحة وتكفهم عن الإنهماك في شيء منها والفكر الكثير فيها. وتسوقهم إلى مرتبة الفلسفة العالية وترقيهم إلى معالي الأمور التي وصفناها في أول الكتاب من التقرب إلى الله عز وجل ومجاورة الملائكة
مع حسن الحال في الدنيا وطيب العيش وجميل الأحدوثة وقلة الأعداء وكثرة المداح والراغبين في مودته من الفضلاء خاصة. فإذا تجاوز هذه الرتبة وبلغ أيامه إلى أن يفهم أغراض الناس وعواقب الأمور فهم أن الغرض الأخير من هذه الأشياء التي يقصدها الناس ويحرصون عليها من الثروة وإقتناء الضياع والعبيد والخيل والفرش وأشباه ذلك إنما هو لنر فيه البدن وحفظ صح��ه. وأن يبقى على إعتداله مدة ما. وأن لا يقع في الأعراض ولا تفجأه المنية. وأن يهنأ بنعمة الله عليه ويستعد لدار البقاء والحياة السرمدية. وأن اللذات كلها في الحقيقة هي خلاص من آلام وراحات من تعب. فإذا عرف ذلك وتحققه ثم تعوده بالسيرة الدائمة وعود الرياضات التي تحرك الحرارة الغريزية وتحفظ الصحة وتنفي الكسل وتطرد البلادة وتبعث النشاط وتذكي النفس. فمن كان ممولا مترفا كانت هذه الأشياء التي رسمتها أصعب عليه لكثرة من يحتف به ويغويه ولموافقة طبيعة الإنسان في أول ما تنشأ هذه اللذات وإجماع جمهور الناس على نيل ما أمكنهم منها وطلب ما تعذر عليهم بغاية جهدهم. فأما الفقراء فالأمر عليهم أسهل بل هم قريبون إلى الفضائل قادرون عليها متمكنون من نيلها والإصابة منها. وحال المتوسطين من الناس متوسطة بين هاتين الحالتين. وقد كان ملوك الفرس الفضلاء لا يربون أولادهم بين حشمهم وخواصهم خوفا عليهم من الأحوال التي ذكرناها ومن سماع ما حذرت منه. وكانوا ينفذونهم مع ثقاتهم إلى النواحي البيعدة منهم.
كان يتولى تربيتهم أهل الجفاء وخشونة العيش ومن لا يعرف التنعم ولا الترفه وأخبارهم في ذلك مشهورة. وكثير من رؤسائهم في زماننا هذا ينقولن أولادهم عندما ينشأون إلى بلادهم ليتعودوا بها هذه الطرق المحمودة في تأديب الأحداث فقد عرفت أضدادها. أعني أن يشتغل بصلاحه وتقويمه فإنه قد صار بمنزلة الخنزير الوحشي الذي لا يطمع في رياضته فإن نفسه العاقلة تصير خادمة لنفسه البهيمية ولنفسه الغضبية فهي منهمكة في مطالبها من النزوات. وكما أنه لا سبيل إلى رياضة سباع البهائم الوحشية التي لا تقبل التأديب كذلك لا سبيل إلى رياضة من نشأ على هذه الطريقة واعتادها وأمعن قليلا في السن. اللهم إلا أن يكون في جميع أحواله عالما بقبح سيرته ذا مالها عائبا على نفسه عازما على الإقلاع والإنابة. فإن مثل هذا الإنسان من يرجى له النزوع عن أخلاقه بالتدريج والرجوع إلى الطريقة المثلى بالتوبة وبمصاحبةب الأخيار وأهل الحكمة وبالأكباب على التفلسف.
1 note · View note