صباح الخير يا عزيزي، أكتب لك كالعادة وأنا في الحافلة متجهة إلى كليتي. أحب يوم الاثنين، بداية الأسبوع، يشعرني دائمًا بأنه يمكنني البدء من جديد دون النظر إلى أخطائي في الأسبوع الذي سبق.
عند استيقاظي كل صباح، أصارع نفسي لأكون أفضل نسخة مني، أفضل من يوم أمس. هل هذا هو الجهاد النفسي الذي يتحدثون عنه؟
في الأيام الخوالي، وتحديدًا منذ العشر الأيام الأخيرة في رمضان وحتى البارحة، أنا أصارع نفسي وأفكاري. فقدان الشغف أمر مخيف للغاية يا عزيزي ، قد يجر المرء للاكتئاب.
حتى أنني جربت كل السبل لعلاج نفسي، من خلال تغيير مسار نومي أو نوع غذائي، ولكن لا جدوى. صرت أمشي مسافات طويلة كأنني ضائعة، بغرض تحريك جسدي و روحي ولا نتيجة تذكر. حتى وإن كانت هناك نتيجة، تكون موضوعية، أشعر بالتحفيز لفترة قصيرة وتختفي.
امتنعت عن وسائل التواصل الاجتماعي منذ فترة، وهذا وفر لي وقتًا لأكون صريحة، ولكن لا يوجد شيء يجعلني اريد بالقيام بالعمل الذي علي، كأنني هاتف ذا بطارية ضعيفة يحتاج إلى شحن.
مر ما يقارب الشهر وأنا على هذا الحال، أقوم بتجارب كثيرة على نفسي، كأنني فأر، بحثًا عن شغفي الذي أختفى فجأة.
وصلت إلى أن الشغف هو ناتج هرمون الدوبامين في جسم الإنسان، وإذا فقدت الشغف، ما هو إلى نقص في إفراز الهرمون، هذه المعلومات معروفة. كان السؤال الذي يراودني هو كيف أزيد من نسبتها أو بالأحرى نسبة إفرازها؟
أن على الشخص القيام بشيء أسوأ من الشيء الذي عليه القيام به. فعلى سبيل المثال، عليّ القيام بشيء أسوأ من الدراسة لخمس إلى عشر ساعات. ما هو الأسوأ من ذلك بحقك؟ (قلت ذلك في نفسي بسخرية)...
شاهدت مقطع فيديو حيث قال عليك أخذ دش بارد... تخيل يا عزيزي دش ماء بارد.
لطالما اعتقدت بأن من يقومون بهذا الشيء لا يعقلِون، إنه نوع من أنواع الجنون لم يسبق لي تجربته من قبل. ولقد جربته بالفعل الآن.
فقد ربطت رباطة جأشي وأخذت دش ماء بارد، وكان ذلك حقًا الجواب لسؤال كيف أستعيد شغفي.
عند تعمقي في البحث، وجدت أن الله سبحانه أمر نبيه أيوب أن يغتسل بماء بارد كي يُشفى من الأمراض التي قد كانت فيه.
في المرة القادمة يا عزيزي، إذا فقدت الشغف، كل ما عليك فعله هو الاغتسال بماء بارد، ولكن كن حذرًا ألا تصاب بالزكام.
والآن، مع بداية هذا الأسبوع ومع شغفي الذي استعدته، سأكون قادرة على إنجاز مهامي بإذن الله.
اشكرني على معلومة الدش البارد عندما نلتقي يا عزيزي،
أن اكبر خطأ يمكن أن يرتكبه الرجل في الحياه بحق نفسه وقلبه أن يعشق امرأه كانت تحب رجلاً فخذلها ثم يدخل هذا المسكين حياتها ليتوهم بتضميد جراحاتها وعشقه لها بعد حبيبها الأول الذي قتل شغفها لكل نواحي الحياه فنصيحه لك يااخي مثل هذه المرأه ستجد مشاعرها قد تبلدت تماماً وأصبحت كأنها جسد بلا روح لا تحس بشيء إطلاقاً مثل هذه المرأه ياصديقي ستؤذيك نفسياً بشتى الطرق والأساليب دون أن تشعر أنها تؤذيك لأنها صارت بلا أحاسيس مثل هذه المرأه ياصاحبي تأكد أنها لا تحبك بل ترحمك لأنها وجدت فيك الصدق والبراءه والتضحيه فبقت معك معذبة الضمير.
مثل هذه المرأه ستكون قريبه منك عندما تثخن جراحاتها ويصلب الحزن ما بقى منها على خشبة سود الذكريات وستكون أبعد عليك من عين الشمس ولن تجدها إذا كانت لحظتها سعيده مثل هذه المرأه ياثور ... واعتذر عن هذا اللفظ لم تتخذك صاحباً وخليلاً لها في السراء وفي الضراء بل اتخذتك دواءً لمصاب قلبها ومرهماً شافياً لنزيفها وحضناً امناً للخوف الذي يسكنها فقط مثل هذه المرأه قلبها صار مقبره وحديثها بارد وحججها عليك أكثر من أنفاسك وتواصلها يأتي بعد عتاب منك يشق قلبك نصفين مثل هذه المرأه لو أهديتها عمرك وأسقيتها أغلى دموعك وبنيت عرشها من أضلاعك وأوجاعك وجعلت مكانتها فوق كل الناس فضلًا عن أهلك فلن يرضيها لأنها صارت جثه هامده مثل هذه المرأه هبها من وقيد دمك موقفاً إنسانياً لعله يعيد لها ذاكرتها وبراءتها والأمان الذي مات في كل جسدها وانسحب من حياتها فلن ولن ينجو قلب أي رجلٍ من هذه المرأه ولو كان فيلسوفاً أو رسولاً لأن الشيطان قد حل واستحل بدنها وروحها.
انتظرت اليوم مكالمتك، لكنك لم تتصل، في الانتظار قصقصت أوراق الياسمين الزائدة على شرفة منزلي المطلة على حي بيريرا في ميلانو
وفكرت إنك ترسل لي منذ عام ونصف دون أن تتصل دون أن ألمح من صوتك إلا رسالتين صوتيتين ترد فيها باقتضاب عنما ما أصابك
قرأت النشرة الجوية، أخبرتني أن السماء سوف تمطر اليوم على ضيعتك، أعلم أنك تحب البحر الرمادىّ، تألف الحرب وتعش في داخلها كما تعش في داخلك، مهما قلت أنك تسعى للسلام فإنك لا تزال تنبش عن أثر الحرب، تقاتل طواحين الهواء أم لا!، لا أعرف.
ولكني سأمت صمتك ورسائلك الجميلة، التي تعكس روح أغشتها الدنيا بالتراب والظلام
حتى عندما وصلت إلى القاهرة رفضت أن تقابلني لا أعرف لماذا، هل لأنني أخبرتك أن مدير النشر اللبناني سيكون بصحبتي ويرغب في شدة بلقائك
لماذا لا تخرج للعالم ما انت تحترف دفنه، لماذا لا يعلم العالم أنك موجود.
متى سترحل من كل هذا الشتات إلى وطن تجتمع فيه انت وكلماتك وشجر السنديان على ضفة بحيرة لا يراك فيها إلا الله وعيون الطيور.
لماذا انت شخص يثير داخل النفس التساؤل أكتر من الإجابة، لماذا لا أعثر فيك على الحقيقة، حتى لو كانت أنك مجرد شبح مصري لا يريد من الدنيا شيئ إلا السلام.
عزيزي،انه آخر يوم في الشهر أخر يمضي بسلاسة، لا زلت أتذكر اليوم الأول فيه كما لو كان الأمس. أنا حقًا سعيدة بقراري ببدء كتابة رسائل لك، لقد ساعدني ذلك كثيرًا.
ليلة البارحة، وصل أهلي من المدينة التي أعيش فيها إلى مكان إقامتي الحالي. لم أتمكن من النوم من شدة الفرح؛ إذ انها أول زيارة لي، قد اشتريت الكثير من الطعام، فأنا أعيش وحيدة وأشتري القليل عادة. الآن عرفت معنى الوحدة؛ عندما حدث الفرق، عرفت حقًا أنني كنت وحيدة.
أما بالنسبة للغربة، فقد عرفتها منذ سنوات، لكنها تتجدد كل يوم. هناك من يغترب إلى وطن مشابه لوطنه في اللغة والعادات، وهناك من يغترب إلى مكان مختلف تمامًا، فيتوجب عليه البدء من الصفر كأنه ولد من جديد. وأشد الإغتراب هو الابتعاد عن الأحبة؛ عندما سألت أبي عن معنى الغربة، قال إنها تجعل قلبك يصبح قاسيًا وتجعل عينيك تفيض بلا سبب.
أما أنا، فأقول إن نبضات قلبك تصبح مسموعة بشدة في السكون، ومنزلك يبدو باردًا بشكل غير عادي. فحركتك وحدك لن تدفئ المكان يا عزيزي.
تعلمت أن أكون ثلاثة أشخاص في شخص واحد هنا: الأم التي تهتم بالتفاصيل وإعداد الطعام والمواساة والدعم، والأب الذي ينصح ويقرر ويبدأ بالخطوات الأولى دائمًا بجرأة، والطفل الذي ينبغي عليه الطاعة والدراسة.
تعلمت الكثير يا عزيزي، وأنا لا زلت أريد المزيد حقًا . أتمنى أن تكون فترة إقامة أهلي هنا مريحة لهم في النهاية، وأن نلتقي مرة أخرى بعد انتهائي من هذا الفصل بنجاح.
سوف تقرأ رسالتي هذه في صباح اليوم التالي ، لانني لن أتمكن من إرسالها الان ،هذا كل ما لدي من جديد
"وحسب رأي الخبراء فإن الرسائل الزجاجية عادة لا تسير بسرعة ويقدر متوسط سرعتها باثنى عشر ميلاً في اليوم.. أما أطول رسالة زجاجية فهي تلك التي قطعتها رسالة زجاجية أودعت في بحر ميناء ملبورن بأستراليا عام 1952م فقطعت نصف محيط الكرة الأرضية في 3 سنوات ونصف السنة."