بدايةً، سأُخبركِ قصة قصيرة، كان هُناك ظلام دامس يُغلف المكان، كان الجو خانق يضرُ بالإنسان، وكان ظهوركِ كسِحرٍ أضاء الحياة!، فقد تبدلت - بكِ - كُل الأحوال، فالظلام أمسى ضِياء، والفرح ساد بعد العناء، وعِطرك - هُنا وهُناك - قد فاح!
في اللغة، الإحتضان - أحتضنكِ - هو أن أضمكِ إلى صدري أو أُعانقكِ، أو أن أتولى رعايتكِ أو الدفاع عنكِ، والعِناق هو لغة الحُب الصامتة، وقيل للعِناق خمس فوائد أو سبعٍ، ومن العِناق تنتج طاقة إيجابية هائلة!، وكما تعلمين أن الأطفال يعشقون العِناق!!!
يُقال أن القُبلة هي طريقة للتعبير عن الحُب أو المشاعر إيجابية كانت أو حِسية!، ويُقال أنها - القُبلة - قد تكون وسيلة لتعلم الأبجدية " أبحدية العِشق"!، أو كما قال حافظ شيرازي "لم أبلغ بعد من ••••• مُرادي" وكالعادة بعضاً من النص محجوب أو محظور!
وخٍتاماً، دعيني أوضح لكِ أمراً، لقد كتبتُ رسائل كثيرة ثم مزقتها، ثم هذبتُ كلماتي، فحشمتُ عِباراتي، وأعدتُ ترتيب أفكاري لأكتبُ غيرها، فأجد ما أكتبُ على شاكلة "على مدار خصركِ تنتشر فراشات وبنفسج وزنابق بيضاء!"، فيبدو أن كلُ المُحاولات لتأديب حرفي وتحجيم قلمي فاشلة!، وهذا الفشل - يا حلوتي - مرغوب!
- معقول! .. لقد توقعت أن يستعصى ذلك على التذكر فتقول واحدة فقط.
- يا أحمق .. لا يعانق الرجل إلا واحدة.
- أتهذي يا زوربا؟
- بل أنت الذي لا تعلم العناق.
- أعلمني إذن.
- يظل الرجل يعانق ويفارق .. يبحث بين الأذرع والصدور والنحور عن مأوى.
- ويراه البلهاء عناقًا.
- أما زوربا فيعلم أنه يبحث عنها فيهن جميعًا حتى يجدها.
- فإن وجدها؟
- انمحت كل العناقات القديمة .. عاد طفلًا .. يرتمي في أحضانها مغسولًا من كل فكره .. طاهرًا من كل دنس.
- صف لي عناقها.
- لمسة سحر على الكتفين تُنبت لي أجنحة .. وضمة قوية تنفخ الروح في موتي فأصير حيًّا .. ثم تسند رأسي إلى صدرها فأصير كالمسيح مصلوبًا حتى أطهر .. ثم تسند رأسها لصدري فأصير غارًا يتلقى أنوار الوحي.
- يا له من عناق مقدس.
- رحلة مقدسة بين النحر والكتفين.
- ولكن .. لماذا هي بالذات يا زوربا؟
- لأنه العناق الوحيد الذي كان لذاته لا لغرض .. في كل عناق كنت أبحث عن مفقود .. وفي عناقها اكتفيت.