أصل الإيمان
الإيمان مبني على أصلين:
أحدهما: تصديق الخبر عن الله و رسوله (أي: أن مقتضى شهادةُ أنْ لا إله إلَّا الله و أنَّ محمَّداً رسولُ الله، هو تصديقُ الرسولِ و تصديقُ الكتابِ بكلِّ ما فيهما من الأخبارِ)، و بذل الجهد في رد الشبهات التي توحيها شياطين الإنس و الجن في معارضته.
ثانيهما: طاعة أمر الله و رسوله (أي: طاعة أمر الله في امتثال أوامره و اجتناب نواهيه، و طاعة رسوله فيما أمر به و نهى عنه)، و مجاهدة النفس في دفع الشهوات التي تحول بين العبد و بين كمال الطاعة.
فالشبهات و الشهوات أصل فساد العبد و شقائه في معاشه و معاده؛ كما أن تصديق الخبر، و طاعة الأمر، أصل فلاح العبد و سعادته في معاشه و معاده.
و كل عبد له قوتان:
الأولى: القوة العلمية، و هي قدرة الإدراك و النظر و ما يتبعها من العلم و المعرفة و الكلام.
الثانية: القوة العملية، و هي قوة الإرادة و الحب و ما يتبعهما من النية و العزم و العمل.
فالشبهات تؤثر فسادا في القوة العلمية ما لم يداوها بدفعها، و الشهوات تؤثر فسادا في القوة العملية ما لم يداوها بإخراجها.
و من تمام حكمة الله تعالى أنه يبتلي هذه النفوس بالشقاء و التعب في تحصيل مراداتها و شهواتها، فلا تتفرغ للخوض في الباطل إلا قليلا، و لو تفرغت هذه النفوس لكانت أئمة تدعو إلى النار.
و هذا حال من تفرغ منها كما هو مشاهد بالعيان، فإن داء الأولين و الآخرين كان في أمرين: إتباع الشهوات المانعة من متابعة الأمر، و الخوض بالشبهات المانعة من الانقياد للأمر.
و هذا شأن النفوس الباطلة التي لم تخلق لنعيم الآخرة، و لا تزال ساعية في نيل شهواتها، فإذا نالتها فإنما هي في خوض بالباطل الذي لا يجني عليها إلا الضرر العاجل و الآجل، فعلى العبد أن يحذر هؤلاء و مجالستهم: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَ إِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [الأنعام:68].
و من رزقه الله قلبا سليما، رأى الحق حقا و اتبعه، و رأى الباطل باطلا و اجتنبه. فإذا رأى الناس متوكلين على تجارتهم، و صحة أبدانهم، توكل على الله: { وَ مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ } [الطلاق:3].
و إذا ر آهم يذلون أنفسهم في طلب الرزق، إشتغل بما لربه عليه لعلمه أن رزقه سيأتيه: { وَ مَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَ مُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [هود:6].
و إذا رآهم يتحاسدون في دنياهم ترك ذلك لهم، لعلمه أن نصيبه من الرزق سيصل إليه، و لن يأخذه غيره: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَ رَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف:32].
و إذا رأى الناس يطلبون العزة و المكانة عند المخلوق بالمال و الجاه و المناصب، طلب المكانة عند ربه بالتقوى كما قال سبحانه: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات:13].
و إذا رأى الناس يركضون و راء شهواتهم، أجهد نفسه في دفع الهوى حتى تستقر على طاعة الله عز و جل: { وَ أَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ } [النازعات: 40-41].
و إذا رأى الخلق كل له محبوب فإذا وصل إلى القبر فارق محبوبه، جعل محبوبه حسناته التي لا تفارقه: { الْمَالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَ خَيْرٌ أَمَلًا } [الكهف:46].
قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } [الأنفال:2-3]، و قال تعالى: { وَ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَ لَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء:87-89].
القلب السليم الذي ينجو من عذاب الله يوم القيامة، هو القلب الذي قد سَلِمَ من مرض الشهوات، و سلم من مرض الشبهات، الذي قد سَلَّمَ لربه، و سلم لأمره، و لم تبق فيه منازعة لأمره و لا معارضة لخبره. و متى كان قلب العبد كذلك فهو سليم من الشرك، و سليم من البدع، و سليم من المعاصي، و سليم من الغي و سليم من الباطل.
فالقلب السليم هو الذي سلم لعبودية ربه حبا و خوفا، و رجاء و طمعا، و سلم لأمره و سلم لرسوله تصديقا و طاعة، و استسلم لقضاء الله و قدره، فلم يتهمه و لم ينازعه و لم يتسخط لأقداره. فأسلم لر��ه و مولاه انقيادا و خصوعا، و ذلا و عبودية. و سلم جميع أحواله و أقواله، و أعماله الظاهرة و الباطنة، لما جاء عن رسول الله (محمد بن إبراهيم التويجري - موسوعة فقه القلوب).
عداوة الشيطان
قال الله تعالى: { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر:6]، و قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [البقرة:208].
لقد لعن الله الشيطان و طرده من الجنة بسبب أنه عصى أمر ربه حين أمره بالسجود لآدم عليه السلام،. فأبى و استكبر و كان من الكافرين، فحقت عليه لعنة الله إلى يوم الدين كما قال سبحانه: { قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَ إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ } [ث:77-78].
و وعد الله الشيطان و ذريته و أتباعه بنار جهنم يوم القيامة كما قال سبحانه و تعالى: { قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ } [الأعراف:18].
و ربط الشيطان لعنة الله بآدم و لم يربطها بمعصيته، و لكنه رأى أن ما حصل له من الطرد و اللعن و الإغواء و العذاب في جهنم، كله بسبب ٱدم، فأعلنها حربا صريحة على ٱدم و ذريته من جميع الجهات و في جميع الأوقات، و جميع الأماكن، و بشتى الوسائل، مصرا على ملاحقة الإنسان ذكرا كان أو أنثى في كل لحظة: { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَ عَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَ لَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } [الأعراف:16-17].
و عزم عدو البشرية أن يقعد على صراط الله المستقيم ليصرفهم عن سلوكه، و يأتيهم من ناحية نقط الضعف البشري فيهم، و مداخل الشهوة الجاذبة كما قال لآدم من قبل: { قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ، فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَ عَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } [طه:120-121].
فتاب آدم من خطيئته و تقبل الله توبته: { فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة:37]. و نزل آدم عليه السلام و عدوه إبليس اللعين إلى الأرض، و بدأت المعركة الكبرى: معركة الشيطان و ذريته ضد آدم و ذريته.
فالحرب قائمة مستمرة، إنها معركة الإيمان مع عداوة الشيطان، معركة الهدى مع الهوى، معركة الشر و الفساد في الأرض مع شريعة الله المصلحة للأرض و من فيها، إنها المعركة في النفس و الحياة الواقعية.
إنها حرب طويلة الأمد يخوضها الإنسان مع الشيطان،. و قد استعد لها الشيطان بخليه و رجله و جنوده و أتباعه و أولياءه: { وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَ الْأَوْلَادِ وَ عِدْهُمْ ۚ وَ مَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا } [الإسراء:64].
و الله سبحانه و تعالى حافظ عباده و أولياءه: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَ كَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا } [الإسراء:165].
فالمؤمنون لا سبيل للشيطان عليهم، و لا يملك أن يزين لهم لأنه عنهم محصور، و لأنهم في حمى الله عز و جل، و مداخل الشيطان إلى نفوسهم مغلقة. و إنما سلطان الشيطان على من اتبعه من الغاوين الضالين، فالشيطان لا يتلقف إلا الشاردين كما يتلقف الذئب الشاردة من الغنم: { قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } [الحجر:41-42].
قال ابن القيم: " و لما علم عدو الله أن الله تعالى لا يسلطه على أهل التوحيد و الإخلاص قال: فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين [ص: 83]،
فعلم عدو الله أن من اعتصم بالله عز و جل و أخلص له و توكل عليه لا يقدر على إغوائه و إضلاله و إنما يكون له السلطان على من تولاه و أشرك مع الله فهؤلاء رعيته فهو وليهم و سلطانهم و متبوعهم " (كتاب: إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان).
وسائل الشيطان في غواية الإنسان
إن الإنسان حين يستحضر المعركة الخالدة مع الشيطان، فإنه يتحفز بكل قواه، و بكل يقظته، دفاعا عن النفس و حماية الذات: يتحفز لدفع الغواية و الإضلال و الإغراء، و يستيقظ لمداخل الشيطان إلى نفسه، و يتوجسس من كل هاجسة، و يسرع ليعرضها على ميزان الله و شرعه.
إن القرآن ينشئ في القلب حالة التعبئة الشعورية ضد الشر و دواعيه، و ضد هواتفه المستترة في النفس، و أساليبه الظاهرة للعيان، حالة الاستعداد الدائم للمعركة التي لا تهدأ لحظة، و لا تضع أوزارها في هذه الأرض إلى يوم القيامة.
و لذلك فإن إبليس لا يبذل جهده لمن باع نفسه للمعصية، و انطلق يخالف كل ما أمر به الله تعالى، و يتمرغ في الكفر و الظلم و المحرمات. و إبليس لا يذهب إلى الحانات، و أماكن اللهو و الفجور، و مستنقعات الزنا و الرذيلة و الفساد. فكل من يذهب إلى هذه الأماكن فهو ذاهب إلى معصية، و ليس في حاجة إلى إغواء، لأنه اختار هذا الطريق العفن.
و لكن إبليس يذهب إلى بيوت الإيمان، و بيئات الطاعة، و أماكن العبادة، و ساحات الفضيلة، و من سار على الصراط المستقيم عابدا و داعيا، و معلما و متعلما، و مربيا و ناصحا و مرشدا، و محسنا و متصدقا.
هؤلاء الذين يبذل معهم إبليس كل جهده، و كل حيله، و كل مكره، و كل كيده، و كل إغوائه، ليصرفهم عن عبادة الله سبحانه و تعالى، و عدو الله له في تحقيق غايته تلك عدة وسائل:
التضليل
من الوسائل المباشرة التي ينتهجها الشيطان لإغواء الإنسان «التضليل»، و هذه الوسيلة تندرج تحتها وسائل عدَّة، و تتنوَّع كلُّها بحسب نوع الإنسان من حيث عِلمه و ثباته و استجابته للشبهات أو الشهوات، و من حيث قوَّة إيمانه و يقينه و نفاد بصيرته، قال الله تعالى: ﴿ إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا، لَعَنَهُ اللهُ وَ قَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا، وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء:117-119].
و في هذه الآيات دلالة على تصريح الشيطان لعنه الله بتضليل بني آدم، و اتخاذ طائفة منهم لتصير من حزبه و نصيبه.
و الإضلال الذي ينتهجه الشيطان على خمس مراتب:
الأولى- هي الدعوة إلى الشرك و الكفر:
و هذا النوع هو أحطِّ أنواع الإضلال و أخبثها و أخطرها، فإذا ظفر به الشيطان من الإنسان فقد ظفر بكلِّ مراده، و حظي بغاية إضلاله و إغوائه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:48].
الثانية- و هي الدعوة إلى البدعة:
و إلقاء الشبهة على مرضى القلوب، و لا يلجأ الشيطان إلى هذه المرتبة إلاَّ بعد يأسه من الأولى، و البدع هي بريد الكفر و طريقه، و إذا كان الكفر سببًا لحبوط الأعمال فإنَّ البدعة سبب في ردِّها و عدم قبولها، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم -: « من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ » (رواه البخاري)، أي مردود على صاحبه، و لذا فإنَّ الشيطان إذا وجد في المسلم حبَّ الاجتهاد في العبادة و يئس في توهين قوته دعاه إلى الزيادة في الدين و سلوك سبيل المبتدعين.
الثالثة- التحريض على الكبائر و الفواحش:
فارتكاب الفاحشة أهون من الابتداع في الدين، لذلك فالشيطان لا يحرص على هذا الأسلوب إلاَّ إذا فشل في امتحان المسلم في البدع و الضلالات.
الرابعة- التحريض على الصغائر و المباحات:
فإذا يئس من أن يوقع المسلم في كبائر الذنوب، قعد له في طريق الصغائر و اللمم، و سهَّل له سبيلها، و ألبسها لباس تزيينه و تحسينه حتى يُبديها له في منظر المباحات، فإذا وجد منه طاعة و انصياعًا تربَّص به حتى يُوقعه في كبيرة من كبائر الإثم، و من ثم يستفزه و يغويه و يقنطه من التوبة و الرحمة؛ فإذا به صريع.
الخامسة- إشغال المسلم بالعبادة المفضولة عن الفاضلة:
و ذلك لأنَّ الشيطان إذا يئس من صرف العبد عن الأوامر أو إيقاعه في النواهي، و وجد منه قوَّةً و ثباتًا على الحقِّ؛ دخله من باب العبادة نفسها، و قلب له حقائقها، و زيَّن له مفهومها ليشغله عن فاضلها، و ليضيِّع عليه الثواب الحاصل منها، كأن يُزيِّن له قراءة القرآن وقت الصلاة المفروضة حتى تضيع عليه الجماعة .. و كلُّ ذلك من مداخل الشيطان و خطواته التي حذَّر الله جلَّ و علا منها فقال: ﴿ وَ لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الأنعام: 142].
التغرير بالأماني
قال الله تعالى: ﴿ وَ قَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ مَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم:22].
فهذه الآية تدلُّ على أنَّ من أساليب الشيطان في إغواء الإنسان نفث الوعود و التغرير بالأماني الكاذبة، و من مكائده في هذا الباب التغرير بطول الأمل و زهرة الحياة الدنيا و تزيينها و تحسين الحرص عليها؛ فهو يُدرك حب الإنسان للمال و ميله للشهوات و حرصه على لذَّة الحياة كما قال تعالى: ﴿ وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات:8]، و قال سبحانه: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعَامِ وَ الْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَ اللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } [آل عمران:14].
و لذلك فإنَّ إبليس يجعل من تزيين الحياة و التغرير بحيوانها و طول وقتها مدخلاً لتغرير الإنسان و قذف الأماني في قلبه و إغراقه في خواطر الغفلة عن الموت و قلَّة الانتباه للحساب و نسيان الآخرة و ما فيها من نعيم و عذاب!.. قال تعالى مُبيِّنًا كيده و تغريره: ﴿ يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ مَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [النساء:120].
و من مكائده و مصائده أيضًا أنه إذا وجد في المسلم خوفًا من الله و رهبة و رغبة قوَّى جانب الرَّغبة في قلبه، و ملأه بالرجاء و التعويل على رحمة الله و عظيم عفوه و منته و كريم رأفته و مغفرته .. و يظل يُنسيه جانب الخوف و يُذكِّره بجانب المغفرة حتى يُوقِعَه في عظائم الذنوب و بلايا العيوب.
و يصنع عدوُّ الله سلاح الأماني و التغرير بالمسلم؛ فيغرِّر بشرب الخمر لأجل نسيان الهموم، و يُغرِّر بالتدخين و المخدرات لتخفيف الانزعاج و القلق، و يُغرِّر بالربا لأجل الربح السريع، و يُغرِّر بالتبرُّج لأجل الزواج، و يُغرِّر بالغشِّ لأجل كسب المال .. و ما من معصيةٍ إلاَّ و تجده يوجد لها من الشُبه ما يناسب شهوات أصحابها، كلٌّ بحسبه.
و إبليس إذا أحسَّ من المسلم إصرارًا على طاعة الله جلَّ و علا و لم ينفع فيه التغرير و التضليل نهج عدو الله مدخل «التسويف»، فتجده يُسوِّف للتائب توبته، و للقائم قومته، و يظلُّ يصوِّر له الأعذار و يُزيِّنها له حتى إذا استقرَّ في قلب الطائع تسويفها أنساه الشيطان إيَّاها و فوَّت عليه الظفر بثوابها.
يقول ابن الجوزي: " و كم من عازمٍ على الجِدِّ سوَّفه الشيطان و جعله يقول «سوف»، و كم من ساعٍ إلى فضيلة ثبَّطه، فلربما عزم الفقيه على إعادة درسه، فقال «استرح ساعة».. و ما زال الشيطان يُحبِّب الكسل و يُسوِّف العمل(كتاب تلبيس إبليس).
التزيـين
و التزيين الذي يعمد إليه الشيطان لإغواء الإنسان نوعان:
أولهما تزيين القبيح، و ثانيهما تقبيح الحسن.
فأما تزيين القبيح فمن قوله تعالى: ﴿ وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَ قَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال:48].
و قوله تعالى: ﴿ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾ [النمل:24].
فإذا رأى الإنسان قد وقع في معصية زيَّنها و حسَّنها و أوجد لها من أدوات التحسين ما يُشجِّع العاصي على الإصرار على معاودتها، و ذلك بإظهار منافعها و إخفاء مغباتها و حسراتها، فتجده يُحسِّن جمع المال و الحرص عليه و يُظهِر لصاحبه أنه الحكيم في تصرفه، الناظر لعواقب الأمور، و لا يزال به حتى يوقعه في الشحِّ و الغشِّ و الخداع، و كل ذلك بتصوير هذه المعاصي على أنها من الذكاء و الفطنة و الحنكة و العقل!
يقول ابن القيم الجوزية: " و من أنواع مكائده و مكره: أن يدعو العبد بحُسن خلقه و طلاقته إلى أنواع الآثام و الفجور، فيلقاه من لا يُخلِّصه من شرِّه إلاَّ تجهُّمه و التعبيس في وجهه و الإعراض عنه، فيُحسِّن له العدوُّ أن يلقاه ببِشره و طلاقة وجهه و حُسن كلامه، فيتعلَّق به، فيروم التخلص منه فيعجز، فلا يزال العدو يسعى بينهما حتى يصيب حاجته.
و من مكائده: أنه يأمرك أن تلقى المساكين و ذوي الحاجات بوجهٍ عبوسٍ و لا تُريهم بِشرًا و لا طلاقة فيطمعوا فيك و يتجرَّءوا عليك، و تسقط هيبتك من قلوبهم، فيحرمك صالح أدعيتهم و ميل قلوبهم إليك و محبتهم لك، فيأمرك بسوء الخُلق، مع البشر و الطلاقة مع هؤلاء، و يُحسِّن الخُلق و البِشر مع أولئك؛ ليفتح لك باب الشر و يُغلق عنك باب الخير " (كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان).
و من صور تزيينه للقبيح:
تحسين الأفكار الباطلة و الأهواء المخلة و إيجاد المسوِّغات لها و قذفها في القلوب المريضة، و من ذلك تزيين الاستغاثة بالأموات و دعائهم و الذبح لهم و النذر لهم و تعظيمهم، و كذلك تزيين التعبُّد بما لم يأذن به الله، سواء في الصلاة أو الصوم أو الحج؛ فتجده يحسن الصلاة في القبور، و يُزين الوصال في الصيام، و يُرغِّب في تأخير فريضة الحج، و في كلِّ ذلك تجده يقذف في قلب الإنسان من الأفكار و الخطرات ما يظهر الحقَّ في صورة الباطل تغريرًا كما قال تعالى: ﴿ وَ كَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَ لَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَ مَا يَفْتَرُونَ } [الأنعام:112].
و معلوم أنَّ وحي الشيطان للإنسان إنما يكون بقذف الخطرات في قلبه و نفثها في نفسه.
و أمَّا تقبيح الحسن فيعمد به الشيطان إلى صرف الإنسان عن الفرائض و الواجبات؛ فإن لم يظفر بذلك عمد إلى صرفه عن المستحبَّات و فضائل الأعمال، و أشدُّ ما يحرص الشيطان على فعله في هذا الباب تفويت الصلاة على العبد، فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم: « يعقد الشيطان على رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام، بكلِّ عقدة يضرب عليك ليلاً طويلا، فإن استيقظ فذكر الله عز و جل انحلَّت عقدة، و إذا توضَّأ انحلت عقدتان، فإن صلَّى انحلت العقد، فأصبح نشيطًا طيِّب النفس، و إلا أصبح خبيث النفس كسلان » (رواه مسلم).
فهكذا يصرف الشيطان النائم عن الصلاة، أمَّا المستيقظ فيزيِّن له البيع و التجارة و يخوِّفه الكساد و الخسارة إن هو آثر الصلاة على العمل، كما يصرفه عنها بأنواع المغريات و الملهيات و الشهوات كالغناء و الأفلام و نحوها.
و ما قعد قاعدٌ عن الجهاد و لا أمسك غنيٌّ عن الإنفاق، و لا حُبس قادر عن الإحسان إلاَّ بتزيين الشيطان و تقبيحه لهذه الخصال الطيبة فتراه يخوف المجاهد بالموت و تشريد الأهل و العشيرة، و يخوف المنفق بالفقر و سقوط الهيبة و المكانة، و يخوف المحسن باستعلاء الناس و لؤمهم و نكرانهم للجميل .. و هكذا يجعل لكلِّ خصلة تقرِّب من الله حاجزًا يُخوِّف به المسلم و يجعله علَّةَ تقبيحه و تزيينه لنقيضه.
قال تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَ اللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَ فَضْلًا ۗ وَ اللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة:268].
مداخل الشيطان
إن مَثْلَ القلب كمثل الحصن، و الشيطان عدوٌّ يريد أن يدخل هذا الحصن، فيملكه و يستولي عليه، و لا يمكن حفظ الحصن من ال��دوِّ إلا بحراسة أبوابه و مداخله، فالجوارح كلها مداخل لهذا الحصن، و عدم حفظ الجوارح ثغرة واسعة لمداخل الشيطان على القلب:
مدخل العين
النظر المسموم من أخطر سهام الشيطان و أفتك أسلحته بإيمان العبد المسلم، و لذلك فحرصه عليه أشدُّ من حِرصه على غيره، لأنَّ خطر فتنة النظر من خطر فتنة المنظور إليه، و لَمَّا كان المنظور إليه النساء، و هنَّ فتنةٌ على العبد؛ كان النظر إليهنَّ أخطر عليه، و كان بذلك الشيطان أحرص على إغواء المسلم به، و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يُحذِّر أمَّته من فتنة النساء و يقول: « إنَّ الدنيا حلوة خضرة، و إنَّ الله مستخلفكم فيها فناظرٌ ماذا تفعلون، فاتقوا الدنيا و اتقوا النساء؛ فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء » (رواه مسلم)، و يقول صلى الله عليه و سلم: « ما تركت بعدي في الناس فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء » (رواه مسلم).
و لذلك قرن الله جلَّ و علا بين حفظ الفرج و غضِّ البصر فقال: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].
و للشيطان في استحواذه على ثغر العين مسلكان:
الأول- صرف العين عن النظر إلى مواطن الاعتبار.
الثاني- توجيهها إلى النظر المحرم.
فأما المسلك الأول:
فيعمد فيه الشيطان إلى صرف العين عن كلِّ ما يقوِّي إيمان المسلم و يشدُّ عزمه و يدلُّه على الهدى و الرشاد، فيحرص أشدَّ الحرص عن صرف العين عن آيات الله الشرعية و الكونية.
فكلَّ ما تأهَّب المسلم لتلاوة القرآن شغله و وسوس له بالشواغل و المغريات؛ فإذا لم يظفر منه بالمراد صرف عينه عن تدبُّر القرآن و فهم معانيه، و جعله ينثره نثر الدقل دونما إعمال لِما يقتضيه من التوحيد و العبادات، و دونما تأثر بما يدُلُّ عليه من الوعد و الوعيد..
و كلَّما عمد المسلم إلى تعلُّم دينه و التفقُّه في شرعه؛ شغله و ألهاه و أغفله عن النظر إلى ذلك بالتزيين لِما سواه و تقبيحه و تشنيعه. و كلَّما رأى من العبد وقفة تأمُّل في خلق الله و في كونه و ما فيه من الآيات الباهرة و الدلائل القاهرة؛ صرف نظره عن ذلك بالوساوس، و هوَّن من شأن الآيات و ما تقتضيه من الإيمان و الإذعان للخالق الديان.
و هذا يظلُّ يقطع عليه كلَّ نظرة جالبة للخير، و يحوِّلها من حالها إلى نظرة التفرُّج والاستحسان حتى يبطل أثرها الطيب في القلب.
و أما المسلك الثاني:
فيعمله الشيطان للإيقاع بالمسلم في براثن الزنا و الفساد، و ما من شيء أسرع في قذف بذور الشهوة في القلب من النظرة؛ لذلك فالشيطان يجعلها أهم مداخله لنفث بذر الشهوة في القلب، ثم يسقيها بماء الأمنية، و لا يزال بالتغرير و الأماني و الوعود حتى يقوِّي عزيمة الناظر و يُوقِد شهوته و إرادته، ثم يُرديه صريعًا في مهاوي المعصية، لذلك ورد في النهي عن النظر المحرَّم نصوصٌ كثيرةٌ تُبيِّن خطورته و ضرره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن غض بصره عن محاسن امرأة لله أورث الله قلبه حلاوة إلى يوم يلقاه » (رواه الحاكم)، و قال صلى الله عليه و سلم: « لا تتبع النظر النظرة، فإنما لك الأولى، و ليست لك الأخرى » (رواه أبو داوود و الحاكم).
يقول ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى: " و النظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان؛ فإنَّ النظرة تولِّد خطرة، ثم تولِّد الخطرة فكرة، ثم تولِّد الفكرة شهوة، ثم تولِّد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل و لا بدَّ ما لم يمنع منه مانع .. و لهذا قيل: الصبر على غضِّ البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده".(كتاب: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي).
و سهم النظر من أخطر السهام التي يفتك بها الشيطان إيمان المسلم، و يفوِّت عليه بذلك فتح الفوائد العظيمة التي يُثاب عليها المؤمن إن هو غضَّ بصره و قهر صبوته.
قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر:19]، قال الشنقيطي رحمه الله: فيه الوعيد لمن يخون بعَينه بالنظر إلى ما لا يحل له.
و بهذا السهم الخطير انتشرت الفواحش و الكبائر و الأمراض و الأدواء في سائر أرجاء المعمور.
مدخل القلب
القلب هو مادة الصلاح و الفلاح، و هو مناط النجاة و النجاح، فبصلاحه يصلح حال العبد في الدنيا و الآخرة، كما أنَّ بفساده يخسر الدنيا و الآخرة، و لذلك قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَ لَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾[الشعراء:87-89].
فلما كانت سلامة القلب هي مناط النفع في الدنيا و الآخرة جعله الشيطان أعظم الثغور استهدافًا، فراح يتفنَّن في أساليب إعلاله و قتله، و القلوب بحسب تَمَكُّنِ الشيطان منها و استحواذه عليها إثنان:
الأول- قلب ميت:
و هو الذي قد تمكَّن الشيطان منه تمكُّنًا خالصًا، و استحوذ عليه استحواذًا مطلقًا، قد مُلئ شِركًا و كُفرًا، لا يعرف صاحبه ربَّه و لا يعبده بأمره، بل هو واقف مع شهوته و لذَّته و لو كان فيه سخط ربه و غضبه، إن أحبَّ أحبَّ لهواه، و إن أبغض أبغض لهواه، و إن أعطى أعطى لهواه، فالهوى إمامه، و الشهوة قائدة، و الجهل سائقه، و الغفلة مركبه!
الثاني- قلب مريض:
و هو الذي قد تمكَّن الشيطان من بعضه و لم يظفر به كلِّه، فاستحواذه عليه بحسب غفلته و غلبة هواه؛ فهو قلبٌ حيٌّ بالإيمان و عليل بوساوس الشيطان فهو بين داعِيَين: داعي الإيمان و داعي الشيطان.
مدخل النفس الأمارة بالسوء
قال الله تعالى: ﴿ وَ مَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف:53].
يقول العلماء إن هناك فرق بين معصية يوحي بها الشيطان، و معصية تصر عليها النفس الأمارة بالسوء. فإذا حدثتك نفسك بمعصية و أصرر ت عليها، فاعلم أن النفس هي التي قادتك إلى تلك المعصية، لأنها تريد منك أن تحقق لها رغباتها و شهواتها.
أما إبليس فليس على هذا المنوال، فإبليس يريد من المؤمن أن يكون عاصيا بأي شكل من أشكال المعصية، و لا يهمه نوع معين من العصيان في ذاته.
قال ابن القيم: " النفس الأمارة جعل الشيطان قرينها و صاحبها الذي يليها فهو يعدها و يمنيها و يقذف فيها الباطل و يأمرها بالسوء و يزينه لها و يطيل في الأمل و يريها الباطل في صورة تقبلها و تستحسنها و يمدها بأنواع الإمداد الباطل من الأماني الكاذبة و الشهوات المهلكة و يستعين عليها بهواها و إرادتها فمنه يدخل عليها كل مكروه فما استعان على النفوس بشيء هو أبلغ من هواها و إرادتها إليه " (كناب: الروح).
فالنفس الأمَّارة بالسوء أكبر عون للشيطان في إغواء الإنسان، فكلَّما وجد منها أمرًا بالفساد والانحراف أعانها عليه و استعان بها عليه، و أمدَّها به، بل إنه ليستمدّ منها خطرات السوء، و ليجد فيها ما لو كان وحده لم يقدر عليه!
و إذا تأمَّلنا قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ ﴾ وجدنا كلمة «أمَّارة» تدلُّ مبالغتها على كثرة أوامرها، و أن ذلك هو عادتها و ديدنها و دأبها، و لذلك قال «أمَّارة» و لم يقل «آمِرَة»، و من هذا فإنَّ الشيطان يجد فيها العون الأكبر على نفث خطراته الشريرة؛ فهي أنسب حرثٍ لِمَا يزرع، وأحدُّ سيفٍ يقطع!
سبل الوقاية من الشيطان
قال تعالى: ﴿ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء:76]، فكيده ضعيف، كما أنَّ سلطانه ضعيف كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [النحل:100].
فلا يتجاوز كيده أن يكون تشكيكًا أو وسوسةً أو تخويفًا أو تَحسينًا لقبيحٍ أو تقبيحًا لِحَسنٍ أو دعوة إلى الغلوِّ أو التقصير أو تغريرًا بأماني كاذبة. و قد نور الله جلَّ و علا المسلم بسُبل الوقاية من وساوسه و إضلاله، و دلَّه على طُرق دحره و قمعه، و أمدَّه من الآيات و العبر ما يُبدِّد به تغريره و تخويفه .. قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَ خَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران:175].
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزالَ معكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، و لا يَقْرَبُكَ شيطانٌ حتَّى تُصْبِحَ » (رواه البخاري عن أبي هريرة).
و لقد تولَّى الله جلَّ و علا حِفظ الإنسان من مسِّه و تأثيره الحسِّي، قال تعالى: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ ﴾ [الرعد:12]؛ فالله جلَّ و علا قد أوكل ملائكةً حفظةً يكلئون الإنسان في ليله و نهاره، و يحفظونه من بطش الشيطان و كيده الحسِّي، و لو تُرك الإنسان مسلمًا كان أم كافرًا من غير كلاءة لبطش به الشيطان بطشًا كما هو الحال في بعض الحالات التي يَمسُّ فيه الإنسان بالصرع.
فمن رامَ حفظ نفسه من شرور الشيطان حاسب نفسه على كلِّ خطرة، و أدام في أوامره الفكرة .. قال تعالى: ﴿ وَ أَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40].
قال أحد السلف: انتهى سفر الطالبين إلى الظفر بأنفسهم، فمن ظفر بنفسه أفلح و أنجح، و من ظفرت به نفسه خسر و هلك.
و ما أجمل ما سطّره ابن تيمية، حيث قال: " الشيطان وسواس خنّاس، إذا ذكر العبدُ ربه خنس، فإذا غفل عن ذكره وسوس، فلهذا كان ترك ذكر الله سبباً و مبدأً لنزول الاعتقاد الباطل و الإرادة الفاسدة في القلب " (الفتاوي 4/34).
فإن كثرة الذكر و الصلاة من أسباب صلاح النفس، و ترقيها في مراقي الإيمان.
فالصلاة تعين على منع النفس من الفواحش كما قال الله تعالى: { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَ أَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [العنكبوت:45].
و أما الذكر فهو العاصم لها من تسلط الشيطان عليها كما في الحديث: « و آمركم بذكر الله عز و جل كثيراً، و إن مَثَلَ ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، و إن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز و جل » (رواه أحمد و الترمذي و الحاكم، و صححه الألباني).
و إنما يقع في أحضان الشيطان أحد اثنين:
الأول عالم لا يعمل بعلمه، و الثاني جاهل بالدين يعبد ربه على غير علم أو بينة.
فأما العالم الذي لا يعمل بعلمه فمدخله الشهوة و الغفلة و متعلقاتهما من الغضب و نحوه.
و أما الجاهل بالدين فيدخله الشيطان إمَّا بتزيين عبادته الباطلة فيُوقعه في ألوان البدع و الضلالات، و إما بتثبيطه عن تعلُّم الدين و اتباع هدي سيد المرسلين، فالأول مدخله «البدعة» و الثاني «الإعراض عن دين الله» لا يتعلَّمه و لا يعمل به.
و لذلك فإنَّ سلاح العلم أفتك بالشيطان من مجرَّد العمل بغير علم، و لذلك ورد في فضل العلم نُصوص كثيرة في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر:9]، و قال تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ } [فاطر:28].
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « من يرد الله به خيرًا يُفقِّهه في الدِّين » (رواه البخاري عن معاوية بن أبي سفيان)، و قال صلى الله عليه و سلم: « فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم » (رواه الترمذي و حسنه الألباني).
و السِّـرُّ في كون العلم من مقامع الشيطان هو اشتماله على وسائل النجاة من حِيَل إبليس و مكائده و اشتماله على التعريف بمداخله و أساليبه، و اشتماله على مقويات الإيمان و دلائل التوحيد و آيات الثبات على الدين.
يقول ابن القيم: " لا نجاة من مصايده و مكايده إلا بدوام الاستعانة بالله، و التعرّض لأسباب مرضاته، و التجاء القلب إليه في حركاته و سكناته، و التحقق بذلّ العبودية الذي هو أولى ما تلبّس به الإنسان، ليحصل الدخول في ضمان {إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الإسراء:65] (كتاب: إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان).
حاسب نفسك لتطمئن
لو وصلت نفس الإنسان إلى مرحلة النفس المطمئنة، و وجد نفسه تنقــاد له في فعل بعض الطاعـــات، فليعلم أن ذلك ليس برغبتها، و إنما خوفه من الله و من الآخرة كان باعثًا على قهر النفس و الرغبة في الابتعاد عن الانحراف الذي تأمر به، فَسَجَنَ نفسـه حتى صارت بين يديـــه كالأسير المقهور على فعل جميــع ما تأمره بـــه،
حتى إذا فتح لها البــاب ظنًا منه أنها قد ثبتت على الطــاعــات، تحررت من قيودهــا و عــادت إلى ما كـانت عليه من الأمر بالسوء.
فإذا قهرت نفسك تستطيع أن تقودهــا أما إذا أطلقت سراحها أمرتك بالســوء!
و الرضــا عن النفس مركب المهالك، لأن النفس ستظل دومًا هي النفس التي لا تأمر بخيرٍ قط؛ لذا من أقبح ما يكون أن ترضى عن نفسك، كما ذكر النبي صلى الله عليه و سلم أن العُجب من المُهلكات، قال:« ثلاث مهلكات شح مطاع و هوى متبع و إعجاب المرء بنفسه » (حسنه الألباني، السلسلة الصحيحة).
و قال الله تعالى { فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [النجم: 32].
و في الحديث الذي أخرجه مسلم: « اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَ زَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. أَنْتَ وَلِيُّهَا وَ مَوْلَاهَا »، (أنت خير من زكاها): أي لا مُزكّي لها إلا أنت، فإنك تطهر النفوس فتصبح طاهرة طيبة بمقتضى حكمتك و مشيئتك، و سعة علمك لمن استحق ذلك.
قال ابن القيم رحمه الله: " لا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها. و من أحسن الظن بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه " (كتاب: مدارج السالكين).
فستظل دائمًا أبدًا في جهــادٍ مع نفسك حتى الموت.
و يقول أبن القيم: " و النفس قد تكون تارة أمارة و تارة لوامة و تارة مطمئنة بل في اليوم الواحد والساعة الواحدة يحصل منها هذا و هذا و الحكم للغالب عليها من أحوالها فكونها مطمئنة وصف مدح لها و كونها أمارة بالسوء وصف ذم لها وكونها لوامة ينقسم إلى المدح و الذم بحسب ما تلوم عليه.
و المقصود : ذكر علاج مرض القلب باستيلاء النفس الأمارة عليه و له علاجان :
محاسبتها و مخالفتها و هلاك القلب من إهمال محاسبتها و من موافقتها و اتباع هواها و في الحديث الذي رواه أحمد و غيره من حديث شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله ) دان نفسه : أي حاسبها.
و ذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم و تزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية.
و ذكر أيضا عن الحسن قال : لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه : و ماذا أردت تعملين و ماذا أردت تأكلين و ماذا أردت تشربين، و الفاجر يمضي قدما قدما لا يحاسب نفسه.
و ليس على النفس المطمئنة أشق من العمل لغير الله، و ما جاء به داعي الهوى، و ليس عليها شيء أضر منه، و الملك مع هذه عن يمنة القلب، و الشيطان مع تلك عن يسرة القلب، و الحروب مستمرة لا تضع أوزارها إلا أن يستوفى أجلها من الدنيا.
و الباطل كله يتحيز مع الشيطان و الأمارة، و الحق كله يتحيز مع الملك و المطمئنة، و الحرب دول و سجال، و النصر مع الصبر، و من صبر و صابر و رابط و اتقى الله فله العاقبة في الدنيا و الآخرة، و قد حكم الله تعالى حكما لا يبدل أبدا: أن العاقبة للتقوى، و العاقبة للمتقين" (كتاب إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان).
صفات أصحاب النفس المطمئنة
النفس المطمئنة هي: النفس المؤمنة المطمئنة إلى الحق، الواصلة إلى ثلج اليقين و برودته بحيث لا يخالطها شك ما، و لا يمازجها سخونة اضطراب القلب في الحق أصلاً.
رُوي أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه و سلَّم قال لرجُل: « قلْ : اللهم إني أسألُكَ نَفْسًا مطمئنةً، تُؤْمِنُ بلِقائِكَ، و تَرْضَى بقضائِكَ، و تَقْنَعُ بعَطائِكَ » (رواه السيوطي عن أبي أمامة الباهلي).
و الإنسان إذا وصل إلى مرحلة النفس المطمئنة لن يكون بمعزلٍ عن الخطايــا؛ لأن كل بني آدم يعتريهم النقص و الخطأ. إنما إذا سعيت للتحلي بصفــات أصحاب النفس المطمئنة، ستنــال الاطمئنان النفسي في الدنيـــا و الراحــــة الأبديـــــة في الآخرة، قال تعالى: { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ } [النجم:32].
و لذلك فأصحاب النفس المطمئنة لهم صفات هي:
الصفة الأولى: الإخــلاص
و للإخلاص علامات ابحث عنها في نفسك لتعلم أأنت مخلصٌ أم لا، و هي:
1) أن يكون في عناية الله تعالى و معيته، أي إنه ليس كثيــر التعثُر و أحواله ليست مضطربة أو متباينة، كما قال ابن الجوزي ". إنما يتعثر من لم يخلص" ( كتاب: صيد الخاطر).
2) بـذل المجهود في الطــاعة.
3) أن يكون حريصًا على إسرار الأعمال، إلا على ما ينبغي إظهاره، مثل: الصلاة و الدعوة و الجهاد.
4) الحرص الشديــد على إصلاح العمل و إتقانه و إحسانه. لأنه يعيش لله لا لنفسه، فكل ما يفعله يبذله لوجه الله.
5) وجل القلب و خوفه من عدم القبــول.
و اعلم أنه لن يُنجيــك إلا الصدق و الإخلاص.
الصفة الثانية: المتابعة لهدي النبي
فصاحب النفس المطمئنة يتبع النبي حذو القُذة بالقُذة، حتى تطغى محبته للنبي على حب المال و الولد و حتى النفس، عن أنس قال: قال رسول الله ثلى الله عليه و سلم: « لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَ وَالِدِهِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ » (متفق عليه).
و علامة الإتبــــــــاع شدة الحرص على معرفة سُنَّتِهِ و أحواله و سيـرته، و الإقتــداء به.
الصفة الثالثة: الرضــا عن الله تعالى
فعندما يذوق طعم الإيمان يمر عليه البلاء و هو مطمئنٌ ساكنٌ هادىء، عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَ بِالْإِسْلَامِ دِينًا وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولًا » (رواه مسلم).
الصفة الرابعة: شدة محبة الله تعالى و تعظيمه
فقد صُبِغَت حياته بصبغة جميلة من حسن الظن بالله تعالى، إذا ابتلاه يصبر و يرضى، و إذا أنعَمَ عليه يشكر ربِّه و يحمده على نِعَمهِ. فهو سبحــانه ربٌّ ودودٌ يتودد إلى عبــاده الصالحين، قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا } [مريم: 96].
و علامات محبتك لله تعالى هي:
1) الأنس بالله تعالى في الخلوة.
2) التلذذ بتلاوة كلام الله.
3) كثرة اللهج بذكر الله.
4) موافقة العبد ربَّه فيما يُحب و يكره.
الصفة الخامسة: الصدق
و لن ينفعك في التعامل مع الله سوى الصدق، و الصدق هو ما يجعلك تعيش مطمئنًا، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة و إن الكذب ريبة » (رواه أحمد و صححه الألباني، مشكاة المصابيح).
و للصدق أنـــواع، هي:
1) الصدق مع الله تعالى، و يكون صدقًا في الأقوال؛ فلا ينطق لسانك إلا صدقًا، و صدقًا في الأحوال؛ فلا تراوغ و لا تتلوَّن، و صدقًا في الأعمال؛ بأن تكون مُخلصًا لله تعالى مُتبعًا لهدي النبي في أعمالك.
2) الصدق مع النفس، بأن يكون بينه و بين نفسه مصالحة فيما يعتقده و ما يفعله، و أن ينصح نفسه؛ حتى لا تميـل مع الشهوات و تركن إليها، فيُحاسب نفسه قائلاً: يـــا نفسُ، أخلصي تتخلصي، و اصدقي تصلي إلى شواطئ الطمأنينة و تبتعدي عن الريب و الشكوك.
3) الصدق مع النــاس، فلا يظهر أمام الناس بوجه مُختلف عن الوجه الذي بينه و بين الله تعالى.
الصفة السادسة: التقوى
قال تعالى: { وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } [الطلاق:2-3].
الصفة السابعة: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
قال الله تعالى: { وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَويُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَ يُطِيعُونَ الله وَ رَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيم} [التوبة:71].
الصفة الثامنة: الإحسان إلى عبـــاد الله
قال تعال : ﴿ وَ أَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة:195]،
الصفة التاسعة: الولاء و البــراء
قال تعالى: { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ } [آل عمران:28].
الصفة العاشرة: حُسن الخُلُق
قال الرسول صلى الله عليه و سلم: « أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقًّا، و ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحًا، و ببيت في أعلى الجنة لمن حَسُنَ خلقه » (رواه البيهقي و حسنه الألباني).
76 notes
·
View notes
سرد - سرد ہوا - سرد رویہ - اشعار میں...........
...
پتھر کی طرح سرد ہے کیوں آنکھ کسی کی!
امجد جو بچھڑنے کا ارادہ بھی نہیں ہے
(امجد اسلام امجد)
ساقیا دے چک آب آتش رنگ
گرم و سرد زمانہ سے ہوں تنگ
(مومن)
اشک گرم و آہ سرد عاشق کے سین پرہیز کر
خوب ہے پرہیز جب ہو مختلف آب وہوا
(دیوان آبرو)
سرد مہری چھوڑ لے آکر مرے دل میں جگہ
موسم سرما میں آتشدان اچھی چیز ہے
(شوق قدوائی)
اب گرم و سرد دہر سے یکساں نہیں ہے حال
پانی ہے دل ہمارا کبھو تو کبھی ہے آگ
(میر تقی میر)
ذہن اور دل میں چھیڑ گیا کوئی سرد جنگ
اک سیلِ کشمکش کے مقابل کھڑا ہوں میں
(روحی کنجاہی)
ضعف سے گریہ مبدُل بہ دمِ سرد ہوا
باور آیا ہمیں پانی کا ہوا ہوجانا
(غالب)
دل سلگتا ہے ترے سرد رویے سے مرا
دیکھ اب برف نے کیا آگ لگا رکھی ہے
انور مسعود
ہونٹوں تک آتے آتے ہوئی وہ بھی سرد آہ
اک آہ سرد تھی جو مری غم گسار دل
مصحفی غلام ہمدانی
اے سرد مہر تجھ سیں خوباں جہاں کے کانپے
خورشید تھرتھرایا اور ماہ دیکھ ہالا
آبرو شاہ مبارک
کلیجہ کانپتا ہے دیکھ کر اس سرد مہری کو
تمہارے گھر میں کیا آئے کہ ہم کشمیر میں آئے
وزیر علی صبا لکھنؤی
منہ زرد و آہ سرد و لب خشک و چشم تر
سچی جو دل لگی ہے تو کیا کیا گواہ ہے
نظیر اکبرآبادی
پیکر احساس میں خوابیدہ روح درد تھی
شعلہ ریزی نواہائے اخوت سرد تھی
آغا حشر کاشمیری
فصل گل آئی اٹھا ابر چلی سرد ہوا
سوئے مے خانہ اکڑتے ہوئے مے خوار چلے
حبیب موسوی
سردی میں دن سرد ملا
ہر موسم بے درد ملا
محمد علوی
ہائے یہ طویل و سرد راتیں
اور ایک حیات مختصر میں
یوسف ظفر
مضمون سرد مہریٔ جاناں رقم کروں
گر ہاتھ آئے کاغذ کشمیر کا ورق
نظیر اکبرآبادی
سرد آہوں سے دل کی آگ بجھا
گرم اشکوں سے جام بھرتا جا
اجیت سنگھ حسرت
سرد جذبے بجھے بجھے چہرے
جسم زندہ ہیں مر گئے چہرے
کیف احمد صدیقی
کبھی تو سرد لگا دوپہر کا سورج بھی
کبھی بدن کے لیے اک کرن زیادہ ہوئی
نسیم سحر
یہ سرد مہر اجالا یہ جیتی جاگتی رات
ترے خیال سے تصویر ماہ جلتی ہے
محبوب خزاں
دو تین دم سرد بھرے ہیں تو وہ بولے
جاؤ مری مجلس کو نہ کشمیر بناؤ
مصحفی غلام ہمدانی
تم نے جلا کے کر دیا دل مرا زندگی سے سرد
ایک نہ آنا لاکھ ظلم، ایک جدائی لاکھ درد
شوق قدوائی
غزل کا ہر شعر گرم تر ہے، کلام رشک آتش و شرر ہے
یہ صحبت مہر کا اثر ہے کہ سرد اس کا سخن نہ دیکھا
رشک
کیوں اس قدر ہے صاحب محمل کو اضطراب
شاید کوئی ہوا پس محمل تڑپ کے سرد
وحید
منجمند برف زدہ، سرد بدن ملتے ہیں
نکہت و رنگ سے محروم چمن ملتے ہیں
( ١٩٨٤ء، سمندر، ٧٦ )
یہ ہوا سرد چلی اور یہ بادل آئے
کہو ساقی سے کہ ساغر چلے بوتل آئے
نظام رامپوری
سرد ٹھٹھری ہوئی لپٹی ہوئی صرصر کی طرح
زندگی مجھ سے ملی پچھلے دسمبر کی طرح
منصور آفاق
کچھ تو ہوا بھی سرد تھی کچھ تھا ترا خیال بھی
دل کو خوشی کے ساتھ ساتھ ہوتا رہا ملال بھی
راحت اندوری
ضمیر و ذہن میں اک سرد جنگ جاری ہے
کسے شکست دوں اور کس پہ فتح پاؤں میں
کبیر اجمل
سرد مہری سے تری گرمئ الفت نہ رہی
دل میں اٹھتا تھا جو ہر دم وہ شرارہ بھی گیا
ابو محمد واصل بہرائچی
ضعف سے گریہ مبدل بہ دم سرد ہوا
باور آیا ہمیں پانی کا ہوا ہو جانا
مرزا غالب
اٹھو عزمؔ اس آتش شوق کو سرد ہونے سے روکو
اگر رک نہ پائے تو کوشش یہ کرنا دھواں کھو نہ جائے
عزم بہزاد
سرد راتوں کی ہوا میں اڑتے پتوں کے مثیل
کون تیرے شب نوردوں کو سنبھالے شہر میں
علی اکبر ناطق
کیا اسی کا نام ہے رعنائیٔ بزم حیات
تنگ کمرہ سرد بستر اور تنہا آدمی
چندر بھان خیال
کھلتے ہیں دل میں پھول تری یاد کے طفیل
آتش کدہ تو دیر ہوئی سرد ہو گیا
مظفر حنفی
ایک منظر میں لپٹے بدن کے سوا
سرد راتوں میں کچھ اور دکھتا نہیں
آشفتہ چنگیزی
آؤ پرانی یاد کے شعلوں میں تاپ لیں
کتنے ہیں ہاتھ سرد ملاقات کی طرح
یوسف تقی
نہ بات دل کی سنوں میں نہ دل سنے میری
یہ سرد جنگ ہے اپنے ہی اک مشیر کے ساتھ
فہیم جوگاپوری
دل کی چوٹوں نے کبھی چین سے رہنے نہ دیا
جب چلی سرد ہوا میں نے تجھے یاد کیا
جوشؔ ملیح آبادی
لوگ پھرتے ہیں بھرے شہر کی تنہائی میں
سرد جسموں کی صلیبوں پہ اٹھا کر چہرے
نصیر احمد ناصر
شعلوں سے بے کار ڈراتے ہو ہم کو
گزرے ہیں ہم سرد جہنم زاروں سے
عبد الاحد ساز
کبھی تم موم ہو جاتے ہو جب میں گرم ہوتا ہوں
کبھی میں سرد ہوتا ہوں تو تم بھڑکاؤ کرتے ہو
سراج اورنگ آبادی
آ گرا زندہ شمشان میں لکڑیوں کا دھواں دیکھ کر
اک مسافر پرندہ کئی سرد راتوں کا مارا ہوا
منصور آفاق
وہ جن کے ذکر سے رگوں میں دوڑتی تھیں بجلیاں
انہیں کا ہاتھ ہم نے چھو کے دیکھا کتنا سرد ہے
بشیر بدر
یہ سرد رات یہ آوارگی یہ نیند کا بوجھ
ہم اپنے شہر میں ہوتے تو گھر چلے جاتے
امید فاضلی
جس قدر سرد اس کا لہجہ تھا
ہو بہو آج _ ویسا موسم ہے
ن۔م راشد
اک ستم گر کی سرد مہری نے
سرد موسم کو اور سرد کیا
ن۔م راشد
سرد ہوتے ہوئے وجود میں بس
کچھ نہیں تھا الاؤ آنکھیں تھیں
سیما غزل
...
پیشکش : عمر جاوید خان
#سرد
1 note
·
View note
جون ایلیا: باغی شاعر ظفر سید
ہے یہ بازار جھوٹ کا بازار
پھر یہی جنس کیوں نہ تولیں ہم
کر کے اک دوسرے سے عہدِ وفا
آؤ کچھ دیر جھوٹ بولیں ہم
جون ایلیا
ظفر سید
بی بی سی اردو ڈاٹ کام، اسلام آباد
اردو میں شاعروں کی کوئی کمی نہیں، ایسے حالات میں کسی ایسے شاعر کا اپنا الگ مقام بنا لینا حیران کن ہے جس کا اکلوتا شعری مجموعہ ان کی زندگی کے 60ویں برس سے پہلے شائع نہیں ہو سکا۔
لیکن دیکھا جائے تو یہ بات اتنی حیران کن بھی نہیں، کیوں کہ جون ایلیا ایک ایسے منفرد اور یگانہ شاعر ہیں جس کا انداز نہ تو پہلے گزرنے والے کسی شاعر سے ملتا ہے اور نہ ہی بعد میں آنے والا کوئی شاعر ان کے لہجے کی تقلید کر سکا۔ وہ اپنے سلسلے کے آپ ہی موجد اور آپ ہی خاتم ہیں۔
جون کی انفرادیت یہ ہے کہ وہ عشق و محبت کے موضوعات کو اردو غزل میں دوبارہ لے آئے۔ غزل کا روایتی مطلب بے شک ’عورتوں سے باتیں کرنا‘ ہو، لیکن عالمی تحاریک، ترقی پسندی، جدیدیت، وجودیت اور کئی طرح کے ازموں کے زیرِ اثر جون ایلیا کی نسل کے بیشتر شاعروں کے ہاں ذات و کائنات کے دوسرے مسائل حاوی ہو گئے۔
کلِکجون ایلیا پر خصوصی گوشہجون ایلیا کا نثری مجموعہ فرنود
جون نے اس کسی حد تک نظرانداز شدہ رومانوی مضامین کو دوبارہ اپنی غزل کا موضوع ضرور بنایا لیکن وہ روایت کے رنگ کے رنگ میں نہیں رنگے، بلکہ انھوں اس قدیم موضوع کو ایسے منفرد انداز سے برتا کہ ان کی آواز پرانی ہونے کے ساتھ ہی ساتھ بیک وقت نئی بھی ہے۔
جون ایلیا 14 دسمبر 1931 کو امروہہ کے ایک علمی اور ادبی خاندان میں پیدا ہوئے تھے۔ ان کے بھائی رئیس امروہوی بھی نمایاں شاعر تھے اور انھوں نے جنگ اخبار میں روزانہ قطعہ لکھ کر شہرت حاصل کی۔
جون کے ایک اور بھائی سید محمد تقی تھے جو نامور صحافی گزرے ہیں۔ اس کے علاوہ جون کے بھانجے صادقین تھے، جو ممتاز مصور اور خطاط ہونے کے ساتھ رباعی کے عمدہ شاعر بھی تھے۔
جون ایلیا کو اقدار شکن، نراجی اور باغی کہا جاتا ہے۔ ان کا حلیہ، طرزِ زندگی، حد سے بڑھی ہوئی شراب نوشی، اور زندگی سے لاابالی رویے بھی اس کی غمازی ہوتی تھی۔ لیکن ان کا کمال یہ ہے کہ انھوں نے اس طرزِ زندگی کو اپنے فن کی شکل میں ایسے پیش کیا شخص اور شاعر مل گئے اور کہ من تو شدی و تو من شدی والی کیفیت پیدا ہو گئی۔
تم بنو رنگ، تم بنو خوش بُو
ہم تو اپنے سخن میں ڈھلتے ہیں
اور اس سخن میں وہ یوں ڈھلے کہ جیسا باغیانہ رویہ انھوں نے دنیا سے اپنایا تھا وہ محبوب سے بھی اختیار کر لیا:
مل رہی ہو بڑے تپاک کے ساتھ
مجھ کو یکسر بھلا چکی ہو کیا؟
یہ روایتی غزل کے شاعر کا مفعولی، شکست خوردہ لہجہ نہیں ہے۔ یہ وہ عاشق نہیں ہے جو محبوب کے سامنے بچھ بچھ جاتا ہے اور اس کے ایک اشارے پر دل، کلیجہ اور جگر نکال کر سامنے دھر دیتا ہے۔ بلکہ اسے محبوب سے ’دھول دھپا‘ کرنے کے لیے ’عذرِ مستی‘ کی بھی ضرورت پیش نہیں آتی:
اے خوش خرام پاؤں کے چھالے تو گن ذرا
تجھ کو کہاں کہاں نہ گھماتا رہا ہوں میں
یہ شعر اور کون کہہ سکتا تھا؟
یاسمن، اس کی خاص محرمِ راز
یاد آیا کرے گی اب تو بھی!
محبوب کے ساتھ ان کا بے باکانہ اردو میں بے حد نرالا ہے۔ یہ بے باکی بعض اوقات جارحیت تک میں بدل جاتی ہے۔
اک شخص کر رہا ہے ابھی تک وفا کا ذکر
کاش اس زباں دراز کا منھ نوچ لے کوئی
اور اس شعر کا کھلا کھلا ہرجائی پن ملاحظہ ہو:
شاید مجھے کسی سے محبت نہیں ھوئی
لیکن یقین سب کو دلاتا رہا ھوں میں
یہ اشعار نہ صرف اپنے مضمون بلکہ انداز اور اسلوب کے لحاظ سے بھی چونکا دینے والے ہیں۔
جون نے جو بے تکلفانہ اور لاگ لپٹ سے پاک انداز محبوب سے اپنا رکھا تھا، وہ دوسرے موضوعات کو بھی اسی لاٹھی سے ہانکتے ہیں:
یوں جو تکتا ہے آسمان کو تو
کوئی رہتا ہے آسمان میں کیا؟
اسی غزل کا ایک اور شعر ضرب المثل بن گیا ہے، یا اگر نہیں بنا تو جلد ہی بن جانا چاہیے:
مجھ کو تو کوئی ٹوکتا بھی نہیں
یہی ہوتا ہے خاندان میں کیا؟
جون نے اپنی زندگی بے حد بے پروائی سے گزاری۔ وہ خود کہتے ہیں:
نہیں دنیا کو جب پروا ہماری
تو پھر دنیا کی پروا کیوں کریں ہم؟
شاید اسی لیے انھوں نے مجرمانہ حد تک اپنی شاعری کی نشر و اشاعت سے پہلو تہی کی۔ لیکن اس کے باوجود دنیا ان کی پروا کرنے پر مجبور ہے اس لیے آج انھیں رزقِ خاک بنے ہوئے دس برس گزر گئے لیکن اردو دنیا ان کی یاد کو اب بھی سینے سے لگائے ہوئے ہے۔
1 note
·
View note
قلعه سرخ یا لال قلعه در دهلیhttps://khoonevadeh.ir/?p=136859
نام هند اغلب یادآور حس لطیفی است، به همراه داستانهایی از عشق و موسیقی در طبیعتی بکر و ناب. این سرزمین پهناور و گسترده، دارای طیفهای متفاوتی است از پوشش گیاهی، جنگل ها و مردابها که هر کدام به نوعی توریستها را در سفر به هند مجذوب خود میکنند. آثار و بناهای زیبای تاریخی منحصر به فرد این کشور نیز از جمله جاذبههای گردشگری هستند، مکانهایی با قد��ت هزاران ساله وداستانهای واقعی از عشق و نفرت، قدرت و عدالت، که در پس دیوارهای این بناها رخ داده است. یکی از آن محلها، قلعه سرخ (رد فورت یا لال قلعه) است. لال در زبان هندی به معنی سرخ است. این بنا از بزرگترین و زیباترین جاذبههای گردشگری در شهر دهلی، پایتخت هندوستان است. معمارش ، شخصی است به نام احمد لاهوری که به دستور شاه جهان این قلعه را بنا کرد. قلعه سرخ محل سکونت امپراطور و خانواده سلطنتی بودهاست و کلیه مراسم تشریفاتی و سیاسی نیز آنجا برگزار میشدهاست. این قلعه در سال ۲۰۰۷ در لیست میراث جهانی یونسکو به ثبت رسیدهاست. برای آشنایی بیشتر با عروس زیبای شاه جهان آباد، پایتخت محبوب شاه جهان با ما در سفرزون همراه شوید.
تاریخچه لال قلعه
شاه جهان، پنجمین امپراطور مغول، وقتی پایتخت خود را از آگرا به ده��ی تغییر داد، دستور احداث این قلعه را صادر کرد. ساخت آن نه سال به طول انجامید. این قلعه کنار رود یامونا قرار دارد و به شکل هشت ضلعی نامنظم است. قلعه به وسیله دیوار قرمز رنگی به طول ۵٫۲ کیلومتر محصور شده و ارتفاع آن از ۱۶ تا ۳۳ متر متغییر است.
قلعه سرخ
آدرس قلعه سرخ در نقشه گوگل
سبک معماری قلعه سرخ
معماری آن ترکیبی از سبک هندی و مغولی است، این سبک معماری بهخاطر خلاقیت و پیشرو بودن در زمان خودش روی سبک معماری ساختمانها و باغهای بعدی در دهلی، راجستان، پنجاب، کشمیر، براج، روح الخاند و جاهای دیگر تاثیرگذاشت.
��عماری قلعه سرخ
بخشهای مهم قلعه سرخ
دیوان عام حیاط بیرونی مستقل و بزرگی است که با سنگهای مرمر سفید فرش شده. شاه بر روی ایوانی در دیوار شرقی میایستاده و با عموم دیدار میکردهاست.
لال قلعه
دیوان عام
دیوان خاص سالن میهمانان و ملاقاتهای خصوصی شاه بوده، و البته تخت مشهور شاه جهان به نام تخت طاووس نیز در آنجا قرار داشته است همان تختی که بعدها توسط نادر شاه به عنوان غنیمت به ایران آورده شد. جالب است بدانید در قسمتهای مختلفی از کاخ شعرهایی به زبان فارسی دیوارها را تزیین کرده از جمله در دو انتهای دیوان خاص اشعار از خسرو دهلوی وجود دارد.
دیوان خاص
از سایر اتاقها میتوان به رنگ محل یا کاخ رنگی محل اقامت همسر اصلی اشاره کرد. بنایی زیبا با تزئینات طلایی، سقف منقوش و حوض مرمرین.
ممتاز محل نیز اتاق خصوصی شاه بودهاست، که اتاقهای خواب، مکانهای عبادت، ایوان و باروی موسامان بُرج را شامل میشود.
دروازه های قلعه
دروازه لاهور که دروازه اصلی قلعه بوده نامش را از شهر لاهور واقع در پاکستان گرفتهاست.
دروازه دهلی دروازهای که به سوی دهلی قدیم بودهاست.
دروازه لاهوری
دروازه فیل دروازهای که مقابلش دو مجسمه با شکوه سیاه رنگ از فیل قرار داشته است، که بعدها در ۱۸۵۶ توسط اورنگزیب تخریب شدند. هماکنون پس از بازسازی در موزه ممتاز محل قرار دارند.
دروازه دهلی
بازار سرپوشیده
چاتاچوک یا بازار سرپوشیده، که بازاری بودهاست بین دروازه اصلی و قلعه که اکنون محل تجمع دستفروشان برای فروش سوغاتی به گردشگران است.
بازار قلعه سرخ
بخشهای مختلف قلعه
نقارهخانه یا نوبتخانه که بر فراز دروازه لاهور و مقابل چاتاچوک قرار گرفتهاست و از آنجا ۵ بار در روز یا هنگام ورود شاه یا شاهزادگان و خانواده سلطنتی نقاره میزدهاند. این بنا بیش از ۳۰ متر طول و ۲۰ متر عرض دارد و کلیه بازدیدکنندگان بهجز خانواده سلطنتی، در اینجا پیش از ورود به محوطه اصلی باید از اسب پیاده میشدند.
باغ حیات بخش باغی بودهاست وسیع و به وسیله دو نهر زیبا و فوارههای فراوان تقسیم میشدهاست. متأسفانه اکنون این نهرها خشک است و در آن محل فقط پوشش گیاهی باقیماندهاست.
بُرج مثمن بارویی است در خاص محل و رو به بیرون قلعه که شاه هر روز صبح زود بر فراز آن آن امدر انظار عموم ظاهر میشدهاست.
نهر بهشت محل اقامت شخصی شاه بوده که و ایوان آن مشرف بر رود یامونا بوده محلی که شاه از فراز آن نظارهگر رود بودهاست.
بخشهای مهم قلعه سرخ
سایر قسمتهای قلعه لال
ساوان و بادان دو عمارت که دارای مخزن آب هستند، ظفر محل که در میان استخر آب واقع است.
حمام شاهی، بخش زنانه یا اندرونی که خود شامل ممتاز محل و رنگ محل است، دعوتخانه که محل اقامت شاهزاده بوده است و در آخر مسجد موتی یا مروارید است که توسط اورنگ زیپ جانشین شاه جهان ساخته شد.
قلعه سرخ
موزه های قلعه سرخ
در حال حاضر دو موزه در این بنا وجود دارد: یکی شامل اشیاء، منسوجات کتابها و دستنوشتههای تاریخی و هنری است، که عمدتاً مربوط یه دوران گورکانی هند یا ایران است. موزه دیگر بیشتر به نمایش جنگافزارهای قدیمی آن دوران تا زمان اشغال انگلیس تعلق دارد.
جاهای دیدنی قلعه سرخ
هیرا محل
سرگذشت قلعه سرخ
بسیاری از آثار هنری و جواهرات قلعه، طی حمله نادرشاه به امپراطوری مغول در سال ۱۷۴۷ غارت شدند. پس از آن بسیاری از سازههای سنگ مرمر قلعه در انقلاب ۱۸۵۷ توسط بریتانیا ویران شدند و بخشهایی از دیوارهای دفاعی قلعه باقی ماند. انگلیسیها آخرین امپراطور مغول را در ۱۸۵۸ در قلعه سرخ محاکمه و به رانگون تبعید کردند و کاخی که ۲۰۰ سال محل زندگی مردان قدرتمندی از مغول بود به پادگان نظامی تغییر کاربری داد.
قلعه سرخ
زمان بازدید
بهترین زمان برای بازدید از این کاخ فصل پاییز و بهاراست که هوا مناسبتر است و به راحتی میتوان در اطراف این کاخ زیبا گشت.
روز و ساعات بازدید
قلعه سرخ در روزهای دوشنبه تعطیل است و سایر روزها درها از ساعت ۹:۳۰ صبح تا ۴:۳۰ عصر برای بازدید عموم باز است.
قیمت بلیط ۵۵۰ روپیه برای توریستها و برای هندیها ۴۰ روپیه است.
لازم است قبل از سفر به هند و قلعه سرخ بدانید
در سفر به هند حتما از بطریهای آب آشامیدنی با برندهای معروف استفاده کنید، به علت ازدحام و شلوغی بر حریم شخصی خود حساس نباشید. پوشاندن بازوها و پاها جزو آداب رسوم هندی است مراقب کفشهایتان باشید به خصوص هنگام ورود به مقبرهها آنها را در آوردید، ولی درون پاکت یا کیف خود نگه دارید یا به امانت دار بسپارید. در هند پای انسان عضو تمیزی نیست، اگر با پاهایتان چیزی را لمس کردید، عذرخواهی کنید، خوردن یا دادن اشیا با دست چپ خوشایند نیست، برای آلودگی صوتی آماده باشید.
در آخر همراهان عزیز سفرزون امیدوارم این گردش کوتاه در قلعه سرخ، انتخاب مقصد سفر بعدی را برای شما راحتترکرده باشه. چنانچه تجربه سفر به قلعه سرخ را داشتهاید، نظرات خود را با مخاطبان سفرزون به اشتراک بگذارید، سپاسگزار از همراهی شما.
برای آشنایی بیشتر با دیدنی های هندوستان کلیک کنید.
منبع : مجله گردشگری سفرزون
0 notes