وأخبرك عني، ما أظلمت نفسي، أو استعصى عليَّ هم ثقل علي حمله، أو ذنبٌ يخاتلني خداعا ويرهقني بفتنته، أو مسألةٌ خفي علي النور فيها، أو كرب أحاط بي سعيره، أو غايةٌ تراءت لي بعيدةً عني خلف سور المستحيل إلا فررتُ إلى الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد ﷺ، فلاحت الأنوار وأشرقت بأفراحها، وهداياتها، وبركاتها، وسكن ما كان مني قلقًا، واتسع ما كان ضيقًا، ونعمتُ بظلال أنس كأن الملائكة تقيم حولي وتضع أجنحتها على قلبي!
إن من صحب أحب الخلق إلى ربه صلاة وسلامًا، لا يُخذل؛ لأنه أتى بأحب حبيب وأقرب خليل ﷺ..
خطبة الجمعة | "استبشر، فدائمًا هناك عوض من الله لا يتخيله عقلك، ولا تتصوره أفكارك، يأتي هكذا فجأة ليس له وقت محدد، فينتشلك بحنان وحُب من كل ضيق، وهم، وحزن، فتشعر وكأن الحياة كانت دائمًا معك فرح لا نهائي، وأن أيامك الثقال لم تكن إلّا تمهيدًا لقدوم مسراتٍ مختلفة، وسعاداتٍ مُتعددة."
(وما بكم من نعمةٍ فمن الله ثم إذا مسّكم الضُّر فإليه تجأرون)
فتكادُ تشهدُ كلّ خليةٍ في جسدي أنّك قد حففتَها بالإنعامِ والإكرام، وإنني أعترفُ اعترافًا لا يخالطه ترددٌ أنك قد تفضّلت علي ياربّي، وأغرقتني بالنّعمِ منذُ أن أوجدتني وحتى يومي هذا ، وأنا التي لا تستحقّ عليكَ شيئًا، ولستُ أهلًا لما خصصتني به ولكنّه كرمك الواسع الذي أحسّه يحيطني، والذي والله من شدّةِ اغتباطي به أرى أنّك لم تنعم على أحدٍ من أهلِ الأرض كما أنعمتَ عليّ!
أُقلّبُ سنينَ عُمري ؛ فأُشاهدُ الحرمانَ الذي مضى نعمة .. والفقدَ الذي مضى نعمة .. والألم الذي مضى نعمة .. والخوف الذي مضى نعمة .. ومشاعرَ كنتُ أكرهها وأحوالًا كنتُ أخشاها أنّها نِعَمٌ حفظتني بها وسلّمتني فيها من شرٍّ أجهلهُ ؛ وقلبي على يقينٍ كبير لمستُه في محطّاتٍ مختلفةٍ من حياتي : أنكَ لا تقضي لعبدكَ المؤمن قضاءً إلا كان [خيرًا له].
فاللهم ّ اجعلني ذلكَ المؤمن .. الذي يمتلئ قلبه بحبّك واستحضارِ نعمتك في حالِ سرّائهِ وضرائه ، الذي يصمدُ إليكِ في قضاءِ حوائجه فلا يطمئنّ ولا يهدأ حتى يدعوك ، ولا يرى أبدًا مهما فعل أنّه قد وفّى وشكرك ..
اجعلني ذلكَ المؤمن صاحبَ القلبِ الوَجِل الذي يخشى أن يُسلَب النّعمةَ بذنبهِ وبسبب تقصيرهِ في أداء حقّك يا عظيم ، والذي لا ينفكّ يرى أنّ الاهتداءَ إليكَ هو أجلّ النعم وأعلاها وإن آتيتَه حظًا وافرًا من دنياه؛ فاجعل هذا الحظّ مُعينًا على الطاعةِ والشكر ، لا على المعصيةِ و��لجحود ، واجعله سببًا في زيادةِ التعلّق بكَ ، لا سببًا في الافتتانِ بهِ عنك.
خطبة الجمعة | "أشدّ ما يُختبر فيه المرء هو الرضا في مواضع الحرمان، وفي الأقدار التي خالفت جميع توقعاته، في كل موقفٍ أُجبر عليه، وكل ما يعيشه ويخالف هواه.. فيهتز داخله، ويحاول مُجاهدة قلبه وترويضه، حتى يلين ويهدأ ويقنع، مهما أغرقه الغضب، فيصبح على يقين أن ما قُضي هو الخير".
قد يسيء بعض الناس بك الظن وقد يظنّك آخرون أطهر من ماء الغمام ولن ينفعك هؤلا ولن يضرك أولئك ، المهم هو حقيقتك وما يعلمه الله عنك فلا تهتم لما يقال عنك فأنت تعرف من أنت والله اعلم بحالك ونيتك فأصلح مابينك وبين الله ثم امضي مطمئنًا.